أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - ابتلاءات البشرية بالكوارث الطبيعية : السيول فى العصر العباسى















المزيد.....

ابتلاءات البشرية بالكوارث الطبيعية : السيول فى العصر العباسى


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 4788 - 2015 / 4 / 26 - 10:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعرضنا لابتلاءات الكوارث الناتجة عن ظلم الانسان بما يؤثر على الميزان ، أى التوازن فى البيئة وعناصرها من مناخ ومواد . لكن هذا التوازن فى حد ذاته يحتاج الى أن يُصلح ذاته بذاته ، طبقات الأرض قد تحتاج الى تعديل فتنشأ الزلازل. الكرة الأرضية تشبه مجازا البرتقالة . قشرتها تُخفى ما تحتها . القشرة الأرضية تحتها ( اللافا او الماجما ) أى الصخور الملتهبة الذائبة. الجبال هى مثل المسامير التى تثبت القشرة الأرضية حتى لا تميد بنا فوق هذه اللافا الملتهبة. والله جل وعلا يصف الجبال بأنها ( أوتاد ) : ( النبأ 7 ) وأنها :( رواسى ) ( النحل 15 ، الأنبياء 31 ، لقمان 10 )و( أوتاد ) ( النبأ 7 ) . جوف الأرض تحت القشرة الأرضية ينوء بما يحمل من هذه الصخور الذائبة الملتهبة فيدفعها الضغط لأن تتقيأها الجبال براكين متفجرة ، تبدو كارثة تدمر ما حولها . نتكلم هنا عن كوارث لا دخل للإنسان فيها . وهى كوارث ينطبق عليها وصف الابتلاء . ولأنها إبتلاء ففيها المحنة والمنحة ، النعمة والنقمة . صحيح أن الظاهر للعيان هو الجانب الكارثى ، ولكن لا تخلو من فوائد ، يستطيع المتخصصون شرحها .
ولأن تخصصنا هو تاريخ المسلمين ، فإننا نعرض لبعض الكوارث الطبيعية التى أرّخ لها المؤرخون المعاصرون لها. ونبدأ بالسيول متذكرين تسونامى .
أولا : من أخبار السيول في العصر العباسي
مقدمة
1 ــ المؤرخ ابن الجوزي ولد عام 511 ومات سنة 597 هـ في خلافة الناصر بعد ان قاسي منه الامرين . ولم يستطع المؤرخ المسكين أن يسجل الظلم الذى حاق به فى أواخر أيامه تاركا تلك المهمة لمن جاء بعده من المؤرخين . ابن الجوزى كان يعيش شيخوخته عندما تولي الخليفة الناصر الحكم ،وحين ادرك المؤرخ العجوز جبروت الخليفة الشاب كف عن التأريخ ، وانهي كتابه الهام في التاريخ وهو كتاب (تاريخ المنتظم ) بنهاية الخليفة المستضئ ،او بمعني اصح سنة 574 هـ قبيل موت المستضئ . وفي عهد الخليفة المستضئ والد الناصر كان ابن الجوزي في اوج شهرته كأعظم علماء عصره في الحديث والتاريخ والفقه والوعظ ،وكان في تأريخه في السنوات الاخيره من تاريخ المنتظم يشير الي مجالس وعظه وتوليه المناصب بعناية العباسيين ،وانتهي ذلك كله بمجئ الناصر العباسى وظلمه ..
2 ــ لم تنقطع ظاهرة السيول في أي عصر، ولكن تسجيلها في أحداث التاريخ هو الذي كان ينقطع, والقليل من المؤرخين العرب والمسلمين هم الذين اهتموا برصد الظواهر الطبيعية من السيول والزلازل والأحوال المناخية وحركات النجوم والشهب والكواكب . ومن أولئك المؤرخين كان الفقيه المحدث عبد الرحمن الجوزي في تاريخه "المنتظم " الذي يرؤخ فيه للدولة العباسية بالذات بتفصيل اتسع لتسجيل النكبات والظواهر الطبيعية ومنها السيول .
3 ـ ونقتطف من تاريخ المنتظم لابن الجوزي موجز لكوارث السيول في العصر العباسي ، وقد ذكر بعض تفصيلات لها فى لأجزاء الأخيرة من المنتظم .
أولا : فى القرن الخامس الهجرى
1 ـ في سنة 420 هـ حدث سيل في نواحي النعمانية بالشام وتكاثرت فيه الكرات الثلجية الكبيرة ( برد )، وكان وزن الواحدة منها يصل عدة أرطال، وصاحبت السيول ريح سوداء اقتعلت أشجار الزيتون العتيقة وطرحتها بعيداً واقتلعت بعض النخيل وسقف المسجد الجامع في بعض القرى. وعثروا على كرة ثلجية تزيد على مائة رطل " وكانت كالثور النائم " وقد أحدثت في الأرض حفرة هائلة..
2 ــ سنة 489 : ( .. وكان الناس ينتظـرون الغرق فوصل الخبر بأن الحاج حصلوا في وادي المناقب بعد نخلة فأتاهم سيل عظيم فنجا منهم من تعلق برؤوس الجبال وأذهب المـاء الرحـال والرجـال . ) . .‏
ثانيا : فى القرن السادس
1 ــ في سنة 515 هـ وقعت سيول هائلة بالعراق أهلكت الثمار والفواكه والأشجار وما في الخزائن من غلات واستمر سقوط الثلج عدة أيام وملأ الشوارع، واستمر يسد الطرقات فصنع منه الأطفال تماثيل وألعاباً.. وأصاب الثلج والسيول قدوم الحجاج من الحجاز وهم يدخلون الكوفة فأصابهم ببلاء شديد. ويقول ابن الجوزي في التعليق على هذا الخبر أن ذلك الثلج وقع في سنين كثيرة في أيام المقتدر والرشيد والطائع والمطيع والقادر بالله والقائم وما سمع أحد بمثل ذلك الثلج وذلك السيل الذي وقع في ذلك العام 515 هـ وقد بقي ذلك الثلج خمسة عشر يوماًقبل أن يذوب وأهلك الشجر والثمر.
3 ـ فى العام التالى 516 يقول : ( وفي هذه السنة‏:‏ زاد الماء حتى خيف على بغداد من الغرق . ) ( وفي يوم الأربعاء رابع عشر صفر‏:‏ مضى الوزير أبو علي بن صدقة ومعه موكب الخليفة إلى القورج واجتمع بالوزير أبي طالب ووقفا على ظهور مراكبهما ساعة ثم إنصرفا فما استقر النـاس فـي منازلهـم حتـى جـاء مطـر عظيـم أجمـع الأشيـاخ أنهـم لـم يـروا مثلـه فـي أعمارهم ووقع برد عظيم معه ولم يبق بالبلد دار إلا ودخل الماء من حيطانها وأبوابها وخرج من آبار الناس‏.‏ )
4 ــ سنة 549 : ( وحـدث فـي هـذه السنـة فـي دجلـة زيـادة واحمـرار الماء لم يعهد في ذلك الوقت وحدث في هذه السنة في دجلة في عدة نواحي بلاد واسط ظهور دم من الأرض لا يعلم له سبب‏ . )
5 ــ سنة 553 : ( وفي يوم الجمعة العشرين من شوال‏:‏ وقع ببغداد مطر كان فيه برد مثل البيض وأكبر على صورمختلفة وفيه برد مضرس ودام ساعة وكسر أشياء كثيرة . ‏)
6 ــ سنة 554 :
2 ـ وشاهد ابن الجوزي بنفسه السيول التي وقعت في دجلة في ثامن عشر ربيع الأول سنة 554هـ , إذ فاض دجلة وزحفت منه السيول إلى البلاد فامتلأت الصحاري واقتحم الأسوار وملأ الشوارع في المدن وعزلها عن بعضها , ويقول ابن الجوزي أنه خرج من داره وقت الضحى فاحتلها الماء وقت الظهر, فلما جاء العصر وقعت البيوت كلها , وأخذ الناس يعبرون هاربين من السيل يركبون السفن التي ارتفع سعر ركوبها في تلك الكارثة ثم تناقص الماء بعد يومين ورجع ابن الجوزي إلى بيته فلم ير فيه حائطاً قائماً ولم يعرف أحد موضع داره إلا بالتخمين إذ أصبحت المدينة تلالاً واستدل ابن الجوزي على موضع بيته بمنارة المسجد القريب منه والتي لم تسقط ..يقول : ( وفيها‏:‏ وقع برد عظيم فهلكت قرى وذكر أنه كان في بعض البرد ما وزنه خمسـة أرطـال وأهلكت الغلة فلم يقدروا على علف‏.‏) ( وفي ثامن عشر ربيع الأول كثر المد بدجلة وخرق القورج ، وأقبل إلى البلد فامتلأت الصحارى وخندق السور وأفسد الماء السور ففتح فيه فتحة يوم السبت تاسع عشر ربيع ، فوقع بعض السورعليها فسد بها ، ثم فتح الماء فتحة أخرى فأهملوها ظنًا أنها تنفس عن السور لئلا يقع فغلب الماء وتعذر سده فغرق قراج ظفر والأجمة والمختارة والمقتدية ودرب القيار وخرابة ابن جردة والزيات وقراح القاضي وبعض القطيعة وبعض باب الأزج وبعـض المأمونيـة وقـراح أبـي الشحم وبعض قراح ابن رزين وبعض الظفرية وثب الماء تحت الأرض إلى أماكن فوقعت ).
ويحكى ابن الجوزى عن تجربته مع هذا السيل : ( قال المصنف‏:‏ وخرجت من داري بدرب القيار يوم الأحد وقت الضحى فدخل إليها المـاء وقت الظهر فلما كانت العصر وقعت الدوركلها وأخذ الناس يعبرون إلى الجانب الغربي فبلغت المعبرة دنانير ولم يكن يقدرعليها‏.‏ ثـم نقـص المـاء يـوم الإثنيـن وسـدت الثلمة وتهدم السور وبقي الماء الذي في داخل البلد يدب في المحال إلى أن وصل بعض درب الشاكرية ودرب المطبخ . وجئت بعد يومين إلى درب القيار فما رأيت حائطًا قائمًا ، ولم يعرف أحد موضع داره إلا بالتخمين ، وإنما الكل تلال ، فاستدللنا على دربنا بمنارة المسجد فإنها لـم تقـع . وغرقـت مقبـرة الإمـام أحمـد وغيرهـا مـن الأماكـن والمقابـر ، وانخسفت القبور المبنيـة، وخـرج الموتـى علـى رأس المـاء وأسكـر المشهـد والحربيـة . وكانـت آيـة عجيبة ثم إن الماء عاد فزاد بعد عشرين يومًا فنقض سد القورج فعمل فيه أيامًا‏.‏ )
6 ـ عام 568 : - وتكرر السيل في شعبان سنة 568 هـ وبنفس التفاصيل وقام الدعاة في المساجد يحثون على العمل في تلافي أخطار السيل, وظلت آثاره إلى رمضان .. وارتبط ذلك السيل بحدوث حرائق وهبوب رياح سوداء استمرت إلى رمضان وكان ابن الجوزي في ذلك الوقت يعطي درسا في باب بدر في بغداد . ثم عاد السيل طوفاناً في رمضان إذ فاض دجلة وهطلت الأمطار والثلوج فانهدمت البيوت ومات كثير من الناس والحيوانات وبلغ وزن الثلج الساقط اكثر من سبعة أرطال للواحدة وبتوالي السيول ساحت البيوت, فخرج الناس إلى الصحراء يقيمون في الخيام وعملوا سدودا لحصر السيل , وتولى بناءها الجند والعوام ولكن كان السيل يغلبهم ويضج الناس حينئذً بالبكاء والتضرع إلى الله تعالى وغلى السعر وندرت الأقوات ولم تنج قصور الخلافة العباسية من السيل حتى خرج عنها الخليفة وامتلأت المقابر بالماء فتغيرت ملامح المدينة ولم يعد هناك فارق بين البيوت المهدومة والمقابر المنثورة وكان الناس ينتقلون من شارع لآخر بالسفن .. وفي الثاني والعشرين من رمضان ازداد السيل فملأ الصحراء يطارد الناس اللاجئين إليها فكثر التضرع لله .. ووصل السيل إلى أغلب المدن خصوصا الموصل والبصرة وما بينهما , وهلكت القرى والمزارع .. والغريب أن نهر دجلة قد نضب وهلكت المزارع حوله من العطش.. وسرى الوباء والغلاء هنا وهناك من كثرة الماء أو من الجفاف ..
4 - وتفاصيل أخرى عن ( تسونامى ) حدث فى عام 569 ، ننقل بعضها: ( وفـي غـرة رمضـان‏:‏ زادت دجلـة زيـادة كثيـرة ثـم تفاقـم الأمـر فـي سابـع رمضـان .وجـاء مطـر كثير في ليلـة الجمعـة ثامـن رمضـان ووقـع فـي قـرى حـول الحظيـرة وفـي الحظيرة برد ما رأوا مثله، فهدم الدور وقتل جماعة من الناس وجملة من المواشي . وحدثني بعض الثقات انهم وزنوا بردة فكان فيها سبعة أرطال . قال وكانت عامته كالنارنج يكسر الاغصان . وساخت الدور . ثم زاد الماء في يوم الاحد عاشر رمضان فزاد على كل زيادة تقدمت منذ بدأت بـذراع وكسـر . وخـرج النـاس وضربوا الخيم على تلال الصحراء ، ونقلوا رحالهم إلى دار الخليفة ، ومنهم من عبر وتقدم بالعوام يخرجوا بالوعاظ إلى القورج ليعملوا فيه فخرجنا وقد انفتح موضع فوق القورج بقرية يقال لها الزور تقية ، وجاء الماء من قبله فتداركه الناس فسدّوه ، وبات عليهم الجند . وتولى العمل الأمير قيمـاز بنفسـه وحـده ثم انفتح يومئذ بعد العصر فتحة من جانب دار السلطان وساح الماء فملأ الجواد ثم سد بعد جهد . وبات الناس على اليأس يضجون بالبكاء والدعاء. ثم نقص الماء نحو ذراعيـن فسكـن النـاس وغـلا السعـر فـي تلـك الأيام فبيع الشوك كل باقة بحبة والخبز الخشكار كل خمسـة أرطـال بقيـراط ودخـل نزيـز المـاء مـن الحيطـان فمـلأ النظاميـة والتتشية ومدرسة أبي النجيب وقيصـر وجميـع الشاطئـات ثـم وصـل النزيـز إلـى ربـاط أبـي سعـد الصوفـي فهدمت فيه مواضع وإلى درب السلسلـة . ومـن هـذه المواضـع مـا وقـع جميعه ومنه ما تضعضع وكثر نزيز الماء في دار الخلافة وامتلأت السراديب ، فكان الخليفة يخرج من باب الفردوس إلى ناحية الديوان فيمضيَ إلى الجامع. ونبع الماء من البحرية فهلكت كلها وغلقت أبوابها . ونبع في دار البساسيري ودرب الشعير من البلاليع . وانهدمت دور كثيرة حتى انه نفذ إلى المواضع البعيدة ، فوقعت آدر في المأمونية . وصعد الماء إلى الحريم الطاهري بالجانب الغربي فوقعت دوره . ودخل الماء إلى المارستان وعلا فيه ، ورمـى عـدة شبابيـك مـن شبابيكـه الحديـد، فكانـت السفـن تدخـل مـن الشبابيـك إلى أرض المارستان ولم يبق فيه مَنْ يقوم بمصلحته إلا المشرف على الحوائج‏.‏... وامتلأت مقبـرة أحمـد كلهـا ولـم يسلـم منهـا إلاموضـع قبـر بشر الحافـي ..وكان مَنْ يرى مقبرة أحمد بعد أيام يدهش كأن القبور قد قلبت وجمع الماء عليها كالتل العظيم من العظام وكالتل من ألواح القبور . ..ووقع أكثر سور المشهد ، ونبع الماء من داخله الماء ، فرمى الدور والترب . ووقعت آدر بالحربية من النزيز وامتلأ الماء من دجلة إلى سور دار القز . وكان الناس ينزلون في السفن من شارع دار الرقيق ومن الحربية ومن الحربيـة ومـن درب الشعيـر . وامتلأت مقبـرة بـاب الشـام ووقـع المشهد الذي على باب النصرية . ووصل المـاء مـن الصـراة الـى بـاب الكـرخ . وكـان النـاس قـد وطئـوا التلال العالية . وهلكت قرى كثيرة ومزارع لا تحصى‏.‏ وجاء يوم الخميس حادي عشرين رمضان بعد الظهر برد كبار ( أى قطع ثلج ) ودام زمانًا كسر أشياء كثيرة ، وتوالت الأمطار في رمضان والرعود والبروق‏.‏ . ثم عاد الماء في يوم السبـت ثالـث عشريـن رمضـان إلـى الزيـادة الأولـى علـى غفلـة ثم زاد عليها . وجاء يومئذ مطر عظيم....وغلب الماء فامتلأت الصحراء وضرب إلى باب السور وضربوا الخيم على التلال العالية كتل الزبابية وتل الجعفرية ..وعم الماء السبتي والخيزرانية . وعسكر أهل أبي حنيفة فجاءهم الماء من خلف القرية وجامع المهدي فوقعت فيه أذرم . ونبع الماء من دار الخليفة من مواضع وهدم فيها دور كثيرة، وملأ السراديب ، وانتقل جماعة مـن الخـدم إلـى دور فـي الحريـم . وامتلأت الصحـارى ، وعبـر خلق كثير إلى الكرخ وتقطر السور وانفتحت فيه فتحات وكان الناس يعالجون الفتحة فإذا سدوها انفتحت أخرى ، وكثر الضجج والدعاء والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى . وغلا الخبر ‏.‏ وجـاءت فـي هـذه الأيـام أكلـاك ( سفينة ) مـن الموصـل فتاهـت فـي المـاء حتـى بيـع مـا عليهـا ببعقوبا بثمن طفيف ، وأخبـر أهلهـا بمـا تهـدم مـن المنـازل بالأمطار في الموصل . وقالوا : اتصلت عندنا الامطار أربعة أشهر فهدمت نحو ألفي دار وكانوا يهدمون الدار اذا خيف وقوعها فهدموا أكثر مما هدم المطر. وكانت الدار تقع على ساكنيها فيهلك الكل. ثم زادت الفرات زيادة كثيرة .. وجـاء المـاء فأهلـك مـن القـرى والمـزارع الكثيـر ثـم جـاء إلـى الجانـب الغربي من نهر عيسـى والصـراة.. وأسكـر أهـل دار القـز وأهـل العتابيين وباب البصرة والكرخ وباتوا مدة على التلال يحفظـون المحـال وقـد انبسـط المـاء فراسخ ومر خلف المحال فقلب في الخندق والصرة ونهر عيسى ورمى قطعة من قنطرة باب البصرة‏.‏ ومن العجائب أن هذا الماء على هذه الصفة ودجيل قد هلكـت مزارعـه بالعطـش ووقـع الموتـان فـي الغنـم وكان ما يؤتي به سليمًا يكون مطعون حتى بيع الحمـل بقيـراط ومـرض النـاس مـن أكلهـا ثـم غلـت الفواكـه فبيـع كـل من من التفاح بنصف دانق وكذلك الكمثرى والخوخ حتى غلا الطين الذي من المقالع‏.‏ )
وتكررت الكارثة بتفاصيل أشد في شهر رجب سنة 573هـ ويقول فيه ابن الجوزي أنه جاء مطر عظيم دام ثلاثة أيام بلياليها وكانت فيه رعود هائلة وبرق عظيم هائل فوقعت قصور وبيوت كثيرة وامتلأت الطرقات بالماء وبقى الوحل أسبوعاً وأنفق الخليفة أموالاً في تنحية الوحل من الطرقات ..يقول : ( وفـي ليلـة الاحـد سـادس عشر رجب‏:‏ جاء مطر عظيم ودام ثلاثة ايام بلياليهن وكان فيه رعود هائلة وبروق عظيمة ووقعت آدر كثيرة وامتلأت الطرقات بالماء وبقي الوحل أسبوعًا . وجمع أهل عرب بينهم اثني عشردينارًا لمن ينقل المـاء فـي المـزادات الـى دجلـة . واخـرج الخليفـة مـالًا ينفـق فـي تنحيـة الوحـل مـن الطـرق وزادت دجلـة زيـادة بينـة وذلـك فـي كانـون الثانـي ولـم يـزل ينقـص قليلًا ثم يعود الى الزيادة فقال شيخ من الملاحين لي ثمانون سنة ما رأيت مثل هذه الزيادة في كانون‏.‏ ) ( وفي سحرة يوم الأربعاء سابع شوال‏:‏ هبت ريح عظيمة فزلزلت الدنيا بتراب عظيم حتى خيف ان تكون القيامة ثم جاء فيها برد ودام ذلك ساعة طويلة ثم انجلت وقد وقعت حيطان وتهدمت مواضع على اقوام مات منهم وارتث منهم ووقع سقف متصل بمنظرة الخليفة التي عند باب الحلبة وكانت الريح تقوى ساعة وتخف ساعة الى وقت الضحى ثم اشتدت وملأت الدنيا ترابًا فصعد اعنان السماء فتبير السماء منه مصفرة الـى وقـت العصـر وزادت دجلـة فـي عاشـر شـوال زياثـة عشريـن فراعـآ علـى المعتـاد وخـاف النـاس واشغلوا بالعمل في القورج ثم نقص الماء بعد ثلاثة ايام‏.‏ وفـي يوم الجمعة سلخ شوال‏:‏ بعد أذان الجمعة صعد غيم وجاء مطرشديد من جامع السلطان الـى الرصافـة فمـا فـوق فكانـت ثـم غـدران وامتلأت الصحـارى والشوارع به ولم يأت بنهر معلى الا اليسير‏.‏ )



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الابتلاء بالكوارث الطبيعية بسبب ظلم الانسان
- ج3 / ف 3 :المجتمع المملوكى المنحل خلقيا بالتصوف: بؤر الانحلا ...
- أخيرا : إبتلاء الموت بين النعمة والنقمة
- ( 7 : 7 ) الخلود فى النار وعدل الله جل وعلا ورحمته
- ج3 / ف 3: المجتمع المملوكى المنحل خلقيا بالتصوف: الحشيش والخ ...
- ( 6 : 7 ) لماذا يفشل أغلب البشر فى ابتلاء الحياة الدنيا
- ( 5 : 7 ) الفشل الجزئى للغربيين فى ابتلاء الحياة الدنيا
- ج3 / ف 3: انحلال النساء العاديات بالنقاب فى المجتمع المملوكى ...
- ( 4 / 7 ): فشل المحمديين فى ابتلاء هذه الحياة الدنيا
- وكشفنا رءوسنا .. ودعونا عليهم!!
- ( 3 : 3 ) نوعا الابتلاء وتنوع المواقف منه
- ( 2 / 3 ) عناصر الإبتلاءات للبشر
- أهمية الابتلاءات للبشر : ( 1 / 2 ) : ( إبتلاءات المؤمنين )
- ج3 / ف 3 :المجتمع المملوكى المنحل خلقيا بالتصوف: طبقة البغاي ...
- حكومة كعب الغزال وكيف صنعت المعارضة الجهنمية / الحلقة الخامس ...
- حكومة كعب الغزال بعد القضاء على ثورة الشيخ منيع / الحلقة الر ...
- ج3 / ف 3 : صورة عامة للإنحلال فى القاهرة المملوكية
- الغفران للمشرك
- ج3 / ف 3 : إنحلال المماليك بأثر التصوف
- غسيل مخ .!!


المزيد.....




- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - ابتلاءات البشرية بالكوارث الطبيعية : السيول فى العصر العباسى