أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيدون النبهاني - أبن -التفكه-














المزيد.....

أبن -التفكه-


زيدون النبهاني

الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 20 - 21:58
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

إبن "التفكه"
كتبها؛ زيدون النبهاني

إنقضت ساعات وأنا أنتظر دوري، في ذاك الطابور الطويل من المتطوعين، كنت مشوش الذهن، كل لحظة تمر تحمل معها فكرة جديدة، بين الخوف والتحدي عشت تلك اللحظات، التي كنت أترقب فيها من ينادي بأسمي، كي أصعد في حافلة لا أعرف بالضبط إلى أين تتجه.
كان الخوف يحاول أن يصرعني، فبالأمس سقطت أجزاء كبيرة من العراق، وسمعت أيضاً عن مجازر وحشية يقوم بها داعش، في قريتي البعيدة في مدينة العمارة، تداول (الشياب) في المقهى حديثاً عن قطع الرؤوس، وكيف يضعها داعش على أجساد الشهداء، كنت أتذكر المأسي التي أسمعها وأتذكر معها.. أنين والدتي المريضة بالجلطة.
وبينما كنت غارقاً بالذكريات السلبية، وأذا بنقاش حاد يدخل بقوة إلى عالم خيالي، كانت الحدة تصفع أذان كل الموجودين في مطار المثنى، حين طلب الضابط من ثلاث أخوة أن يتطوع منهم واحد، ويعود الأثنين الأخرين لرعاية عوائلهم، أتذكر ذاك الموقف بشدة.. عندما رفضوا جميعاً العودة، كلام الأخ الصغير لا زال يرن في أذني.. سيدي ماذا سأخبر أهلي وكل أصدقائي؟ أتريدني أن أقول لهم عدت لأني جبان؟!
هنا أنتفضت على شيطاني، مجرد الأحساس بذلة الرجوع الى قريتي كاد يقتلني، وسريعاً بدأت ذاكرتي تأخذني الى منعطفات أخرى.. أحاديث والدي عن بطولات سطرها حينما كان جندياً في حرب ال١-;-٩-;-٧-;-٣-;-، وإن لم أكن مقتنعاً بالكم الهائل من الروايات التي حرص على سردها، لكني وجدت من خيانة المسؤول مشتركاً بين ما حصل هنا وهناك.
بعد شكوكٍ ساورتني بعدم وجود إسمي في قائمة الملتحقين اليوم، سمعتهم ينادون.. بشار خضير تفاك، وصلني الصوت سريعاً لكنه أصبح بطيئاً عند سماعي تفاك، إسم جدي الذي أختاره له أبوه من (التفكه)، أيعقل إني أبن (التفكه) وأخاف؟!
صعدت الحافلة.. وجدت أكثر من العدد الطبيعي المخصص للركوب، قدرت الموجودين بأكثر من سبعون رجلاً.. أو لأكون دقيقاً سبعون شخصاً، فبينهم شباب لم تظهر عندهم ملامح الرجولة بعد.
ما إن سار السائق بنا، حتى صرخ أحد المتطوعين.. الموت لداعش وليعيش الحسين.
كلنا تفاعلنا، كأننا فريق واحد نشأ سوية، صحنا معاً مرات ومرات.. وفي كل مرة تعلو أصواتنا، أعتقد إن السبب كان.. حماستنا التي إزدادت بصورة عجيبة، قبل قليل كنا مرهقين، قلقين، متعبين من الوقوف، أما الأن فنحن متجهين صوب سامراء، نصد هجوم البرابرة و نحمي أهلها.
ما إن وصلنا حدود سامراء، حتى رأى أحدنا منارة مرقد الإمامين العسكريين ع، كان كالمبشر حين نادانا، إنظروا إنه الإمام.. ذاك الإمام..
أحسسنا بالسكينة.. خصوصاً عند إنقطاع النقاش الدائر بين الجالسين حول ما يجري في العراق.. كان نقاشهم مطاطي كلما ذكر أحدهم فكرة جديدة.. ذهبوا بها بعيداً وحللوها وفسروها وخرجوا بمعطيات، لا تشبه سابقتها. تأكدت حينها أني لست الوحيد الذي يتابع الأخبار، وكلنا بتنا سياسيون.
في مقرٍ قريب من الضريح المقدس، حط بنا الرحال، وأصبح الأمر جدياً بحق، رحب بنا بعض من وصلوا قبلنا، كانت يدي تقبض على السلاح كأنها تحاول إبتلاعه، فعلى طول الطريق شاهدنا الوجع الذي مر به أهلنا في تلك المناطق، أذكر إني لم ألحظ وقتها من تكلم بلغة طائفية، كان هم جميع من في حافلتتا وهي واحدة من ثلاث وعشرون حافلة في الموكب، كان همنا الإنتصار للفتوى، تلك الفتوى التي أصدرها مرجعنا المفدى ولم نفقه حينها المغزى، لكننا ذهبنا، تطوعنا، ونذرنا أنفسنا للشهادة.
كانت ليلتنا الإولى هناك، ليلة الحكاوي والقصص المأساوية، حدثنا الأهالي عن وحشية العدو، وأطرق رأسه في الأرض فادي (المسيحي) حينما سرد لنا قصة تهجيره ومقتل شقيقه في الموصل، في حياتي بكيت كثيراً، أتذكر مرة بكيت لإن أخي (عصام) الذي يكبرني بعامين.. كسر لعبتي، وبكيت مرات أخرى فرحاً وألماً وحزنا، لكن هذه المرة لم أعرف معنى دموعي، لم أوفق لصياغة وصف لها، إنها دموع مختلفة تصاحبها غصة وصعوبة في التنفس، أرهقني التفكير بمعناها.. قد تكون بسبب كثافة دخان السكائر الذي ينفخه الجنود بغضب!
بأول إطلاقة من رشاشتي الكلاشنكوف القديمة، أحسست بالأنتصار.. كنت واثقاً هذه المرة إني فاهم لأصل الفتوى، حجم الدمار والتخريب والوحشية التي يملكها العدو، أكد لي رجاحة ثقتي بالمرجع الأعلى، كنت أضغط الزناد بفخر، وأتنقل بين (المواضع) غير مبالي بالقادم، فأنا أراها.. مبتسمة تفتح ذراعيها، متشوقة للقاء طالبيها، جنة عرضها السماء والأرض، بين الفتوى والجنة وقصص والدي وأصوات إطلاقات الرصاص، غمرني الشعور بالتحرك للأمام..
أنتبهت لأجد جميع أخوتي في السرية أمامي، نعم لقد تقدمنا وتراجع المرتزقة، ورفعنا العلم العراقي إعلاناً بتأمين محيط سامراء.



#زيدون_النبهاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكذوبة العرب الكبرى
- عادت حليمة.. لا مرحبا بعودتها
- الشرعية المتداولة.. افة الحرب الجديدة
- الديمقراطي الأمريكي وخدعة السلام
- عبطان وقصة الماراثون
- الوجه الأخر لهيومن رايتس ووتش
- -كاليجولا- وحصانه عضو مجلس الشيوخ
- ياريس.. من فات قديمه تاه!
- انتهت الحرب الباردة.. وماذا بعد؟!


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيدون النبهاني - أبن -التفكه-