|
موسى النبي .. قاتلا !
داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 4773 - 2015 / 4 / 10 - 01:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
القتل جريمة اخلاقية وانسانية يعاقب عليها القانون ، والقاتل مجرما أيا كانت منزلته الاجتماعية والسياسية ، ويجب ان يأخذ جزاءه على وفق القوانين . ولا توجد ثمة محاباة او غض الطرف عن الشخص الذي يرتكب جريمة القتل ، أيا كانت اهداف القتل ، فلو افترضنا ان المقتول كان قد ارتكب فعل ما فلا يجب على خصمه القيام بقتله ، مهما كانت الدوافع ، بل يجب ان يخضع الجميع الى العدالة والقانون الذي يأخذ مجراه الطبيعي . وهذا هو المتعارف عليه بحسب الفلسفة القانونية ، وبحسب كل الاعراف والقيم الاجتماعية والاخلاقية . وهناك معاهدات دولية وحقوق انسان اقامت على مدى التاريخ القديم والحديث ، هدفها الحيلولة دون وقوع جرائم قتل بحق الانسان ، مهما كان لونه وعرقيته ودينه ومعتقده . يذكر لنا القرآن بأن موسى النبي قد قتل شخصا بدوافع . تقول الآية { وَقَتَلْتَ نَفْساً } طه / 140. والامر واضع بأن موسى ارتكب جريمة قتل ، وهو معترفا بذلك . قال الزمخشري في (الكشاف) : (هي نفس القبطي الذي استغاثه عليه الإسرائيلي . قتله وهو ابن اثنتي عشرة سنة : اغتم بسبب القتل خوفاً من عقاب الله ومن اقتصاص فرعون ) . يعني ان المقتول حدثا ولم يكن بالغ الرشد بعد ، فما ذنب هذا الحدث يتعرض الى القتل ، سيما وان القاتل هو نبي ، والانبياء يفترض انهم ارفع واسمى واعظم خلقا من سواهم . وموسى بعد قتله لهذا الرجل هرب من العدالة وحكم القانون الوضعي ، ولم يأت ويعتذر الى ذوي المقتول ويدفع الدية . وكذلك لم يذهب القانون ويعترف بجريمته ، لعل القانون يخفف عنه الحكم او يعفي . فاذا قلنا بان الامر جاءه من السماء ، يعني بامر الله ، فان هذا لم يحصل بدليل القرآن نفسه . قال الطبري في تفسيره ({وَقَتَلْتَ نَفْسًا} [طه: 40] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ: قَتْلَهُ الْقِبْطِيَّ الَّذِي قَتَلَهُ حِينَ اسْتَغَاثَهُ عَلَيْهِ الْإِسْرَائِيلِيِّ، فَوَكَزَهُ مُوسَى ) يعني بعصاه وهرب الى مدينة مدين . فلم يستطع القضاء ان يلاحقه ، كون ظروف الامس ليست ظروف اليوم . لكن اين يذهب والله يقول وبشر القاتل بالقتل . وهنا يعتذر الطبري ويقول : (وَكَانَ قَتْلُهُ إِيَّاهُ فِيمَا ذُكِرَ خَطَأً) ويروي حديثا عن النبي يقول فيه : (إِنَّمَا قَتَلَ مُوسَى الَّذِي قَتَلَ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ خَطَأً ) . واقول اذا كان الامر كذلك لماذا لم يأت ويعتذر لذويه ويدفع الدية وينتهي الامر . وتعجبني هنا عبارة لأحمد القبانجي في هذا الصدد حيث يقول : بأن موسى كان اول داعشي حينما ارتكب جريمة القتل هذه. وفي تفسير البيضاوي : ({ وقتلت نفسا } نفس القبطي الذي استغاثه عليه الإسرائيلي { فنجيناك من الغم } غم قتله خوفا من عقاب الله تعالى واقتصاص فرعون بالمغفرة والأمن منه بالهجرة ) وهنا يعبر بالهجرة ! والصحيح انه فر من العدالة وحكم القانون . واذا افترضنا ان موسى قد ارتكب جريمة القتل خطأ ! لماذا هم بارتكاب نفس الجريمة ؟ وكاد ان يفعل . فقد ذكر ابن كثير في تفسيره : (فَبَيْنَمَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَمْشِي فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ أَحَدُهُمَا فِرْعَوْنِيٌّ وَالْآخَرُ إِسْرَائِيلِيٌّ، فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ فَغَضِبَ مُوسَى غَضَبًا شَدِيدًا، لِأَنَّهُ تَنَاوَلَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَحِفْظَهُ لَهُمْ لَا يَعْلَمُ النَّاسُ إِلَّا أَنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا أُمُّ مُوسَى إِلَّا أن يكون الله أَطْلَعَ مُوسَى مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ غَيْرَهُ، فَوَكَزَ مُوسَى الْفِرْعَوْنِيَّ فَقَتَلَهُ، وَلَيْسَ يَرَاهُمَا أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالْإِسْرَائِيلِيُّ، فَقَالَ مُوسَى حِينَ قَتَلَ الرَّجُلَ: هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ، ثُمَّ قَالَ: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الْقَصَصِ: 16] . فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ الْأَخْبَارَ، فَأَتَى فِرْعَوْنَ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، فَخُذْ لَنَا بِحَقِّنَا وَلَا تُرَخِّصُ لَهُمْ، فَقَالَ: ابْغُونِي قَاتِلَهُ وَمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْمَلِكَ وَإِنْ كَانَ صفوه مَعَ قَوْمِهِ لَا يَسْتَقِيمُ لَهُ أَنْ يُقِيدَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا ثَبْتٍ، فَاطْلُبُوا لِي عِلْمَ ذَلِكَ آخُذُ لَكُمْ بِحَقِّكُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَطُوفُونَ لا يَجِدُونَ ثَبْتًا إِذَا بِمُوسَى مِنَ الْغَدِ قَدْ رَأَى ذَلِكَ الْإِسْرَائِيلِيَّ يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنْ آلِ فرعون آخر، رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ آخَرَ، فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيُّ على الفرعوني فصادف موسى فندم عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ وَكَرِهَ الَّذِي رَأَى، فَغَضِبَ الْإِسْرَائِيلِيُّ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْطِشَ بِالْفِرْعَوْنِيِّ، فَقَالَ لِلْإِسْرَائِيلِيِّ لِمَا فَعَلَ بِالْأَمْسِ وَالْيَوْمِ: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ [القصص: 18] ، فَنَظَرَ الْإِسْرَائِيلِيُّ إِلَى مُوسَى بَعْدَ مَا قَالَ لَهُ مَا قَالَ، فَإِذَا هُوَ غَضْبَانُ كَغَضَبِهِ بِالْأَمْسِ الَّذِي قَتَلَ فِيهِ الْفِرْعَوْنِيَّ، فَخَافَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مَا قَالَ لَهُ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مبين، أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ، وَلَمْ يَكُنْ أَرَادَهُ إنما أَرَادَ الْفِرْعَوْنِيَّ. فَخَافَ الْإِسْرَائِيلِيُّ وَقَالَ: يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ، وَإِنَّمَا قَالَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ مُوسَى لِيَقْتُلَهُ، فَتَتَارَكَا وَانْطَلَقَ الْفِرْعَوْنِيُّ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا سَمِعَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيِّ مِنَ الْخَبَرِ حِينَ يَقُولُ: يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ، فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ الذَّبَّاحِينَ لِيَقْتُلُوا مُوسَى، فَأَخَذَ رُسُلَ فِرْعَوْنَ فِي الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ يَمْشُونَ على هينتهم يَطْلُبُونَ مُوسَى وَهُمْ لَا يَخَافُونَ أَنْ يَفُوتَهُمْ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ شِيعَةِ مُوسَى مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ، فَاخْتَصَرَ طَرِيقًا حَتَّى سَبَقَهُمْ إِلَى مُوسَى فأخبره ) . وخلاصة الكلام ، فان موسى ارتكب جريمة قتل شنعاء وهرب من وجه العدالة والقانون ، وهم بارتكاب اخرى .
#داود_السلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قيم الركاع من ديرة عفج
-
المقاتل الاشقر
-
نافذة المنفى
-
ذكر الكلب في القرآن
-
فقدان ثقة
-
سياسي حدث
-
مرثية لبغداد
-
قابل آني هندي
-
عاش الزعيم الزود العانة فلس
-
حمار يتكلم بحسب السيرة الحلبية
-
الوجع الاخير
-
التي كسرت قوس المسافة
-
معركة البصل والثوم !
-
ربطة عنقي بالات !
-
اعتراف المسلمين بوجود احاديث موضوعة
-
اعلانات خليعة !
-
امنية ضائعة
-
الاسلام لا يقود الحياة (الحلقة الاولى)
-
الدعاء لدى المسلمين هل فعلا له تأثير ؟
-
كيف تصبح وزيرا في عشرة ايام
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو
...
-
معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
-
-مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن
...
-
تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة
...
-
اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
-
تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
-
تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ
...
-
المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
-
نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|