أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيف كريبي - رواية -وجع- الجزء الخامس















المزيد.....

رواية -وجع- الجزء الخامس


سيف كريبي

الحوار المتمدن-العدد: 4785 - 2015 / 4 / 23 - 20:44
المحور: الادب والفن
    


كالهائم .. كسراب صحراء شاسعة يتلاشى فيها الأفق كنت أسحب ساقي مغادرا بيتها وتنهيدة عميقة تكاد تخنقني .. عن أي حب كنت تهذي يا قلبي .. ألم أٌقل لك أن الحزن هو لون ردائك والهموم زينتك .. ألم أحذرك من مرارة الفرح والسعادة ..ليس الرخاء من شيمنا فنحن لم نعهد طراوة الحياة ولم نحتسي بلسمها منذ الولادة .. ألم أقل لك أن لا أحلى من طعم علقم الوحدة المسكوب في كؤوس الألم .. ألم أقل لك وما نفع الندم.. ألم أقل لك أن علاقتي بالحب ليست علاقة وطيدة وان عالمهم وعهر أزقتهم لن يتفهموا عذوبة شريانك ما رأيك وحبك وليالي سهرك وعذابك صارت لديهم مجرد شفقة .. ماذا لديك كي تقدم أكثر عساهم يجهرون بفهمهم لنبضك .. لا شيء .. إذا غادر الزقاق ولا تلتفت فالشارع غريب والزقاق غريب والمدينة غريبة ومن تحب غريبة وقلبك غريب وإحساس الأمان عندك مريب غريب .
ولكن كان هناك صوت لم يفارق طيات روحي صوت لم أعهده من قبل.. يؤرقني ..
إلى متى وأنا أعيش بين جدران ذاتي منطويا حزينا كئيبا مغتربا وسط ضوضاء الحياة .. إلى متى وأنا ألتمس لنفسي الأعذار لكي أغفر لها جهلي بالدنيا وخفاياها .. إلى متى وأنا أبرر فشلي في إعتناق ديانة حبيبتي وعدم بلوغي محرابها .. إلى متى أيتها الروح العفنة ستظلين مستلقية في قمامة الحياة حيث روائح الجثث تخنق فيك الإحساس .. كفاك كبرا يا نفسي فأنت تحتضرين من شدة الألم فالوحدة ليست رحيمة بما يكفي لكي نسعد لمعانقتها .. عودي ثانية وأعيد الكرة فالحب لا توقفه جدران كلمات الصد التي تحمل في طياتها عشقا أبديا عودي لها يا نفسي ارتمي بين أحضانها باكية وإجتثي عروق الألم من قلبها وإزرعي كل بذور حبك في وجدانها كي تحس بالأمان .. عودي لها بجانب الأريكة حيث ينتفي المكان والزمان عودي لها وارسمي بأناملك ملامح وأبعاد الكيان ..
شرخ يمزق أوصالي بين حنين وحرمان ونفور ولهفة قلبت الوجدان
ارتميت على قارعة الطريق تائها هائما لا أعلم أي درب سأسلك وأي الدروب يحمل الحل لما أعيشه من إضطراب
أنا من عشقتك وأنت مغتصبة يا عذراء .. أنا من أنستك كما تأنس رياح السموم كثبان الصحراء .. أنا ذئب لم يكف يوما نحيبه وعويله ترنيمة تأبين الأحياء .. أنا نسيم العشق الذي جاب دروب قلبك كريح الياسمين في ليلة ربيع في الأرجاء .. أنا من نزعت هويتي وكان قلبك هو الملجأ وهو الإنتماء .. أنت يا سيدتي يا إبتلاء
لم أعد قادرا على إحتواء حجم الألم فإتجهت للحانة المجاورة للزقاق .. هروب جبان أعلم ذلك لكن ما المفر من حتف ألاقيه كلما دخلت البيت ونظرت من النافذة .. وعاد ذاك الصوت الغريب يحاكيني ..
جبان ألم تكتفي بالخمر الذي كان سببا في نفورها ألا زلت تتسم بصفات مغتصبي من تقول انها أنها ملكة عرينك وعرشك ..
ألم تكتفي .
فإنصعت إلى ذاك الصوت الهجين وعدت أدراجي صاعدا درج العمارة دخلت إلى بيتي إستلقيت على فراشي ولا زالت الحرقة تؤرقني .. دنيا صار فيها حبي شفقة ولهفتي تطفلا وإهتمامي إعصار يسبب الخراب إنها دنيا الإغتراب .. سراب
عدت إلى أيامي المتكررة الركيكة .. لا أعد الليالي والأيام منذ تلك اللحظة وصارت نافذتي دائمة الإغلاق كزنزانة إنفرادية في مغاوير الموساد .. عدت لأنطوي على ذاتي وراح صدى ذاك الصوت الهجين يتلاشى شيئا فشيئا .. عدت أنا الهائم عدت أضاجع الوحدة على فراش الليل القاتم .. لكن هوة الألم لا زالت تتسع لم أعد قادرا على تجاهل تواجدها في كياني .. فلا الخمر ملاذ كافي ولا الإنطواء على الذات ملاذ كافي .. فأخترت الخيانة ..
نعم الخيانة أعذريني يا ملكة عريني لكني إرتميت بين أحضان العاهرات علي أنسى وطأة وجودك .. صرت كمن تمقتينهم .. لم أعد أنا ذاك الأمل صعب المنال .. صرت أحد الذئاب أبحث عن أي جسد لأغرس فيه مخالبي والأنياب ..
عذرا ألم أخبرك صار لي مخالب .. صار لي أنياب .. ذاك الحمل الوديع وئد على عتبة الباب الخشبي قبل المغادرة .. غادر عرينه لتتلقفه جدران المدينة العاهرة بحثت في كل فتاة حاكيتها أو عاشرتها أو تناولت معها كأسا فلم أجدك لم أجد البديل .. لا زال ذاك القلب مصرا على نحري فلا زال يعتبرك خليل .. ولكن البال مضطرب يتخبط في بركة وحل من ألم طويل ..
صرت سكيرا .. زانيا .. صرت مقامرا أخسر كل ما أملك من مال ومن صحة ومن مبادئ علي أنتقم من نفسي لما سببته لي من وجع.
مرت الأيام ولكني لم أنسى .. كنت أتجاهل حضور طيفها في كل تفاصيل يومي لكن عبث كل ما كنت أفعل فما نقش على جدران القلب لا يمحى ولم محيت لمسات الأنبياء على جدران الكعبة ..
مرة أيامي ولا زلت مكبلا على عتبة بابها وقلبي يرفض الإنصراف .. يرفض الإنصياع إلى صدها .. يرفض الوحدة والألم الذي ألفه طول حياته ..
وفي إحدى الأيام كنت قد بلغت حالة مزرية من السكر في شقتي وكان الجسد يحتضر من وطأة الألم الذي ناله .. سمعت الباب يطرق .. لم أعره الإهتمام إعتقدت أنه باب الجيران فأنا وحيد لا يزورني سوي صقيع الليل .. تكرر قرع على الباب وإشتد .. إنه بابي من الطارق ..؟
من هذا الذي يزور ميتا وينتظره ليفتح له أبواب قبره .. إتجهت إلى الباب وأنا بالكاد أستطيع المشي فتحت الباب ورأسي يكاد يعانق القاع من الحالة المزرية التي بلغتها مرددا كلمة متقطعة .. من الطارق ؟
لا أحد يجيب لكن هناك طيف بالكاد أستطيع رؤيته فلم أقدر على رفع رأسي .. فرددت من الطارق وإبتسمت إبتسامة تعانق البكاء ألما .. ألم أقل لك أنه باب الجيران أيها المخبول .. ممن تنتظر الزيارة هههه ..؟ أنت جئت لهذه الدنيا وحيدا وعشت وحيدا وستدفن بجانب النافذة وحيدا تنتظر خليل ..
وعدت أدراجي عاجزا حتى على إقفال الباب أحاول جاهدا الأرتواء بجرعة خمر سكب نصفها على ملابسي .. فسمعت أنفاس تحاكي طفل صغيرا عاجزا عن البكاء دفن صوته أسير حنجرته .. تجاهلت الصوت وواصلت زحفي إلى مكاني المعتاد بجانب النافذة .. فسمعت صوتا خشعت له كل حواسي يقول لي ..
لما كل هذا .. لم صرت على هذه الحال ؟
أنت من كنت أعتبره حلما ؟
أنت من كان خليلا يؤنس وحدتي تطمئن له كل جوارحي ؟
لم أستطع الإجابة إنها هي .. ملكة عريني أمامي ثانية وللمرة الثانية كنت متسخا بالخمر كجثة نتنة .. لكن هذه المرة أشعر بحرقة جعلتني عاجزا حتى عن الرد فإغرورقت عينايا بالدموع وواصلت المسير إلى النافذة وتنهيدة عميقة تمزق صدري .. فعادت لكلماتها التي تزرع في أوصالي كالخناجر .. كيف ستمتلك قلبي وأنت الآن كمن إغتصبني وأفقدني عذريتي .. كيف ستمتلكني وأنت بهذا الجبن ؟ كيف سيكون مع ضعيف مثلك طعم للأمان ؟
لم أعد قادرا عن الصمت لم أعلم كيف إنفجرت صارخا .. أنت من قلبت كياني وعدتي لتعتبري حبي شفقة .. أنت من أسرتني بين جدران محرابك وعدتي لصدي عن إعتناقك دينا .. أنت من صرت عابدا لنسيمك فأعتبرت حبي ونبض شرياني إعصار من شأنه تدميرك.. أنت من جعلتني أتذوق طعم الحياة وجعلتني أعلم أن للدنيا طعم آخر غير العلقم الذي إعتدته من جور السنين .. وعدت لكي تأكدي لي أن الحب لا يليق بي وأن ثوب العشاق سريع التمزق ويبقى ثوب الوحدة والحزن متين .. وتاتي الآن بعد ما إنهارت في داخلي كل الحواس لكي تلقي بدلوك المحمل بكلمات اللوم وخناجر تنحر ما تبقى مني من روح .. أرجوك كفى .. أرجوك ..
قلتها والدمع ينهمر من بين رموشي ليسقي صحراء جفائها المقفرة .. وتداركت ..
أنت صنعت مني بصدك مسخا مشوها تشقق جسده من الإرتماء في أحضان العاهرات باحثا عن نسيم حنان إعتدته في عينيك .. جعلتني مسخا يقطن الحانات ويرتمي بين أكياس النفايات ليفرغ ماحملته جعبته من سموم تقتله بين الفينة والأخرى ..
فقاطعتني لأني أحبك يا أحمق أحبك ولا أحب أن تبتلى بفتاة منتهكة فتحرم من لحظة ينتظرها كل رجال الكون ..
لإني أحبك وأنا فتاة لا أظلم من أحب ولو تعلق ذلك بموتي بين ثنايا بعده .. لأني أحبك وانفجرت بالبكاء مرددة .. أحبك يا حارس الغزال ..
أعتذر فقد صرت عاجزا حتى عن حماية نفسك وغادرت البيت وأنا أسير دمعها وكلماتها عاجز عن منعها من المغادرة وأنا على ركبتي ودمعي ينهر ليسقي كل من ماتوا عشقا وعذابا



#سيف_كريبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية -وجع- الجزء الرابع
- رواية -وجع- الجزء الثالث
- رواية -وجع- الجزء الثاني
- رواية -وجع- الجزء الأول
- القطر التونسي وتداعيات المسألة الوطنية
- لن تسكت شهرزاد
- الجهل الجنسي المقدس
- الماركسية اللينينية .. والمناضلين -الجدد-
- -أبناء الفعلة-
- كهنة القرون الوسطى
- -الإرهاب لا دين له-؟؟
- -النهقة ونداء الخراب .. ضد الإرهاب-


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيف كريبي - رواية -وجع- الجزء الخامس