أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - في سوريا: دافعوا الضرائب هم الأفقر















المزيد.....

في سوريا: دافعوا الضرائب هم الأفقر


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 4790 - 2015 / 4 / 28 - 07:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تُشكل السياسات الضريبية جانباً مهماً من تجليات النمط الاقتصادي المهيمن. لذلك فإن دراستها تستوجب تحديد العلاقة العضوية التي تربطها ببنية الدولة والنمط الاقتصادي السائد. فالسياسات الضريبية في سوريا أصبحت تُعبّر بشكل واضح عن سياسات اقتصادية تحريرية. ويتجلى ذلك من خلال زيادة المطارح الضريبية على الفقراء وأصحاب الدخل المحدود والمنتجين الصغار من زراعيين وصناعيين. أما كبار التجار والمستثمرين وأصحاب الرساميل، فإنهم يساهمون في صياغة السياسات الاقتصادية، ولهم من السياسيين في دوائر صناعة القرار من يمثل مصالحهم ويدافع عنها. وليس هذا وحسب، بل أن طبيعة علاقاتهم مع الطبقة السياسية المتنفذة تسمح لهم بفرض السياسات الاقتصادية المالية والنقدية التي تلبي مصالحهم. وفي ضوء ذلك فإنهم يُعتبرون من أكثر المستفيدين من النظام الضريبي المعمول به، ومن التخفيضات والإعفاءات الضريبية. ومع ذلك فإنهم يتهربون من دفع الضرائب، ومن الإيفاء بحقوق العمال مثل« تعويض نهاية الخدمة، تسجيل العمال في مؤسسة التأمينات، الالتزام بالحد الأدنى للأجور، والترفيعات الدورية والزيادات التي تقرها الحكومة، تعويض العمال عن أيام العطل الرسمية والأعياد والإجازات المرضية. الطبابة. وإضافة إلى كل ذلك فإنهم يُجبرون العمال قبل مباشرتهم العمل على توقيع عقد «الذل». أما لمن لم يسمع بهذا العقد نقول: أنه إقرار يُجبر العامل على توقيعه تحت ضغط الحاجة إلى العمل. وفيه يُقر بأنه قبض كافة مستحقاته المالية. وبموجب هذا العقد يستطيع رب العمل طرد العامل من عمله لأي سبب، وفي أي وقت دون أن يدفع له أي تعويض ». وبغض النظر عما ذكرنا، فإن النظام الضريبي المعمول به يستدعي المطالبة بوضع سياسات ضريبية عادلة تخفف من معاناة المواطن بشكل عام، مع مراعاة التركيز على العاملين في القطاع الخاص. وتشير التقديرات إن نسبة الضرائب من الموازنة، كانت قبل الأزمة تُشكّل حوالي 52%. ومن المتوقع أن هذه النسبة قد ارتفعت خلال سنوات الأزمة، بسبب تراجع معدلات الإنتاج السلعي والنفطي وانخفاض عوائد السياحة إلى الصفر. ولهذا دور كبير في تراجع واردات الخزينة. إضافة إلى ذلك، فإن سيطرة المجموعات المسلحة على الموارد النفطية والصناعية والزراعية، ينبئ بانهيار الأوضاع الاجتماعية.
وفي ظل سيطرة التجار والمستثمرين على مفاصل صناعة القرار الاقتصادي. فإن الحديث عن سياسات ضريبية تُحقق العدالة الاجتماعية، يتخلله إشكاليات متعددة. تحديداً في ظل غياب نقابات مستقلة وأحزاب سياسية تمثل أوسع الشرائح الاجتماعية وأكثرها فقراً. وتزداد أوضاع المواطنين سوءً عندما تتحول الدولة إلى تاجر فاشل. فذلك يُنذر بانهيار المنظومة الحقوقية للمواطن. لكن في ظل التحول إلى الاقتصاد الحر. فإن الحفاظ على الدور الاجتماعي للدولة يكتنفه إشكاليات فكرية وسياسية وحتى اقتصادية مختلفة. ونقاش ذلك يجب أن ينطلق من تحليل بنية الدولة وميولها العامة. وعليه فإن تجاوز القضايا الجزئية وإشكالاتها يستوجب تحديده في سياق الكل، أي بنية الدولة. وهنا بالضبط يجب الاشتغال على طرح مشروع كلي يناقش الجزئيات في سياقها العام. والتركيز على بحث كيفية بناء دولة تقوم على معايير المواطنة والحقوق المتساوية والعدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية المنفتحة على آفاق ديمقراطية سياسية واجتماعية، يتم فيها القطع مع السياسات الاقتصادية النيو ليبرالية. ذلك لأن سياسات التحرير الاقتصادي تُعبّر عن مصالح كبار التجار والمستثمرين. وهؤلاء يعملون على تحجيم دور الدولة الاجتماعي، والتمسك بها كمدافع عن مصالحهم وامتيازاتهم الاقتصادية. وهذا يعني إنه في ظل تحرير الاقتصاد، يصبح الاشتغال على وضع سياسات ضريبية تحقق هامشاً من العدالة الاجتماعية أمر صعب التحقيق، كونها تتناقض مع بنية الاقتصاد المسيطر، ولا يوجد لها حوامل سياسية واجتماعية قادرة على ذلك، ولهذا أسباب متعددة ومختلفة. فمن يساهم بشكل واضح في وضع السياسات الاقتصادية التجار والمستثمرين. ومصالح هؤلاء تتناقض مع مصالح الفقراء والمهمّشين. و كما هو معلوم فإن المتحكمين بمفاصل الاقتصاد الحر يشتغلون على تحقيق أعلى معدل من الأرباح، وذلك لن يكون إلا من خلال استغلال العمال.
وفي اللحظة التي يتدهور فيها المستوى المعيشي لغالبية السوريين، نرى إن المطارح والسياسات الضريبية تستهدف الشرائح الاجتماعية الأكثر فقراً. وهؤلاء باتوا يشكلون نسبة تتجاوز 90% من المجتمع السوري. فالصراع الدموي أثقل كاهلهم ووضعهم على حافة الانهيار، حتى باتوا عاجزين عن تأمين قوتهم اليومي. هذا في وقت يتم فيه محاباة كبار التجار والمستثمرين وأصحاب الرساميل المالية والريعية. ويتجلى ذلك من خلال تخفيض المعدلات الضريبية واللجوء إلى الإعفاءات المتكررة. وذلك بذريعة الحد من التهرب الضريبي. لكن ذلك لم يخفف من التهرب الضريبي، إضافة إلى أن التجار والمستثمرين يوظفون الأوضاع الراهنة في مضاعفة ميولهم الاحتكارية وتحكّمهم بمعيشة وحياة السوريين.
إضافة إلى ذلك فإن ثمة تناقض واضح بين ما ينفذ على أرض الواقع، من سياسات اقتصادية وضريبية تحابي مصالح المستفيدين والمتحكمين بالمفاصل الاقتصادية. وبين تصريحات حكومية يدّعي أصحابها تمسّكهم بمصالح الفئات الاجتماعية الفقيرة والمهمّشة. لكن من الواضح إن نتائج التحولات الاقتصادية على المستوى الاجتماعي تدلل على تسارع وتيرة تآكل مصالح الشرائح والفئات الاجتماعية الفقيرة والمفقّرة. فالسياسات الاقتصادية في السنوات الأخيرة تندرج في إطار سياسات اقتصادية ومالية ونقدية تهدف في سياق تمكين الاقتصاد الحر إلى إعادة هيكلة البنى الاقتصادية وفق أشكال تُعبّر عن سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وهذه السياسات تُعبّر عن مصالح المستثمرين الأجانب والمحليين الذين لا يفكرون إلا في زيادة معدل الربح. وفي الوقت الذي كانت فيه نسبة ملكية القطاع العام لا تتجاوز 35% من حجم الناتج الإجمالي المحلي، فإن حجم مشاركة القطاع الخاص ورجال المال والأعمال في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة قفزت من 64،4%عام 2005 إلى 70% عام 2007، وأصبحوا يسيطرون على 65% من الصناعة (عدا الصناعة الاستخراجية) و75% من النشاط التجاري. وتزامن هذا مع تخفيض التكليف الضريبي للقطاع الخاص من 60% إلى 28%. هذا في وقت لم يتجاوز فيه معدل التحصيل الضريبي 20% من قيمته الحقيقية. من جانب آخر فإن ارتفاع نسبة مشاركة » كبار التجار والمستثمرين «اقترنت بزيادة مشاركتهم في وضع السياسات الاقتصادية، وفي فرض المعدلات والمطارح الضريبية التي تُحقق مصالحهم الخاصة.
أخيراً نؤكد على ضرورة: إعادة دراسة النظام الضريبي وذلك لعدة أسباب منها: ـ تخفيض المعدلات الضريبية عن الاستثمارات الوطنية التنموية ـ فرض ضريبة تصاعدية على أرباح التجار وعلى حركة رأس المال وتبادل العملات ـ مكافحة التهرب الضريبي ـ تخفيض الضرائب المباشرة وغير المباشرة عن المنتجين الصغار والفقراء وأصحاب الدخل المحدود ـ تحفيز الاستثمارات الوطنية التي تساهم في التنمية البشرية والاقتصادية. ونشدد أخيراً على ضرورة إدراج النقاط المذكورة في سياق القطع مع السياسات النيو ليبرالية.
********************************************************************



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الترابط بين اليمن وسائر الإقليم
- تحولات عربية: اليمن ليس وحيداً
- خرائط تُرسم بدماء السوريين
- أربع سنوات من الصراع السوري: الحداثة التخلف
- سوريا: في النموذج الطائفي؟!
- في أسباب وتجليات انخفاض سعر النفط
- المرأة السورية... سنديانة في لهيب الصراع
- آفاق المشروع الطائفي في سوريا
- الهدم الديموقراطي: قراءة في المشهد السوري
- الأسرة السورية بين تآكل قيمة الدخل وارتفاع قيمة الاستهلاك
- السياسة بين العصبية والعقائد الأيديولوجية
- في مأزق الحوار السوري
- ماذا يحمل أطفال سوريا إلى المستقبل؟
- من جنيف إلى موسكو: ما جديد الأزمة السورية؟
- ماذا يعني تحرير سعر المحروقات في سوريا؟
- الاقتصاد السوري في نفق مظلم
- ماذا يعني أن تكون يسارياً في سوريا
- شتاء السوريين القارس: ابحثوا عن سياسات تحرير الاقتصاد
- شتاء السوريين
- في مقدمات انهيار الدولة


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - في سوريا: دافعوا الضرائب هم الأفقر