أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الرقص في الصحراء بعيداً عن أعين الباسيج















المزيد.....

الرقص في الصحراء بعيداً عن أعين الباسيج


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4783 - 2015 / 4 / 21 - 12:01
المحور: الادب والفن
    


لم يُنجِز المخرج البريطاني الشاب ريتشارد ريموند قبل تحفته الفنية "راقص الصحراء" سوى فيلمين قصيرين مدة كل واحد منهما 25 دقيقة وهما "اليوم الأول" الذي يتمحور حول رجل يعود إلى الوراء زمنياً لينقذ السيد المسيح من الصلب و "الجسر" الذي يدور حول طبيبة نفسانية تُطرد من العمل لفشلها في منع مريض من الانتحار، كما يتوجب عليها التعامل مع رجل كبير يتطلع، هو الآخر، إلى الموت أيضاً لكنها تنقذه في خاتمة المطاف. يندرج "اليوم الأول" ضمن أفلام الخيال العلمي، فيما يُصنّف "الجسر" كفيلم إثارة. أما فيلمه الروائي الطويل الأول "راقص الصحراء" الذي حقق نجاحاً كبيراً فيمكن أن يُصنف كسيرة ذاتية، وفيلم درامي يستمد مادته الأساسية من فن الرقص والموسيقى بطبيعة الحال.
لقد استوحى الكاتب جون كروكر ثيمة الفيلم من قصة حقيقية حدثت على أرض الواقع في إيران التي تُحرِّم فيها القوانين الصارمة الرقص في الأماكن العامة وتُعاقب المُنتهكين لهذا القانون بالسجن لمدة ستة أشهر والجلد بـ 91 جلدة إذا ثَبُتَ قيام المواطن الإيراني بالرقص في مكان عام!

شرارة الثيمة
تنطلق شرارة الثيمة من ولع التلميذ أفشين "غابريل سنيور" بالرقص حيث نراه وهو يرقص أمام التلاميذ رقصة غربية يقلّد فيها حركات مايكل جاكسون التي لا يحبّذها المسؤولون من رجال الدين في إيران، بل يعتبرونها نوعاً من الغزو الثقافي الذي يشوّه حياتهم المعاصرة. ونتيجة لهذه الرقصة البريئة يدفع أفشين ثمناً باهضاً حيث يضربه المعلم ضرباً مُبرِّحاً على باطن يديه حتى يُلهبهما بحيث لا يستطيع أن يمسك بيد أمه التي تمدّها إليه في سوق المدينة. وحينما تعرف أن المعلم قد ضربه تحذِّره من شرطة الآداب الذين قد يفعلون به أسوأ بكثير مما فعله المعلِّم. وحينما يستفسر مُستغرباً عن السبب تردّ عليه: "بأنهم يقولون إن الرقص حرام. وعليك أن ترقص في مكان آمن يخلو من شرطة الآداب أو عناصر الباسيج "قوات التعبئة الشعبية التابعة للحرس الثوري الإسلامي" الذين ينتشرون في كل مرافق الدولة.
لم يكن مايكل جاكسون هو قدوة أفشين الأولى، فثمة راقصين آخرين من مختلف أرجاء العالم يمحضهم حُباً من نوع خاص، ويتابع تجاربهم الفنية في الرقص أمثال بوب فوس، بينا باوش، جين كيلي، رودولف نورييف، ميخائيل باريشنيكوف وسواهم من المبدعين الذين استقروا في وجدانه وعقله الباطن ولم يعد التخلّص منهم أمراً ممكنا.

البناء المُحكَم
يبني ريتشارد ريموند فيلمه الطويل بناءً محكماً حيث تتضح الحبكة منذ المَشاهد الأولى للفيلم حينما يلتقي أفشين بمهدي "مكرم خوري" الذي يضرب له موعداً في مركز سابا الفني الذي يختلف في جوهره عن أية مدرسة اعتيادية في إيران. ففي هذا المركز يمكن للتلميذ أن يدرس الموسيقى والرقص والغناء والرسم والتمثيل وما شاء له من فنون ومعارف. فكل شيئ متاح تقريباً في داخل هذا المركز الفني لكن الخارج تهيمن عليه القوانين والأوامر الحكومية. فالداخل والخارج يشبهان عالمَين متوازيين يمشيان معاً لكنهما لا يلتقيان أبدا.
لم ينجُ هذا المركز من اعتداءات المتطرفين أو رجال الباسيج أو الذين يفضِّلون العيش في الأنفاق المظلمة حيث نرى واجهات المركز وقد تلطخت بالأصباغ أو نشاهد مهدي وهو يجمع شظايا زجاج النافذة التي هشّمها المتطرفون فيتساءل الصبي البرئ عن السبب الذي يدفعهم لكراهية الفن والفنانين دون أن يلقى جواباً مقنعاً؟ يمضي أفشين في محاكاة الراقصين الذين أحبهم وبدأ يقلد حركاتهم ويتعلّم منها الشيئ الكثير.
لا يكتفي ريتشارد بتناول المحرّمات أو التركيز عليها فقط فهي كثيرة في ظل النظام المتزمت الذي يكتم أنفاس مواطنيه، بل يعرّج على موضوع الانتخابات الرئاسية وهي ثيمة سياسية شديدة الحسّاسية في المجتمع الإيراني وقد نجح في اختيار مرحلة مهمة جداً تعود إلى عام 2009 حينما دخل السياسي الإصلاحي مير حسين موسوي منافسة حادة مع الرئيس الإيراني السابق والمتشدد محمود أحمدي نجاد الذي فاز في الانتخابات عبر التزوير وسرقة أصوات موسوي جهاراً نهارا خصوصاً وأن شعبية هذا الأخير كانت كبيرة فهو رسّام، وهندس معماري، وسياسي إصلاحي معروف لكن غريمه فرض عليه الإقامة الجبرية التي لما تزل قائمة حتى وقتنا الراهن.
يدور بعض أحداث الفيلم في الحرم الجامعي لنكتشف دور الباسيج ذكوراً وأناثاً وهم يفتشون حقائب الطلبة، ويمسحن ماكياج الطالبات ويكفي أن نشير إلى الفنان "آردي" الذي رسم فتاة حاسرة الرأس على جدار ثابت في الكانتين فاضطر إلى تشويه الصورة كي لا تبدو تشخيصية لأن الرسم التشخيصي محرّم أيضاً ضمن قائمة الممنوعات والمحرّمات التي لا تنتهي.

الصالات السرية
وعلى الرغم من هذا التزمت الشديد للنظام الإيراني إلاّ أنّ الشباب يجدون طريقهم إلى تحقيق شغفهم الخاص سواء بالموسيقى والرقص والغناء في الصالات السريّة أو حتى بتناول المخدرات والمشروبات الروحية فالممنوع مرغوب على الدوام وإذا كانت هذه الممنوعات متاحة لقلّ الإقبال عليها لكونها متاحة وفي متناول أيدي الجميع. فلا غرابة أن نرى "إيلاهه" (جسّدت الدور الفنانة الهندية فريدو بنتو) وهي مدمنة لكنها تنتبه إلى أفشين غفاريان الذي (لعب دوره في مرحلة الشباب الفنان البريطاني رِيسي ريتشي) وهو يرقص بطريقة احترافية تشدّ الانتباه وتثير الإعجاب. وسوف يتمكن أفشين من مشاهدة العديد من الراقصين الأجانب من خلال أصدقائه الجامعيين آردي (توم كولن) وستّار (سيمون كاسيانايد) وصديقته "إيلاهه"التي سوف يحبها لاحقاً وزميلته الجامعية الأخرى "منى" الممثلة المالطية(مارامة كورليت) والباسيج (داوود غادامي) وسواهم من الأصدقاء الآخرين الذين يخرقون حظر الانترنيت ويشاهدون ما يعنّ لهم من رقص وموسيقى وغناء وثقافة غربية يعتبرها النظام ممنوعة ومحرّمة لأنها تُفسد أرواح الشباب كما يظنون! بينما يعتقد أفشين أنه حينما يرقص يشعر بالحرية لذلك يقترح على أصدقائه المقرّبين أن ينشئ فرقة رقص سرية فيوافقه صديقه الرسام آردي ومنى وحتى عنصر الباسيج (داوود غدامي) الذي يتواطأ معهم ويسهِّل لهم اختراق بعض مواقع الرقص الممنوعة على الأنترنيت.
تبدأ تدريباتهم الأولى ضمن فرقة الرقص السرية فيفاجأون بوصول إيلاهه إلى المكان لكنها سرعان ما تطمئنهم إلى أنها سمعت بالمكان بينما كانوا هم يتناقشون في الكانتين ولم يتسرّب هذا السر إلى أناس آخرين. وحينما تشرع إيلاهه بالرقص المحترف الذي يسلب الألباب نكتشف أنها ابنة معلمة البالية الأولى في طهران قبل الثورة. فتتعمق العلاقة بين أفشين وإيلاهه لكن ما يفسد هذه العلاقة هو إدمانها الذي ذهب أبعد من حدّه وكان لزاماً على أفشين أن يعيدها إلى الحياة الطبيعية المألوفة التي يعيشها غالبية الناس على سطح المعمورة.
يلعب الباسيج وعناصر النظام الأمنية دوراً سلبياً في تفاقم الأحداث فهم يتابعون المعارضين في كل مكان سواء داخل أسوار الجامعة أم في خارجها فلا غرابة أن يعترضوا طريق أفشين وآري وناصر (نيت موهان) ومنى ويطعنون أحدهم بالسكين لا لشيئ إلاّ لأنه مؤيد لمير حسين موسوي الذي سرقوا أصواته في الانتخابات ووضعوه قيد الإقامة الجبرية.

الرقص في أعماق الصحراء
يقترح أفشين أن يقدم عرضاً راقصاً لجمهور محدد لا يتجاوز العشرين فرداً من أصدقائه المقرّبين شرط أن يكون المكان في عمق الصحراء الواقعة جنوب طهران بعيداً عن الباسيج وعناصر الأمن وعيونهم السرية المبثوثة في كل مكان. وما أن تلقى هذه الفكرة قبولاً عند حلقته الضيقة حتى يشرع بتوزيع الدعوات الخاصة. وعلى الرغم من الإحباط الذي سببته إيلاهه إلاّ أنها تأتي معهم لتكون أحد الأركان الثلاثة الذين سيؤدون رقصة تعبيرية شديدة التأثير خصوصاً بعد أن طمأنت أفشين بألا يولي التقنية اهتماماً كبيراً لأنها تأتي بمرور الزمن، وتتحقق بتراكم الخبرات الفنية. ثم تحثّه على أن يكتشف لغته السريّة لكنه يضع حداً للكلمات حينما يحتضنها ويتبادل معها العديد من القبلات التي تشي بأن العلاقة العاطفية قد ذهبت إلى أقصاها ولا مجال للتراجع عن هذا الحب الذي وجد طريقه إلى قلبيهما.
بموازاة هذه العلاقة العاطفية الرصينة التي تنمو أمام أعيننا وهما يتحدثان عن الرقص في مكان آمن كما أوصتهما أمهما معاً نسمع ستار وهو يتحدث عن الثورة الإسلامية ونجاحها الذي غيّر التاريخ الإيراني من وجهة نظره لكن الأعداء يأتون من الداخل وليس من خارج البلاد وعليهم أن يقاتلوا هذا العدو الذي يتمثل بالمناوئين للنظام والمؤيدين لمير حسين موسوي!
تذهب الفرقة السرية إلى الصحراء ويتبعها جمهورها المحدود لكن قائد مجموعة الباسيج في الجامعة يشي بهم إلى أخيه الذي يتبعهم مع بضعة أشخاص على أمل النيل من أعضاء الفرقة وإشباعهم ضرباً بالعصي والهراوات وربما قتْل أحدهم بالسكين التي كان نصلها يلمع تحت أشعة الشمس.
لا شك في أن الشغف بالرقص هو الذي دفع هذه المجموعة المثقفة التي تجاري روح العصر في الأقل لأن تأتي إلى أعماق الصحراء النائية لتقدِّم عرضها التعبيري الراقص الذي اشترك فيه أفشين وإيلاهه إضافة إلى آردي وقد توهج الثلاثة عبر رقصهم الذي حرّر أرواحهم من أجسادهم وقد لمسنا درجة التفاعل بين الراقصين الثلاثة والجمهور النوعي الذي قبِل بمجازفة المجئ إلى هذه المنطقة النائية بغية الإمساك باللحظات الإبداعية النادرة التي تمنحهم جرعة قوية للصمود في بلد يقمع حريات الناس الخاصة والعامة ويمنعهم من الرقص والغناء والرسم والعزف على الآلات الموسيقية بحجة أن العازفين مفسدون في الأرض، وأن الانغماس في مشاهدة لوحة أو سماع قطعة موسيقية أو ممارسة الرقص هو نوع من الترف الذي يلهيهم عن ذكر الله جلّ في علاه.
يصل الفيلم إلى الانعطافة الأولى في حبكته حينما يفوز أحمدي نجاد في الانتخابات التي زوّرها لمصلحته الشخصية حيث يخرج المناوئون له في مظاهرة احتجاجية عارمة متسائلين فيها: "أين ذهبت أصواتنا؟" لكن الجواب يأتي على شكل عصي تنهال على أجساد المتظاهرين وفي الوقت نفسه نرى آردي مجروحاً وهو يقول بأن أخاه قد طلب منه أن يخون أعضاء الفرقة ويخبره عن مكانهم في قلب الصحراء لكنه رفض فأوسعوه ضرباً لأنه رفض الخيانة وأبى أن يطعن أصدقائه من الخلف.

استبداد الباسيج
انقضّ الباسيج والعناصر الأمنية على المتظاهرين وأشبعوهم ضرباً من دون أن يميزوا بين رجل أو امرأة وحينما شاهد أفشين شرطياً يضرب فتاة شابة على ساقيها قرّر أن يوثق هذا العنف اللامبرر في كاميرته الشخصية لكن عنصراً أمنياً آخر ضربه بقوة واقتاده إلى سيارة خاصة سوف تذهب بمجموعة من المتظاهرين إلى ضواحي المدينة بغية تعذيبهم أولاً ثم إعدامهم لاحقاً وقد شاهدنا بعضهم ينهال بالضرب المبرِّح على ضحاياه. وحينما يأتي دور أفشين ويعرف الجلاد أنه راقص وفنان يأمر بمعاقبته بطريقة فنية! وقبل أن يُطلق الجلاد النار عليه يدفعه أحد المخطوفين فيوفر فرصة نادرة لهروب أفشين ونجاته من موت محقق. وفي أثناء فترة الملاحقة يؤكد ناصر (نيت موهان) لصديقه أفشين أنه لا يريد السفر مع فرقته المسرحية إلى باريس لأنه يحب منى ولا يريد أن يتركها لوحدها لذلك يقترح على أفشين أن يسافر بدلاً عنه، أي أن يسافر باسمه الشخصي طالما أن أفشين مطارد وممنوع من السفر وهم بالنتيجة سوف يقتلونه إن قبضوا عليه. تشجعه إيلاهه على السفر على الرغم من أنها تحبه وربما لا تحتمل فراقه لكنها تتمنى له بالتأكيد حياة سعيدة. يوافق أفشين على مضض ويعرف أن اسم المسرحية التي سوف يشترك في تقديمها هي "العاصفة" لشكسبير. وفي المطار نعيش بعض لحظات الترقب التي بدت طويلة جداً خصوصاً وأن المشاهد يعرف أن أفشين يسافر باسم منتحل وهو ناصر وليس باسمه الحقيقي لكنه يجتاز هذا الممر الصعب ويكتشف في الوقت ذاته أن هناك عنصرين أمنيين سيرافقان أعضاء الفرقة المسرحية إلى باريس. وقبل أن يبدأ العرض المسرحي يتلقي أفشين مصادفة بمهدي الذي جاء لحضور العرض وحينما يسأله عن السبب الذي دفعه لترك طهران والمجيء إلى باريس أجاب مهدي متسائلاً: "أتعرف أين ذهب نورييف حينما ترك روسي؟ فردّ عليه مسرعاً: باريس!

التحرر من عقدة الخوف
كان أفشين شارداً على خشبة المسرح غير أن مردّ شروده ليس النسيان فلقد حفظ الدور المُسند إليه جيداً لكنه بدأ يفكر في الاحتجاج وفضح القمع ومصادرة الحريات في بلده فخرج عن الدور وقال: "اسمي أفشين غفاريان، أنا مواطن إيراني، أنا راقص وحكومتنا لا تريدننا أن نكون أحراراً، وفي بلدي حتى الرقص ممنوع. أريد حقي، أريد حريتي" ليصل بالنص إلى ذروته الثانية والرئيسة. فلقد تذكر ما قالته إيلاهه ذات يوم بأن الرقص يمكن أن يكون في أية حركة أو تلويحة تقوم بها مثل رفع كفك في الهواء. وعلى هَدي هذه المقولة رفع أفشين كفه في الهواء وبدأ يجسِّد لحظات التعذيب التي تعرض لها على أيدي الباسيج والعناصر الأمنية حيث أدى بإتقان عالٍ دور الجلاد والضحية معاً وحينما تمادى في دقة تجسيد الدور ذهب العنصران الأمنيان وأنزلا الستارة وضربا أفشين غير مرة لكنه فلت من أيديهما فسقط على أرضية المسرح خارج الستارة المُسدلة الأمر الذي أربك الجمهور فهل كانت أصوات الضربات واللكمات خلف الستارة حقيقية أم أنها جزءاً من الدور المسرحي؟ وحينما ينهض مهدي ليكون أول المصفقين تنتقل عدوى التصفيق إلى الجميع الذين بدأوا يرفعون شارة النصر التي رفعها أفشين بينما تطوق معصمه الأيمن قماشة خضراء تشير إلى مؤازرة مير حسين موسوي ناقلاً إلينا عاصفة غضبة واحتجاجه على حكومة قمعية متخلفة لا تتقن سوى فنون التسلط والمصادرة والاستبداد.

الرؤية الإخراجية
على الرغم من أن صناعة الأفلام تعتمد غالباً على روح الفريق إلاّ أن الجهود الفردية في "راقص الصحراء" تبدو واضحة للعيان بدءاً من كاتب السيناريو المُجد جون كروكر الذي تألق في "امرأة في السواد: ملك الموت"، " فتيات سريعات" و "إيلينغ كوميدي" كما بذل جهداً إبداعياً متميزاً في "راقص الصحراء" حيث عالج فيه موضوعات شديدة الأهمية مثل الحب، والحرية، والموسيقى، والرقص، والقمع، وسرقة أصوات الناخبين وما إلى ذلك مُستجيباً لما يدور في ذهن المخرج الذي يريد أن يؤسس لتجربة إخراجية لا تُشبه تجارب أقرانه ومجايليه في الأقل. أما الموسيقي البريطاني بنجامين وولفيش فقد أضفى على الفيلم فرادة من نوع خاص حينما حاور مجمل ثيماته الرئيسة بموسيقى إبداعية استطاعت أن تعمّق مسارات الفيلم الدرامية وتمنح كل فكرة على انفراد ما تستحقه من خصوصية واهتمام. وقد سبق لنا أن عرفناه كموسيقي مبدع في أفلام كثيرة نذكر منها "الهارب"، "الساعات"، "صيف في شباط" و "الحكاية الثالثة عشر".
لا شك في أن أمكنة التصوير تمنح الفيلم لمسات جمالية معينة لا تخطئها العين الفنية المدربة وعلى الرغم من أن الفيلم قد صُور في المغرب إلا أن التنويع الجغرافي قد ترك أثراً ملموساً على المتلقي الذي ينتقل من عاصمة مكتظة إلى صحراء رملية شاسعة ثم يعود إلى شوارع فسيحة وأزقة يمتزج فيها المعمار القديم بالحديث لكن تبقى عدسة المصور الأسباني كارلوس كاتلان هي الأقدر على رصد اللقطات المثيرة والمشاهد التي تقوم على أبعاد بصرية شديدة التعبير. وقد تآزرت قوة الفكرة في السيناريو مع براعة المصور، وحرفية الموسيقي التي تنضاف إليها في نهاية المطاف قدرة المونتيرَين كرس جيل وسيليا هيننغ اللذين منحا الفيلم سلاسة قلّ نظيرها في العفوية والتدفق المُبهرَين. كما استطاع المخرج الشاب في باكورة أعماله الروائية أن يلفت الانتباه إليه بوصفه مخرجاً متميزاً ينبغي ألا يمرّ على المشاهدين مرور الكرام.




#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النص الروائي المهجّن
- المزج بين الحقيقة الدامغة والخيال المجنّح في فيلم مدغشقر جزي ...
- الإسلاموفوبيا . . تنميط المسلمين وتحنيط الثقافة الإسلامية
- حدود الرقابة على السينما (2 - 2)
- حدود الرقابة على السينما العربية (1 -2 )
- حضور الهولوكوست في السينما البولندية بعد خمسين عاما
- التناص الروائي مع الأحداث التاريخية
- الهاوية . . رواية لا تحتمل الترهل والتطويل
- مذكرات كلب عراقي
- أوراق من السيرة الذاتية لكلاويج صالح فتاح
- الغربة القسرية والحنين إلى الوطن في منازل الوحشة
- حدائق الرئيس
- مشرحة بغداد
- ماذا عن رواية «دعبول» لأمل بورتر
- النحات البلغاري سفيلِن بيتروف وثيماته الإماراتية
- كيم دونغ-هو في فيلمه الروائي الأول صُنع في الصين
- رانيا توفيق وليلى حطيط تستكشفان علاقتهما بالوطن الأصلي
- فرادة الابتكار وأصالة الصوت الشعري في -قلعة دزه- لصلاح نيازي
- ملامح الحداثة في الثقافة العراقية
- سخرية القشطيني


المزيد.....




- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الرقص في الصحراء بعيداً عن أعين الباسيج