أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - داعش الفكرة وداعش الصورة















المزيد.....

داعش الفكرة وداعش الصورة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4775 - 2015 / 4 / 12 - 16:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


داعش الفكرة وداعش الصورة

داعش من أخر التسميات التي ظهرت فجأة من حطام المجتمع العربي والإسلامي الذي لا تنتهي نزاعاته إلا بنزاعات أعمق وأبعد أثرا في تأريخيتها المغرقة بالتناقض والعنف المتبادل والقهر والأستلاب وكل ذلك يحدث لعنوان ديني في كل مرة تثور بها هذه التناقضات في وجه الإنسان العربي والمسلم لتحطم جزء من تكوينه الفكري والعقائدي إضافة إلى تضرر وجوده الأصلي.
البعض يعزو هذه الظاهرة إلى تنازع خفي بين الإسلام كدين والإسلام كسلطة حين يجنح الثاني دوما إلى التغلب على الأول محاولا تسويقه كبضاعة تؤكد مشروعية الزيف والأنحراف فيه وعندما يفشل في ذلك تستغل السلطة كل قواها لتوجيه النار نحو المجتمع لأخافته والقبول بشعارات الإسلام السلطوي وإشغاله بأمور ثانوية تتضخم وتنفخ في أوصالها كي تبدو أكبر حجما وأشد في تأثيراتها لتعظيم القلق والعبور به للحد الحرج الذي يقود علميا إلى تغير أتجاه تثمير القلق للأبداع والتطور.
أخرون يرون أن الأنتماء للإسلام كدين يحض على العنف يبقي على جذوة التمرد متوهجة وموجهة لكل من لا يؤمن به مع حث دائم على فكرة الجهاد والمقاتلة بأعتبارها حماية لوجود الدين الذي يعده البعض حصانة له من الأخر الغريب الذي يحاول أن يبتلعه وينهي وجوده ,فهو يدافع عن هذا الوجود بالدفاع عن الدين ,والحقيقة أن غياب فكرة التناقض الديني مع الأخر كفيل بترك الدفاع عن الدين طالما أن المسلم سوف لا يتضرر من جراء وجود الأخر فلا يهم أذن الدفاع عن الدين لأن للدين رب يحميه .
هناك فكرة أخرى تبرر العنف تستند لجذور بيئية وجغرافية تأريخية عميقة في وعي الإنسان العربي والمسلم لا يستطيع مغادرتها أو التخلص منها ,تتخلص هذه الفكرة بالتأكيد دوما على بدوية الإنسان العربي وعربانيته التي لا تقبل التسامح مع الأشرار والمخالفين طالما أنهم يمثلون مصدر تهديد له ,لذا فالبدوي يهاجم قبل أن يهجم عليه أحد حسب مقولة (أتغدى بيهم قبل ما يتعشون بيك)(بادر قبل أن يبادر إليك) فلا غرابة أذن أن نجد هذا السلوك العدواني من نفسية غارقة بالبدوية العربانية وكتب التأريخ والدين والفكر تمجد العروبة والصحراء وقيم البادية ونقاء الجو وصفاء الذهن فيها .
رأي أخر يعتمد فكرة المزاحمة بين الفكر الديني الذي بات يُحْصَرْ في زوايا خانقة ويهزم في كل مرة أمام فكرة المدنية والعلمانية والتحرر العلمي والمنطق التطوري وكل هذه المفردات تعني بالأخر جعل الدين والتدين مجرد فرع من فروع الثقافة الشعبية وعزله عن وقائع ومسيرة الحياة, فلا بد أذن من أن يستفز الدين المحاصر كل الكوامن النفسية والحسية عند المتدين دون العقلية ليثيره تكليفا وجوبيا للقضاء على الأخر المختلف بحجة إنقاذ وجه الله أمام الكفر والإلحاد ومحاولة الأخر غلق الطريق أمام الدين ليكون العنصر الأوحد والأنسب لقيادة الوجود الحياتي بما يمثله من منافع "دنيوية وأخروية" محترمة ومعتبرة .
هذا كله أو بعضه أو غالبا ما تتفاعل كثيرا من هذه الأراء والأفكار مع بعضها لتشكل وجه أو أخر من وجود "داعش" الفكرة والصورة وإن كان ليس من الضروري أن تكون داعش هي الوجه الأقبح للإسلام السني فقط ,فهي قاعدة تنطبق على مسميات أخرى وتحت مظلات متعددة كلها تنطلق من نفس الفكرة والوعاء "الدفاع عن الله ودينه" مقابل قوى الكفر والضلالة والأنحراف ,وكأن من يطلق هذه الفكرة جاد فعلا في الدفاع عن الله ودينه والذي يقول هو في كتابه المقدس{وأدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} دون أي تراجع عنها وأردفها بـ{أتبع السيئة الحسنة تمحها} .
داعش الفكرة ليست وليدة المجتمع الإسلامي وحده ولم تكن التجربة الأولى في التأريخ الديني الإنساني ,ولكن سلط عليها الضوء لأنها الحدث الأبرز الآن ومن وراء هذا الدفع بها للواجهة الحديثية أسباب ودوافع سياسية وأقتصادية وحتى دينية من جهات عديدة ومتنوعه كل له هدف وأستراتيجية خاصة تنبع من مصالح وتكتيكات النزاع الوجودي بين المجتمعات والحضارات والأديان ,وكل طرف يحاول التوظيف للجهة التي يؤمن أنها تخدم المصلحة سواء كان هذا الطرف عربيا أو إسلاميا أو من الجانب الأخر المضاد الذي يقع تحت عنوان مجاهدته في ظل الشعارات الداعشية المرفوعة اليوم .
إن داعش الفكرة ما هي إلا ثقافة "إنسانية" بمعنى بشرية بالطبع التكويني تنبع من جهالة في مزمنه في تقدير الواقع أولا وفي طرق المعالجة ثانيا وأبتعاد غير أخلاقي وفوضوي لفكرة الدين كونه عامل أساسي جامع وموحد للمجتمع الإنساني عموما على قاعدة الإنسانية الكبرى ,كذلك يمثل نوع من الخديعة والأنخداع والخداع الذي تمارسة قوى شبحية غير مرئية تقود العالم نحو الكارثة التي تعتقد أنها ستكون النهاية الأبدية له على أعتبار أن النتيجة أيا كانت فهي تصب في الأخر بالمصلحة البعيدة لعقيدتها الغامضة التي تؤمن بطغيان الشر لتظهر وتتحكم به من جديد .
من هنا ظهرت صورة الدعشنه الدينية والفكرية والأجتماعية لتكون الند العملي لمبدأ التسامح والتعاون عابر الحدود والحواجز الأجتماعية وتمثل نوع من أنواع عولمة الشر للدخول في تنازع كوني يعيد توزيع الخارطة الحضارية والفكرية بالصورة المرسومة والمرتجى منها أخيرا لتبلور فكرة الحكومة العالمية الموحدة ,والتي عبرت عنها وصورتها الكثير من الأعمال الفكرية والفنية والتي يتم تغذيتها حتى للأطفال عبر مسلسلات الأفلام المتحركة التي تؤشر وتظهر دوما سعي القوى الغامضة والشبحية للسيطرة على العالم الأرضي ومن ثم الأنطلاق في نواع أخر من الحروب والنزاعات مع سكان الكواكب البعيدة الأخرى .
أكاد أجزم أن الدعشنه الدينية التي ظهرت في عمق الوجود العربي والإسلامي قد لا تشكل خطرا حقيقيا بالقدر الذي تشكله القوى المتخفية خلف الفكرة والتي تدفع بها للواجهة وتثير منها زوبعة عالمية تعيد فكرة القلق والخوف من الأخر المختلف وأعادة تهيئة النفوس التي تحررت من مفاهيم النزاع الديني وأتجهت نحو فكرة التعاون الدولي والتسامح المبني على حدود الإنسانية لكي تجند مرة أخرى في حرب كونية ثالثة لا تبقي ولا تذر في ظل عالم متسلح بالمرعب الفتاك الشامل من الأسلحة عالية التدمير وعابرة للمواقع والحدود .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية الأجتماعية ج1
- الشخصية الأجتماعية ج2
- الشرطي عريف 15 ج1
- الشرطي عريف 15 ج2
- تأريخية المجتمع العراقي (ج1) دراسة في علم الأجتماع النفسي
- تأريخية المجتمع العراقي (ج2) دراسة في علم الأجتماع النفسي
- أمنيات بين الأحياء والأموات
- الشرطي عريف 14 ج1
- الشرطي عريف 14 ج2
- حروف بطعم الإنسان
- تراتيل أعظمية
- الشرطي عريف 13 ج1
- الشرطي عريف 13 ج2
- الشرطي عريف 12 ج1
- الشرطي عريف 12 ج2
- الشرطي عريف 11ج1
- الشرطي عريف 11 ج2
- الشرطي عريف 10 ج1
- الشرطي عريف10ج2
- نصوص صوفية بطعم الحرية


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - داعش الفكرة وداعش الصورة