أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - ميخائيل الكبير وتاريخ صدر الاسلام - ج 3















المزيد.....

ميخائيل الكبير وتاريخ صدر الاسلام - ج 3


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 4766 - 2015 / 4 / 2 - 17:19
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



الجزء الثالث والاخير

استكمالا للجزء الثاني من سلسلة مقالاتنا عن تاريخ صدر الاسلام وفقا لتاريخ ميخائيل الكبير, والمنشور على الرابط التالي :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=461199

مع مجيء العرب المسلمين الفاتحين تغيرت الصورة تماما . فان المسلمين في العقود الاولى لم يعرفوا شيئا عن الخلافات بين المذاهب المسيحية , وقد وعدوهم بالحماية واعطوهم حرية التصرف ماداموا لايتدخلون في شؤون الاسلام , ويدفعون الجزية.
وكان المسيحيون , اي النصارى بحسب الباحث محمد مجيد بلال , يخضعون لنوعين من الضرائب :

1 – ضريبة الخراج , او ضريبة الارض, وهي مفروضة على الرعايا المسلمين والمسيحيين من دون تمييز .
2 – الجزية , وتدفع على الراس , وهي مفروضة على المسيحيين من دون المسلمين . وتقدر بدينار من الذهب على كل شخص في مقابل عدم الخدمة العسكرية التي تقتصر على المسلمين فقط , مثلما يقتصر اداء الزكاة على المسلمين فقط .

وقد اختلفت قيمة الجزية فيما بعد على اساس حالة الفرد المالية ,على الرغم من انها كانت قاصرة على الشباب البالغين ويعفى منها النساء والاطفال والكهنة والرهبان وكبار السن .
وهكذا صار السريان تحت الحكم الاسلامي على درجة من الحرية الدينية لم يعهدوها من قبل البيزنطيين .

وكانت السنوات الاولى من حكم العرب المسلمين تمتاز بروح التسامح الديني والعدالة .كما كانت مصحوبة بحرص المسلمين الفاتحين على الاستفادة من التقدم الثقافي والحضاري للمسيحيين ومحاولة التعلم من سكان البلاد الاصليين في المعرفة مهما كانت عقائدهم الدينية . وهذا الموقف يبين سبب المكانة الرفيعة التي شغلها النساطرة والسريان الارثوذكس في بلاط الخلفاء العباسيين .

والعامل الاخر هو توحيد بلاد الشام وبلاد مابين النهرين ( العراق ) وفارس تحت الحكم العربي الاسلامي نفسه . وبذلك تم رفع الحواجزبين المناطق الاسيوية والتي كانت تحت سيطرة البيزنطيين والساسانيين . وهو مااعطى فرصة للسريان في التبشير بالانجيل الى اقصى الشرق في المناطق التي كانت مقتصرة على النساطرة فقط .

لقد كان الوجود السرياني في المنطقة قبل مجيء العرب الفاتحين . فقد كانت اول زوجة لخسرو الثاني ( بوفيز )( 590 – 628 م) هي الملكة شيرين الشهيرة وهي مسيحية .
وكان الراهب ( ماروثا ) (649 م ) قد ارتقى الى رتبة مطران تكريت وشهد نهاية حكم الغساسنة . وكان الجاثليق النسطوري يسكن في حاضرة الامبراطورية العربية الاسلامية الجديدة في بغداد .

وكقاعدة عامة : ان العداء المتقطع للمسيحيين , لم يكن سياسة ثابتة في بداية الحكم الاسلامي , حيث من الخطا الاعتقاد انه لم يكن هناك اي اضطهاد .
وكانت حروب الافرنجة , او كما سميت لاحقا بصورة خاطئة بالحروب الصليبية ,( حيث استخدم الفاتحون المسلمون في مدوناتهم تعبير ( حروب الافرنجة )) (ملاحظة من كاتب المقال ).هي العامل الحاسم في ابتعادالمسلم عن روح الاخوة الاسلامية مع جاره المسيحي , مثلما كان قيام دولة اسرائيل في القرن العشرين هي العامل الحاسم في افراغ العراق وغيره من دول المنطقة من اليهود ( بحسب كاتب المقال ).

وقد اثبتت القرون الوسطى انتهاء مجد الكنائس المسيحية . حيث اختفى اللاهوتيون من السريان العباقرة من الوجود , ومن ثم ظهرت اقلية فقيرة مضغوط عليهاومنحصرة عاشت على ذكريات تراثها الماضي .
وفي القرون الثلاثة الاولى للفتح العربي الاسلامي بداية من القرن السابع وحتى القرن العاشر , لم يكن زاهيا في تاريخ السريان الارثوذكس مثل النساطرة , الذين كان علماؤهم يحتشدون في اكاديمية ( دار الحكمة ) في بغداد , من حنين بن اسحاق وعائلته ودورهم اللامع في الترجمة الى اللغةالعربية في العلوم المختلفة .

ومن الملاحظ انه كلما قويت اللغة العربية , ضعفت اللغة السريانية . وفي النهاية لم تعد السريانية سوى لغة القداس في الكنائس .
كان مار ( ماروثا ) مطران تكريت من اكبر الشخصيات السريانية.ومنذ سنة 629 م وحتى سنة 649 م بعد الفتح العربي الاسلامي كان اول من حمل لقب ( مفريان المشرق ), وتخطت سلطاته الكنسية مساحة تمتد من الحيرة وحتى بلاد فارس وما بعدها .

وبصورة عامة يمكن القول بان تدخل الخلفاء في انتخاب البطاركة قد انتهى بعد القضاء على الثورة القبطية بالقوة في مصر .وحلت فترة من السماح بعدم تحصيل ضرائب الخراج والجزية من المسيحيين .
وكانت الحاجة الى المسيحيين في المراكز العليا في العصر العباسي بسبب ثقافتهم وتعليمهم واجادتهم للغات . وكان البطريرك الارثوذكسي يتردد الى البلاط , كما سمح للجاثليق النسطوري بالسكنى في بغداد.

لم يستمر التسامح والاعتدال من قبل العرب المسلمين الفاتحين لاسباب متعددة :

1 – النمو المثمر في التعليم الاسلامي , مما جعل الخلفاء اقل اعتمادا على المسيحيين في تخصصاتهم , حيث قام الخلفاء بطرد الموظفين المسيحيين من دون سبب سوى الدين .
2 –تناقص العنصر العربي الصرف , وضعف الخلفاء في مواجهة تزايد نفوذ العناصر غير العربية , مما كان له تاثير في السياسة الاسلامية . ويرجع تدخلهم الى عهد الخليفة المعتصم (833 – 842 م )وكان ابنا لجارية تركية.

ولكي يتحرر الخليفة المعتصم من نفوذ العساكر ( العرب الخراسانيين )الذين كان يدين لهم العباسيون بالحكم , قام بتكوين حرس خاص له من اربعة الاف من الترك والتركمان من اواسط آسيا . وقد اساء هذا الخليفة حساب نتيجة قراره هذا .
وحتى في ايامه كثر عدوانهم في بغداد , فوجد انه من الافضل نقل عاصمة الخلافة العباسية شمالا الى سامراء على نهر دجلة .

وظل نفوذهم يتزايد حتى قبضوا على معظم السلطة من ايدي الخلفاء العباسيين الذين صاروا خلفاء شكليين في نهاية القرن(11) م , حيث اقاموا اسرا حاكمة اشهرها ( السلاجقة ) . وقد زاد ضغطهم على الكنيسة السريانية في شمال العراق , كما زادت القرارات التي تضايق المسيحيين ابتداءا من القرن العاشر وما بعده.

وفي الواقع توصف القرون , 10 , 11 , 12 م بانها عصور انحدار الكنيسة المسيحية السريانية وهبوط مستوى الادب السرياني . ولا نجد شخصية مرموقة في الكنيسة الارثوذكسية خلال القرن العاشر , بحسب الباحث محمد مجيد بلال .

هناك راهب يدعى ( يوحنا بن مارون )( المتنيح سنة 1003 م )وكان راهبا في دير Gubos قرب ملطية وقد وصف بانه :
( محيط الحكمة ) . ولكنه لايقارن بشيء بالنسبة الى الاباء السريان القدماء , العظماء في المعرفة .وقد كتب مقالة غير هامة عن :
(امثال سليمان ),ولم يكن اسهامه في الواقع سوى اعتباره ناسخا لامؤلفا لها .

واستمر جدب الكنيسة السريانية والادب السرياني , حتى منتصف القرن الثاني عشر , عندما حدث احياء لها فجاة , بظهور ثلاثة اعلام يعتبرون من اشهر علماء السريان الكبار . وهم بحق اعظم رجالاتها المعدودين في تاريخ الكنيسة وهم :
ديونيسيوس ابن الصليبي , وميخائيل السرياني الكبير , وغريغوريوس ابن العبري .
في تاريخه المدني يوجه ابن العبري ( توفي – تنيح :1286 م ) انتقادات عنيفة الى الاسلام . وقد اغضب المسلمين لانه كتب تاريخه المدني والكنسي باللغة السريانية التي يجهلها المسلمون .

وعندما طلب منه ان يترجم كتابه المدني الى العربية , ترجم الكتاب وحذف منه تلك الانتقادات الموجهة الى الاسلام . وابن العبري هو المؤرخ السرياني الوحيد الذي كتب في تاريخه المدني ان عمر بن الخطاب كان قد جاء الى الرها ووقع عقد الصلح مع سكانها , في حين لم تذكر ذلك المصادر العربية الاسلامية .

وروى ابن العبري في تاريخه الكنسي امورا كثيرة تخص العلاقة بين النبي محمد والخلفاء الراشدين من ناحية , وبين المسيحيين في كنيسة المشرق من النساطرة , من ناحية اخرى .فهو يروي ان :
( ايشوعياب الثالث البطريرك النسطوري قد ارسل هدايا للنبي محمد واعطاه عهدا وسلطة لحكم النصارى . وقد حدد النبي محمد في هذا العهد اثني عشر درهما ( ضريبة ) يدفعها كل نصراني للدولة الاسلامية . وحث النبي محمد في هذا العهد المسلمين على مساعدة المسيحيين في بناء كنائسهم واديرتهم ) .

ولم تذكر المصادر السريانية الاولية والمصادر الاسلامية مايؤيد ذلك .من الممكن القول , بحسب مؤلف الكتاب , ان الراي الذي طرحته الباحثة الانجليزية ( كراون ) والذي تؤكد فيه على ضرورة الاعتماد كليا على المصادر السريانية في كتابة التاريخ الاسلامي , هو راي مبتسر ويحتاج الى اعادة نظر .

وتشكل المصادر السريانية العمود الفقري في اية محاولة لكتابة تاريخ المسيحيين وغيرهم من اهل الديانات التوحيدية الاخرى , تحت ظل الخلافة الاسلامية , ولكن لايمكن الاستغناء عن المصادر العربية الاسلامية .

الخاتمة :

يعتقد كاتب المقال ان اغلب الاضطهادات التي تعرض لها المسيحيون في المشرق جاءت عن طريق المسلمين من غير العرب , كالمغول والسلاجقة والترك والفرس والدولة العثمانية , ولم تاتي من العرب المسلمين الفاتحين ويمثل السريان والعرب , اصحاب ارومة لغوية مشتركة .

تم الموضوع...



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم الحداثة عند الفيلسوف هابرماس
- ميخائيل الكبير وتاريخ صدر الاسلام - ج 2
- ميخائيل الكبير وتاريخ صدر الاسلام - ج 1
- اعلان موت الحق :ضمير الانسان
- التواطؤ في تزوير تاريخ فلسطين
- اهمية الحوار في صناعة التضامن المجتمعي
- الفيس بوك والانسان الكوني
- الله والكون في الفيزياء الحديثة - ج 3
- الله والكون في الفيزياء الحديثة - ج 2
- البحث عن الهوية الجنسية - ج 3
- البحث عن الهوية الجنسية - ج 2
- الله والكون في الفيزياء الحديثة - ج 1
- البحث عن الهوية الجنسية - ج 1
- دور مكة بين الوثنية والتوحيد
- جذور الاشتراكية في العراق القديم
- جذور المجتمع الامومي عند العرب
- من الماركسية الى النظرية النقدية - ج 3
- من الماركسية الى النظرية النقدية - ج 2
- بين الحرية ومصادرات العقل الغائي
- الاصول اللغوية للخمر


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - ميخائيل الكبير وتاريخ صدر الاسلام - ج 3