أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - أخلاقنا وأخلاقهم-فى فلسفة الخير والشر















المزيد.....



أخلاقنا وأخلاقهم-فى فلسفة الخير والشر


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4775 - 2015 / 4 / 12 - 21:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- نحو فهم للوجود والحياة والإنسان (26) .

* فلسفة الخير والشر.
- لدى المؤمنين مفاهيم مغلوطة عن الأخلاق والخير والشر فهناك إعتقاد خاطئ بأنه لولا الإله والدين ماكان هناك أخلاق , فالأخلاق مرتبطة بالله فهو منتجها وواضع ناموسها وصاحب مصدرها الوحيد , فبدون الإله لن تكون هناك أخلاق ولضاعت بوصلة الخير والشر عن البشر ,فالإله من خلال أديانه هو من نظم وفرض الأخلاقيات والسلوكيات ليكون هذا الإدعاء وعى خاطئ ,ومن هذه الفرضية المغلوطة بنوا حُجة بأن الله واجب الوجود لنتعامل مع فرضية تبنى نفسها على فرضية ونحظى بحجة هشة فى كينونتها تتصور أن الأخلاق شئ مستقل بذاته بينما هى نتاج فعل إنسانى ومنها تم إرساء تقاليد وقوانين ومحددات أنشأها البشر من محصلة صراعاته , فالإنسان توصل إلى منظومات أخلاقية بذاته رغبةً منه فى تنظيم علاقاته فى إطار الجماعة بغية الأمان والتعايش السلمى وذلك من مخاض تجاربه ودروس الحياتية قبل ظهور أى منظومات دينية بل يمكن القول أن الدين جاء لتجميع هذه المنظومات فى دستور واجب الإلتزام فقط فإعتبار القتل شئ قبيح شرير لم يكن لأن الدين قال هذا بل توصل إليه الإنسان قبل كل المعتقدات كون القتل يعنى إهدار وانتقاص لإمكانيات الجماعة وخصم من رصيدها الإنتاجى علاوة على النيل من قدراتها فى مواجهة قوى الطبيعة والجماعات البشرية المتنافسة على الماء والكلأ , لذا تم تقبيح القتل داخل الجماعة البشرية وإعتباره شراً وعمل غير اخلاقى ولم تعتبره الجماعة عملاً منبوذاً قبيحاً عند ممارسته خارج الجماعة بإعتباره صراع بالرغم أنه ذات الفعل لتأتى الأديان وتقر بهذه الرؤية وتؤدلجها .

- يصل هراء المؤمنين حداً بتصور أن الخير والشر موجودات تتمثل فى الإله والشيطان ليتغيب العقل والفكر عن ألف باء وعى متغافلا ً أن الخير والشر مفاهيم وتقييمات إنسانية معنوية لسلوكيات وأنها نسبية نتاج حراك مجتمعى ومحصلة لقواه الفاعلة لتتمثل فى سلوك . فأى قيمة أخلاقية هى نتاج إحتكاك وحراك الإنسان فى الطبيعة للوصول لعلاقة تمنحه أمان وسلام ودعم وفائدة , فقيمة كالتعاون نراها أخلاقاً بينما هى رؤية باحثة عن تكافل وقوة دعم من المجموع لذا فهى ذات رؤية نفعية تبحث عن مصلحتها ,كما لدى الحيوانات هذه القيمة الاخلاقية التى نتلمسها فى الانخراط فى المجموع ونلحظه فى القرود ومشهد دعنى أحك ظهرك حتى تحك ظهرى .

- لا يوجد شيء إسمه شر ولا شيطان كوجود وكيان منتج له فنحن من نصنف الأشياء ونصفها وفقا ً لما تعكسه علينا من ألم أو سعادة , فما نراه طيبا ً نطلق عليه خير وما نراه سيئا ً موحشا ً نصفه بالشر , فالشر والخير صفات نمنحها للأشياء وفقا لما تمنحه لنا من مشاعر .. كما يكون الشر نسبياً فما كنا نراه شراً سابقاً نجده خيراً في عصر آخر وفق تقييمنا ومستوى إدراكنا لتسقط بذلك فكرة الشر الكامن في الإنسان أو وجود كائنات شريرة مسئولة عن إنتاجه .

- من هنا نقول أن الأخلاقيات والسلوكيات نتاج تفاعل الإنسان مع مجتمعه نحو بحثه عن صيغة أمان وسلام تحفظ حياته ووجوده مقابل الإلتزام بمنظومة محددة لذا الأمور لا تحتاج لآلهة ولا أديان بل يمكن القول أن الدين جاءا بمثابة تدوين دستور ورقابة حازمة إرهابية لإلزام البشر بالإنصياع والطاعة والإلتزام بتلك المنظومات الأخلاقية والسلوكية بربطها ببوليس سمائى سيعاقب وينتقم .
لا يجب إغفال أن حزمة الأخلاقيات والسلوكيات المنشودة هى تعبير عن رؤى ورغبات ومصالح الأقوياء والنخب فلا سلوك بدون قوة تفرضه لتترجم مصالحها وغاياتها .

- لو تأملنا السلوكيات التى يقال عنها شريرة سنجدها ليست بذات علاقة مع فكرة الله بمعنى أنها لا تنال منه فهى سلوكيات ذات شأن إنسانى خالص .. فعلى سبيل المثال يتم إدراج الممارسات والشهوات الجنسية التى تتم خارج مؤسسة الزواج بأنها فعل شرير بينما ممارستها داخل مؤسسة الزواج عمل خيّر مُبارك , لنسأل ماذا يضير الإله أو يفيده من الممارسات الجنسية الحرة أو تحت خيمة الزواج , فالشهوة واحدة , والفعل والأداء الجنسى واحد , وكيمياء الجسد واحدة , فلا يوجد أى تغيير بين هذا وذاك كما هو خالق الشهوة والغريزة والأعضاء الجنسية فى كل الأحوال كما يدعون ,فلماذا ينزعج من الفعل الجنسى إذا تم بزنا طالما يُمارس بنفس الصورة والتعاطى . بالطبع لن تحظى فكرة الإله المُعتبر للعلاقة الجنسية الحرة كعمل شرير بالقبول المنطقى بل هى تنال من فكرة الألوهية ولكنها غاية الإنسان الذى يريد الحفاظ على أوانيه الجنسية من الإختلاط فتتوه الأنساب وتتبدد الملكيات لذا صنف الممارسات وجعلها هنا خيرا و شراً هناك , ثم ألصق رؤيته بفكرة إله معلق فى السماء يغتبط ويغضب .

- يمكن التعاطى مع أكبر الشرور كالقتل بنفس منهجية الغاية , فلن تفلح حجة أن المقتول هو روح ملك الإله لا يحق لأحد إهدارها فهذا لن ينسجم مع الرخصة التى منحها الله فى قتل الكافرين والأعداء بل حثه وإلحاحه على ذلك فأليسوا ذوات أرواح أيضا !.. كما ان القاتل واقع تحت ترتيب الله للحدث وقدره ومشيئته , فالله يُقدر لإنسان ما الموت قتلاً بفعل فلان من البشر فى التاريخ والميعاد المحدد , ليكون القاتل هنا وسيلة لتنفيذ قَدره وترتيبه !. تكون منطقية الامور كما أشرنا سابقاً فى حرص الإنسان على جماعته البشرية من الإنتقاص والإهدار بفقد عنصر انتاجى وقوة فى صراعه مع الطبيعة والجماعات المتنافسة .

- السرقة أيضا عمل نراه شرير ولكن ليس له علاقة بالله فهى علاقة بين غَاصب ومُغتصب يمكن أن يحلوا مشاكلهما مع بعضها وهو ما نحققه فى حياتنا بالفعل لولا أن صاحب الأملاك صدر فكرة أن الإله السمائى مُنزعج من السرقة حتى يُطفى على التجريم درجة من الرهبة والفزع من مراقبة وبطش البوليس السمائى , لذا لا نستطيع القول بأن الإله متأثر من إضافة هنا وإغتصاب هناك فهذه قضية القاطنين على الأرض ولا علاقة له بها فهذا لن ينال من جلاله , بل يمكن أن نعتبرها وفق نظرية الأرزاق المُقسمة والمَحسوبة بمثابة رِزق السارق المُقدر فى سرقته كما رِزق التاجر من زبائنه .يكون نفورنا من السرقة هو الخشية على أملاكنا فقط .
نستخلص من هذه الأمثلة وغيرها أن كل تمظهرات الشر تتمحور فى قضايا إنسانية لها هَمها البشرى فى خضم صراع المصالح والرؤى والغايات , فإعتبارنا القتل شر لأننا نجده مُدمر للجماعة البشرية وينال من قوتها وتماسكها بفقد أحد عناصرها فى مواجهة الحياة لذا فهو عمل سئ أطلقنا عليه شراً , وكذلك السرقة والزنا نستهجنهما لأننا نرى الأولى إغتصاب لأملاكنا والثانية تبديد لها بعدم نقاء أوانينا الجنسية مما يعنى ذهاب الملكيات لأنساب ليست أنسابنا .

- الخير والشر تقييمات وإنطباعات بشرية على الحدث لذا فهى نسبية وبشرية وذات رؤية مرحلية تتفق مع حاجة البشرية ورؤيتها ورغباتها فى مرحلة تطورية محددة فنحن مثلاً نعتبر العلاقات الجنسية بين المحارم شراً ونستنكر هذا ونلعنه بينما كان زواج المحارم فى العصور القديمة خيراً مباركاً من الإله المتوهم أو للدقة من قوى المجتمع حينها , فكيف تحول الخير لشر؟! .. ببساطة شديدة هناك حاجة لنمو المجتمع البشرى ولا توجد بدائل كثيرة مطروحة بحكم جنينية المجتمعات الإنسانية فكان زواج المحارم متاحاً ومقبولاً وخيراً , وعندما تطورت المجتمعات البشرية وزاد حجمها أصبحت العلاقات الجنسية الخارجية مقبولة بحكم التنوع وإنتاج سلالات بشرية قوية وتعضيد الأواصر بين الجماعات البشرية المختلفة تمهيداً للسير فى طريق القومية والدولة .

- إذا كنا تناولنا الخير والشر كتقييم لسلوكيات وأفعال إنسانية فنحن نقيم الأحداث المادية الطبيعية بمفاهيم الخير والشر ,فالزلازل والأعاصير والأمراض والكوارث نراها شرور نعزيها لإله رحيم حكيم !! فإذا كان الشر السلوكى يتم إنسابه بإيعاز من الشيطان كمحاولة لتخفيف التناقض , فالكوارث والبلايا لا يمكن تعزيتها إلا لإله صاحب قدرة ومشيئة ليقف الإنسان مصدوماً من هذا الإله الذى ينتج الشر ولكن المبررون يحاولون إسعاف فكرة الإله المتهافتة بالقول أن المصائب هى إختبار لعبيده المؤمنين وغضب إنتقامى على الكافرين والأشرار.!
فى الحقيقة أن المصائب التى تصيب البشر ليست إختبار ولا نقمة بل هى فعل الطبيعة التى تمارس فعلها المادى تحت تأثير القوى المادية الفاعلة بدون تدبير أو تخطيط لنقع تحت فعلها فنُقيم المشهد شراً عندما يصيبنا بالألم ونصفه خيراً عندما يمنحنا الأمان والإشباع مثل سقوط الأمطار التى تروى النبت والضرع فهى خير..وما نراه شراً هو حكمنا على شئ يجلب الألم والمعاناة لم نستطع أن نتجاوزه أو نروضه أو نتفاداه , فالفيضان كان يعتبر عملاً يجلب الشر بإجتياحه للنسل والزرع والموجودات ولكن عندما روض الإنسان النهر من خلال السدود أصبح الفيضان خيراً بما يجلبه من مخزون مائى يسمح بزياة الإنتاج والتوسع الزراعى..فالشر هو جهلنا وألمنا الذى لم نعرف كيفية الخروج أو الهروب منه .

* دعونا لا نترك هذه الفرصة دون ان نخربش .
-دعونا نتناول الخير والشر من منظورفلسفى لنضع الأمور فى نصابها بعيداً عن الدوغما التى أحاطت بهما فجعلت لتوصيفات وأشياء معنوية وجود وجودى فى ذاته !.. فالخير والشر هما توصيف معنوى لفعل وجودى فلا يوجد كينونة للخير والشر كوجود ذاتى بل هو تقييم لفعل وسلوك وجودى باستحسان مسلك يحقق حاجة وغاية ومصالح فنصفه بالخير ونمجده ونستقبح سلوك ينال منا فنصفه بالشر ونلعنه .

- الله كلى الخير والصلاح وهذا يعنى أن الخير والصلاح فى كينونة ذاته منذ الأزل فكيف يكون الخير متواجد فى كينونة الله بلا تعاملات وأفعال تمنحه تقييماً للخير لذا سيتولد أمامنا إشكاليات كبيرة فى مقولة أن الله كلى الخير والصلاح .!
الخير تقييم وتوصيف سلوك كما نعلم فكيف يمكن لله ان يُقيم سلوك ليعتبره خيراً وهو المُتفرد بذاته بل هو صاحب الحدث ؟!. من أين للخير أن يأخذ وجوده كمعنى بدون أداء فعل وجودى؟!. وكيف يتم تقييم الخير بدون وجود شر كنقيض يجعل له معنى ووجود ؟!.

- كيف إنتقى الله وقرر ماهو خير وماهو شر فى عدم وجود مقومات وجودية تنتج الخير والشر ؟!. فكما قلنا أن الخير والشر هما تقييم لوجود وفعل وحدث فهل الإله قبل الخلق لديه تقييم وتصنيف لأشياء غير متواجدة ؟! . وكيف يخضع فعله للتقييم وهو صاحب الحدث كما فى حالة الخلق ليعتبر هذا خيرا وذاك شريرا ؟!. وهل يعطى إنطباعاته عن الأشياء فيستحسنها كما فى الكتاب المقدس عندما يصف كل مرحلة خلق بأنها حسنه فيكون هو الحَكم على فعله ولكن كيف إعتبر الشئ حسن فى عدم وجود القبيح ؟!. هل هناك مدلولات للشر متواجدة ليجد تقييمه بأن أعماله خيرة , وإذا تواجدت معايير للشر فمن ينتجها , وما علاقته بها , فهل يشاهدها فحسب أم له سطوة عليها , أم أن أعماله هى خَيرة قسراً , أم علينا تقبل وجود مجموعة معايير أطلق عليها خيراً بدون أن يتعامل مع نقيضها.. تبقى إشكالية وجود المعانى والمعايير والإنطباعات فارضة نفسها للبحث عن معنى وتعريف قبل بحث عن منطقيتها .

-الخير والشر إنطباع امام حدث وجودى , والإنطباع هنا هو رد فعل من تأثير الحدث على الذى يستقبله فنحن نعتبر القتل شر لأنه يؤذينا ويؤلمنا بفجيعتنا فى فقد انسان وإهدار حياته وخسارة قدرته الإنتاجية فهل لنا ان نقول بأن الله يعتبر الأشياء خيرة حسنه كونها تفى رؤيته وإحتياجاته وقناعاته ,كما يصنف أفعال أخرى بالشريرة كونها تنال من أمانه وسلامه واحتياجاته !!. هنا سنجد إشكاليتين الأولى أن الإله تحت التأثير والتفاعل مثلنا مما يفقده معنى الألوهية , والإشكالية الثانية أنه صانع الأشياء التى تبدو خَيّرة أو شِريرة فكيف تكون الأشياء المخلوقة ذات تأثير على خالقها ليكون منها إنطباع .. كيف يكون فعل هو منتجه ينال منه أو يزيده ؟! وكيف يكون هناك تأثير عليه من فعله وهو خارج الحاجة والتأثير ورد الفعل .؟!

- إذا كنا سننفى عن الله تأثره بالموجودات ونلغى تأثير أى إنطباعات عليه كونه إله كامل وأعماله كاملة فهنا لا يوجد معنى للخير والشر فى داخله لأنه ليس له تقييم إيجابي أو سلبي لنجد هنا إنعدام وجود حدود فاصلة بين الخير والشر طالما لا يوجد تأثير إيجابى أو سلبى على المشهد الوجودى فتكون تصنيفات الله هنا عشوائية بمعنى أنه إختار بشكل عشوائى مجموعة مشاهد وإعتبرها خيراً ومشاهد أخرى بنفس العشوائية وإعتبرها شرا ً . !!

- الخير والشر شئ حادث ومرتبط بالوجود الإنسانى وهذا سينفى بالضرورة مقولة الله كلى الخير والصلاح كما ستؤكد ماذكرناه سابقاً من أن تقييم الخير فى وجود الإله منفرداً سيمنحنا العبثية واللا معنى , فهو فى لحظة ما كان وحيداً بلا خلق وبلا كون وبلا أى وجود آخر حتى من الملائكة لأنك لو إعتبرت الملائكة كانت متواجدة دوماً تحت أمرته منذ الأزل فهذا يعنى ان الملائكة تشاركه الوجود والأزلية لذا لابد أن يكون الإله منذ الأزل فى حالة متفردة مع العدم فرضاً , وفى هذه الحالة لن يكون هناك أى معنى للخير أو الشر فلا توجد أشياء وجودية تمارس فعل وجودى تنتج عنها إنطباعات طيبة أو قبيحة ..إذن فما معنى الله كلى الخير والصلاح .!

- نأتى لقضية الشر فلكى يتواجد الخير لابد من وجود الشر وإلا كيف يصبح الخير خيراً , فالأشياء تتحدد بوجود نقيضها حاضراً ..فالعالم لو كان ذو لون واحد كالأبيض مثلا فلن يكون لكلمة الأبيض أى معنى أو تعريف لأننا عرفنا الأبيض من الأسود والأحمر والأخضر وهكذا .. لذا الخير أو الشر لن يتواجد أى منهما منفرداً إلا فى حضور الآخر فإذا كان الله كلى الخير أى يمتلك الخير فى ذاته منذ الأزل فلابد أن يتواجد النقيض المتمثل فى الشر حاضراً معه منذ الأزل حتى يصبح للخير معنى وتعريف , وإذا كان الفكر الدينى يتحايل بإعلان أن الشر من الشيطان فماذا قبل الشيطان ألم يوجد شر وإذا إنعدم الشر فمقولة كلى الخير والصلاح تكون عبثية بلا معنى .

- وجود الشر حاضراً إما يكون فى داخل الإله ليمارس سلوكاً شريراً أو تكون خارج الإله فى موجودات أخرى .. ففى حالة وجود الشر فى كينونة الإله ستُبرز الخير الكلى فى داخله ولكن هذا سينال منه كونه يحمل النقيضين و يضاف لذلك كيف يعمل خط فاصل بين الخير والشر فى ذاته الواحدة ليرجعنا مرة ثانية إلى أن الخير والشر إنطباعات والإنطباع نتيجة تأثير ,والتأثير ينادى الحاجة لتنفى فكرة كلى الخير والصلاح , أما فى الحالة الثانية سيعنى أن هناك موجودات خارج الله حرة ومستقلة عنه تمارس فعل وسلوك تؤذيه ليراها الله شراً لنسأل هنا عن وجود كيانات مستقلة عن الله , ولنسأل ما معنى وجودها فى كونه اله خالق متفرد أزلى.!

- خربشة ثانية .
هناك قضية أخرى : أيختار الله الصلاح لأنه صالح أم أن الصلاح صالح لأن الله يختاره , في حالة إختيار الله الصلاح لأنه صالح فهذا يعني وجوب وجود معنى الصلاح بمعزل عن الله كأن يكون السلوك الصالح موجوداً في الكون ومن ثم اكتشفه الله وعرف بأنه صالح ! .. وهذا لا معنى له ليقودنا إلى نتيجة أن الاخلاق ليست من الله .. أما في الحالة الثانية فأن هذا الخيار يصبح قهرى وقسرى وعشوائى بدون معنى , فإختيار الله للخير لأنه خير يعنى وجود الخير فى معزل عن الله أى وجوده كفعل سلوكى لكيانات اخرى تركت لديه انطباع بأنه خير أما كون الخير هو خير لأن الله اختاره فهذا يخلق إشكاليات أيضا بأننا أمام مفاهيم قسرية فهو إنتقى مجموعة من السلوكيات واعتبرها صالحة مع عدم إهمال إشكالية أن الصالح أو الطالح ليس لهم أى مردود ايجابى او سلبى عليه !.. يضاف إلى الإشكالية التى طرحناها سابقاً عن وجود سلوكيات خارجة عنه أى وجود موجودات مارست سلوكاً فى حالة إستقلالية عنه ولو قلنا أنه إنتقى من هذه السلوكيات وصنفها ليجعل منها خيراً او شراً فهذا يتنافى مع كونه خالق كامل خارج دائرة التأثر والحاجة فنحن امام مشكلتين الأولى وجود موجودات ذات سلوك منفصلة عن وجوده وذات إستقلالية والثانية إنتقاءه لحزمة من السلوكيات الخيرة او الشريرة بشكل عشوائى ليست بذات معنى , فيفترض أنه خارج التأثير بها والتفاعل معها ولتأتى رؤيتنا التى إستهلينا بها هذا البحث بأن الخير والشر تقييمات بشرية نتاج حاجاتهم ورغباتهم ذات بعد نسبى تم إقرارها لتحتمى بفكرة ميتافزيقية تمنحها القوة والترهيب لتصيب الفكرة ذاتها بالإرتباك .

- خربشة ثالثة : هل الله مسير أم مخير
قد يتباحث رجال الدين و الفلاسفة كثيرا في مسألة هل الإنسان مسير أم مخير ولكنهم عادة لا يسألون السؤال الأكبر : هل الله نفسه مسير أم مخير ؟ فالله لو كان قوة خيرة فهو بالتالي لن يكون حراً لفعل الشر فوفق مفهوم الإله هو كيان كامل متكامل كلى الخير والصلاح لا يخطئ أبدا معصوم دائما وهذا يعني أن طبيعته الكاملة الخيرة تسيره ولا تعطيه أي مجال للحرية .
في عالم الحيوان مثلا حين يجري الأسد خلف غزالة ليصطادها ويأكلها لا يكون شريراً او طيباً و إنما هو يتصرف وفقاً لطبيعته وغرائزه ,بينما الإنسان يمتنع عن قتل الحيوان ليتصرف تبعا لإرادته ومفردات الخير المكتسبة لنقول عن الإنسان صاحب إرادة .. لن نجد أبدا حيوان يمتنع عن قتل فريسته من باب الشفقة لكن الإنسان يفعلها كما يفعل الكثير من الأشياء الطيبة الأخرى ومن هن نقول ان الإنسان مخير بين الخير والشر .
أما الله فهو لاأخلاقي ولا صاحب إرادة كونه محكوم بطبيعته الإلهية الكاملة التي تجعله يتصرف وفقا لها , فطبيعة الإله الكاملة هي التي تحدد له سلوكياته وأفعاله فهو لن يخطئ أبدا و لا يستطيع أن يخطئ لأنه كامل معصوم من الخطأ, لتسيره طبيعته الكاملة كما تسير الطبيعة وهذا يعنى أن الله مُسير مُجبر لا يختار أفعاله أو ردود أفعاله بل يتصرف كما لو كان مبرمج تبعاً لكماله وعصمته من الخطأ والدليل على ذلك أن الله لا يخطئ أبدا لذا فهو كيان لا يعرف الطريق لحرية الإختيار بين الخطأ و الصواب لأن طبيعته فعل الصواب ككلى الخير والصلاح .. أليس كذلك .!

- بالطبع لدينا الكثير لقوله فى الاخلاق والسلوكيات ومعايير الخير والشر كنتاج فكر إنسانى بحت لا علاقة له بآلهة متوهمة كون الأخلاق والخير والشر أشياء نسبية وليست قيم مطلقة كما أن هناك سلوكيات وأخلاقيات إنسانية معاصرة تستقبح أخلاقيات وسلوكيات حللها وشرعها الإله بل وصل الحال أننا نُدينها ونُجرم من يمارسها مثل الإرهاب والعبودية وسبى النساء واغتصابهن بالرغم أنها أخلاقيات أقرتها الاديان وسمحت بها بل شرعتها وقننتها فكيف تكون الأخلاق من إله كما يزعمون ونحن نستقبحها وندينها ونجرمها .

* الإلحاد .
- يردد اصحاب الفكر الإيمانى ان الإلحاد دين وهذا كلام خاطئ بالطبع ولكن يمكن القول أن هناك حالة إعتقاد عقلى , فالإعتقاد والتصور ليس شرط أن يرتبط بدين معين أو ذات مطلقة مقدسة ,فهناك فرق كبير بين الإعتقاد الديني المؤسس علي الخوف والخضوع والعجز والجهل والشعور بالدونية واللاعقلانية وبين الاعتقاد العقلي المؤسس علي الثقة في القدرات الإنسانية فلا تستطيع أن تسقط أى من الإعتقادين على الآخر فلا يمكن ممارسة الاعتقاد العقلي في الديانات مهما أدعي الدينيون بأنهم أصحاب منطق عقلى فالرؤية الشمولية والإتكاء على الخرافة والغيبيات هى حجر الزاوية فى معتقداتهم ففكرة الإله والمعجزات والكتب المقدسة والوحى وقصص أنبيائهم وغيبياتهم وأخلاقهم وآمالهم كلها لاعقلانية بإمتياز فهى تخيلات وتوهمات إنسانية وجدت سبيلها للمقدس.

- الاعتقاد الديني أصيل في لاعقلانيته لذا لا يمكن أن يقتنع به فرد حر ذو بصيرة متماسك نفسياً فهو يعتمد دوماً على القوة والسلطة سواء من الجماعات أو السلطات ، أما الاعتقاد العقلي فهو فردي يقبل ويستوعب النقد والتحسين والتبديل و ليس فيه إحتكار للحقيقة أو رغبة في فرض الذات بأي شكل من أشكال العنف . فالعقلانيون يرفضون العبودية والرضوخ والقولبة وهذا من عقول متحررة ذات ندية قادرة على المشاكسة.

- إذن الإلحاد ليس دين بل فكر وفلسفة لذا فهو ليس ناموس أخلاقى بل رؤية فلسفية للحياة والوجود يتبناها بشر ذو مشارب عدة وأصحاب إنتماءات إجتماعية وسياسية عدة تجمعهم رؤية فلسفية تعتمد على نفى وجود الإله , وأن الكون يفسر ذاته بذاته , والإنسان هو من يخلق المعنى والقيمة والغاية ومن هذه المفاهيم تتشكل مفاهيم الملحد الأخلاقية التى لن تخرج أبداً عن فهم لتطور المجتمع الموضوعى ومحصلة صراع قوى وعلاقات الإنتاج فيه فهكذا جاءت الأخلاق كمخاض لهذا التطور و الصراعات .

- يجب ألا نغفل شئ فى خضم بحثنا فى قضية الأخلاق ,أن أخلاق الملحد لا يدين فكر وفلسفة الإلحاد بينما أخلاق المؤمن يدين الدين وهذا يرجع لأن الإلحاد ليس دين او ناموس أو كتاب كما ذكرنا بينما يزعم المؤمن أن الأخلاق ذات ناموس فى كتاب لذا تتفاوت سلوكيات الملحدين وفق تطور مجتمعهم الموضوعى وحجم ونوعية الميراث الثقافى السائد , فالملحد فى الشرق غير الملحد فى الغرب بينما الأخلاق الإيمانية يُفترض أنها ليست كذلك فالمقياس تم تحديده بقسوة وحدة .

- كذلك يمكن القول أن الأديان لم تبدع نظم أخلاقية بالرغم من هذه الميديا والإعلام الفاسد الذى يروج لذلك فقد ترسخ فى مفاهيم البشر أن الدين رسالة اخلاقية من كائن علوى بينما الأخلاقيات والسلوكيات محصلة صراعات وخبرات البشر فى الحياة سعياً نحو حالة من الأمان والسلام بدليل أن كل ما قدمته الاديان هو إقتباس من سلوكيات لمجتمعات بشرية قديمة نشدت النظام والتوازن والتعايش السلمى .

* أخلاقنا وأخلاقهم .
- سنعتمد أن الاديان والإلحاد أصحاب نظريات اخلاقية مع تحفظنا الشديد على هذا الزعم بالنسبة للإثنين ,لنتناول الأمور كما هى وكما يعتقد البعض بها ولنفضح ما يقال عنه الأخلاق الدينية ونبرز فى الوقت ذاته الأخلاق الإلحادية وفق الرؤية الفلسفية للإلحاد .

-يتصورون الإلحاد إنحلال عن أى قيد وإلتزام بينما الحقيقة ان الإلحاد نزع الضعف والهروب الإنسانى فإذا كان المؤمن يهرب فلا يعلن عن فشله ليبرره دوماً بوجود قوة خارجية عنه كإرادة وأقدار وضلال الله أو مكائد الشيطان , فالإلحاد يجرد الإنسان من كل عكاكيزه و شماعاته البائسة , فهو بدون رب يساعده أو يقهره فهو لا يملك شيئاً يتمسك به فلن يجد أعذاراً لما يفعله ليوضع أمام مسئولياته بشجاعة .
طالما أن الرب غير موجود فى رؤية الملحد و بالتالي لا ينتظر وصايا وأوامر لذا على الإنسان أن يصنع وصاياه و قوانينه بنفسه وهذا لا يعني أن حياته أصبحت أسهل بل على العكس من ذلك أصبحت حياته أصعب لأنه محكوم بأن يكون حراُ دارساً لظروف المجتمع الموضوعية .

- المنظومات العصرية تتعامل مع الإنسان بمنظور إلحادى رغم أنها قد ترفض الإلحاد فلا مكان لمخطأ ليقول بأن هكذا إرادة الله ومشيئته وتضليله أو أن الشيطان وسوس وتآمر ليبعدنى عن الحق والصواب بالرغم أنه وفقا للفكر الإيمانى يكون قوله هذا سليماً صائباً ولكن لن يرحمه أحد ولن تشفع تلك المقولات الإيمانية فتلك المنظومة الفكرية البائسة لن تجدى فى واقع مادى جدلى يفرض نظامه ومنطقه .

- الفرق بين أخلاقنا وأخلاقهم أننا لا نعرف النفاق ونلفظه ونحتقره فهو تعبير عن إنسحاق الإنسان وتفريطه فى حريته خشية الضرر والإيذاء أو إبتغاء المنفعة ودليل ذلك أنه لفظ وتحدى الفكر السائد وما يمكن أن يجلبه من أذى المؤمنين ومؤسساتهم بينما النفاق فى طبيعة الفكر الإيمانى فأداء الطقوس بشكل روتينى مبرمج هو نفاق , ولنا ان نذكر مثال المؤلفة قلوبهم الفج حيث يُقبل إيمان وإعتقاد وفكر الإنسان وفقا لما تجزل عليه من المال . كذلك مثال التقية التى تسمح للإنسان أن يكذب ويتنكر من أفكاره وإيمانه نظير سلامته وبرجمايته بل العملية الإيمانية وممارسة الطقوس وفكرة الثواب والعقاب والعصا والجزرة تتم فى الغالب بشكل نفاقى فليس من المهم أن تقتنع بالإيمان والطقوس بل المهم أن تتجنب الأذى وتنهل من الجوائز .!

- الأخلاق فى الإلحاد تتم بقناعات ووفقا لمفهوم الأخلاق الحقيقى كحزمة سلوكيات تعتنى بسلام الإنسان والمجتمع إتفقت الجماعة البشرية عليها لتحقق سلام الفرد والجماعة فهكذا نشأت الأخلاق لذا تختزل العصي إلى عصا واحدة تتمثل فى الإعتداء على حريات الآخرين , كما تلغى الجزر فليس معنى كونك إنسانا تعمل عملاً طيباً أن تنتظر العائد فهو لذاتك فى الأساس ولا معنى لمكافأة لكونك إنسانى النزعة ونبيل ومحترم.

- الأخلاق والسلوكيات الإلحادية تحرر الإنسان من الذل والمسكنه وإدعاء الضعف رغبة فى نيل عطف الآخرين بعكس المؤمن الذى يتماهى بسلوك وضيع لينال رضا الإله فلو نظرنا إلى الأدبيات الدينية نجدها تلح على هذا النهج ليتغلغل فى الحالة الإيمانية فمثلا هذه صلاة تذلل :
مولاي مولاي انت المولى وانا العبد وهل يرحم العبد الا المولى .. مولاي مولاي انت العزيز وانا الذليل وهل يرحم الذليل الا العزيز .. مولاي مولاي انت الخالق وانا المخلوق وهل يرحم المخلوق الا الخالق .. مولاي مولاي انت المعطي وانا السائل وهل يرحم السائل الا المعطي ..مولاي مولاي انت المغيث وانا المستغيث وهل يرحم المستغيث الا المغيث ..مولاي مولاي انت الباقي وانا الفاني وهل يرحم الفاني الا الباقي ..مولاي مولاي انت الدائم وانا الزائل وهل يرحم الزائل الا الدائم .. مولاي مولاي انت الحي وانا الميت وهل يرحم الميت الا الحي .. مولاي مولاي انت القوي وانا الضعيف وهل يرحم الضعيف الا القوي .. مولاي مولاي انت الغني وانا الفقير وهل يرحم الفقير الا الغني .!
هذا النهج من الذل والتدنى والإستكانة يجد طريقه فى منظومة سلوكيات المؤمن العامة فهو أدرك ان تقديم الذل والضعف يصد عنه القوة المُفرطة ويجعلها ترضى عنه ليمارس هذا السلوك مع كل أصحاب القوى والطغاة فلا عجب أن نجد المجتمعات الدينية غارقة فى التدنى والإنسحاق ولعق نعال الطغاة .
الملحد ليس لديه أى سبب ليكون صاحب نزعة ذليلة فلا يوجد من ينافقه ويرهبه فهو لفظ الطاغية الأكبر و يعلم جيدا أن الحياة صراعات مادية لن يفلح التذلل لها فى أن ينال رضاها فهى قوى غير عاقلة ولا مريدة بل بمواجهتها يستطيع تجاوزها.. الإلحاد يعنى التحرر والعزة .

- التذلل والإنسحاق كما فى الصلاة السابقة ليس شئ وارد أو مفتعل فى سلوكيات المؤمن بل فى التركيبة الذهنية والنفسية له تجاه فكرة الله , والالحاد من منظوري الشخصي ليس نكران وجود ذلك الكيان كوجود فقط ولكن كفكرة قدمت منظومة حياة مُخربة مُدمرة تبدأ منذ نعومة الاظافر الى آخر يوم في حياة الإنسان لتحكم كل تفاصيله الحياتية لتنعكس على أفعاله وطريقة تفكيره ونظرته لموقعه في هذه الحياة ,فهي منظومة مبنية على العبودية المطلقة لهذا الكائن الخيالي الذي وصفته الأديان بجميع الأوصاف التسلطية السادية والدكتاتورية .
عندما نلقن الصغار ونمتدح أوصاف هذا الخالق الذي لايُرى ونؤكد على مصطلح حقير كالعبودية ليتحول الخضوع والتدنى إمتياز وقيمة عليا فنحن بذلك نخلق في عقله إنحطاطا بإستحضار علاقة مشبعة بالدونية وترسيخ مفهوم الإنسحاق للقوة والجبروت والتكبر والعظمة لينهج هذا النهج بالرضوخ أمام القوى المتسلطة المستبدة لنحظى بتاريخ طويل من الإستبداد ولا عجب عندما نجد شعوبنا العربية تلعق نعال كل القوى الإستبدادية بل تهلل لهم على مدار التاريخ , فروح العبودية والإنسحاق وجدت طريقها فى النفس المؤمنة لتمارسها مع أى قوة متسلطة بدءاً من الأب إلى شيخ القبيلة إلى فتوة الحارة إلى الشرطى إلى الحاكم .!
فكرة الله تعني فى الأساس فكرة الخضوع والعبودية لكل نظام متسلط يستغلنا ويروضنا لنظل مجرد رعية وأتباع مخلصين له حتى أثناء غيابه وفي خلوتنا وفي أعماق فكرنا ,ويقينى أن فكرة الإله جاء رسمها بهذا الشكل لأدلجة ومنهجة فكر الطغاة والمستبدين الأوائل لذا عندما ننجح في هدم جدران الوهم والخرافة فحينها سنبدأ مسيرة الانطلاق في طريق الحرية وسمو الإنسان ليمنع أن نصبح مجرد أدوات او عرائس في يد انظمة تسلطية تتحكم فينا , وخلق عالم خاص بنا لاوجود للعبودية فيه .عالم لن يفهمه ابدا من لايزال في سجن عبودية فكرة الإله ..يجب تحرير الانسان من فكرة الله فهي فكرة تنال وتنتهك إنسانية الإنسان

- المؤمنين يرتكبون جميع ما يستطيعون من معاصٍ , معتمدين على التوبه في اخر المطاف أو معتمدين على سعة المغفرة ففى الإيمان يكفى أن تؤمن ولا أهمية للاعمال والأخلاق , فالإيمان كفيل أن يمنحك الجنه وقد تطرقت لهذا فى بحثى السابق " دين فاقد المحتوى " أما فى الإلحاد فلا إيمان ولا جنه لتكون الأخلاق والأعمال هى نهجك ودستورك وما تغنمه لتتوقف الأمور على مردود أعمالك وسلوكك مع الآخرين ,فإذا استحسنوه نلت القبول وإذا إستقبحوه تم نبذك .

-إختلاف الرؤى للحياة والوجود بين الملحد والمؤمن ساهم فى تشكيل منظومات أخلاقية وسلوكية متباينة , فالمؤمن يرى أن الإنسان محور الوجود وكل الكيانات الحية جاءت من أجل أن تكون مُسخرة له فهو فى وضعية المحورية والمركزية والتمايز بينما ينفى الملحد هذه المحورية ويرى الانسان نتاج طبيعى فى سياق التطور والحياة وانه إمتلك فقط وعياً متطوراً إنفصل به عن الطبيعة ولكنه لا يزيد عن أى وحدة وجودية فى سياق الحياة .
هاتان النظريتان المغايرتان خلقتا نهجان سلوكيان إتسم احدهما بالتواضع والأخر بالتكبر والغطرسة المتهافتة لينزع الملحد عنه هذا الشعور ويزرع فى المؤمن بذور التمايز والفوقية وما سيترتب عن هذا الإحساس بالتمايز والمحورية من سلوكيات تُفقد الإنسان بوصلته للمعرفة والخير وتؤسس الشرارة التى تؤجج الصراعات المبنية على التمايز والعنصرية الدينية والعرقية والقومية وهو الماثل أمامنا حتى الآن من صراعات .

- المؤمن عندما يعمل الخير فهو لا يعمل الخير لكونه خيراً أو لإفادة إنسان مثله فى الأساس فهذا ليس فى الفكر الإيمانى , فالمؤمن يعمل الخير لأنه مأمور بذلك باغياً مرضاة الإله فحسب فلو قدم الدعم للفقير فهو يقدمه بغية مراضاة الإله وثوابه وما سيضاف إلى رصيده البنكى السمائى وليس لإحساسه بالفقير ويزداد قبح هذا النهج عندما تعلم أن الإنسان الذى يتكافل مع إنسان ضعيف بغية مراضاته فهو هنا شط عن الإيمان وأصابته اللعنة والنفور الإلهى ولن يحظى على ثواب فقد إستهلكه فى مراضاة الانسان . !
الملحد ليس امامه أحد غير أخيه الإنسان ليَعضده ويُدعمه ويطلب مراضاته ولكن صدقاً لا يوجد بند فى الإلحاد يجبر الملحد على دعم الفقير , فالإلحاد ليس ناموس أخلاقى كما ذكرنا ولكننا نخوض فى فلسفة وأجواء الإلحاد التى تسمح بالتعاضد الإنسانى من أجل الإنسان ذاته وليس معنى ذلك أن الملحد لابد أن يكن نبيلاً فالمنظومة الإجتماعية العامة هى التى تدفع وتشكل شأن المؤمن مثلا عندما يتغاضى عن دعم الفقير بالرغم من الثواب المنتظر كونه فى إطار مجتمعى يميل للفردية الشديدة مثلا .

- جوهر الإلحاد أنه ينأى بنفسه عن التحزب والتشرنق داخل هوية قومية أو عرقية فهذه الأمور تكاد تكون معدومة كون الإلحاد أقوى فكرة ذات حرية فهى رفض الإله بكل ما أحاط بتلك الفكرة من ميديا وتأثير فحرىّ أن لا يخضع وينسحق أمام منظومة فكرية أقل علاوة أن فكرة الإله والدين والمعتقد منشأها هوية جمعية تُمرر مصالح وحكم وهيمنة الأقوياء والنخب التى تتشكل وتتلون فى قوميات وعرقيات .. الفكر الإيمانى لا تقوم له قائمة إلا من خلال هوية جمعية متشرنقة لذا تجد ان أقصى ما يخشاه المؤمن هو الخروج عن المجموع وأُطره .

- يتصورون وهماً وغباءاً أن الملحد غير حريص على علاقات انسانية مع أهله وأحباءه وأن الدين هو الذى يؤسس لهذا بينما العكس صحيح فلو نظرنا لفلسفة الأديان سنجد أنها تقف مواقف حادة أمام العلاقات الانسانية الوطيدة بين الأبناء والأباء ,فمن أحب أباه أو أمه أكثر منى فلا يستحقنى وعلى سبيل المثال نجد الإبن الذى يلفظ والديه كونهما فى رؤيته كفار أو بعيدين عن الدين او عصاة ليتخذ مواقف حادة تجاهمها ,فالحب لدى النظرية الإيمانية لابد ان يكون للإله بتفرد وإفتئات البشر على حب الإله سيخرج المؤمن من الإيمان ,كما تحفل الكتب المقدسة على قصص شديدة التهافت والدونية كعزم ابراهيم أبو الانبياء على ذبح إبنه وحيده من أجل طاعة ومراضاة الإله فى أداء سلوكى لا يمكن وصفه سوى بالشاذ .
الملحد يدرك أن الحب علاقة يجد فيها تحقيق وجوده حيث الوجود بلا معنى وعليه فسيخلق قضية حب تستوعبه من خلال علاقات دافئة مع المحتوى الإنسانى المشارك له فى الحياة .

- الأخلاق لدى المؤمن غير أصيلة وذات نهج إزدواجى وذات نزعة ضيقة تعتنى بالقبيلة والجماعة المنتمى لها فكل ما يردده عن الأخلاق الفاضلة هى داخل جماعته وليست ذات حضور عام شمولى , فالدعوة للمحبة والتعاون والفضيلة هى للمجموعة المُنتسب له ولا تطول الخارج فهو غير ملزم أن يتعاطى بها مع الآخرين بل فى بعض المعتقدات كاليهودية والإسلام يطالب المؤمن أن يحمل مشاعر عدائية مستنفرة كعدم الترفق مع الأغيار وإقراضهم بربا كما فى اليهودية ومنهجية البراء فى الاسلام التى تحث على بغض الغير مسلم وتَنْهى عن منحه الود .
أخلاق الملحد مغايرة تماما لهذه النظرة الضيقة , فالملحد إنسانى النزعة يتعاطى مع الأمور وفق للقوانين الطبيعية وفهمه لماهية الأخلاق التى هى رؤية إنسانية لتنظيم العلاقات بين البشر بغية التعايش السلمى ومن هنا هو يُقِيم ويُقْيم علاقاته وفق للمصالح الحيوية وتفاعلاتها غير معتنياً بالهوية الفكرية للآخر بقدر اعتناءه بما يقدمه هذا الآخر من سلوك وردود فعل لذا نجد تعايش الأقليات فى المجتمعات اللادينية والملحدة ليكون المعيار بماذا تقدم من أخلاق إنسانية وتعايش بينما تلفظ المجتمعات الدينية المغاير فى الفكر والإعتقاد .

- أخلاق المؤمنين متهافتة شديدة الإزدواجية فأى قيمة أخلاقية يعتزون بها ويملئون الدنيا بها صياحاً غير أصيلة وذات رؤية إزدواجية , فالزنا الذى يقبحونه ويلعنوه بقوة بل يجرمونه هو مقبول فى تراثهم عند إنتهاك نساء الآخر وإغتصابهن لتجد القبح الفج فأليس اغتصاب نساء الآخرين فعل جنسى مُغتصب ومَكروه ولكنه مُحلل ومُشرع فى المنظور الدينى فلا يعتبرونه شر ! . كذلك السرقة كفعل أخلاقى يستقبحه المؤمنين وأديانهم لدرجة تجريمه وقطع أيدى من يسرق نعجه بينما نهب وسرقة الآخرين حلالاً طيباً وكلوا من طيبات ما رزقناكم من غنائم ولا مانع ان يتدخل الشرع فى توزيع السرقات .!
يمكنك تلمس المزيد من صور الإزدواجية الأخلاقية لدى المؤمنين فى الإلتزام بأخلاقيات محددة ودهسها فى مواضع أخرى بينما الفكر الإلحادى لا يتعامل مع السلوكيات الأخلاقية بهذه الإزدواجية , فالملحد ليست له هذه المشاعر المسبقة الإستباقية فهو يقيم علاقاته وفق مفاهيمه الإنسانية العامة وفى إطار إنسانى محض لا يقيم وزنا لمن يشاركه الإلحاد أو من يرفض الإلحاد بل بما تجلبه العلاقة من سلام وأمان وإرتياح . كما لديه قناعة أن الفعل الضار هو ضار وسئ فى حد ذاته لعموم البشر فلا يَتبرر هنا ويُستقبح هناك كون الإنسان فى المطلق هو المعنى والقيمة بغض النظر عن إنتماءاته ومذاهبه الفكرية , فكل الإعتناء بالإنسان كقيمة لذا يتم إستقباح السلوكيات التى تعتدى على حرية وكرامة وأمان كل البشر, فالملحد يرفض الإغتصاب لأنه إنتهاك وإعتداء صريح على حرية وكرامة وخصوصية إنسانه وليس لأن الرب ينزعج من هذا , كذلك السرقة إغتصاب لأمان وحاجات إنسان فلا يكون هنا قبيحاً وهناك طيباً .

- داخل كل مؤمن شئ من السادية أى التمتع بالألم والأذى الذى يصيب الآخرين وتتفاوت بالطبع بين إنسان وآخر وثقافة دينية وأخرى ولكنها متواجدة بشكل أو آخر فهو يفرح ويشمت بالأذى الذى يصيب غير المؤمن كما يرسم فى خيالاته المريضة الواهمة الأذى الذى يلحق بالآخرين فى عالم الوهم الأخروى حيث العذاب الابدى لهم .. الملحد لا يعتريه هذه السادية كون المكون الفكرى والثقافى لا ينتج هذا فليس هناك ما يدفع للسادية ولكن لا ننفى السادية على الإطلاق لتكون حالات فردية نتيجة أيدلوجيات سياسية طبقية .

- الملحد الحقيقى ليس شخصاً شهوانياً متحللاً من القيود والالتزامات الأخلاقيه تجاه أهله ومجتمعه كما يحلو للبعض تصويره بغرض تشويهه وصرف المؤمنين عن الاستماع لأطروحاته الفكرية . الملحد الحقيقى إنسان رافض لأية نصوص تحمل فكراً يحض على قتل الآخر أو إضطهاده واستباحة دمه وماله وعرضه لمجرد أنه مخالف فى الفكر أو الإعتقاد أو المذهب الدينى أو السياسى . الملحد الحقيقى انسان رافض لأية نصوص تحمل فكراً يحض على الطائفية أو العنصرية مهما كان من يُصدر تلك النصوص المنتهكة لحقوق المرأة أو الطفل أو الانسان بوجه عام . الملحد الحقيقى انسان واقعى يتعامل مع الكون والحياة والأحياء من منظور انسانى بحت لكن ذلك لا يمنعه من مواجهة من يناصبونه العداء بنفس أسلحتهم أو بأشد منها .

- كثيرا مايحتج المؤمنين بالديانات والكتب المقدسة بان من يخالفهم من اللادينيين والملحدين لايمتلكون مرجعية اخلاقية تحصنهم فى عدم الوقوع بالمحرمات الاجتماعية وأهمها موضوع ممارسة الجنس شغلهم الشاغل فالملحدون ماداموا لايؤمنون بوجود إله ولا بوجود انبياء وكتب سماوية منزلة من هذا الإله لن يتوانوا عن ممارسة الجنس مع أمهاتهم او وأخواتهم بل ان قسماً من المتدينين يكاد يجزم أن كل لاديني أو ملحد يفعل هذه الافعال .!!
هل لنا ان نكرر ثانية بكون الأخلاق وجدت قبل الأديان كمنظومة إجتماعية وضعها الانسان لنفسه وتطورت هذه المنظومة مع حاجة كل مجتمع ووَضَع لها قوانين مكتوبة أو كعرف قبلي وعشائري وأن الأديان وماجاءت به من شرائع إنما هي حلقة في هذه السلسلة الأخلاقية للانسان ومرحلة من المراحل الاجتماعية لتطور المنظومة الاخلاقية نتيجة حاجة المجتمع لها .
لو عاد هؤلاء المؤمنون الى قصة الخلق التي أنزلها مرجعهم الاخلاقي الله كما يدعون لوجدوا ان صاحب هذه المرجعية الاخلاقية هو اول من يناقضها فالمتدينين في الحقيقة يؤمنون انهم أبناء سفاح محارم وفقا لاسطورة الخلق حيث آدم واحد وحواء واحدة ومن هؤلاء جاءت نسل البشرية من هذه الاسطورة .
نستطيع ان نستخرج منها عدد مشاهد اتصور أن كل متدين سيعمل تفكيره فيها وعدم الهروب من مواجهتها سيخرج برؤى واضحة .. بما أن الله كلّي القدرة فلماذا لم يخلق بكلمته المشهورة "كن فيكون " عدة نسخ من آدم وحواء ليتناسل منهم البشر منهم دون الوقوع فى أشكالية سفاح المحارم المعيبة .. أرى أن هذا المشهد يعطى لنا صورة حقيقية عن ان الصور الاخلاقية نسبية ونتاج فعل الأرض .

- من تلك الفكرة الغبية لدى المؤمن عن الأخلاقيات تجده يزعم ببجاحة أن الملحد لا يوجد لديه أى غضاضة فى ممارسة الجنس مع أمه أو أخته ليكون طرحه هذا إما غباء او رغبة حقودة لتشويه الإلحاد والملحدين ليكون ردنا عليه بطرح سؤال وليجاوب عليه لنقول : هب انك كنت مؤمناً وألحدت كحال معظم الملحدين فهل ستنكح أمك أو اختك فى اليوم الذى تعلن فيه إلحادك ,فلو قلت نعم فأنت إنسان ذو ميول حيوانية متجردة من الإنسانية ولديك تلك الرغبات القميئة قبل إلحادك ليحولك الخوف من العقاب عن ممارستها لذا فالأمور لا تحتاج لإيمان أو إلحاد امام تلك الرغبات الشاذة أضف لذلك ان العلاقات الجنسية مع المحارم متواجدة وسط المؤمنين .

- من أسخف الأفكار التى يتوهمها المؤمن عندما يكون متقولباً غبياً ليتصور الإلحاد داعياً للمثلية وزواج المحارم وكأن هذا قضية الإلحاد فهو لا يفهم ماهية الأخلاق والسلوك وكيف تتواجد فى المجتمع لذا من الصعب أن تقنعه بأن يتناول الموضوع بموضوعية وبإدراك أن الأخلاقيات والسلوكيات تعبير عن حراك المجتمع الموضوعى بكل تطوره وإحباطه وتخبطه , وأن الإلحاد ليس دين ولا ناموس ولا مبشراً بزواج المثليين لذا فالطريقة التى تجعل هذا الكائن المبرمج المتهافت أن يفهم ماهية الاخلاق بأن تذكره بان إلهه حلل زواج المحارم وفق القصة الاسطورية لآدم وحواء وإلا كيف انتشرت البشرية .

- فلسفة العصا والجزرة هى الخوف والرشوة فلا معنى ولا قيمة للأخلاق فى ذاتها , فالمؤمن يفعل الخير ليس لقيمة الخير فى ذاته ولا يقد م على الشر من قُبح الشر بل خوفاً من الإنتقام والعذاب مما يخلق سلوكيات مزيفة منافقة ذات منحى برجماتى صرف لا تتم عن وعى واقتناع ,, اللادينى والملحد يمارسا الأخلاق عن قناعة بقيمة الاخلاق والانسان فأنا أرفض السرقة ليس لأن هناك إله يعد شواية لى فى جهنم بل من منطلق أننى عندما أسرق فيعنى هذا إغتصاب أمان وأحلام وسلام الآخرين فقد أسرق مال أحدهم كان يعتنى أن يقدم طعام وهدية لإبنه او زوجته لأجهض فرحة وحلم وأغتصب أمان وأمنيات .. لا أعرف هل كلامى هذا سيجد صدى لدى المتدينين الذين يعتقد شديدى الغباء منهم أن الملحد إنسان ليس لديه قيمة يحافظ عليها طالما لفظ الإله وعصاه .

- المؤمن يحمل بين طيات جيناته القدرة على الغش والإحتيال والتزييف وهذا ليس توصيف قاسى له ,فهو واقع الحال فأى مؤمن لديه درجة ما من الإحتيال والتلفيق تتم فى الغالب بدون وعى حقيقى بها وكأنها صفة إلتصقت فى سلوكه الطبيعى لتتفاوت بين مؤمن وآخر وتظهر جلية فى الإحتكاك مع إيمانه المتهافت ويرجع إحتيال المؤمن وتزييفه أنه آمن بشكل تلفيقى وتعامل مع مفرداته الإيمانية بنمط من تمرير التناقضات والمغالطات والهشاشة باحثا عن حلول تلفيقية متهافتة أو شماعة يلقى عليها تهافت إيمانه ليكون هكذا سلوك يستخدمه المؤمن كلما واجه مشكلة حرجة بينما الملحد ليس لديه هذه الخصال لأنه واجه أكبر معضلة فكرية بشجاعة وفضحها .

* الملحد والمسلم .
يمكن إقامة مقارنة سريعة بين أخلاق الملحد والمسلم لتبيان الهوة فى الأخلاق والسلوكيات وإذا كنا إستحضرنا أخلاق الإسلام فى المقارنه فلكونها الثقافة الأكثر هيمنة وحضورا فى منطقتنا العربية .
- يرى الملحد أن لكل انسان الحق في صيانة حريته وكرامته وأن لا يتم التمييز بن البشر بسبب اللون أو الدين أوالمعتقد السياسي أو العرق أو الاعاقة أو الجنس , بينما يرى المسلم انه لا كرامة لغير المسلمين ويجب أن يهانوا حتي يدخلوا الاسلام أو يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون ولتتوقف أمام كلمة صاغرون هذه التى تفضح حجم البشاعة والهمجية الأخلاقية التى تلح على الإذلال .

- يؤسس الملحد ايدلوجيته وفكره ومنهجه على مفهوم الحرية فيرى أن الإنسان حر فلا يجوز تقييد حريته بأي شكل من الاشكال إلا في حال ارتكابه جريمة وإعتداءه على حرية وكرامة الآخرين وبعد تعريضه لمحاكمة عادلة وعلنية وذلك بغرض اصلاحه وليس التنكيل به. بينما يرى المسلم أن الحرية هراء يدوسها تحت نعاله فلا حرية لمسلم أن يترك إسلامه فرقبته فى المقابل كذا لا حرية لأصحاب المعتقدات للتبشير فى ديار الإسلام كما يجوز تقييد حرية أسري الحرب والسبايا واعتبارهم عبيد ولا حقوق لهم و يجوز بيع وشراء البشر اذا كانوا عبيدا ولا حق لهم في الاعتراض ولن نقول الحجر على حرية المرأة فلا كرامة لها.

- رؤية الملحد للمؤمن تقتصر على أنه إنسان مغيب يبدد حياته وعمره فى وهم ولكنه لا يستطيع أن يقهره على الإلحاد فهكذا حريته فى حياته فليعشها كما يريد مغيباً أم واعياً بينما أخلاق المؤمن تجاه الملحد فهى مغايرة فلا يُقبل الملحد كإنسان صاحب فكر خاص ليبدأ فى مضايقته وقهره وحصاره والتعدى عليه بالقول والفعل الذى يصل إلى قتله تقرباً لإلهه الوهمى وهذا فى صلب إيمان المسلم فهو يؤمن بأنه يجب محاربة غير المسلمين وتخييرهم بين الاسلام أو القتل .

- يرى الملحد أن المرأة مساوية للرجل في الحقوق والواجبات من منطلق إعتقاده الفكرى أنه لا يجوز مطلقاً التمييز بين البشر بسبب الجنس أو العرق أو الدين بينما أخلاق المسلم لا تعتد ولا تعتنى بالمرأة وحقوقها وإنسانيتها وكرامتها وأتصور أن الامور لا تحتاج للتذكير بكم الإجحاف والإنتهاك التى تمارس تجاه المرأة والمؤسسة على شرع ونهج جاثم على العقول والأذهان .

- يرى الملحد أن لكل انسان الحق في أن يعتقد في ما يشاء بشرط أن لا يحاول فرض معتقده بالقوة علي الاخرين و يجوز لأي انسان أن يدعو لما يشاء من المعتقدات بالطرق السلمية ,كما يجوز لأي انسان نقد معتقدات غيره بصورة موضوعية حتى الإلحاد بعيدا عن الشخصنة ودون استخدام أساليب الترهيب , بينما يؤمن المسلم أنه لا يجوز لغير المسلمين الدعوة لمعتقداتهم في بلاد المسلمين ويجب مضايقتهم اثناء ممارسة شعائرهم وذلك لاجبارهم علي دخول الاسلام وكل من يتراجع عن الاسلام يقتل ولا يجوز نقد الاسلام أو الرسول وعقوبة ذلك القتل وأن الإغلاظ بالقول والفعل على المخالفين هو أسلوب تعامل .!

- يرى الملحد أن من حق جميع الطوائف الدينية أن يقوموا ببناء أماكن للعبادة طالما أنها تتوافق مع شروط البناء والتنظيم وبشرط عدم استخدامها لنشر الكراهية أو للحض على العنف تجاه الطوائف الأخرى بينما يرى المسلم أنه لايجوز لغير المسلمين بناء أماكن لعبادتهم إلا بشروط تعجيزية وفي أضيق الحدود.

- يؤمن الملحد أن جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات , بينما يرى المسلم أنه لايجب لغير المسلم أن يتمتع بنفس حقوق المسلم، فبعض الوظائف القيادية أو الحساسة مثل القضاء أو الشرطة لايجوز إعطاؤها لغير المسلم بل يرى المتطرفون منهم عدم إعطاءها لمدير مؤسسة .

وفى الختام نضع هذه الصورة للمفارقة أمام الجميع فالأخلاق والسلوكيات وفق الدين أصبحت فى عالمنا المعاصر مُدانه ومُجرمة بالرغم أنها تشريعات اخلاقية إلهية نزلت من السماء كما يزعمون لذا نرى إنصراف الإنسان المعاصر المتحضر عن تشريعات ودستور الإله المزعوم بل تجريم تلك السلوكيات لمن يمارسها كما تفعل داعش ولعل هذه المفارقة تجعلنا نفهم ماهية الأخلاق وبشرية الأديان والأخلاق .

دمتم بخير وعذرا على الإطالة فهكذا هو بحث عن الخير والشر وأخلاقنا وأخلاقهم .
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام السياسى هو التناقض الرئيسى فى كل صراعاتنا
- مشاغبات فى التراث-الأديان بشرية الفكر والهوى
- فى ماهية الإنسان والحياة والوجود .
- علم الله بين لعل وعسى وفليعلم
- الدين عندما يُفقد المرء محتواه الإنسانى
- سقطات إلهية أم نصوص بشرية
- تأملات فى ثقافة الإيمان السالبة
- أنا فهمت الآن .
- تأملات فى ماهية الإنسان
- إنهم يزرعون الوحشية ويمنهجون الهمجية
- تأملات فلسفية من رحم طرائفنا وسخريتنا
- أسئلة ليست حائرة إلا لمن يريد أن يحتار
- إمتحان ومشاغبة على جدران الخرافة والوهم
- يؤمنون بحثاً عن لحظة جنون وهذيان!
- هوان العقل المتأسلم-الثقافة عندما تنتهك عقولنا وانسانيتنا
- أسئلة مُحرجة-35إلى40من خمسين حجة تفند وجود الإله
- بحثاً عن حلول لخروج الإسلام من أزمته .
- الأمور تمر عبر النصب والإحتيال-كيف يؤمنون
- خيبة !!- لماذا نحن متخلفون
- خمسون حجة تُفند وجود الإله-جزء رابع27 إلى 34من50


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - أخلاقنا وأخلاقهم-فى فلسفة الخير والشر