أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - مقاهي دير الزور .. مشروع لم يكتمل بعد














المزيد.....

مقاهي دير الزور .. مشروع لم يكتمل بعد


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 20 - 21:59
المحور: الادب والفن
    


منذ يومين كان لي موعداً مع طبيب الأسنان .. بعد الكشف الوقائي سألتني مساعدته إن كنت استخدم Zahnstocher .. أم لا .. لعلها تقصد المِسْوَاك .. ضحكتُ وقلت لها: بالتأكيد لا .. ثم أضافت هل ترغب بالتعرف إليه وكيفية استخدامه .. أجبت بتهذيب ولما لا .. ثم قامت بشرح طريقة الاستعمال وفوائده .. خرجت من العيادة راضياً متوجهاً إلى أقرب صيدلية واشتريت العيدان .. حينها ندمت وخجلت من نفسي لأني تذكرت أنّ بدني قد اِقْشَعَرَّ ذات يوم عندما رأيتهم يستخدمونه ..

لحظتها أدركت أني لم أزر سد الفرات في حياتي .. لا أعرف مدينة الطبقة .. ولا مدينة الرقة .. لا أعرف مدينة الميادين ولا مدينة البوكمال .. لم أرى مدينة الباب ولا منبج .. لم أتعرف إلى مدينة السلمية ولا معرة االنعمان .. لم أكن في مدينة أدلب يوماً .. لم أمر بمدينة السويداء .. لا أعرف شيئاً عن مدينة درعا .. ولا أعرف القرى المحيطة بهذه المدن ..

لكني مررت ذات يوم بمدينة جسر الشغور في طريقي لزيارة صديق في ضيعة اشتبرق .. وسافرت إلى مدينة الحسكة بالقطار لمدة يومين مع النادي الرياضي .. وزرت يوماً ما أحد المعارف الأكراد في مدينة عامودا لمدة يوم واحد .. وسافرت إلى مدينة حماه مرتين مع النادي الرياضي .. وشممت رائحة مصياف وطرطوس ..

أعرف مدينة دمشق قليلاً جداً جداً .. لا أعرف شيئاً عن محيطها .. وأعرف مدينة حلب بمقدار أقل مما أعرف به دمشق .. ولا أعرف شيئاً عن محيط حلب .. والأمر ذاته ينطبق على علاقتي بمدينة حمص ومحيطها ..
زرت مدينة بيروت سريعاً .. وعدا ذلك لم أسافر إلى أي بلد عربي في حياتي ..

وأقسم لكم أني لا أعرف اللاذقية .. مدينتي .. كما ينبغي بعد حياة متواصلة فيها لأكثر من خمسة وعشرين عاماً ..

تذكرت شيئاً .. لقد سافرت إلى دير الزور بسيارة أجرة صفراء .. مع أحد الأصدقاء و اسمه "مالك" وبصحبة رجلين آخرين الأول اسمه "ابراهيم" والثاني "مصطفى" .. لمدة أربعة أيام لقضاء بعض المعاملات هناك .. وكنت فخوراً بالرحلة ووَدِدْتُ أن تطول .. شعرتُ به واستذكره جيداً مناخها الصحراوي .. وكذا شاهدت بأم عيني رياح "السموم" الهابّة المحملة برمال الصحراء وأتربتها ..

ورأيت الجسر الذي كان ما زال معلقاً هناك .. والمقاهي العديدة الموزعة في كل مكان .. قال صديقي: يقولون عن المدينة بأنها مدينة المقاهي .. بين المقهى والمقهى يوجد مقهى .. وصديقي يتنقل من مقهى إلى مقهى .. وفي كل مقهى يجلس الرجال بالعباءة متشابهين حتى بالشوارب ونظرات العيون .. أمامهم كأس شاي أو قهوة .. النارجيلة أو باكيت دخان .. والشَمَلات الحمر تغطي الرؤوس ..

وبين أصابع كل منهم عوداً رفيعاً .. ينكشون به أسنانهم .. اِقْشَعَرَّ جِسْمي .. علمت فيما بعد أنّه المِسْوَاك .. عفواً كانوا ينظفون به أسنانهم .. وأنا الحائر أتساءل من هم هؤلاء الرجال .. هل أتوا من السعودية لشراء قطعان الماشية .. أم هم فعلاً رجال دير الزور ..
ولأنني كنت في بدايات ولعي بالسيكارة .. تمنيت لو يجلس صديقي كي ندخن بهدوء ونشرب الشاي .. لذا رجوته توضيح سبب تنقله من مقهى إلى مقهى .. أجابني هناك من أبحث عنه .. إنه صديق حميم ويرتاد المقاهي .. وكأني فهمت أو خيل لي أني سمعت بأن صديقه الحميم يعيش متوارياً ..

وفي المساء وقرب مدفأة المازوت في غرفة الاستقبال في الفندق .. جلست مجموعة من الرجال برفقة المِسْوَاك والتبغ والشاي وجلست قربهم استرق السمع إلى أحاديثهم المتنوعة ..
بعد أشهر قليلة من عودتنا إلى اللاذقية اعتقل رجال الأمن سيارة الأجرة الصفراء ..




#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الطريق من فرايبورغ إلى لندن
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -8-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -7-
- دلعونا إمرأة من بسنادا
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -6-
- رسالة إلى سحر
- آزارو مرّ من بسنادا
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -5-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -4-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -3-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -2-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -1-
- جينات بسندلية -4-
- بماذا أخبرتني تلك اللوحة؟
- لِمنْ هذهِ الرائحة القادمة من لندن؟
- ما الذي تفكرُ به إمرأة؟
- انطباعات لندنية
- نبع معلّا في بسنادا
- رُعاف وقلم رصاص
- إيحاءات فيسبوكية مُشَتَّتة


المزيد.....




- حوار قديم مع الراحل صلاح السعدني يكشف عن حبه لرئيس مصري ساب ...
- تجربة الروائي الراحل إلياس فركوح.. السرد والسيرة والانعتاق م ...
- قصة علم النَّحو.. نشأته وأعلامه ومدارسه وتطوّره
- قريبه يكشف.. كيف دخل صلاح السعدني عالم التمثيل؟
- بالأرقام.. 4 أفلام مصرية تنافس من حيث الإيرادات في موسم عيد ...
- الموسيقى الحزينة قد تفيد صحتك.. ألبوم تايلور سويفت الجديد مث ...
- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - مقاهي دير الزور .. مشروع لم يكتمل بعد