أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا لاغة - التقاطعية و جسر الهويّات














المزيد.....

التقاطعية و جسر الهويّات


رضا لاغة

الحوار المتمدن-العدد: 4773 - 2015 / 4 / 10 - 15:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين تتمادى في استعلائيتك و تنجز مهامك المفردة بمعزل عن الآخر ، فهو بالنسبة إليك محض خرافة بلا تاريخ ؛ فتؤذيه بهجوم فعّال و غير فعّال ، بلا هوادة. و تشدّد العزلة عليه و على ذاتك الرنّانة و الطنّانة ، يكون وجودك خطيئة عابرة، خليط من التهوّر و التوحّد العنيد ، المتعطّش إلى الغزو و الفتح ، بلا نفوذ ، بلا نجاعة... حين تسبح ذاتيتك متبخترة تحابي النجوم التي ترصّع السماء ، يكون وجودك مغامرة خيالية بلا رائحة ، واقعيتها نحيفة بلا لون و عيها غير مبرر بلا طعم، تكون مثاليتك مدمرة كتلك التي تقمّصها زاردشت و الناس تلهج باسمه . كان مجيئهم مجرد عبث و إذلال. رأينا كيف صدّهم: "وحيدا أمضي الآن يا مريديّ ، و أنتم لتمضوا الآن لوحدكم أيضا. هكذا أردتكم. حقا أنصحكم : انصرفوا و احترسوا من زرادشت ، بل و أكثر من ذلك أنصحكم أن تشعروا بالخجل"1
إن الإطاحة بهذه النرجسية الجامحة بوحش الأنانة تمثّل صدمة أو رجّة عند ريكور.و لكن مفعوليتها و طرقها اللا مألوفة المتعطّشة إلى الغيرية، هو المتن الذي نريد أن نثبت أنطولوجيته.
ثمة هنا ضرب من الهذيان الصحّي و قد يكون صبيانيا ، تتوافق فيه الهوية مع الغيرية ضمن حالة تلبغ أوجها و ذروتها في التقاطعية.
هذا المصطلح جذوره و أصوله ليس البتة محصورة في سياق بعينه. فقد تفكّك فبركة الكلمات المتقاطعة التي تنلعب في شبكة تتضاعف فيها معاني مكفولة ضمن نسق يكتشف كخليط انتقائي لأحداث و أسماء و كلمات من مضمار دلالي أو تركيبي مشترك. و قد يصادف و أنت متّجه إلى عملك أن تجد طرقا متقاطعة ، اتجاهاتها متقاطعة ، و لأنك عازم لا محالة و بوجه التقريب أن تكون في الموعد المحدد، تجدك تتهرّب من الانحباس المروري وو تتحرّك في منعرجات ، أحسبك تعرفها ، تفضي إلى تخوم عتبة التقاطع.
و قد تفضّل ، إن كنت رسّاما تكعيبيا ، أن تبثّ لمسة منعشة ، رشيقة و ساحرة تحرر فيها شخصياتك المركزية، المجمّدة في الأصل ، بطرائق هندسية تقاطعية يجعل عملك يغنّي و أحيانا يرقص. و قد تفاجئ أو تفاجئين يتصادم محتوم ، أكثر تنوّعا و تعقيدا ، مع بعلك أو بعلتك فتتغلّب أو تتغلّبين بصهر الخلاف في بوتقة التقاطع ، تقاطع الذكريات الحلوة ، شهر العسل ، الأبناء ...بالطبع التقاطع ينطرح في جوّانيتك ، فحين تكون منبسطا و مفعما بالسرور ، وهي عادتك ، ربما لسبب تافه ، نمت كفاية مثلا أو نلت تشريفا مهنيا ، وقد تتلاشى بهجتك حين تجد سيارتك مدهوسة . على الفور يتواتر التقاطع ، فأنت السعيد المبتهج ، أتن الحانق المنقبض. وهو استنفار غريب نرى بريقه حين نستحضر مهمة رجل الإدارة ، الأنا الذي يكافح في مهمته التوفيقية لإرضاء قطب الشخصية النزوي و درعها الأخلاقي . و إن كنت معماريا ستجد أن نزوّق الفضاء الهندي بالتقاطع كأن تجعل من المطبخ متقاطعا بانسيابية مع قاعة الجلوس و قد تصمم إدترة بلّورية ، بالكاد يوجد فيها جدران فتتقاطع الرؤية بين الداخل ) العمل بضوابطه) و الخارج ( اللحظة باعتباطيتها) فيولد التشويق. و حتى أولئك المتنمطين ، تجدهم في أناقتهم ،يعوّلون على التقاطع دون حساب ( بدلة و ربطة عنق سوداء و قميص أبيض). تسرّب التقاطعية تلحظه أينما و لّيت وجهك ، فهي لا نهائية، دربها تحوّل إلى مقصد.و لا يذهبن بك الظن أن التقاطعية تعرب دوما عن إطلالة ذات حبكة أليفة . على العكس إن أفقها مفتوح على القتل المؤسس و ـأجيج الصراع حين تبذر في حقل السياسة.
التقاطعية
مفهوم روّج له أوما ناريان و ساندرا هاردنغ في كتاب " نقض مركزية المركز" 2
و سنأخذ الداعشية كنموذج للتقاطعية
تتكوّن الداعشية من سلطة محددة يتكسّب منها أناس يجري تصويرهم كأسرة طائفية سنية تتراكب ضد أسرة طائفية شيعية . هذا التقاطع الأول اجتذب اهتماما مهيبا لتقاطعات إضافية:
ــ تقاطع منظومة الظلم السعودي التي تستدعي الخطاب الداعشي الذي يحمل إسقاطا مضادا لفكرة تصدير الثورة الشيعية بإنتاج ميل إلى الطائفة السنية ، وهو ما يعني ضمنا أن الهجرة لداعش هي مدفوعة الأجر للذود عن الأسرة المالكة أمام واقع عربي متحول طحن عظام الاستبداد في تونس و مصر و يخشى أن يسري في الخليج العربي.
ــ تقاطع نمطي مزدوج يسمح لضروب من العنف أن تتحرّش بالدولة الوطنية ( سوريا) لتكرار تراتبية هرمية أضاعتها الدول الأم في الخليج العربي( السعودية) و أضاعتها دولة الرعاية في ظل انهيار القطبية ( أمريكا).
التقاطع الثاني: هو أشبه بغسيل قذر يشجع على تكتيكات النقاء الطائفي في بؤر معزولة اجتماعيا و رمزيا كملاذ خاص يؤمن مزايا مربحة لتجار السلاح .
هذه الكوكبة من الخيارات يتراوح مداها بين الجبر و الاختيار من خلال عالم محوسب يقوم على توسيع نطاق العمل المأجور.
المراجع:
1 ــ هكذا تكلّم زاردشت، فريديك نيتشه ، ترجمة علي مصباح ، ص 154 ، ج 2 ، منشورات الجمل.
2 ـ نقض نظرية المركز، أوما ناريان و سندرا هاردنغ ، ترجمة طريق الخولي ، عالم المعرفة ، جويلية 2013 ، عدد 396







#رضا_لاغة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شقوة مخبّأة في قفا خربشة جريئة
- هابرماس و اجتراح مكانة لسوسيولوجيا ذات معنى
- يمنيّ حانق أنا
- الإرهاب و استدرارالطاعة بين - إدارة التوحّش - أو الهيمنة و - ...
- من قانون الدول إلى قانون الشعوب، جون رولز نموذجا
- هجوم باردو بين المنطق و اللامنطق
- الاغتيال السياسي : تنظيم داخل التنظيم
- أضواء ساطعة حول الإغتيال السياسي: الرفيق شكري بلعيد و الأخ م ...
- قتل بإستيطيقا غامظة
- حيز يقطن فيه الأمل : تبيئة للفضاء العمومي الهابرماسي
- إلي أيقونة القلب: فلسطين
- احتمالات معاكسة لليقين و اللايقين
- تفجير الحداثة من الداخل : نقد لها أم تضحية بالحداثة؟
- هو ذا طريقنا
- الحداثة المعطوبة بعيون هابرماسية و الدور الملهم للإرث الديني ...
- يشرعن و يقمعون ، و المرأة تبلغ نهاية مصيرها العادل
- ثقافة فينومينولوجية لاختراع الجسد و تنابذ مع الكوجيتو المقلو ...
- دردشة على ضفاف الهنا و الآن
- العرقية و القومية: تأصيل إيديولوجي أم أنثروبولوجي؟
- ملاسنة حول السفسطائي: رحلة من معاقل الميتافيزيقا إلى معاول ا ...


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا لاغة - التقاطعية و جسر الهويّات