|
القومية العربية
سوسن أحمد سليم
الحوار المتمدن-العدد: 4770 - 2015 / 4 / 7 - 20:01
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
هذا المصطلح الذي قاربنا على نسيانه ، وربما أضحى الكثير منا ، كافراً به . ماحصل ويحصل في أوطاننا العربية منذ عقود طويلة ، من تهميش للمواطن العربي ، وجعله يحلم بأمكنة يحقق فيها إنسانيته ويثبت وجوده ، كفرد فاعل أكثر مايكون منفعل في بلده ومجتمعه ، أمكنة تتيح له الفرص ليعمل ويقدم ويشارك في كل مناحي الحياة الأمر الذي جعل من الهجرة خارج الحدود العربية ، حلم أغلبية الشباب العربي . الشعور بعدم الجدوى ، والتحلل من الانتماء ، الذل والمهانة التي باتت ترافق الهواجس بسبب عدم الاكثراث بشأن الفرد ، الذي بدأ منذ زمن يقارن بين حاله ، وحال أي مواطن أوربي أو أمريكي ، أو أي أجنبي تحرص بلاده على أن يعيش ، إنسان . الاختلافات بين الدول العربية ، التناحرات ، إطلاق الشعارات الرنانة ووضعها في دروج المكاتب ، عدم السير بأي خطوة تحقق الشعور بالانتماء لهذه القومية ، بل على العكس ، العلاقات العربية العربية ، في تفكك دائم وصراعات لاتنتهي ، وكأننا لايليق بنا إلا أن نبقى على أثر داحس والغبراء ، متبوعة بثورات الربيع العربي ، وكل إفرازاتها ، وكل الصور المقيتة التي بتنا نراها ، حقائق ماثلة في دقائق أيامنا . حال العرب اليوم ، في اتفاقهم على الخراب ، مع ظهور الجماعات التي تنسب نفسها للدين ، وتقتل باسم الله ، وارتباط مفهوم الإسلام خطأً بالعروبة ، أو مفهوم الأديان بشكل عام بالعروبة والعرب ، (كون الأرض العربية والعرب ، وحدهم من أفردهم الله بالأنبياء وظهور الأديان بين ظهرانيهم ) ، فبات كل تشويه للدين ، يتبعه تشويه للعروبة ومفهومها ، حتى كفر بها أغلب العرب ، واعتبروها كذبة عاشوا فيها كل هذا الزمان . " القومية العربية ، كلمة تعادل العروبة ، والتي لايمكن التشكيك فيها بسبب عمقها التاريخي ، وغير صحيح الوهم العام أنها مرتبطة بالإسلام ، العروبة قبل الإسلام بزمن طويل ، وقوة الدولة العربية قبل الإسلام ، لاتقل عن قوتها بعده ، فلا يقال عن العباسيين أنهم أقوى من دولة كانت ملكتها زنوبيا على سبيل المثال ، تدمر ، حضارة عربية ، ( 300 ـ ق ـ م ) ،العرب قبل الإسلام هزموا الفرس ، وحضارات العرب ، في منطقة الهلال الخصيب ، هناك شواهد عليها ، كالإشارات البابلية ، كانت منطقة الهلال الخصيب ، منطقة سيادة عربية ، لاتعني ناقة وجمل ، بل دولة مؤسسات ، لها علاقاتها وتجارتها ( طريق البخور ) أو ( رحلة الشتاء والصيف )، ولها انتصاراتها على من عاداها ( موقعة ذي قار ) ، في مصر كان الأنباط ( من دمشق شمالا وحتى شمال الجزيرة العربية جنوباً ، ومن ميناء غزة على ساحل البحر الأبيض المتوسط غرباً وحتى الأجزاء الشرقية من الأردن ) إذا مفهوم العروبة ، مفهوم قديم ، تم التعمية عليه لأسباب عديدة ، منها خاص ومنها عام " هذا ماقاله الدكتور يوسف زيدان ، في محاضرة من محاضراته في السنة التي خصصها لإعادة بناء المفاهيم ، التي قال عنها : " المفاهيم الكبرى يبنى عليها مفاهيم فردية ، ومن ثم تصورات ، إعادة بنائها ليس ترفاً فكرياً ، هو قضبة وجود ، لأن جماعات باتت مهددة بالانقراض بسبب أنها لاتدرك الأشياء إدراكاً جيداً ، وهذا يعود لأسباب كثيرة ، منها الشعوب ومنها الحكام ، حتى صار هناك تشوه وتشويش في العقل الجمعي ، وبالتالي الأفراد ، مما يستوجب إعادة تصحيح المفاهيم من حولنا " . عدتُ إلى تاريخنا ، وقد كنتُ درسته في مراحل الدراسة الأولى ، وأنساني إياه واقع ، كان يمحي بتنكره كل لحظة ، ومضة من ومضات العروبة ، ومن الإحساس بها ، ومن حس الانتماء لهذه الأمة . في التاريخ ، العرب لم تبدأ حضاراتهم مع الإسلام ، هناك حضارات سبقت بقرون ، أذكر منها . في الجزيرة العربية ، حضارتي العبيد ودلمون . في العراق ، الكلدانية التي طغت على السومرية ، ثم الآمورية ، فالآرامية ، فالآشورية التي امتد نفوذها ، إلى بحر قزوين وفارس ومصر . في بادية الشام وسواحل المتوسط ، الكنعانية والفينيقية . وهناك آثار في هضبة الحبشة دلت على حضارات عربية قديمة ، وكذلك في حوض النيل . الجزيرة العربية ، كانت قبل الإسلام ، مجموعة من الأعراب البدو الرحل ، أو مدنيين ( سكان القرى والمدن الصغيرة ) ، يحكمهم الولاء للقبيلة ( العصبية القبلية ) ، وغالبهم يدين بالوثنية أو اليهودية والمسيحية ، وكانت مركزا دينيا يؤمه العرب للحج في بيت الله الحرام الذي بناه إبراهيم ، وفي هذا المناخ نزلت الرسالة المحمدية بدين الإسلام . إذا ، العروبة مفهوم وتطبيق قديم في حياة العرب لاعلاقة له مطلقاً بالأديان ، سواء الإسلام أو غيره ، ولعل من يعود إلى التاريخ بشكل مفصل أكثر سيجد شواهد أخرى على عراقة الحضارات العربية . لاأتحدث من أجل تعصب لانتمائي ، وإنما لنفخر بما كان لنا ، ولنحاول مجددا السير نحو بناء حضارات ، تحرر هويتنا العربية من التعصب ، وخصوصا بعد ظهور هذه الجماعات الشرسة ، التي تسئ للعروبة وللأديان برمتها ، ونكون جزء فاعل ضمن بقية الشعوب . بعدما بتنا نشعر أننا لانشكل أي كيان في هذا العالم ، حيث ارتبطت بنا كعرب صورة الإجرام ، بسبب مايسمى ( الجماعات الإرهابية ) ( والإرهاب مفهوم آخر مغلوط ) أتمنى أن أتناوله في مقال آخر ، وبضوء من محاضرات الدكتور زيدان . الذي أعاد لي المشعر بشكله الصحيح لانتمائي إلى هذه الأمة العريقة ، بعدما كدتُ أفقد كل شعور تجاهه في معمعة ، عَمَّت الحقائق وطمست وجه التاريخ .
#سوسن_أحمد_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضرطة أبي
-
أعيد تشكيل الغمام
-
موت
-
قتلوا فطرتنا وتلقائيتنا فانتبهوا ياأهل مصر
-
قصة ليست قصيرة
-
نوستالجيا
-
فتاةُ الشرق
-
دعابات قاتلة
-
غمامة الإبداع
-
حكاية ..
-
ثكلى
-
ابن الشآم
-
سوريون
المزيد.....
-
استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن
...
-
هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في
...
-
بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى-
...
-
بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
-
على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية
...
-
-رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ
...
-
هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
-
مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا
...
-
خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا
...
-
علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز
...
المزيد.....
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
-
آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس
...
/ سجاد حسن عواد
-
معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة
/ حسني البشبيشي
-
علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|