أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (1/5)















المزيد.....

الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (1/5)


حسين كركوش

الحوار المتمدن-العدد: 4775 - 2015 / 4 / 12 - 17:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



القوى السياسية الإسلاموية في العراق و ورطة الديمقراطية


في مقابلة أُجريت معه بعد أن أصبح نائبا لرئيس الجمهورية ، تحدث رئيس الوزراء السابق ورئيس حزب الدعوة الإسلامية السيد نوري المالكي ، عن المفاوضات التي جرت بين الحكومتين العراقية والأميركية قبل التوقيع على بنود ( اتفاقية الإطار الاستراتيجي SFA ).
المالكي تحدث عن دوره الخاص في المفاوضات و مهاراته و قدراته التفاوضية وصلابة موقفه في تخفيض سقف المطالب الأميركية وكيف أنه والوفد المفاوض كانوا يرفضون المطالب الأميركية الواحدة بعد الأخرى وأرغموا الجانب الأميركيى على أن يتنازل عن جميع مطالبه ما خلا واحدة. وقال إن الجانب الأميركي رفض الكثير من مطالب المفاوض العراقي. و هذا الاستعراض الشخصي للمهارات أمر لا يعنينا فيما يخص موضوع هذا المقال.
ما يعنينا في كلام المالكي أمر واحد ، هو تأكيده على أن النقطة التي أصر المفاوض الأميركي على تثبيتها في بنود الاتفاقية هي ، قضية الديمقراطية في العراق.
قال المالكي بالحرف الواحد : ( للوضوح أكثر حتى الأميركان لما صار حديث أنه أنتو اشتركوا في مكافحة الإرهاب أو لما صار حديث أثناء التفاوض بالدفاع المشترك بين العراق وأميركا الجانب الأميركي رفضوا هذي القضية وقالوا ولا أحنة مسؤولين عن الحكومة العراقية. (...) أتثبتت فقرة فقط أن أميركا تدعم وتساعد في دعم الديمقراطية وفي حماية الديمقراطية في العراق.)
ثم ، وكأنه يريد أن يتخفف من أعباء هذه الفقرة أو يقلل من أهميتها أو ربما يخطط للالتفاف عليها ، أوضح المالكي للصحفيين ، بأن (هذا الدعم "للديمقراطية" يحدده الجانب العراقي.) لاحظ أن المالكي قال (الجانب) العراقي ولم يقل (الشعب) العراقي.
و لو راجعنا نصوص الاتفاقية لتأكدنا أن المفاوض الأميركي كان قد أصر فعلا على تثبيت هذه النقطة. فقد ورد في الفقرة 5 من ديباجة (اتفاق الإطار الاستراتيجي) الموقع بين الطرفين ، بأن العلاقة التي ستنشأ بموجب توقيع هذه الاتفاقية بين العراق وأميركا (من شأنها أن تساهم في تعزيز وتنمية الديمقراطية في العراق.)
وكما لو أن تلك الإشارة غير كافية، أُعيد التأكيد مرة أخرى على قضية الديمقراطية. فقد ورد في الفقرة (أ) من القسم الثاني من الاتفاقية نفسها نص واضح عن:( دعم وتعزيز الديمقراطية والمؤسسات الديمقراطية في العراق التي تم تحديدها وتأسيسها في الدستور العراقي.) وأرجو من القارئ أن يتوقف كثيرا عند جملة (تحديدها وتأسيسها في الدستور العراقي.)
وكانت الاتفاقية الأمنية SOFA الموقعة من قبل حكومتي البلدين قد تضمنت ، هي الأخرى ، حماية الديمقراطية في العراق ، إذ أكدت على ( ردع العدوان والتهديدات الموجهة ضد سيادة وأمن ووحدة أراضي العراق ونظامه الديمقراطي الاتحادي الدستوري.)
يبدو ، مما تقدم ، أن قضية الديمقراطية وتعزيزها وحمايتها في العراق لا تحظى بأهمية استراتيجية كبرى عند السيد المالكي و وفده المفاوض ( أوضح المالكي أن أعضاء الوفد خمسة و كلهم مقربون إليه ).
المالكي ( و دعوني أفترض أن جميع قادة الأحزاب الإسلاموية السياسية الحاكمة يؤيدونه ) يرى أن مسألة الديمقراطية قضية ثانوية.
لماذا ؟

تشجعنا تجربة السنوات الماضية على تعميق الأستنتاج بأن قضية الديمقراطية في العراق تحتل المرتبة العاشرة في سلم اولويات قادة الأحزاب السياسية الإسلاموية ISLAMIST . ( وسأعود في القسم الأخير من هذا المقال لأوضح لماذا استخدم تسمية مفردة "إسلاموية").
وما قلناه ليس شتيمة بحق هذه القوى الإسلاموية. إذ لم يعرف أبدا عن هذه القوى، بسبب فلسفتها و طبيعة تفكيرها، تحمسها للديمقراطية ورغبتها العارمة في تطبيق الديمقراطية، بما هي كمفهوم ونظرية ومؤسسات ، و ليس فقط آليات ووسائل. فهذه القوى ترى في تطبيق الديمقراطية استبدالا للذي هو أدنى بالذي هو خير، وعدولا عن شريعة الدين، إلى حكم بغير ما يقوله الدين.
أما ما تقوله هذه القوى بأن (الشورى) هي الديمقراطية فهو قول غير صحيح. (الشورى) في القرأن الكريم ( سورة البقرة: 233. سورة آل عمران: 159. سورة الشورى: 38) لا تعني الديمقراطية الشائعة المعروفة والمطبقة في وقتنا المعاصر، بأي معنى من المعاني.
ويبدو أن قادة الأحزاب الإسلاموية العراقية الذين وافقوا على دستور سنة 2005 ، بل وشاركوا في كتابته وارتضوا مواده الديمقراطية وقادوا الدولة لاحقا وتصدروا نشاط الشارع العراقي ، ما كانوا يهتمون إلا ب( وسائل وآليات) الديمقراطية. أي كانوا يهتمون بالانتخابات فقط، كوسيلة ديمقراطية توصلهم للسلطة.
أما بقية المواد الدستورية الديمقراطية فيبدو أنهم ( اضطروا ) للموافقة عليها انتظارا منهم، ربما، للخروج من هذه (الورطة) بالالتفاف عليها أو تفريغها من مضمونها أو حتى للانقلاب عليها فيما بعد ( سنعود في ثنايا المقال إلى خطاب "ما ننطيها").
و أكثر الظن لو أن الذين كتبوا الدستور العراقي عام 2005 كُتبوه الآن ، وفقا لتناسب القوى الموجود في الظروف الحالية عام 2015 ، فأنهم سيحذفون منه الكثير من المواد (الديمقراطية).
هذا افتراض. لكنه افتراض تعززه وقائع السنوات الثمان الماضية ، سواء على مستوى الدولة العميقة أو ما يحدث في المجتمع.


أين دولة المواطنة المدنية الديمقراطية ؟


مواد الدستور الذي صوتت عليه أكثرية الشعب بتاريخ 15/10/2005 تنص على قيام دولة (مدنية) يكون فيها (الإسلام دين الدولة الرسمي وهو مصدر أساس للتشريع) و عدم جواز ( سن قانون يتعارض مع ثوابت الإسلام) ، كما نصت المادة الأولى والثانية من الفصل الأول.
وما خلا ذلك فأن هذه الدولة التي نص عليها دستور 2005 (مدنية) وليست دولة دينية أو شبه دينية بأي شكل من الأشكال. فهي ليست مثل دولة ولاية الفقيه كما في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وهي ليست مثل المملكة العربية السعودية حيث تتقاسم المؤسسة الدينية مع العائلة المالكة إدارة شؤون المجتمع والدولة ، و هي لا تشبه حتى الدولة الباكستانية التي يضعها البعض في خانة الدول الدينية معتمدين على بعض فقرات في الدستور الباكستاني.
و مواد الدستور العراقي الجديد لا تنص على قيام نظام ثيولوجي وإنما نظام (ديمقراطي) تُطبق فيه و تُحترم (المبادئ) الديمقراطية ، ويُحرم سن أي قانون يعارض ذلك.
فالفقرة ب من المادة الثانية من الفصل الأول تنص على ما يلي : (لا يجوز سن أي قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية). وأرجو من القراء أن يتوقفوا كثيرا عند مفردة (مبادئ) ، لأنها مفردة في غاية الأهمية ، ولم توضع عبثا أو لسد فراغ.
فكما ذكرنا في مناسبات سابقة ، فأن الفرق واسع جدا بين (الديمقراطية) وبين (مبادئ) الديمقراطية.
(المبادئ الديمقراطية) لا تعني حكم الأكثرية البرلمانية (فقط)، ولا تعني شرعية الحكم وحدها، أي لا تعني فقط أن الحاكم اختاره الشعب عن طريق الانتخابات، ولم يصل بانقلاب عسكريي. و المبادئ الديمقراطية لا تعني الاكتفاء بتطبيقات ليبرالية.
نعم ، الانتخابات مبدأ أولي و أساس من المبادئ الديمقراطية. لكنه مبدأ واحد. والانتخابات وحدها ، مهما كانت نزيهة وشفافة ، لا تعني الديمقراطية. وكذلك إجراء تغيرات اجتماعية ليبرالية لا يعني الديمقراطية.
الديمقراطية لا تتحقق ألا بتطبيق المبادئ الأخرى من الديمقراطية. وهذه المبادئ تبدأ من (وضع الأساس) للبيت الديمقراطي: إجراء انتخابات حرة وشفافة، وانبثاق حكومة منتخبة، والفصل بين السلطات الثلاث، واستقلال القضاء وحرية الإعلام.
وحتى يكتمل بناء البيت ولا يظل مجرد (هيكل) يجب أن يصار إلى تطبيق المبادئ الديمقراطية الأخرى. و تشمل : مساواة جميع المواطنين أمام القانون. تطبيق واحترام و ضمان حقوق الإنسان ، المتمثلة في صون كرامته وحريته في التفكير و في التعبير عن أرائه ، وفي تكوين الجمعيات والمنتديات والأحزاب وحقه في التظاهر والتجمهر وحقه في التعليم. مشاركة المواطن في اتخاذ القرارات. التسامح السياسي واحترام حق الأقلية البرلمانية . مساواة المرأة مع الرجل. المراقبة و الشفافية. عدم استغلال السلطة لغير الأغراض المنصوص عليها في القانون. القبول بنتائج الانتخابات مهما كانت. التعددية الحزبية. احترام القانون وتطبيقه على الجميع. مراقبة أداء موظفي الدولة ومحاسبتهم من قبل المواطنين. الحرية الاقتصادية... الخ.
وبكلمات أخرى فأن المبادئ الديمقراطية تعني (الحياة) الواسعة في كل تفاصيلها. إنها تعني تطبيق الديمقراطية وممارستها على الصعيد العام و الخاص، في المجالات السياسية والاقتصادية و الاجتماعية والتعليمية والثقافية ـ
ولسنا هنا بحاجة لنؤكد على أن الديمقراطية (سواء في العراق أو في كل مكان من العالم ، في هذا الزمان وأي زمان) لا تعني ، بأي شكل من الأشكال ، تهديم ما هو قائم من تقاليد وأعراف وعادات وسلوك وتصرفات وأنماط تفكير ، واستبدالها بأخرى جديدة بين ليلة وضحاها. فعملية التغيير الثقافي داخل أي مجتمع معقدة جدا وتخضع لاعتبارات ولعوامل متعددة ومختلفة. وعملية التغيير هذه تتم بوجود الديمقراطية وبعدم وجودها. وهي تتم بطرق مختلفة وفقا لظروف ولخصوصية كل مجتمع.
نعم ، الديمقراطية قد تسرع عملية التغيير لكنها لا تخلقها من العدم ، هكذا بعصا سحرية.
وتأكيدا لما ذكرنا فأن الذين كتبوا الدستور العراقي الجديد (أو بالأحرى من أشرف عليهم وهم يكتبونه) عززوا تلك المادة الدستورية التي تتحدث عن (المبادئ الديمقراطية) بمواد دستورية أخرى تدعمها وترسخها ، وتجعلها مادة شبه (مقدسة) دستوريا ، كما سنلاحظ.

يتبع



#حسين_كركوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( النجف. الذاكرة والمدينة ) : مسح بانورامي للمدينة
- إيران تفجر قنبلة سياسية في العراق
- ماذا لو تجرع العراقيون السنة السم ؟
- مؤامرة، فلتسقط المؤامرة: على هامش الأحداث الإرهابية الأخيرة ...
- نفاق وانتهازية الأحزاب السياسية الإسلاموية في تعاملها مع الس ...
- شيعة الحياة وشيعة القبر
- هل أن أغنية لزهور حسين ، مثلا ، تُلهي عن ذكر الله ؟؟؟
- هل دخلت داعش مرحلة الموت السريري أم أن (الذئب) ما يزال ينتظر ...
- ليس ثمة انشقاقات وكل شيء هاديء على جبهة الأحزاب العراقية الح ...
- الإسلام ليس ماركة مسجلة والإسلامويون ليسوا الوكلاء الحصريين
- ( الطيور الصفراء) : رواية أميركية عن الحرب الأميركية في العر ...
- هل يتحول البئر اللاديمقراطي الذي حفره المالكي لإياد علاوي عا ...
- همس المدن أم صراخها ؟
- المثقف العراقي والانتخابات
- العلمانية بين التهريج السياسي والحقيقة
- الصكار ينهي رحلته ويعود ليتوسد تراب العراق
- ألصاق تهم المخمورين وزواج المثليين بمن يعارض من العراقيين !!
- رأيتم (قطر) المالكي لعد اعتزال الصدر، انتظروا كيف ( ينهمر ال ...
- خطاب مقتدى الصدر انتصار للدولة المدنية حتى وأن لم يعلن ذلك
- صورة المثقف في رواية دنى غالي ( منازل الوحشة)


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (1/5)