أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر شقروش - من أجل سياسة ثقافية جديدة: قطاع التنشيط الثقافي نموذج.















المزيد.....

من أجل سياسة ثقافية جديدة: قطاع التنشيط الثقافي نموذج.


الطاهر شقروش

الحوار المتمدن-العدد: 4792 - 2015 / 4 / 30 - 01:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    





مـــن أجــل سيــاسة ثقــافية جديـــدة:
قطاع التنشيط الثقافي نموذج.






الطاهـــــــــر شقـــــــروش
باحث في العلوم الاجتماعية.

يشكل التنشيط الثقافي إحدى الفعاليات الأساسية للعمل الثقافي ولعله أهمها على الإطلاق خاصة و انه يشمل البلاد كلها و نشاطه يلامس المجتمع بأسره، ورغم هذه الأهمية فانه ومنذ إرساء دواليبه في مطلع الستينات، لم يعرف تحولات في هياكله و لا تطورا في آليات عمله رغم ما طرأ على المجتمع من تغييرات كبرى، الشيء الذي جعل أداءه دون الطموحات المعلّقة عليه خاصة في مثل هذه المرحلة الحاسمة التي تبوّئ الثقافة عامة و التنشيط الثقافي خاصة دورا خطيرا لعل اقله هو ترسيخ المقومات الفكرية للمجتمع الديمقراطي.
وسنحاول في هذه الورقة مقاربة عمل التنشيط الثقافي عبر الكشف عن العوامل البنيوية التي جعلت منه نشاطا ضروريا وممكنا، تقييم النقائص والشوائب التي صاحبته وأخيرا توضيح الشروط الضرورية الممكنة للنهوض به.
على الأبعاد التالية:
-;---;-- التنشيط الثقافي: أمر ضروري وممكن.
-;---;-- نقائص قد تترتب عليها مخاطر.
-;---;-- برمجة ناجعة شرط أساسي لتصالح الجمهور مع الفضاءات الثقافية.

1- التــنشيــط الثــقــافـــي: أمر ضروري وممكن.
تكتسي قضية التنشيط الثقافي أهمية كبرى، بالنظر إلى الحاجيات المتزايدة لتعاطي مثل هذه الأنشطة الثقافية و الترفيهية، و بالنظر كذلك إلى أهمية شبكة الفضاءات الثقافية التي تم توفيرها لهذا الغرض بفضل المجهود الوطني.
يبدأ الحديث عن التنشيط الثقافي، عندما تأخذ الحياة الاجتماعية في الانطفاء، وتفقد المدن والقرى حيويتها، ويتسرب إليها الضجر و الرتابة، بسبب الإحساس بالفراغ و الوحدة، ذلك الإحساس الناجم عن تصدع الأطر الاجتماعية التقليدية (القبيلة، الجماعة الصوفية،التنظيمات الحرفية)، التي كانت النسيج الاجتماعي، الذي يضطلع بدور إدماج الأفراد في الحياة الاجتماعية.
ولعل أهم العوامل التي كان لها دور حاسم في إفراز هذه التحولات وتحديد معالمها هي انتشار العمل الصناعي واتساع الحركة العمرانية وبروز شبكة من المدارس والمعاهد التعليمية.
إن انتشار العمل الصناعي واتساع رقعته لم يحد فقط من العمل الفلاحي، وإنما أيضا أدخل عليه تغييرات في طبيعته و وتيرته. فبينما كانت الأنشطة الإنتاجية الكبرى موسمية (الزرع والحصاد و الجني ) ومرتبطة بالأنشطة الاجتماعية الثقافية. حيث كانت مناسبات أفراح ولقاءات و مبادلات اقتصادية وثقافية، أصبحت هذه الأنشطة الإنتاجية مستقلة بذاتها وتتطلب عملا متواصلا ساعات طوالا محددة في اليوم وفي السنة. وهو ما يولد إرهاقا جسديا وتوترا عصبيا ، خاصة وان هذه الناشطات الإنتاجية و الصناعية منها بالخصوص لا تستوجب إلا حركات روتينية.
لقد برز إلى جانب وقت العمل وقت فراغ يتعين ملؤه بأنشطة ترفيهية وتثقيفية تروح على النفس وتسمح بالخروج من عالم الرتابة والسلبية وتجديد القوى الجسمية و النفسية وتنمية الطاقات الفكرية و الحسية.
وقد أفضت الحركة العمرانية إلى بروز "المدينة الحديثة" التي تعتبر انفجار لوظائفها العمرانية، بحيث أصبحت المدينة مجموعة أحياء متخصصة الوظائف:أحياء صناعية، أحياء تجارية ، أحياء إدارية ، أحياء سكنية...
إن هذه الأحياء المعزولة بعضها عن بعض بسبب تخصص وظائفها وبطئ وسائل النقل بينها، إضافة إلى قلة الفضاءات والتجهيزات القادرة على تعاطي أنشطة ثقافية وتوفير حياة جماعية كتلك التي كانت توفرها الساحات العمومية والزوايا والجوامع في المدينة العتيقة حيث كانت تلعب دورا تنشيطيا و إدماجا للأفراد والمجموعات.
كما أن انتشار المدارس و المعاهد التعليمية و احتضانها لفئات اجتماعية واسعة ولمدة طويلة من الزمن قد ساعد على ظهور فئة عمرية واجتماعية لا عهد للمجتمع القديم بها ألا وهي فئة الشباب. وقد شكل أيضا خروج المرأة بكثافة إلى العمل خارج الفضاء العائلي بعد تمتعها برصيد تعليمي هام معطية اجتماعية وحضارية جديدة مهمة.
لقد ولدت هذه العوامل المجتمعية متحدة ديناميكية جديدة كان أهم نتائجها توق فئات اجتماعية واسعة إلى تحطيم الحواجز التي كانت تحول دونها والارتقاء الاجتماعي وخلقت لديها رغبة جامحة في التمتع بأنماط جديدة من الاستهلاك المادي والرمزي والتي كانت في السابق مقصورة على بعض الفئات العليا في المجتمع التقليدي .
إن هذه التحولات المجتمعية و الحضارية قد كانت لها انعكاسات مهمة على صعيدين اثنين :
بروز الفرد معطى حضاريّا جديدا تصاحبه رغبة جامحة في المشاركة في الحياة الجماعية من خلال الأطر الجديدة (نوادي وجمعيات ونقابات..الخ)والتي بعثت إثر تلاشي الأطر الجماعية القديمة.
سعي الطبقات والفئات الاجتماعية المتشكلة حديثا عن رغبتها في إعادة صياغة هوياتها وثقافاتها الجماعية، بعد أن اضمحلت التصورات الجماعية والثقافات المحلية التي كانت مرتبطة بعلاقة بالأطر الجماعية القديمة.

إن هذه الحاجيات الجديدة المتزايدة، تجعل من مسألة تعاطي الأنشطة الثقافية، أمر في غاية الأهمية، إذ أن تعاطي هذه الأنشطة، كفيل بتمكين القوى الجسمية و النفسية المنهكة، من استعادة حيويتها، والطاقات الفكرية و الإبداعية المعطلة من تفجير قدراتها. فعبر النشاطات التعبيرية الحرة سيتمكن الأفراد من الخروج من عالم الرتابة و السلبية، إلى عالم النشاط المبدع و الوعي و الجماعة، وهو ما يسمح لهم بنسج شبكة من العلاقات الشخصية التي ستساعدهم على تحقيق ذواتهم و خلق حياة متناسقة.
إن تعاطي هذه الأنشطة الثقافية و الترفيهية ليس أمرا ضروريا فقط و لكنه أصبح ممكنا بفضل ما قامت بتوفيره الدولة و المجموعة الوطنية من إرساء لشبكة مترامية الأطراف من الفضاءات الثقافية، تغطي كامل التراب الوطني، وتكاد تشمل كل التجمعات السكنية ناهيك عن المدن و القرى، وقد جهزت هذه الفضاءات بما أمكن توفيره من المعدات التقنية، كما بعثت العديد من مؤسسات التعليم العالي ذات الاختصاص الفني والثقافي (مسرح وموسيقى، تنشيط ثقافي..) ، لأجل توفير الإطار البشري الكفء، وكذلك العديد من الفضاءات الثقافية المختصة: مسارح متاحف ومكتبات.... الخ.



2-نقائص قد تترتب عليها مخاطر:
إلا أن ما يجدر التركيز عليه، هو أن النتائج المحققة، في مجال الاستجابة للحاجيات المناسبة لتعاطي أنشطة ثقافية و ترفيهية، تبقى بلا ريب دون التطلعات المعبر عنها، وكذلك دون المجهود المبذول و التضحيات التي تحملتها المجموعة الوطنية في سبيل ذلك.
إن أهم مؤشر على هذا العجز هو عزوف الجمهور عن الإقبال على هذه الفضاءات الثقافية، وعدم تجاوبه مع ما يقدم له من أنشطة ثقافية و ترفيهية، وتفضيله تعاطي أنشطة أخرى، وولوج فضاءات مغايرة وهو ما حكم على العمل الثقافي بالعقم و الهامشية.
إن هذه الوضعية المتردية والتي تواصلت لسنوات عديدة، لم يعد من الممكن السكوت عنها، فزيادة عن الخسارة الناجمة عن عطالة الفضاءات و التجهيزات الثقافية، التي كابدت المجموعة الوطنية في سبيل توفيرها، فإن النتائج التي قد تترتب عن هذه الأزمة، يمكن أن يهدد ما حققه مجتمعنا طوال حقب عديدة من مكتسبات.
إن طغيان القيم البضائعية، وتفشي ثقافة الاستهلاك في مجتمع لا يزال في طور النمو، و في ظل هشاشة الحياة الجمعياتية القادرة على استقطاب نشاط الأفراد ودمجهم، من شأنه أن يولد لدى فئات واسعة الشعور بالحرمان و القلق و الضياع، ويدفع إلى الشعور باليأس و الانغلاق على النفس و ينمى بين الأفراد والجماعات نزعة العنف المجاني، وهي الأرضية المادية الملائمة، التي على قاعدتها، يتحول الفعل الإبداعي و التحرر إلى جنوح اجتماعي و أخلاقي ومن ثمة سياسي.
إن هذه الوضعية هي التي تعيق تطور قيم الحرية و العقلانية و التقدم، لحساب التحجر و الكراهية و العنف و الاستبداد، و هي التي تساعد على تفشي النزاعات الأصولية الاستبدادية التي تزيد في تغريب الوعي وضياع الذات.
لاشك في أن عوامل عديدة قد تضافرت، لتفرز هذه الأوضاع، ولتحد من جدوى الفعل الثقافي، وتحول الفضاءات الثقافية من فضاءات تفكير وحياة جماعية نشيطة، إلى أطر خاوية و مهجورة.
فاغلب هذه الفضاءات الثقافية، تفتقد إلى المواصفات المعمارية والجمالية التي تقتضيها طبيعة العمل الثقافي، زيادة على تقادم تجهيزاتها، وعدم تعهدها بالصيانة المستمرة وكذلك محدودية الإمكانيات المالية المتاحة.
إن غياب التشريعات الحامية لاستقلالية هذه الفضاءات الثقافية قد فتح المجال واسعا أمام تدخل كل الفاعلين، مما قيد مبادرة المشرفين عليها وحد من إمكانية فعلهم. كما أن النقص المسجل في الإطار البشري المقتدر، رغم ما يبذله المعهد الأعلى للمنشطين الثقافيين من مجهود، إلى جانب غياب الحوافز المادية و المعنوية القادرة على استقطاب عناصر كفئة قد حد بدوره من فاعلية هذه الفضاءات.
ولئن كان لهذه العوامل المقترنة بالفضاءات الثقافية ذاتها من حيث هندستها وجماليتها وتجهيزاتها ، دور هام في إفراز مثل هذه الأوضاع، فإن لهيكلية قطاع التنشيط وطرق تسييره وعمله المتبعة على المستوى المركزي دورا أهم و أخطر.
إن الهيكلة المتعمدة لتنظيم قطاع التنشيط الثقافي، لا تخضع لمقاييس الجدوى و الفعالية، فهي قائمة على ازدواجية الإشراف بين إدارة التنشيط الثقافي و اللجنة الثقافية القومية، الأمر الذي ترتب عليه تداخل في المسؤوليات وتضارب في القرارات، زيادة على بعثرة الإمكانيات المحدودة الموضوعة على ذمة القطاع.
كما أن المنهجية المتبعة في ضبط البرمجة القومية من قبل اللجنة الثقافية القومية، تتناقص مع أبسط قواعد العمل التنشيطي. ولئن حاول المشرفون على هذه البرمجة الابتعاد إلى حد ما عن الأساليب التعبوية التي تلحق العمل الثقافي بالفعل السياسي والتي سادت خلال الستينات، فان المنهجية التي طورها المشرفون عن القطاع ، قد اختزلت البرمجة في سلسلة من العمليات التقنية المختصة و القائمة على عرض أكثر ما يمكن من الإنتاج الثقافي المتوفر وعلى أكبر عدد ممكن من الفضاءات الثقافية، دون النظر في نوعية الإنتاج المقترح، ومدى ملائمته لإنتظارات الجمهور المتقبل لهذه العروض الثقافية. كما أن اختيار هذا المنتوج وتوزيعه على الفضاءات الثقافية، لا يستند إلى أي خطة ثقافية محددة واضحة المعالم، ومرتبطة بالتحديات الكبرى التي تطرحها طبيعة المرحلة التي يمر بها مجتمعنا، الأمر الذي جعل هذا المجهود الكبير يبقى على هامش القضايا الفكرية و الحضارية الكبرى التي يعيشها مجتمعنا.

3-برمجة ناجحة : شرط أساسي لتصالح الجمهور مع الفضاءات الثقافية :
إن طبيعة المرحلة الراهنة المتميزة بالسعي إلى إرساء مجتمع ديمقراطي تعددي من شأنها أن تبوّئ الثقافة مكانة خطيرة، إذ إنها توكل إليها، دورا تأسيسيا و تنويريا، يعتمد في جوهره على إشعاع قيم الحرية و العقلانية وحقوق الإنسان و التسامح و نشر الفكر العقلاني و العلمي و التقني.
وإذا كان لا بد من الابتعاد عن كل تسييس للعمل الثقافي، فان هذا المسعى لا يمكن أن يحظى بالتجاوب المرجو،حين يتغافل عن المشاغل والهموم الكبرى لقطاعات واسعة من المجتمع.
وإذا كان من طبيعة العمل الثقافي، أن يسعى من خلال البرمجة المتعمدة إلى تحويل الفضاءات الثقافية إلى مجالات للتفكير و الإبداع، و التكوين و الاتصال و الترفيه، فان المهمة الموكولة إليه في هذه المرحلة، هي العمل على تطوير القدرة على التفكير عند الجمهور في ذاته و في محيطه حتى يتمكن من التمرس على حق الاختيار و البحث و الالتزام. وهو ما يفترض القطع مع الرداءة و يستوجب التحري في اختيار المنتجات الثقافية المنتقاة للبرمجة من حيث جماليتها وقدرتها على إشعاع القيم التنويرية. إن الاكتفاء ببرمجة ما هو موجود في المسالك الثقافية المعهودة، بتعلة الأثمان الزهيدة وقلة الإمكانيات هو عرقلة لتفجر الطاقات المبدعة، زيادة على ما يترتب على ذلك من مخاطر تبلّد الإحساس الجمالي، وتغريب للفكر النقدي.
كما أن من مقومات البرمجة الناجعة التفاعل الايجابي مع تنوع ميولات الجمهور وتعددها والتي تختلف تبعا لتركيبته وخصوصيات محيطه، وهو ما يفترض القطع الكامل مع أسلوب المركزية المشطة و النمطية التي تتولد عنه، الأمر الذي يستوجب إعطاء المناطق و الجهات حرية أوسع ومسؤولية أكبر في استنباط برامج التنشيط وإطلاق المبادرة للمنشطين الثقافيين الساهرين على حظوظ الفضاءات الثقافية.
إن احترام مقتضيات برمجة ناجعة، هو عامل أساسي لتصالح الجمهور مع الفضاءات الثقافية، وخلق فرص حقيقية لتمكينه من مشاركة فعلية، تسمح بدورها بالتحول من سلبية الاستهلاك إلى إبداعية الإنتاج، وتخلق فرص الحوار المثمر بين المبدعين والجمهور.
وإذا كانت الاعتبارات التي سقناها تمنعنا من التفكير في صياغة برنامج قومي للتنشيط يسقط جاهرا على رأس المشرفين على الفضاءات الثقافية، فان المرغوب فيه تحديد اتجاهات كبرى ومحاور أساسية يتكفل على قاعدتها المشرفون على الفضاءات الثقافية بصياغة برامج ملموسة تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات مناطقهم وما يتوفر لديهم من فضاءات وكفاءات وتجهيزات.
وفي انتظار إعادة هيكلة قطاع التنشيط في اتجاه الفصل الكامل بين المصالح الإدارية والهيئات الاستشارية( اللجان الثقافية) و الشروع في معالجة القضايا التي تعيشها الفضاءات الثقافية من حيث وضعها القانوني، وتوفرها على الأجهزة الملائمة، وفتح الأفاق أمام الإطار الساهر عليها، فانه لايسعنا إلا أن نتقدم بجملة من المقترحات الأولية التي يمكن أن تشكل ملامح برمجة انتقالية للتنشيط الثقافي، ولهذه الاعتبارات فان البرمجة المقترحة لا تطمح إلى أن تشمل كل مناطق الجمهورية وإنما ستقتصر على عدد محدود من المدن، ستكون بمثابة الأقطاب النموذجية و التجريبية. وهذه المدن وقع اختيارها على أساس تمثيلها لمختلف جهات الجمهورية، حسب التقسيم الذي اعتمدته المندوبية العامة للتنمية الجهوية.
إن جملة القضايا الأساسية التي نراها جديرة بالمعالجة في هذه المرحلة، والتي يمكن أن تشكل موضوعات أساسية، تدور حولها مختلف الأنشطة داخل هذه الفضاءات الثقافية هي التالية :
-;---;-- الثقافة العلمية : وفي تصورنا لا يجب أن تقتصر هذه الأخيرة على التحسيس و التبسيط للعلوم الصحيحة من فيزياء و كيمياء وعلوم الفلك و الإعلامية و الطبيعيات وعلوم البيئة... بل يجب أن تتجاوزها إلى نشر الفكر العلمي و العقلانية و ذلك عن طريق تشجيع ربط تطور هذه العلوم بالفلسفة والعلوم الاجتماعية و تاريخ الفكر البشري.
-;---;-- ثقافة الطفل و اليافع : والتي لا يجب أن تقف عند تقديم أنشطة موجهة إلى هذه الشريحة العمرية بل أن تتسع إلى أن تشمل التفكير في طرق التنشئة و أساليبها في مجتمعنا و الثقافة الضمنية التي تحملها وتحدد في تصوراتنا لمكانة الطفل و الشاب.
-;---;-- ثقافة المرأة: ويمكن أن يتناول بالدرس عدة قضايا نذكر منها على سبيل المثال:
• المرأة مبدعة للثقافة عبر التعبيرات الفنية المختلفة مع السعي إلى دعوة المبدعات للحضور في مثل هذه النشاطات.
• صورة المرأة في الثقافة : السينما، المسرح، الفنون التشكيلية...
• المرأة والتمتع بالثقافة نصيب المرأة من المنتجات الثقافية.
-;---;-- الثقافة والبيئة: والبيئة مأخوذة في مدلولها الشمولي أي في بعدها الطبيعي و الحضاري والاجتماعي ويستحسن أن يركز على علاقة الإنسان بمكونات البيئة و دور الثقافة في تطويعها.
-;---;-- الثقافة والعمل: ويتناول علاقة الثقافة بالعمل ودوره في إنتاج القيم المادية و الرمزية.
ولا تكمن أهمية هذه القضايا المتداخلة فيما بينها في حد ذاتها بقدر ما تكمن في إحاطتها بإشكالية المقومات الفكرية للمجتمع المدني ونظام القيم الرمزية الذي يؤسسه.
إن المعول عليه ليس طرح هذه القضايا والإشكاليات داخل الفضاءات الثقافية والسعي إلى تعميق مضامينها ودلالتها ونشرها على أوسع نطاق ممكن فقط، وإنما أيضا العمل على أن تشكل الأرضية الفكرية لمختلف التعبيرات الفنية والنشاطات الترفيهية داخل دور الثقافة.
ويبقى ذلك مرهونا بأسلوب التنشيط المعتمد داخل هذه الفضاءات، حيث لا يجب أن يقع تتناول هذه الإشكاليات والقضايا من زاوية النشاط الفكري المجرد وبالأشكال التقليدية من ندوات، ومحاضرات أو في شكل نوادي و ورشات وأنشطة تكوين ورسكلة وإنما أيضا، بالاعتماد على التعبيرات الفنية من سينما ومسرح وفنون تشكيلية، ورقص.... وغيرها..
ولنجاح مثل هذه الأعمال ولتفتح الفضاء الثقافي على محيطه يقع :
-;---;-- تشريك كل الجمعيات الثقافية و الفنية ذات العلاقة
-;---;-- تشريك الفاعلين الاجتماعيين والمؤسسات الاقتصادية التي يهمها هذا النشاط..
-;---;-- التنسيق مع جميع المصالح الإدارية التابعة بالوزارة و المعنية بهذا النشاط.
إذا كان النهوض بالتنشيط الثقافي أمرا ضروريا وممكنا بالنظر إلى التحولات المجتمعية وتراكمات الجهد الوطني. فان النقائص الملاحظة في هذا القطاع والتي قد تتولد عنها عديد المخاطر بالإمكان معالجتها. إن إعادة النظر في آليات البرمجة الثقافية هو في الوقت ذاته الفرصة التي يمكن أن تسمح للثقافة بأن تضطلع بالدور التنويري المنتظر منها في هذه المرحلة الحاسمة من تطور مجمعنا.

الطاهر شقروش*

-------
• باحث في العلوم الاجتماعية، عمل من 1981 إلى 1991 بمركز الدراسات والتوثيق للتنمية الثقافية (وزارة الثقافة) حيث وقع فصله بسبب نشاطه الحقوقي ضمن قيادة "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان"، التحق بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وعمل بها كخبير متخصص من 1993إلى 2005.
صدر للسيد طاهر شقروش دراسات عديدة حول الدولة والحركات الاجتماعية والمثقفون وهو عضو في هيئات تحرير عديد المجلات الفكرية التونسية والعربية.





#الطاهر_شقروش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا مصلحة لليسار والجبهة الشعبية للاصطفاف وراء أحد فرقي الرجع ...


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر شقروش - من أجل سياسة ثقافية جديدة: قطاع التنشيط الثقافي نموذج.