أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - مكاتيب ياس خضر














المزيد.....

مكاتيب ياس خضر


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4789 - 2015 / 4 / 27 - 21:55
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تحكمنا المكاتيب بسحر ذكرياتها ، وهج الحروف ، وارتعاش الحبر ، وبراءة العواطف وفطرتها ، وغير ذلك فالمكاتيب قمصانها خفق القلوب يوم ترسل ويوم تصل ، ولحظة ملامسة الطابع لخدِ المظروف تخلع الكلمات اشواقها وترميها على الأجفان التي تقرأ بلهفة وشوق وحنين موسيقى حضن أو وسادة أو دمعة.
تسجل المكاتيب تواريخ أزمنة يخشى من هاجسها الملوك وامراء الأفواج ، ولكن سعاة البريد يوصلونها في هاجس فيهم يشعرنهم أنها مهمتهم النبيلة وبالرغم أن سعاة البريد لن يصلوا القرى إلا أن ( جبر ) ساعي البريد في ملاحظية بريد الجبايش حريص على البحث عن الزوارق التي تتجه الى قرية أم شعثه ليرسلَ مكاتيب الجنود من ابناءها وهو يقول : أوصلوا أغنية ياس خضر بطريقكم . وهو يقصد أغنيته الشهيرة ( أعزاز ) التي أعتاد الجنود كتابتها في نهاية الرسائل :
أذكروني كلما غنى ياس خضر اغنية أعزاز والله أعزاز .
وبالرغم أن سكان ( أم شعثه ) لا يملكون مذياعا ولم يسمعوا الأغنية سوى من فم المكاتيب إلا أن اولاد ( ريكان ودشر وحلبوص ) الذين يخدمون في مناطق ( راوندوز ورانية وسبيلك) الشمالية يكتبونها مقلدين ذلك الجنود من ابناء المدن ولأن كتابة هذه العبارة صارت تقليدا شائعا في نهاية الرسائل.
وعندما تصل أتحمل أنا مهمة قراءتها ، لأجد اللهفة والدمعة هي من تعزف موسيقى أصغاء المعدان لرسائل أبناءهم الجنود ، وأراهم يتفقون على جمع مبلغ من المال وتكليفي شراء جهاز راديو ، فقط لأجل أن يسمعوا أغنية ياس خضر التي يتمنى عليهم ابناءهم ذكرهم من خلال صداها وقدرتها على بث لوعة الشوق والتلاقي بين الأحباب.
تسجل مكاتيب ( ياس خضر ) تأريخا من فصول الحلم الروحي والأمل والخوف في حياة جيل ومرحلةٍ وقدر ، وبالرغم من أن أغنيته هذه من رومانسيات النغم السبعيني في الأغنية العراقية إلا أنها التصقت بنهايات ورق المكاتب أكثر من أيِ ذكرى اخرى كانت تكتب في الرسائل منذ رسائل آشور بأنيبال الى ولاته حول اقتناء الكتب الجديدة وجلبها الى مكتبته الشهيرة وحتى رسائل ويليكس التي نقلت الايملات والرسائل والمكالمات والقرارات السرية لدوائر البنتاغون حول ما يجري في العراق وافغانستان وروسيا ومناطق الصراع الأخرى في العالم.
لقد كانت المكاتيب زوارق نجاة للمرسلِ والمُستلم ، ووحده شغاتي صنعَ لها تعريفا غريبا وسريالياً وجماليا عندما قال : رسائل الجنود مثل سفينة نوح ، لكن نوح يصنع سفينته من القصب والخشب والجنود يصنعونها من دموعهم والورق.
عند أعتاب حنجرة ياس خضر ونعوش شهداء قرية ( أم شعثه ) الذين لم يتسنى لهم اكمال مشاعر وطقوس وهواية كتابة الرسائل لذويهم ، تقف الذكريات ، ويسجل الموقفُ العاطفي لحظته الرهيبة حين وقف ريكان أمام جثمان ولده قبل أن يرسلوه بزورق الى سرمدية دلمون الخالدة عندما تساءل مع نحيبه الخفي : تُرى من يكتب لنا المكاتيب غيرك يا ولدي ؟



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دشاديش توم وجيري
- قريتنا وعطر الهاواي
- أساطير البالطو
- حوار راكيل وعزرائيل
- من سماء بعاذرا الى مياه الأهوار
- الجاسوس الأكادي
- لصوص الدواب
- الجبايش وعصافير مراكش
- شيء عن غرام سارتر وبوفوار
- مقبرة القمح المكسيكي
- أطفال الأهوار ومحمد عطية الابراشي ...!
- اخيرا وصل الى السماء
- بروك شيلدز وبندقية البرنو
- الغضارة وحرب الحليب
- الثناء على معونة الشتاء
- طروادة والمْطارَدْ
- معدان دوائر التجنيد
- سفينة حنا مينه
- أقراط روزا لكسمبورغ
- لاخَبرْ وعُرسِ عَنبرْ


المزيد.....




- شاهد.. فلسطينيون يتوجهون إلى شمال غزة.. والجيش الإسرائيلي مح ...
- الإمارات.. أمطار غزيرة وسيول والداخلية تحذر المواطنين (فيديو ...
- شاهد: توثيق الوصفات الشعبية في المطبخ الإيطالي لمدينة سانسيب ...
- هل الهجوم الإيراني على إسرائيل كان مجرد عرض عضلات؟
- عبر خمسة طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- حماس تؤكد نوايا إسرائيل في استئناف الحرب على غزة بعد اتفاق ت ...
- أردوغان يبحث مع الحكومة التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران
- واشنطن وسعّت التحالفات المناهضة للصين في آسيا
- -إن بي سي-: بايدن يحذر نتنياهو من مهاجمة إيران ويؤكد عدم مشا ...
- رحيل أسطورة الطيران السوفيتي والروسي أناتولي كوفتشور


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - مكاتيب ياس خضر