أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - خالد يونس خالد - الديمقراطية وحق المواطنة والحقوق القومية الكردية في الدستور العراقي الجديد 2-2















المزيد.....


الديمقراطية وحق المواطنة والحقوق القومية الكردية في الدستور العراقي الجديد 2-2


خالد يونس خالد

الحوار المتمدن-العدد: 1329 - 2005 / 9 / 26 - 11:18
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


القسم الثاني
هل تقر مسودة الدستور العراقي الدائم حقوق الشعب الكردي؟

(ورقة قدمها الكاتب في سيمينار عن الديمقراطية والدستور العراقي الدائم نظمه البيت الثقافي العراقي
بالتعاون مع جمعية المرأة العراقية وجمعية تموز في مدينة يوتنبرغ السويدية بتاريخ 10 سبتمبر/أيلول 2005

الدكتور خالد يونس خالد

نجح الكرد نسبيا في إقرار الحد الأدنى من الحقوق القومية للشعب الكردي في مسودة الدستور العراقي الدائم مع مآخذ عديدة عليها باعتبار أن مسودة الدستور التي تتضمن مباديء أساسية لحقوق الإنسان من الناحية النظرية، تعتبر في الوقت نفسه وثيقة رجعية أعلنت عنها في أواخر آب/أغسطس من العام الجاري. فلمسودة الدستور محاسن ومساويء للكرد، لكن المساويء أكثر من المحاسن. وعلى أي حال نورد هنا أهم المباديء والبنود المتعلقة بالشعب الكردي.
حين يقرأ المرء ديباجة مسودة الدستور العراقي الدائم يصيب بنوع من خيبة الأمل، لأن هذه الديباجة تجعل من نضالات الشعب العراقي فقاعة أمام العقل الديني الذي جعل من كل الانتصارات العراقية نتاج المراجع الدينية العليا. ففي الوقت الذي نحترم المراجع الدينية العليا والدنيا احتراما كبيرا فإننا نجعل من الشعب العراقي مصدرا للسلطات، ولا مرجع ديني شخصي فوق سلطة الشعب، لأن الشعب صانع الدستور، ولأنه أيضا الوقود الحقيقي للثورة وصانع الانجازات والانتصارات. فلنقرأ معا ما جاء في ديباجة مسودة الدستور:
"تلبية لنداء وطننا ومواطنينا، واستجابة لدعوة قياداتنا الدينية والوطنية واصرار مراجعنا العظام وزعمائنا ومصلحينا وقوانا الوطنية وسياسيينا ...".
هنا يتساءل المرء هل أن القيادات الدينية والمراجع العظام قد منحت الحرية والديمقراطية للسنة في إيران (الديمقراطي)؟ أين موقع الكرد السنة في كردستان إيران؟ أين موقع العرب السنة في عربستان؟ أين موقع البلوج والتركمان في إيران الديمقراطي؟ متى كانت القيادات الدينية بهذه العقليات ديمقراطية في بلد من بلدان العالم مع كل تقديرنا واحترامنا لهذه القيادات. وأنا حين أنقد هذه العقليات فالنقد ليس موجها ضد الدين الإسلامي لأنه ديننا ونحن نعتز أن ننتمي إليه، ولكنني أميز بين الإسلام العظيم دينا وعقيدة وممارسة وبين الشيوخ والفقهاء وآيات الله الذين جعلوا من الإسلام دينا مشرزما محرضين على ممارسة العنف ضد كل مَن يقف ضد مؤسستهم. فالإسلام ليس مؤسسة إنما دين الله الذي قال تعالى عنه: ((اليومَ أكملتُ لكَم دينَكم وأتمَمتُ عليكُم نِعمَتي ورضيتُ لكُم الإسلامَ دينا)). سورة المائدة، آية 3.
الدستور العراقي الحالي في مسودته المطروحة، ومبادئه المقررة يهيأ أسلمة السياسة وتسييس الإسلام، وعدم سن أي قانون يتعارض مع المادة الثانية التي تؤكد في الفقرة الثانية: "لايجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام". وهذه الفقرة تنسف الفقرة الأولى من نفس المادة "الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدر أساس للتشريع".
نحن نوافق على اعتبار الإسلام مصدرا من مصادر التشريع، ولكن الفقرة الثانية تجعل من الفقرة الأولى (المصدر الوحيد) عمليا لأنه لا يجوز سن أي قانون يتعارض مع ثوابت الإسلام. وأعتقد لا خلاف مع ثوابت الإسلام في الفرائض، ولكن الخلاف مع تناقضات الفقهاء والأئمة في التفسيرات العدائية لبعضها البعض، مما يدخل العراق، بفسيفسائه الحالي، في معمعة العداءات المذهبية والطائفية إضافة إلى العداء للتوجهات العلمانية.
ذكرتُ في القسم الأول من هذه المحاضرة أن القاعدة الديمقراطية الأساسية التي أود أن أؤكد عليها هي حقوق المواطنة؟ وهذه الحقوق التي يحميها الدستور مبدء أساسي من مبادئه، مقابل مبدء آخر هو اعتبار الاسلام مصدر أساسي (بدون صيغة التعريف) نصل إلى توازن وهو حق المواطن أن يختار اللجوء إلى المحاكم الشرعية أو اللجوء إلى المحاكم الوضعية. فالدستور يحمي هذا الحق للمواطن، ولا تستطيع أية محكمة دستورية أن تسلب من المواطن هذا الحق. أما إذا أفرغنا الدستور من حقوق المواطنة فقد قضينا على الديمقراطية من أساسها، ونرجع إلى نقطة الصفر، لأن القضاء على الديمقراطية يعني القضاء على الحقوق القومية للشعب الكردي أيضا، كما يعني القضاء على حقوق الإنسان العراقي ككل، مما قد يهدد وحدة العراق وتقسيمه.

مسودة الدستور وحقوق الشعب الكردي
أولا: المحاسن:
* المادة (1): "جمهورية العراق دولة مستقلة ذات سيادة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي إتحادي".
هذه المادة تقر بفدرالية وديمقراطية العراق التي كانت مطلبا أساسيا للشعب الكردي لضمان حقوقه، باعتبار أنه لا يمكن للفدرالية أن تعيش إلاّ في أجواء الديمقراطية البرلمانية.
* المادة (3): "العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب، وهو جزء من العالم الاسلامي، والشعب العربي فيه جزء من الأمة العربية". وأجري تعديل في هذا البند، مضافا إليه أن "العراق عضو فعال في جامعة الدول العربية وملتزم بميثاقه".
كان هذا المطلب أساسي للشعب الكردي وكان مصدر خلاف مع الأنظمة العراقية المتتابعة باعتبار أن الشعب الكردي ليس جزءا من الأمة العربية، إنما جزء من الأمة الكردية.
* المادة (4): اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان للعراق، ويضمن حق العراقيين بتعليم أبنائهم بلغة الأم كالتركمانية والسريانية والأرمنية في المؤسسات التعليمية الحكومية وفق الضوابط التربوية، أو بأية لغة أخرى في المؤسسات التعليمية الخاصة".
* المادة (113): يتكون النظام الإتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لامركزية وإدارات محلية".
* المادة (114): "أولا: يقر هذا الدستور عند نفاذه أقليم كردستان وسلطاته القائمة أقليما اتحاديا" (أي فدراليا).
* المادة (118): ثانيا: يحق لسلطة الأقاليم تعديل تطبيق القانون الإتحادي في الأقاليم في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الإتحادي وقانون الأقاليم بخصوص مسألة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطة الإتحادية".
وورد في النقطة الرابعة من هذه المادة: تؤسس مكاتب للأقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والانمائية.
وفي النقطة الخامسة: تختص حكومة الأقاليم بكل ما تتطلبه إدارة الأقليم، وبوجه خاص إنشاء وتنظيم قوى الأمن الداخلي للأقليم كالشرطة والأمن وحرس الأقليم.

ثانيا: المآخذ والمساويء:
* تجاهل الدستور حق تقرير المصير للشعب الكردي ضمن إتحاد إختياري عراقي موحد.
* لم ترد كلمة (الكرد) كشعب أو أمة إنما أُستُخدم مصطلح الكرد مرة واحدة في الديباجة، ومرة واحدة مصطلح (الكرد الفيليون). ولم ترد أبدا كلمة (الشعب الكردي أو القومية الكردية) في الدستور.
* تقول المادة (3) ما يلي: "العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب، وهو جزء من العالم الاسلامي، والشعب العربي فيه جزء من الأمة العربية". وأجري تعديل في هذا البند، مضافا إليه أن "العراق عضو فعال في جامعة الدول العربية وملتزم بميثاقه". قلنا أن هذه المادة في صالح الشعب الكردي لكن من جانب آخر تجاهلت هذه المادة أن العراق يتكون من قوميتين رئيسيتين هما القومية العربية والقومية الكردية إضافة إلى قوميات أساسية أخرى. بينما كانت الفقرة (ب) من المادة الخامسة من الدستور الاستبدادي لصدام حسين في تموز عام 1970 تقول: "يتكون الشعب العراقي من قوميتين رئيسيتين هما القومية العربية والقومية الكردية، وحقوق الأقليات كافة ضمن الوحدة العراقية".
* ورد مصطلح (أقليم كردستان) في مادتين فقط وهما المادة (4 فقرة 3) حين تطرقت إلى استعمال اللغتين العربية والكردية في أقليم كردستان، وفي المادة (114). ): "أولا: يقر هذا الدستور عند نفاذه أقليم كردستان وسلطاته القائمة أقليما اتحاديا" (أي فدراليا). "ثانيا: يقر هذا الدستور الاقاليم الجديدة التي تؤسس وفقاً لاحكامه". وبذلك يصبح أقليم كردستان متمتعا بالحكم اللامركزي الإداري طبقا للمادة (113) التي تقول: " يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة واقاليم ومحافظات لامركزية وادارات محلية".
* تقول المادة (9)، فقرة (ب) "يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة". ولكن لا تشير المادة إلى اعتبار البيشمه ركة قوة وطنية كردية خارج إطار الميليشيات العسكرية. وبذلك يتجرد الكرد من أية ضمانة عسكرية للدفاع عن حقوقهم في حالة سيطرة قوة معينة تلغي الامتيازات التي حصل عليها الكرد منذ عام 1992.
* تقول المادة (42) ما يلي: "اولاً: للعراقي حرية التنقل والسفر والسكن داخل العراق وخارجه". وهذا يعني أنه يمكن لأي عراقي أن يسكن في مدينة كركوك أو المناطق المتنازع عليها مما يهدد مستقبل المنطقة سكانيا في حين أن تنقل الكرد إلى مدنة كالنجف أو الكوفة أو كربلاء غير وارد من الناحية العملية لأنه سيكون مهددا بالقتل باعتبار أن الكردي مسلم سني أو أيزيدي أو يهودي أو مسيحي مستثنيا الكرد الفيليليين وهم قلة بالمقارنة مع الكرد السنة.
طبيعي يمكن لكل عراقي أن يتنقل بين المدن العراقية كافة، ولكن بالنسبة لمدينة كركوك يجب تفعيل المادة (58) من قانون الحكم الانتقالي أولا، وتطبيع الأوضاع في كركوك وإجراء إحصاء سكاني فيها قبل كل هجرة مفتوحة إلى المدينة لكي نتجنب تعريب المدينة ولكي لا نرجع إلى نقطة البداية في ممارسة السياسيات التعريبية التي كان يمارسها نظام صدام حسين.
* تؤكد المادة تؤكد المادة (107) على ما يلي: "تحافظ السلطات الاتحادية على وحدة العراق وسلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي الاتحادي". وهذه المادة تعطي صلاحيات للقوات العسكرية العراقية بالزحف على أقليم كردستان بحجة أن الكرد يهددون وحدة العراق. وفي هذه الحالة لا يملك الكرد أية قوة عسكرية للدفاع عن نفسهم.
* الدستور يعطي صلاحيات واسعة للمركز طبقا للمادة (108) وتقليص سلطات الأقاليم.
* تؤكد المادة (119) على مبدأ اللامركزية الإدارية وهي تختلف كليا عن مبدأ الفدرالية الجغرافية أو القومية التي كان الشعب الكردي يطالب بها في إطار أقليم فدرالي.
* تأجيل البث في مصير مدينة كركوك إلى نهاية عام 2007 حسب المادة (136). حيث تقول المادة ما يلي: "اولا: تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) بكل فقراتها من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بكل فقراتها. ثانيا: المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية والمنصوص عليها في المادة (58)من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية تمتد وتستمر الى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور على ان تنجز كاملة (التطبيع،الاحصاء وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها لتحديد ارادة مواطنيها) في مدة اقصاها 31/ 12/ 2007".
إذن السياسة الدستورية للأخوة الشيعة في الائتلاف العراقي الموحد الذين إتفقوا مع الكتلة الكردستانية لا تختلف عن سياسة صدام حسين بتأجيل قضية كركوك حوالي سنتين ونصف، وقد تأجل القضية حتى تقوم الساعة أو تتم تصفية القضية الكردية بسلاح الديمقراطية كما كان الحال في عراق صدام وفي إيران اليوم. فقد يمكن تغيير الدستور الدائم في حالة انفراد جهة غير ديمقراطية على السلطة، وطرح مسودة دستور جديد تصفي قضية كركوك بوسائل صدامية أو إيرانية، وتحصل المسودة الجديدة على الأغلبية البسيطة. لأنه يمكن تغيير الدستور الدائم عن طريق الأغلبية من أبناء الشعب، فالدستور الأمريكي مثلا تغير أربع عشرة مرة لحد الآن.
* لم يحدد الدستور حدود أقليم كردستان وأهمل هذا الموضوع كليا. وفي حالة تقسيم العراق، وهذا وارد فيما إذا فشلت السياسة الأمريكية في المنطقة، أو شعرت القوى العظمى بتهديد مصالحها في حالة أصبح العراق عمقا استراتيجيا لإيران، فيمكن للكرد أو العرب أن يسيطروا على أكبر بقعة استراتيجية عراقية طبقا للقوة التي يملكها كل جانب داخليا وأقليميا ودوليا.

مستقبل التعاون الكردي الشيعي
طُرِحَت تساؤلات كثيرة عن مستقبل التعاون بين التكتل الكردستاني والتكتل الشيعي أو الائتلاف العراقي أو سميهما ما شئت من المصطلحات، فالمهم هو المحتوى والممارسة. وأظن أن من حق الحريصين على نجاح التجربة الديمقراطية العراقية وضمان حقوق المواطنين والقوميات في العراق أن يطرحوا تلك التساؤلات. كما استلمت شخصيا بعض هذه التساؤلات بعد نشر ورقتي التي قدمتها في مؤتمر (الدولة المدنية) في لندن بتاريخ 30/يوليو تموز الماضي ضمن سلسلة مؤتمرات نظمتها لجنة دعم الديمقراطية في العراق. وهي الورقة التي تكرم علينا موقع ايلاف الكبير بنشرها في 27 أغسطس/آب من العام الجاري. لذلك أود أن أوضح في هذه المحاضرة أو الورقة التي أطرحها أمام حضراتكم في هذا السيمينار الذي نظمه بيت العراقي في السويد هذا الموضوع.
الكل يعلم أن السبيل إلى الدولة المدنية هي الديمقراطية الليبرالية والمؤسسات الدستورية والقضائية المستقلة وحقوق الأفراد وحقوق القوميات والعقائد. أما القول بالحريات السياسية والانتخابات دون ديمقراطية ليبرالية فليس إلا خداع وتضليل. وما نجده اليوم في العراق من وجود الحرية السياسية بمعزل عن الديمقراطية الليبرالية. وهذه الحرية كما عبر عنها الأستاذ (شاكر النابلسي) تتيح قيام الأحزاب ونشر صحافتها وإجراء انتخابات بلدية وبرلمانية، ولكنها تربط هذه الآليات بعدم كشف عورات السلطة وتصرفاتها الخاطئة. وعليه تعتبر السلطة كل منتقد لها خائن للوطن ولا يستحق صفة المواطنة. فالحرية السياسية المتاحة تمنح السلطة أن تُغلِقَ صحفاً وتُحلَّ حزباً ، وتعتقل السياسيين والمفكرين والكتاب، وتُصادر ما يكتبون دون إجراء قضائي. ديمقراطية العراق اليوم، هي ديمقراطية "إجراءات" أكثر من أن تكون ديمقراطية "قرارات". حيث تتخذ القيادات الحزبية قراراً نهائياً وتقدمه إلى المجالس التشريعية للتصديق عليه. وتلعب الحسابات الدينية والعشائرية والمصالح الشخصية دورها في السلطة. لكن الواعين يعلمون أن الديمقراطية في المجتمع المدني ليست تعبيرا عن إرادة وراثية أو عشائرية أو سلطوية فردية أو حزبية أو مذهبية، إنما تعبير عن إرادة الشعب صانع الدستور. وما السلطات التشريعية والتنفيدية والقضائية إلاّ تعبيرا عن إرادة الشعب وممثلا عن صوته. فاللعبة الديمقراطية في عراق اليوم بدستوره يجب أن تكون عملية ديناميكية تحمي حقوق المواطنين العراقيين والقوميات العراقية وتمنحهم الحريات العامة فردية وجماعية وتنظم الحياة طبقا للدستور الذي أقره الشعب ليعبر المواطنون ومعهم تعبر القوميات عن شخصيتهم وكرامتهم. ولكي تستمر هذه الدولة الديمقراطية يجب أن تهيأ أجواء الأمن والاستقرار والسلام بدلا من الاعتراف بالميليشيات العسكرية الحزبية والعشائرية في أجواء القهر والعنف والاستبداد، وحرمان الأقلية ولا سيما القوى اليسارية والديمقراطية من المساهمة في صنع القرار، لأن عراق اليوم يجب أن يكون عراقا ديمقراطيا مدنيا دستوريا، ومشروعا مدنيا تنمويا تطوريا ثقافيا فكريا سياسيا اجتماعيا اقتصاديا يسعى لتحقيق الاستقرار والسلام وضمان أمن المواطنين وحقوقهم. فلا يمكن ممارسة الحرية بدون ضمان أمن للمواطين. ومن هذا المنطلق أبحث مستقبل التعاون بين الكتل السياسية، ولا سيما الكردية والشيعية.
ينتابني نوع من القلق حين أنظر إلى العرس الكردي الشيعي، وأخشى أن يكون كالعرس الكردي البعثي بين أعوام 1970-1974، حيث اعترفت اتفاقية 11 آذار 1970 بالحقوق القومية الكردية في إطار الحكم الذاتي، ثم بدأت سياسة العداء السافر بحق الكرد إلى أن وصلت إلى استخدام السلاح الكيمياوي. وينتابني القلق أكثر إذا صحت التكهنات التي تقول أن الكرد ساهموا في جعل العراق دولة دينية على غرار جمهورية إيران (الاسلامية)، ونحن نعلم أن الديمقراطية لا تعيش في دولة دينية، لأن الديمقراطية كما قال جواهر نهرو "شيء عقلاني في النهاية". وعليه فالديمقراطية ممارسة عقلانية وليست عملية ستاتيستيكية. والسياسة أساسا تتغير وتتكيف حسب التطورات في المجتمع، وهي بالتالي ليست ذات ثوابت وأساسيات غير قابلة للتغيير. لذلك تراودني ذكريات السياسات الإيرانية بحق الشعب الكردي والليبراليين والراديكاليين الإيرانيين بعد أن ثبت السلطويون الدينيون أقدامهم، فضربوا القوى الأخرى التي ساهمت معهم في تحرير إيران من طغيان الشاه بهلوي. وإذا كان الكرد حقا قد ساهموا في نجاع هذا المشروع الديني فإنهم قد فتحوا الطريق للسلطويين الدينيين بضربهم لاحقا. أما إذا كان هذا التكتل تكتيكيا لتحقيق الديمقراطية والفدرالية، وأنه لا مفر من إتخاذ ذلك الموقف باعتبار أن الأخوة الشيعة كانوا أكثر تجاوبا من غيرهم لمطالب الكرد فله ما يبرره. لكن أخشى أيضا أن يكون التكتل من قبل الأخوة الشيعة أيضا بكل اختلافاتهم الداخلية تكتيكا لتحقيق دولة دينية لضرب الشعب الكردي لاحقا.
لقد كان الشعب الكردي يتمتع بقوة معنوية كبيرة من قبل القوى العراقية والعربية في فترات الشدة لمقاومة السياسات الظالمة التي كانت تتبِعها الأنظمة العراقية الشوفينية المتعاقبة، ولا سيما نظام صدام حسين. أما اليوم فالكرد فقدوا كثيرا من أصدقائهم من جراء سياسة التكتلات مع جهات عراقية معينة لها قدرة على المناورات السياسية، وتمارس تكتيكات متقدمة ضمن استراتيجية غامضة وغير مكشوفة.
القيادات الكردستانية مطالبة اليوم أن تلتقي مع القوى التقدمية والديمقراطية، بعد أن توحد صفوفها الكردستانية وخطابها السياسي في حكومة كردستانية موحدة قولا وفعلا. وأعتقد أن القيادات الكردستانية واعية إلى درجة تفهم بجلاء أن الصراع في الدولة الديمقراطية المدنية يكون بين الجبهة الديمقراطية من جهة والجبهة التي ترفض تهيأة الأجواء الديمقراطية لبناء عراق ديمقراطي تعددي فدرالي موحد. والكرد مطالبون بتوحيد صفوفهم ليدخلوا الجبهة الديمقراطية ككل بدلا من تشكيل كتلة عراقية ذات أهداف غامضة قد تقود العراق إلى مستقبل تجهض فيه الديمقراطية، وتضرب الحقوق القومية الكردية. ولكن من جانب آخر يمكن القول أن إيران والقيادات الشيعية توافق على تقسيم العراق في المستقبل فيما إذا تحققت ما يشبه فدرالية شيعية في الجنوب، وربطها بالمدن المقدسة الثلاثة (النجف وكوفة وكربلاء)، حيث تنوي إيران فتح مطار جوي بينها وبين النجف. وتوجد اليوم في العراق عشرات الآلاف من القوى الأمنية والمخابراتية والعسكرية الإيرانية في الجنوب والوسط. وأن تقسيم العراق سيكون لصالح الأخوة الشيعة والكرد. ولا نعلم فيما إذا كان هناك نوع من الإتفاق الضمني بينهما للحصول على قطعة من الكعكة في المستقبل.
وأخيرا فالصراع على الديمقراطية مقبول لأنه حالة صحية من أجل سلطة الشعب. أما الصراع في حرب إقتتال الأخوة من أجل السلطة فمرفوض رفضا باتا لأن أي رئيس يفكر بالسلطة على أجساد أبناء الشعب لا يستحق تلك السلطة، ويجب على الشعب تنحيته بطريقة ديمقراطية، كما يقول المثل الأنكليزي: "الشعب يحمي ديمقراطيته"، فيمكن لكل قوة غادرة مداهمة الديمقراطية ولكن يستحيل قهرها.



#خالد_يونس_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة والتربية وحقوق المرأة والطفل في عراق اليوم
- الديمقراطية وحق المواطنة والحقوق القومية الكردية
- الكرد، ما لهم وما عليهم في مشروع الشرق الأوسط الكبير
- الكرد والديمقراطية العراقية ومشروع الشرق الأوسط الكبير 1/2
- الدولة المدنية الديمقراطية الدستورية
- هل يصلح النموذج الإيراني للعراق؟
- تدخل السلطة الإيرانية في العراق خطر على الديمقراطية والوحدة ...
- كردستان لن تكون مستعمرة داخلية والعلاقات الاستعمارية لن تحكم ...
- متى وكيف ولماذا يصبح خيار استقلال أقليم كردستان حتميا؟ القسم ...
- متى وكيف ولماذا يصبح خيار استقلال أقليم كردستان حتميا؟
- وحدة العراق تكمن في الاعتراف بحقوق الكرد عمليا
- الثوابت الكردستانية
- هل من رؤية واضحة في عراق اليوم؟ القسم الرابع: رؤية نقتنع بها ...
- هل من رؤية واضحة في عراق اليوم؟ القسم الثالث:إستراتيجية الأم ...
- هل من رؤية واضحة في عراق اليوم؟ 2
- هل من رؤية واضحة في عراق اليوم؟1
- حكومة الجعفري والنوايا السيئة
- خروج الكرد من النظام الدولي سقوط في الحضيض
- غدا ينطق الحجر
- صوت الكلمة وارادة الشعب أقوى من صوت القنبلة والارهاب


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - خالد يونس خالد - الديمقراطية وحق المواطنة والحقوق القومية الكردية في الدستور العراقي الجديد 2-2