أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - البقعة الحمراء














المزيد.....

البقعة الحمراء


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4774 - 2015 / 4 / 11 - 02:31
المحور: الادب والفن
    


البقعة الحمراء
محمد الذهبي
كانت تطفو وسط دجلة قادمة من تكريت، الناس في جميع المدن يهرولون خلفها، يحملون الرفوش والشباك، ومنهم من اراد ان يكتشف جلية الامر فعاد خائبا، لم تكن سوى بقعة حمراء كبيرة، تجمعت حول نفسها وتكتلت بكتلة هائلة، لم يزل الشعب يطاردها منذ صلاح الدين حتى اسلمها لبغداد، دخلت بغداد فهرع الناس بعصيهم ومنهم من استصحب بندقية، لم تستنفر الحكومة قواتها للامر، ظلت بكماء صامتة، العالم يتفرج والاقمار الصناعية تلتقط الصور، والبقعة تسير ببطء يؤدي الى الغثيان، متى ستجتاز بغداد كما اجتازت المدن السابقة.
رئيس الوزراء من جهته استهان بالامر وجعله سهلا بسيطا ولايؤدي الى القلق، لكن الشعب كان قلقا جدا من امر هذه البقعة العظيمة، اغلق الناس صنابير الماء، لانها ربما كانت شيئا مميتا، حفروا الآبار، وراحوا الى مخزوناتهم من المياه، والبقعة كما هي، بالتدريج راحت تقترب من جرف دجلة، فهرب الناس باتجاه الشوارع والازقة والبيوت، الجميع يراقبها من بعيد، لم تكن بقعة زيت منفلتة من بئر نفطية، كانت شيئا آخر، تداولت جميع وكالات الانباء اخبار البقعة الكبيرة، الجميع منذهل، مدن بكاملها هربت باتجاه مدن اخرى، نزحت المدن بسكانها.
جميع من يقترب منها يعود ادراجه مهرولا، حتى المأخوذين بالاناشيد الحماسية، رجال الدين اعتادوا في هذه الحالات ان يطلبوا العون من الله، تجمعوا في المساجد وصدحت مكبرات الصوت بالدعاء، تعطلت الاعمال واغلقت الدوائر والحكومة صامتة لاتحرك ساكنا، اتسعت البقعة حتى صارت من الجرف الى الجرف، امتدت وتشعبت، والحكومة صامتة لاتحرك ساكنا ووكالات الانباء تغطي كل صغيرة وكبيرة من امر البقعة العظيمة.
هكذا استمرت في المسير، تجاوزت بغداد، واجتاحت المدن في طريقها الى البصرة، هبط العلماء من كل الجنسيات في بغداد، حللوا وكتبوا ومسحوا ، لم يجدوا شيئا، مرت بالبصرة وحدث ماحدث في بغداد، وكذلك في ميسان الرفوش والبنادق والهراوات، لم يتضح شيء، ولم يعرف العلماء كنه هذه الكتلة التي تسربت الى شط العرب، ومن ثم اندمجت بالخليج، الكل اتفق ان مصدرها تكريت، لكن لم يجد احد شيئا يهديه الى كنهها، ليست زيتا ولابقايا اناس او حيوانات، نزحت المدن بعيدا، وتركت البقعة بمفردها، والحكومة صامتة لاتحرك ساكنا.
لم يزل الوقت مبكرا صباحا، عندما مر محمد من على ناصية النهر، فوجد بقايا ذبيحة، من جلد وعظام وامعاء وفضلات، فحص الجرف فوجد الدماء القريبة، طرق بابا من ابواب بيوت القرية، خرجت امرأة مسنة، ماذا تريد؟ فرد عليها بلين ورقة، اردت ان اعرف بقايا الدماء والفضلات قرب ناصية النهر، فردت انها ذبحت قبل فترة ذبيحة رأت انها بحاجة اليها لتولم وليمة لابنائها، كانت العجوز قد غسلت الذبيحة في النهر، وربما رمت اجزاء فائضة منها فيه.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعرة الوطن المقطوعة
- انني احتضر، لكنني لم امت بعد
- اعدام كلب
- الضريح الكبير
- جرغد امي
- بعضي سيقتل بعضي
- يوم عيد الام: ستة اولاد قد دعاهم الله
- اقليم الله
- اعترافات داعشي متمرد
- سيّاف مبتدىء
- سرّ من رأى تعرفني
- السياسي الأخير
- عن نهاية الليل وبدايته
- امرأة اسمها نينوى
- الاموات في احلامي لايتكلمون
- ابصق بدولار
- مدرس ينتظر التقاعد
- الصوت المبحوح
- ارض للبيع
- المرأة الآلية


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - البقعة الحمراء