أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف مليكة - كلثوميات أعطِنى حريتى أطلِق يديَّ!















المزيد.....

كلثوميات أعطِنى حريتى أطلِق يديَّ!


شريف مليكة

الحوار المتمدن-العدد: 4772 - 2015 / 4 / 9 - 02:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لست أدري لماذا تدور هذه الأيام بالذات حوارات كثيرة حول الحرية والديموقراطية. وقبل نصف قرن أو أكثر صرخ الشاعر الطبيب إبراهيم ناجي في رائعته الأطلال والتى تغنت بها أم كلثوم عام 1966 "أعطنى حريتى أطلق يديَّ". ومن المعروف أن ناجي كان من رواد المدرسة الرومانسية في الشعر، ومن مؤسسى جماعة "أبوللو" الشعرية، وقد بدا ذلك جلياً في هذا المقطع بالذات، فهو يختلف عن أحمد شوقي الذي قال "وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً" والتي تغنت بها كوكب الشرق أيضاً. ففي شعر ناجي نجد الفردية (بمعنى الذاتية) جنباً إلى جنب مع الثورة على الوضع القائم، ولكن في ثوب بسيط من الناحية اللفظية. أما في الشعر الكلاسيكي، فعلى العكس، نجد الأسلوب المتأنق والألفاظ القوية فى إطار قيود صارمة من حيث الشكل والتراكيب اللغوية.
ولكني عبر ذلك المدخل أحب أن أناقش مفهوم الحرية اليوم وبشكل أوسع الديموقراطية إن أمكن، من خلال المنهج الرومانسي الفردي الذاتي الثوري البسيط. ففي نفس ذاك السياق، يصرخ الكثير من المصريين اليوم: "أعطني حريتي أطلق يديَّ" . من أقباط إلى ليبراليين، ومن فقراء ومطحونين، والمرأة وأطفال الشوارع، وخريجي الجامعات المأسورين في سجن البطالة، وحتى أعضاء جماعة الإخوان المسلمين(المحظورة) نجدهم يصرخون معاً. إذن فمفهوم الحرية ليس بسيطاً أو سهل المنوال. فهو لا يخضع لقانون الأغلبية والأقلية إذ نستطيع بعملية حسابية بسيطة أن نجد أن الفئات هذه تمثل ثمانين في المائة من المجتمع ـ على الأقل ـ وهاهم يعانون من سطوة فئة تمثل أقل من عشرين بالمائة من مجموع السكان. كما إن الحرية ليست قاصرة على عرق أو دين أو جنس أو درجة تعليمية. ولكن لماذا يشعر كل هؤلاء بالغبن إذن؟
فى إعتقادى إن المسألة تخضع لموازين "القوى" فى المجتمع. الفريق الأقوى هو الذى يتمتع بمقاليد الحكم، وهو الذى يتمتع بالحرية ويملكها، فيفعل بها ما يشاء، والأضعف لا يمتلك حتى أمر نفسه، ويعاني فعلاً من غياب الحرية، ولو بشكل نسبي، كما يعاني من غياب أساسيات حياتية قد يعتبرها أهم أو أثر إلحاحاً من تلك "الحرية" كالمأكل والملبَس والمسكن مثلاً. ولكن كيف يتصالح هذا الطرح مع كل ما نسمع من التشدق بكم الحرية المتاحة اليوم بالمقارنة بعصور سابقة، وحرية الصحافة التي باتت توجه أصابع النقد بل والإتهام بجرأة غير معهودة حتى إلى رموز النظام من وزراء حكومته وحتى رأس النظام شخصياً؟ ألا يعنى ذلك مساحة من "الحرية" لم يكن يحلم بها الجيل السابق لهذا الجيل، وجيل أو جيلين قبله منذ قيام الثورة الخالدة الذكر؟ الإجابة قد تبدو معقدة، ولكنها في الواقع بسيطة جداً. فهذه ليست "حرية" حقيقية، وإنما هي حرية الكلام وحرية الصراخ (لا بتودي ولا بتجيب) بالضبط كحرية الحمار في أن ينهق والدجاج في أن يكاكي، أصبح من حقنا اليوم أن نكتب، ونكتب، ونكتب، ولكن كنهيق الحمار لا يؤثر بشيء على واقعه، إلا إذا شاء صاحبه الممسك باللجام أن يعتبر ذلك النهيق تعبيرًا عن الجوع ـ مثلاً ـ فيقرر ما إذا كان يود لو أعطاه بعض البرسيم، أو لا يعطيه لو رأى أن المصلحة تقتضي بمنعه عنه في ذلك الوقت بالذات.
إذن فالحرية الحقيقية هي تلك القادرة على إيجاد تبعات لها، أو ببساطة تأتي بثمار ولا تكون مجرد نداء عقيم "أعطني حريتي أطلق يديَّ" ولكن نداء يعقبه "الحصول" على تلك الحرية المبتغاه، فتنطلق الأيادي التي طالما عانت من تكبيل معاصمها. وفي الواقع لا يمكن ـ كما علمنا التاريخ، أن تتحقق تلك الحرية"الفاعلة" إلا كجزء من منظومة الديموقراطية. نعم، فلا وجود، أو حتى أي معنى لحرية في مجتمع ديكتاتوري، كما كان الحال في الاتحاد السوفييتي مثلاً، أوفي مجتمع ثيوقراطي، كما رأينا ما حدث خلال الإنتخابات الإيرانية الأخيرة، أو بوجه عام في ظل أي مجتمع تغيب فية ـ أو تقل ـ مساحة الديموقراطية مثل مصر ومعظم البلدان العربية.
وهنا ينبغي لي أن أنتقل إلى حديث بسيط حول الديموقراطية. حيث إننا صرنا نسمع كل بضعة أيام عمن ينتقد الأقباط ـ مثلاً ـ لأنهم يطالبون بالمساواة أو بالعدالة أو برفع الظلم عنهم أو بتغيير المادة الثانية من الدستور، فنجد من يعقب على ذلك بقوله ماذا يريد الأقباط أكثر مما هم عليه؟ ألا ينبغي لهم أن يدركوا بأنهم أقلية عددية في مجتمع غالبيته الساحقة من المسلمين؟ ألا يكفيهم ما هم عليه من نعمة، وبينهم أغنى واحد في مصر (نجيب ساويرس) الذي يعايرونا بثرائه وكأنه هبة منحتها الغالبية المسلمة للرجل! ثم يزيدوا من إدعائهم على الأقباط بقولهم أما ينبغي للأكثرية أن تطبق ما يرونه الأصلح للمجتمع؟ أليست تلك هي قواعد اللعبة الديموقراطية؟
تألمت وتوجع قلبي لمقطع على اليوتيوب لأحد الدعاة الإسلاميين الأصوليين، يسألونه هل يحق لقبطي أن يخوض الانتخابات لرئاسة مصر، فيقول لا، ليس لأنه كافر ـ هذه المرَّة ـ ولكن لأنه أقلية، فلا يجوز له حكم الأكثرية. إذن فقد انتصرت الديموقراطية من جديد؟
والإجابة هي بالقطع لا على هذين السؤالين. الديموقراطية في الواقع منظومة أوسع من مجرد سيادة رأي الأغلبية، حتى لو كانت من خلال عملية تصويت ـ أو انتخابات ـ شفافة. لأن الغالبية قد تجحف بحق الأقلية، وهذا ما يتعارض مع أبسط قواعد الديموقراطية من المساواة والعدل. فإذن لو شاءت الغالبية أن تعلي من شأن الشريعة الإسلامية لتصبح المصدر الرئيسي للتشريع، فهذا قد يتعارض مع مصلحة الأقلية غير المؤمنة بتلك الشرائع، وبالتالي يصبح الأمر غير ديموقراطي. تماماً كما تمنع الصلاة في المدارس والجهات الحكومية الأمريكية بالرغم من أن الغالبية من المسيحيين، ولكن لأن هناك أقلية لا تشاركهم هذا الإيمان فقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا ـ ذات الأغلبية المسيحية ـ حكماً بعدم جواز الصلاة إحتراماً للجميع، المؤمن وغير المؤمن. وبالمثل فقد يرى الأغلبية من الجمعية العمومية لمجلس الدولة المصرية عدم استحقاق المرأة لتصبح قاضية، ولكنها ممارسة غير ديموقراطية أن تميز الدولة ضد المرأة، حتى لو كان قد أصاب رجال القضاء بمصر حالة ارتداد فكري كالتي جاءت بمثل هذا الخبر إلى صدر صحافة البلاد مثلما حدث هذا اليوم.
ماذا أقول سوى: "أعطني حريتي أطلق يديَّ!"، العالم كله يسير للأمام، وتنقلب الأنظمة وتسقط، وتسعى الشعوب بخطاً سديدة نحو الديموقراطية، بينما نلتف نحن، ونثبت أعيننا للوراء نصب الماضي السحيق، نتحسس من خلاله خطواتنا، بينما يكتفي الناس بفتات الديموقراطية المنقوصة تلك، لعلهم يملأون بطونهم بالخبز والماء، فلا يعودوا يشعرون بالجوع، فينامون.



#شريف_مليكة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلثوميات - ولمَّا اشوف حد يحبك، يحلالى اجيب سيرتك وياه!
- رمضان 2012 وليبرالية مصر
- حكاية علي بابا والأربعين حرامي
- لو كنتَ تبيع الجنون!
- الساحر العجوز
- في مقاومة دعاة الدولة الدينية
- هل ماتت الثورة المصرية؟
- مصرع بن لادن شيخ دعاة السلفية
- من مصر القديمة، إلى مصر الجديدة.. إلى المطار!
- مصر الجديدة
- يجب ألا تنطفئ شعلة الثورة المصرية
- الشعب أراد تغيير النظام... فتغير!
- عار النظام المصري المحتضر
- لا للكنيسة! لا للأزهر! لا للإخوان المسلمين! ولا لمبارك!
- ثورة -حرافيش- 25 يناير 2011 المصرية
- زهور بلاستيك رواية الفصل الثاني عشر (الأخير)
- زهور بلاستيك رواية الفصل الحادي عشر
- زهور بلاستيك رواية الفصل العاشر
- زهور بلاستيك رواية الفصل التاسع
- زهور بلاستيك رواية الفصل الثامن


المزيد.....




- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف مليكة - كلثوميات أعطِنى حريتى أطلِق يديَّ!