أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الواحد ابجطيط - ما بَعْد (الربيع العربي) والعقلية الصراعية














المزيد.....

ما بَعْد (الربيع العربي) والعقلية الصراعية


عبد الواحد ابجطيط

الحوار المتمدن-العدد: 4785 - 2015 / 4 / 23 - 06:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لعل أفضل ما في "ثورات الربيع العربي"؛ كما أصطلح عليها إعلامياً -والتي نعتها البعضُ اليومَ بالفشل-، أنها جاءت بَغتة وفاجأت المتجبّرين في الأرض، وجَعلتهُم كعَصْفٍ مأكولٍ يَدوسُهم الناس بأقدامهم بَعد أن كانوا أشداء على المَحكومين والبأساء من رعيتهم. إنها الصُّدفة، خالية من الانتظار، تأتي لتضربَ بمخططات المستبدين عُرْض الحائط، ولتقول لا يُفلحُ الظالمُ حيث أتى، لا للاستبداد، لا للعبودية، لا لنهب الثروات، لا وألف لا. من كان يَظن يوماً أن أوطاننا العربية ستعرف "ثورات" تطيح بعائلات أوتيت من القوة والجبروت ما أوتيت، وتهزم أولئك الذين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل تحصين عُرُوشهم، وبناء قصورهم، وهم يَحسبون أنهم بذلك يُحكمون قبضتهم على رعيتهم الذين استرعاهم الله إياهم ليُحِيطوهم بالنصْح، وابتغاء الخير لهم جميعاً "ولا تحْسِبَنّ اللهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظالِمُونَ" (ابراهيم الآية 42).
ومع ذلك فإنه لو أعاد التاريخ نفسه لعادوا لمَا وقعوا فيه من الجهالة والغرور الذي يُشحَنون به فور اعتلائهم العُروش؛ فبمُجرد الجلوس عليها ينسَون أن الحكمَ يُأتيه المولى مَن يشاءُ من عباده، وأن الدنيا عَرَض زائل، وعَاريَة مُسترجَعَة، طال الزمان أو قصُر سَيُفارقونها ويَمضون إلى حال سبيلهم؛ كما مضى الأولون من أسلافهم. لكن هؤلاء المكيافيلليين لا يَعتبرون بحوادث الزمان، ولا يتعظون بتواريخ الأمم.
وقد تمكنت هذه الثورات - أو الحوادث بالأحرى؛ لأن الثورة مصطلح علمي دقيق- فعْلاً من الإطاحة ببعض هذه الأنظمة المستبدة، ودخلت الشعوب العربية في مرحلة جديدة، تستدعي قليلاً من الحكمة وسَعَة الصدر، لتجد بَديلاً للأنظمة المُطاحة بها، لكنّ العقلية "الصراعية" التي غرستها هذه الأنظمة طوال سنوات حُكمها، فعلت فعْلها؛ ذلك أن صناديق الاقتراع تأبَى إلا أن تأتيَ بالإسلاميين إلى الحُكم؛ إمّا من الإخوان المسلمين، أو ممّن تشرّبُوا أفكارهم، وتربّوا على طريقتهم، وتبنوا منهجهم الصلب تجاه الصهاينة والأمريكان. وكان عليهم أن يَصْطلِحُوا مع إخوانهم في الوطن، وأن يَتدرجوا في خطواتهم -وهذه غاية صَعْبَة-، ولاسيما في بلد كمصر حيث أتت رياح "الربيع العربي" بالإخوان المسلمين إلى الحكم بعد سنوات طويلة من التربية والإبعَاد، والذين قاموا فور تسلمهم السلطة بتحركات أزعجت الغرب، وأقلقت إخواننا في المشرق العرب، الأمر الذي تسبّب في ضياع دمهم بين القبائل كما يُقال، علاوة على حماسهم في نصرةِ قضايا الأمة الإسلامية وفي مقدمتها سوريا وفلسطين.
فبعد أن تمكنت الشعوب العربية من الإطاحة بأنظمتها المستبدة كان عليها أن تحطم ثقافة العنف والطائفية والصراع بين التيارات المختلفة، وأن تتعامل بعقلية ثورية جديدة، لكنّ شيئاً من هذا لم يَحدُث. وهذا ما يَغفل عنه كثير من المثقفين والمحللين السياسيين في هذه الأوطان. في سنة 2012م التقيت بأحد المفكرين المصريين وكان يتحدث يومئذ بتفاؤل واطمئنان على مستقبل وطنه، الذي تم استرجاعه. وبعد شهور من ذلك، نفذ الجنرال عبد الفتاح السيسي -الذي يُؤدي الفروض الخمس في أوقاتها، وعينه الرئيس نفسه- انقلاباً عسكرياً زكاه شيخ الأزهر وشيخ الكنيسة، وغيرهما من المؤمنين بعقيدة العسكر، فصار الناس إثر ذلك، يدخلون أفواجاً، ليس إلى دين الله، بل إلى المقابر والسجون؛ وذلك بعد مجزرتي رابعة والنهضة، وأصبح الجيش هو الآمر الناهي.
وقبل أشهر التقيت بمفكر تونسي آخر قال لي: "إذا كان هناك بلد يُمكن أن تنجحَ فيه الثورة فهو تونس". قلت له: لا يمكننا أن نتحدث في الفترة الحالية عن نجاح الثورات لا في تونس ولا في غيرها، وذلك لأسباب كثيرة؛ فالثورات تنجح فقط في اقتلاع أنظمة من جذورها إذا ما الشعب يوماً أراد الحياة؛ ففي تونس مثلاً الثورة أولاً لم تقم بها الأحزاب السياسية، لا النهضة ولا غيرها، ولم يَقدها رجال السياسة، وإنما قام بها الشباب، وكان همُّهم الوحيد إزالة النظام، ولم تكن لهم برامج للمستقبل. والثوار حين يعودون إلى أوكارهم يعود الشيوخ إلى تسيير الوطن بطريقة أو بأخرى، بتحوير أو بدونه. فليس ثمة قيادات تأتي من حُضن الثورة؛ فالشباب يقومون بالثورة والشيوخ يَركبُون الموجَة. ثم إننا لا يمكن أن نتحدث عن نجاح الثورات ما لم تصل الشعوب إلى مرحلة يقبل فيه الإسلامي بالعلماني والعلماني بالإسلامي لتسير قافلة الوطن إلى حال سبيلها. وعليه، لا يمكننا أن نتحدث عن نجاح الثورات، في أوطاننا العربية، وإن كنا لا نرى فشلاً لهذا "الربيع" الذي ينعته بعضهم اليوم بالخريف.



#عبد_الواحد_ابجطيط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بَعْد (الربيع العربي) والعقلية الصراعية


المزيد.....




- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الواحد ابجطيط - ما بَعْد (الربيع العربي) والعقلية الصراعية