أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - تفروت لحسن - الفارماكوس - pharmacos - أو الفيروس البشري














المزيد.....

الفارماكوس - pharmacos - أو الفيروس البشري


تفروت لحسن

الحوار المتمدن-العدد: 4788 - 2015 / 4 / 26 - 21:44
المحور: كتابات ساخرة
    


يشهد الموروث الفلسفي المتواتر عن اليونان القديمة أن الإغريق كانوا يعتقدون أن أسباب شرور المدينة ومصائبها لها علاقة بالعنصر البشري. فكانوا يسندون هذه الآفات إلى شخص له منزلة نذير الشؤم. انه الجالب للنحس في اعتقادهم، إن لم يكن هو نفسه المسؤول عن ما يحل بالمدينة. وللتخلص من هذا " المنحوس " كان أهل أثينا ينظمون احتفالا سنويا لمدة ستة أيام، يسمونه " التراجليا ". حيث كانوا يبحثون عن بعض الأشخاص المفترض مسؤولياتهم عن مصائب المدينة، فيقتلوهم بعد أن يحرقوهم ليرمى رمادهم خارج المدينة. أو في بعض الحالات يطردونهم جارح أسوار المدينة. هذا الشخص الجالب للنحس يسمى " الفارماكوس "" pharmacos " ، وله نفس المعنى في الثقافة الشرقية، التي تصنف الفارماكوس في مرتبة الأبله أو المجنون، مع ما يتطلبه ذلك من أساليب النبذ والإبعاد.
الفارماكوس إذن، هو المسؤول عن تردي الأوضاع، عن الجفاف، عن الفقر، عن البؤس، عن الأمراض، عن ... فكلما ابتليت مدينة بالانحطاط والقحط والشر الا وكان هناك " فارماكوس ". هذا الكائن البشري يشبه فيروسا بشريا ينخر المجتمع، ويسبب له المزيد من المعاناة. لهذا فكلما اتصفت جماعة بالسقم والاعتلال الا وكان سبب ذلك هو " الفارماكوس ". ولتخليصها من هذا الشؤم، لابد من تحريرها من هذا الشرير، المصدر للشر، أو على الأقل نبذه وابعاده خارج أسوار المدينة.
المناداة برحيل بعض المسؤولين، أو ما يعرف بفعل الأمر " ارحل " هي إعادة إنتاج للصراع القديم مع الفارماكوس. وإذا كانت السنوات الأخيرة تشهد على هذه الواقعة، كإبعاد " ابن علي" خارج المدينة، أو سجن " حسني مبارك "، او القضاء على " القدافي " أو ...، فان التاريخ يبين أن هذه الحالات ما هي إلا أمثلة للاستذكار، تذكرنا بقصة " الفارماكوس ". هذا الأخير قد يكون ذكرا أو أنتي، كما أنه ليس واحدا ولا ينحصر في مجال، فهو يتواجد في واجهات عدة؛ كما أن الفارماكوس أنواع وأشكال، منها الصغير والمتوسط والكبير.
المعلوم أن الإغريق، ومنهم أفلاطون، قد تحدثوا عن الفارماكوس، بل ومنهم من ارتبط ميلاه بعيد الفارماكوس، كما هو الأمر بالنسبة لسقراط، الذي رفض أن يهرب خارج المدينة خوفا من أن يصنف في فلك الفارماكوس. لكن يمكن بمقتضى التأويل الرجوع بحكاية الفارماكوس الى عهد بعيد، إلى الجنة. فالفارماكوس يكافئ الشيطان، هذا الذي يعتبر بحق هو المسؤول عن مصائب ابن آدم. لذلك آمره الله بالرحيل، بالمغادرة، بدون رجعة، إلى الخارج، إلى العالم السفلي. ولهذا مازال المسلم يضع ضمن واجباته الدينية القصوى رمي هذا الفارماكوس لحظة الحج.
يمكن للهرمينوطيقا أن توفر لنا الأدوات اللازمة لإعادة النظر في طاهرة الفارماكوس معاصرا، ولذلك نجد أن هذا اللقب يحظى بصفة " المفهوم الرحال "، فله صفات التجوال في عدة مناحي حياتية يومية، فنجد الفارماكوس في الأسرة والعائلة، في المدرسة والجامعة، في الإدارة والجماعة الترابية، في السلطة والمالية، في الحكومة، في القضاء... المهم ينتشر الفارماكوس في مجالات عدة، ويبقى في جوهره واحدا رغم اختلاف مظاهره. لكن المشكل هو أننا، في الوقت الحالي، لا نبحث عن الفارماكوس الحقيقي، لمحاسبته ومعاقبته، بل نبحث عن شبه فارماكوس. فعند حدوث شر في المدينة ؛ فيضان، حوادث، سرقات، نهب ... نبحث عن كبش فداء لنلصق له درجة الفارماكوس، علما ان الفارماكوس الحقيقي يبقى في منأى عن المراقبة والمحاسبة. بالعامية المغربية : " طاحت الصمعة، علقوا الحجام ".



#تفروت_لحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الممكن والمستحيل في نظرة نيشه للعالم
- الرياضة الفلسفية في زمن العدمية
- الإنسان اللاهث أو - إنسان : - هذا لي -
- القرف والاشمئزاز في المجتمع المعيف ( المعيوف )
- الإنسان الهجين و ثقافة - البغال -
- - أنا مدمن، إذن أنا موجود، عفوا أنا معدوم -
- راهن الفلسفة ورهان الفكر النقدي
- إشكالية تحديد معايير اختيار الكتاب المدرسي بالتعليم المغربي
- نيتشه : الفيلسوف طبيب المجتمع
- لدروس الخصوصية لعلوم التربية : صورة جديدة لأزمة التعليم المغ ...
- - الفلسفة كما نحيا بها - : تجربة بيير أَضُو Pierre Hadot
- الفلسفة والتربية : الإبهام المزدوج
- في الحاجة الى -الفلسفة التطبيقية-
- الفلسفة في متناول الجمهور : انتعاش أم انكماش
- درس الفلسفة بين : - الأستاذ - الطبيب - و - الأستاذ - الكناشي ...
- بعض مفارقات - مفهوم العقل - عند عبد الله العروي
- في التربية على حقوق الإنسان


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - تفروت لحسن - الفارماكوس - pharmacos - أو الفيروس البشري