أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - فتيات الصين والثورة الثقافية














المزيد.....

فتيات الصين والثورة الثقافية


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4768 - 2015 / 4 / 4 - 09:25
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


رأيت سور الصين بعينى ولمسته بيدى، بعد أن رسمته فى خيالى منذ قرأت عنه فى طفولتى، وكنت أظن أنه بنى ليمنع دود القز من الهروب خارج الصين، يستحق السور لقبه العظيم، يعتبر إحدى معجزات الإبداع الإنسانى مثل الهرم الأكبر بالجيزة.
بنى السور فوق الجبال قبل ألفى عام لمسافة ثلاثة آلاف كيلو متر ممدودا من الشرق الى الغرب، لحماية الصين من جيوش الأعداء، لكن بعد اكتشاف الطائرات الحربية أصبح السور يجذب ملايين السياح من العالم ويدر دخلا كبيرا للصين.
لا يمكن الوصول إليه إلا بعد صعود درجات سلالم بدت لانهائية بعد تجاوزى الثمانين عاما، ثم ركوب "التليفريك" الذى يعلو بنا بين الجبال الشاهقة حتى نلامس السور والسماء.
العاصمة "بكين" فى الأسبوع الأخير (من سبتمبر 2014) تغلفها سماء رمادية تشبه سماء القاهرة وأعداد هائلة من البشر، أغلبهم شباب وشابات، لكنهم يسيرون بخطوة سريعة متوثبة، تتقافز فوق ظهورهم حقائبهم الخفيفة، يسابقون الريح على أقدامهم أو فوق الدراجات، البنات والأولاد لا فرق، المرأة الصينية مساوية للرجل فى الحياة العامة والخاصة، فى قوانين الدولة والأسرة، لكن المساواة الحقيقية لم تصبح واقعا إلا بعد الثورة الثقافية الحقيقية، كما قال لى عميد كلية الدراسات العربية بالجامعة، الدكتور "شوى تشينج قوه"، لكنه يحمل اسما عربيا هو "بسام".
حسب تقاليد هذه الكلية، يحمل العميد والأساتذة والطلاب والطالبات أسماء عربية رافقنى الدكتور بسام فى زيارتى للسور، والأستاذة "منغ بينغ جيون"، واسمها العربى زهراء، تتكلم العربية بطلاقة، مثل العميد وكل الأساتذة والأستاذات والطلبة والطالبات. وسألت العميد بسام ماذا يقصد بالثورة الثقافية الحقيقية، فقال إنها ثورة الرابع من مايو 1919، التى لعبت دورا فى إعادة قراءة التراث الصيني، احتفظت بالإيجابيات وحذفت السلبيات، دعم فكر لوشيون وزملائه الثورة الثقافية الحقيقيه، أما ثورة "ما و"فلم تكن حقيقية، لأن الثورة الثقافية الحقيقية لا تحدث إلا بإعادة قراءة التراث والتخلص من جميع الفروق بين الناس، ونزع الألوهية عن كونفوشيوس وجميع الأباطرة والملوك والزعماء، تحرر الشعب الصينى من الآلهة والشياطين معا، وتحرر من التبعية لأى دولة أخري، أصبح الشعب الصينى سيدا لنفسه مستقلا فى اقتصاده وإنتاجه وثقافته وفكره الناتج عن عقله وإبداعه العلمى والفني، وأصبحت المرأة مساوية للرجل فى قانون الأسرة، وهذا هو أساس النهضة.
النهضة الحقيقية لا تحدث بسبب النهضة الاقتصادية والقانونية فقط، بل بالنهضة فى جميع المجالات الاجتماعية والسياسية والتنظيمية والثقافية والفنية والتعليمية والأخلاقية، لا تستمد الصين القيم الأخلاقية من دين معين، بل من المبادئ الانسانية العليا، كالصدق والحرية والأمانة والعدالة والمساواة والشجاعة والإخلاص فى العمل والصداقة والحب والسلام.
فى اجتماع مع عدد من الكاتبات ونقاد الأدب ومنهم الناقد المعروف "تانج شيادو" أدركت أنهم يعرفون عن الأدب العربى والمصرى أكثر مما نتصور، وقاموا بترجمة الكثير من الروايات العربية والمصرية، رأيت الترجمة الصينية لأربع من رواياتى منها "الأغنية الدائرية" وعدد من قصصى القصيرة منها "ليس لها مكان فى الجنة"، وتحدث الناقد "تانج شيادو" طويلا عن "الأغنية الدائرية" وقال إنه قرأها بمتعة نادرة وكأنه هو الذى كتبها فى الحلم، وقام الأستاذ "بنعليغ" وزوجته "جانى" بترجمة روايتى "امرأة عند نقطة الصفر" إلى الصينية عام 1988، أما الأستاذ "قاو شينغ" محرر مجلة الأدب العالمى، فقد نشر فى عددها الأخير (2014) بعض قصصى القصيرة ورواية الأغنية الدائرية بالكامل، ودراسات نقدية عن أعمالى الأدبية.
فى هذه الزيارة الأولى للصين اكتشفت أننى أحظى بتقدير كبير فى الصين أكثر من الوطن، وأدركت كيف يمكن للأنظمة الداخلية الاستبدادية أن تدفن أعمال المبدعين والمبدعات، وتؤلف الأمجاد للمنافقين والمنافقات.
الطالبة الصينية اسمها "واحة" السبب الأول وراء زيارتى الأولى للصين، تكتب أطروحة بعنوان "القلم والمشرط" عن أعمالى الأدبية، لنيل درجة الدكتوراة بالجامعة، زارتنى "واحة" فى بيتى بالقاهرة العام الماضى، كانت تقرأ لى منذ الثامنة عشرة من عمرها، وخلال عشر سنوات فقط قرأت كل ما نشرته من كتب ومقالات، وكل مانشر فى العالم عن أعمالي، هذا الجهد الهائل لهذه الفتاة الصينية النحيفة جدا، الصلبة جدا كالحديد، فى تمردها وثورتها وإبداعها، حوطتنى بذراعيها قائلة: كان حلم حياتى أن أراك. وللحديث بقية.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإبداع والثورة والحدس باللا معقول
- ثقافة الخرافة فى تونس
- زينة وهدى ودموع التماسيح
- الثورات والتحرر من اللامعقول
- تاريخ الشعوب غير المكتوب
- جبل الثلج تحت الماء
- ثلوج النرويج ونساء العالم
- داعش ومخ الإيبولا
- الاشتراكيون فى لندن وغاندى
- مقطوعات الرؤوس والوجوه
- اللا محسوس أخطر الأنواع
- الخوف من حرية العقل والمرأة
- من يذكر زينب فواز وأروى صالح؟
- النساء المقاتلات فى جبال كردستان
- الثورة الثقافية. وزوجتك
- الثورة الثقافية فى مصر والصين
- هل تتعلم النساء المصريات الدرس؟
- إدانة الأم المقتولة وتبرئة القاتل
- جهل الطب النفسى بجهاد النكاح
- الكاتبة رفيقة العمر «8»


المزيد.....




- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...
- دراسة: النساء أقلّ عرضة للوفاة في حال العلاج على يد الطبيبات ...
- الدوري الإنجليزي.. الشرطة تقتحم الملعب للقبض على لاعبين بتهم ...
- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - فتيات الصين والثورة الثقافية