أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف العادل - كنبض القلب أو أقرب تحية إلى محمود درويش














المزيد.....

كنبض القلب أو أقرب تحية إلى محمود درويش


يوسف العادل

الحوار المتمدن-العدد: 1329 - 2005 / 9 / 26 - 08:29
المحور: الادب والفن
    


لم يستطع الهزيع الأخير من العمر،ولا امرأة تدخل الأربعين أو تخرج منه بكامل مشمشها، ، أسر هذا الحصان.
ماتزال آلهة الخصب تتسقط قرابينها على ظلال حوافره، يضرم في العناقيد شمس تموز،ويوقف حقل قمحٍ على قدميه، ومن بين أصابعه يطير الحمام.
في ديوان الشاعر محمود درويش( كزهر اللوزأ و أبعد) ما إن تلج الروح الجيشان الخفي لنهرٍ يجر البراري إلى ظمأٍ آخر، تشف الدلالات بانسياب المعاني، على مهلٍ كوجدٍ عتيقٍ، لمن يرضعون الغمام.
ليس من السهل أن تتعقب جراء الانكسار، بين تضاريس أحلامه التي يتسع فيها المكان كحصيرة جدةٍ طاعنةٍ بامتداد الحكاية بين عرائش المساءات.
لمحمود نمر يفيض المدى على راحتيه اندفاعاً، و سراندلاع أغاني الحصاد.
ذات يومٍ، في باحة أحمد المنسي كنا صغاراً ، نردد أناشيده ، عن نحلة الجرح القديم، و تفاصيل البلاد وفراشتيه، وصفيحه الضيق المتمزق الحالم، وخرجنا مع الأزرق من قصيدة تل الزعتر، ولجأ القلب إلى شتات الشعر الذي استدرجنا فيه محمود درويش إلى متسع من الحرية والعشق والثورة ،وانعتاق النصال من عقدة الخوف، لكنه الجلاد تخطف كل البريق المتاخم لفرح القلب، وصب المكان بكأس الحصار، وأنشد نخب الدمار العميم.
وكان لمحمود على هذه الأرض مايستحق الحياة، ومشى الشعر في المخيم حاملاً زبد خيبة العواصم والرصاص البرتقالي، يركض خلف وجع الروح في القصيدة، وتركض خلفه القصيدة لعلها تستعيد سفر جلة نهدت لتمد المكان إلى آخر التخوم.
وهاهو الآن محمود درويش(في ديوانه الجديد) يعيد إلينا تفاصيل فرحٍ طفل، يجدد فينا الوثوب إلى قافلة البرق، فنزداد وثوقاً بالمضي إلى غدنا في الحياة، نعبر معه ، أنهر منفاه ، والسواقي الصغيرة، فالقطا يرد الماء .
تتراكض صغار المعاني الرشيقة في زوا ريبه،وخلف سياج الكلمات التي ترفرف في البال، تتداخل الطقوس، فترى وشم التفاؤل على ظاهر يد اليأس.
لديه القمر الفضولي الغبي، والجفاف، والمعنى المجروح بنصل البلاغة، والضباب المستعصي على زهر اللوز، لديه الكسل، والهزائم في حروب الحب، وينسى شفاه الفتاة التي امتلأت عنباً.
يتذكر ضوء الكواكب في أطلس البدو، ورائحة الخس بين الأصابع,
يلتبس الفجر، الأزرق ، كثير التثاؤب لديه .
يقارب بين الجرافة التي تعدل المكان وتقص جدائل زيتونة، لتناسب قصة شعر الجنود، وبين طفل تورط في حكمة الشيخ.
يفزع محمود من طريقة ارتداء الظل للحصى والقطا،ولم يجد حتى في صفحات الكتاب المقدس عدلاً كافياً لفرح الشهداء بحرية المشي فوق الغمام. أفرغته الطريق الطويلة من جسده.
في داخله شرفة لا يمر بها أحد للتحية، وفي خارجه عالم لايرد التحية.
******
وفيما يعيد ترتيب المساء، بما يليق بخيبته وغيابها،و يخترع أملاً للكلام، ويبتكر جهةً أو سراباً يطيل الرجاء، ترى الحياة ممكنة لديه على الجسر،كذلك اخضرار وجه الحجر،وهسيس القيامة في حبة الرمل،وصوت الزلازل في حافر الظبي، يحمل الوجود على راحتيه بحلمٍ ورفقة أنثى، يمشي ولو في الهزيع الأخير، ولوخذلته الدروب ، السماء، يطير إلى أي أين.
لديه معجزة العشب، وانفلات الريح من أسقف في الطريق إلى شمال الغريب.
يدافع عن شجرٍترتديه الطيور،وعن قمرٍلم يزل صالحاً لقصيدة حب.
في وسعه أن يغير حتمية الهاوية.
*****
........يد تسكب البرق في قدح الشاي
تحلب ثدي السحابة
تستدرج الناي
يد تتحرش بالموج في جسدي
يدها همسة تلمس الأوج خذني
تقول لماذا تحك الغيوم أعالي الشجر؟
أقول:لتلتصق الساق بالساق تحت رذاذ المطر.
*****
حين كنا فتيين، كنا لهاث يدين على زغب المفردات
وإغماءة المفردات على ركبتين
نغفو كزوجي يمامٍ على كرمةٍ ترتدي البيت.
*****
كما ترى ، ليس من السهل أن تخرج من طقوس هذا العالم الشعري الذي يتداخل فيك، ولن تخرج منه أقل صحواً في عتيق الجرار، ولن تخرج أقل عشقاً، فقلق الأرض يشد الجذور لنفرد على المدى كامل الأجنحة،ولن تخرج كما جبلك الشعر أول مرةٍ ، ستشب على طوق هذا الزمان،وتمعن في المضي على راحة الريح،لعلك تدرك العاصفة،ولن تخرج أقل ورداً، ستشتد فيك غرائز الفجر وستعرف لماذا لا تخجل الأبدية حين تمنح عانتها للجميع هنا في الربيع السريع.
لن نقول لمحمود وداعاً ولا لشعر الألم، فبدر أيلول يشد الخريف على خصر منفى فيزهو الصفيح بين دفاتر أنثى،تهاجر في شبق الحلم،بكامل خضرة أغصانها المزدهاة،وبالبهاء العجيب.



#يوسف_العادل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علام يختلف الدكتوران عيد وغليون؟
- منتدى الأتاسي والخطوط الحمراء
- تساقط حجارة الهرم الأميركي
- الإخوان المسلمون في سوريا، والضلال المبين
- الحركات الإسلامية و الطريق إلى السلطة- حماس نموذجاً
- البقاع آخر حصون النظام السوري
- عيد الأم
- الكاتب أكرم البني بين الإيمان والتمني
- رهان الشعوب في القرن الواحد والعشرين
- خسارة الأنظمة لا يعني ربح الأميركان
- الديمقراطية والمواطن البسيط ورغيف الخبز
- عشتار
- مسكين هو الشعب اللبناني في عيد الحرية
- وطأة الوجد
- جورج بوش والمزحة العظمى
- رفيق الحريري في ذمة الصراع السياسي
- الكاتب ياسين الحاج صالح بين مقالين
- الإدارة الأمريكية و العراق في قبضة شرم الشيخ
- آفاق التغيير الديمقراطي في سوريا


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف العادل - كنبض القلب أو أقرب تحية إلى محمود درويش