أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ثنائية الحدث ووحدة المكان في رواية -حجارة الألم- انور حامد















المزيد.....

ثنائية الحدث ووحدة المكان في رواية -حجارة الألم- انور حامد


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4765 - 2015 / 4 / 1 - 21:36
المحور: الادب والفن
    


ثنائية الحدث ووحدة المكان في رواية "حجارة الألم"
أنور حامد
في هذا العمل الروائي استخدم الكاتب حدثين في مكان واحد بلدة عنبتا، الأول كان من بداية سقوط بقية فلسطين بيد الاحتلال في عام 1967 إلى قبل النصف الأول من العقد السابع من القرن الماضي، والثاني كان بعد انتفاضة الأقصى، الحدث الأول كان يتعلق بكريم وعائلته، والحدث الثاني يتحدث عن كريم بالإضافة إلى مجموعة من المتطوعين المجريين وعائلة فلسطينية ـ أبو علي وأم علي وعلي، في الأحدث الأول تناول الكاتب كيف كان وقع خبر سقوط بقية فلسطين على الناس، ومحاولتهم الهرب إلى مكان أمن خشية بطش الاحتلال بالأهالي كما فعل في بدية احتلال فلسطين في عام 1948.
ثم تطورت الأحداث واستطاع الأهالي التكيف مع الواقع الجديد، إلى أن تم إقامة مستوطنة "عناب" وقيام الطلاب والأهالي بمقاومة جيش الاحتلال.
الحدث الثاني يتناول الأحداث في انتفاضة الأقصى والكيفية التي تعامل بها الاحتلال مع الفلسطينيين، ويتحدث عن دور المتضامنين الأجانب في كشف أعمال الجيش الحامي والداعم للمستوطنين.
قد يبدو للوهلة الأولى أن الأحدث عاديا ومستهلكا، حيث تناوله أكثر من كاتب وتم إشباعه من قبل الكتاب، لكن في هذه الرواية هناك خطاب جديد، لغة جديدة، فالرواية لم تكتب باللغة العربية أساسا، بل باللغة المجرية، ومن ثم تم ترجمتها من قبل الكاتب إلى العربية، فهي تخاطب الإنسان الغربي في الأساس، وقد تعمد الكاتب أن يجعل أبطال روايته من المجريين، الدولة التي يعيش فيها ويتقن لغتها، لكي يجعلها أكثر تأثيرا ورسوخا في المجتمع المجري، وهذا ما كان على ارض الواقع، حيث كان التفاعل مع الرواية كبير وحيوي، فكان الكاتب قد قدم خدمة جلية لفلسطين وشعبها من خلال "حجارة الألم"، الرواية من منشورات مركز أوغاريت، رام الله طبعة أولى عام 2005، وقدمها وليد أبو بكر.
هناك صورة عديدة للاحتلال الإسرائيلي، إن كانت للجيش أو للمستوطنين، وأيضا صور للفلسطيني، وصور المجتمع الغربي عن الفلسطيني، سنحاول إيضاح بعض ما جاء في رواية "حجارة الألم" فهي تمثل نموذجا جديدا في الرواية الفلسطينية، إن كان على صعيد الشكل أم المضمون.


المكان"
يبقى المكان يحمل أهمية خاصة بالنسبة للفلسطيني، حيث أنه أحد أهم عناصر الصراع مع الاحتلال، الذي لا يكتفي بالسيطرة على الأرض بل يحاول أن يسرق الأسماء ومن ثم يهودها، من هنا الاحتفاظ باسم المكان بالنسبة للفلسطيني يشكل أحد أوجهه الصراع القائم في فلسطين.
أحداث الرواية تجري في الأساس في بلدة عنبتا الواقعة غرب مدينة نابلس وشرق مدينة طول كرم، لكن قبل وصول المتضامنين المجريين إليها، كانوا في نابلس ومروا بالعديد من المحطات التي تركت أثرا في نفوس هؤلاء المتضامنين، "قالا إنهما قدما إلى نابلس من نتانيا مرورا بعنبتا، وشاهدا عشرات الجنود والمستوطنين في محيط البلدة، وضع المستوطنون الحواجز عند مفرق رامين وكانوا يوقفون السيارات التي تمر من هناك ويتحرشون بالركاب" ص19، هذا الكلام جاء على لسان بإيفا وأندراش" فالمكان لم يكن يوصف بشكل مجرد، بمعنى جغرافيا وحسب، مكان طبيعي، صخور وحجارة وأشجار، بل جغرافيا عليها صراع، جيش وحواجز ومستوطنون، وهذا الأمر يؤكد بان المكان في فلسطين يأخذ شكل ومضمون الصراع القائم بين الفلسطيني والاحتلال وأدواته من المستوطنين.
رغم صغر الجغرافيا في فلسطين، إلا أن طبيعة الصراع عليها تجعلها بمثابة قارة كاملة فيها الجبال الوعرة والوديان الساحقة والغابات الكثيفة والمستنقعات الخطرة، هي ليس صغيرة بأحداثها، بل تشكل عالم شاسع مترامي الأطراف، المسافة بين نابلس وعنبتا لا تتجاوز عشر كيلو متر، لكن الوقت الذي يستغرق للمرور بينهما ساعتين وأكثر، " ـ ربما علينا السفر في سيارة أجرة إلى مفرق دير شرف، ومن هناك نستطيع أن نمشي لبضعة كيلو مترات.
أضاف أندراش: يجب أن نتفادى خمسة حواجز، إلا إذا أردنا استغلال وضعنا كأوروبيين" ص20، على هذه الشاكلة يكون المرور بالجغرافيا في فلسطين، الدقيقة فيها تتحول إلى عشرة، الزمن فيها مضاعف، لا يمكن لتكنولوجيا المواصلات أن تكون فاعلة، لأن الصراع على الجغرافيا، على الأرض، وهذا الصراع مستمر، دائم، لا يمكن أن يتوقف بالمطلق، إلا إذا تم قتل كل فلسطيني في الوجود.



الاحتلال
في البداية لا بد من توضيح أسباب وجود المستوطنات في (الضفة الغربية) وما هي الأهداف من وراء خلق بؤر احتكاكية "المستوطنات" بين الفلسطينيين والمستوطنين؟ علما بان ثلاثة أرباع فلسطين التاريخية تم السيطرة عليها في عام 1948،؟ " ... قرروا بناء تلك المستوطنات فوق القرى وحول المدن جلبوا إليها عتاة المتعصبين وأناطوا بهم مهمة خنق البلدات الفلسطينية من جهة وفرض أمر واقع يصعب تجاوزه في أي حل سياسي مستقبلي من جهة أخرى" ص114، بهذا التوضيح يبين لنا الكاتب حقيقة الأهداف الأتي يسعى إليها الاحتلال، فالكاتب عايش بداية زرع المستوطنات في فلسطين، من هنا هو يعبر عن واقع موضوعي وليس نظري، وسنتابع أحداث الصدامات المواجهات التي تمت على ارض بلدة عنبتا، لتأكيد ما جاء به الكاتب.
الكاتب يتحدث عن الاحتلال، إن كان من خلال الجيش أم المستوطنين، فهما يمثلان مضمون واحد بشكلين مختلفين، لكنهما يقومان بعمل واحد ويكمل الأول دور الثاني، فالمستوطن يقوم بسرقة الأرض الفلسطينية مدعوما ومحميا من جيش الاحتلال، ويعتمد على أسس فكرية مقدسة، "ـ يريدون إجبار الأهلي على الرحيل،
ـ إذن سنوضح لهم أنهم لن يرحلوا لأنه لا يوجد مكان آخر يذهبون إليه.
... ولا أظن أنهم يعرفون غير لغة التهديد والوعيد، لا يرون أي شيء إلا من خلال توراتهم، وهي غير التوراة التي أومن بها" ص21، من خلال هذا الكلام يمكننا تأكيد أن الفكر الديني التوراتي هو أساس عقائدي يعتمد عليه هؤلاء لكي يتمادوا أكثر بحق الفلسطيني، فهم يعتبرون أنفسهم (شعب الله المختار)، والله هو الذي منحهم ارض فلسطين، "نحن لا نعترف إلا بقانون واحد، قانون الرب، هو أعطانا هذه الأرض" ص74.
النقاش العقلاني مع هؤلاء عقيم، ولا ينتج عنه سوى التوغل أكثر في مستنقع العنصرية التي تخرجهم من حالة البشر إلى حالة الشياطين، ومن وضعهم كبشر إلى حيوانات مفترسة، من هنا نجد هذا الشكل من الوقاحة التي يتصفون بها، وهذا الغباء الذي يعمي الأبصار، "ـ هل أستطيع أن أرى الوثائق التي أعطاها ربك بملكية هذه الأرض؟
ـ عن أي وثائق تتحدث؟
ـ عن وثائق الملكية، كتلك التي يملكها هذا الرجل.
ـ هذه الوثائق لا تعنينا" ص74، المناقشة السابقة تعني إلغاء أي حوار مستقبلي مع هؤلاء المستوطنين، فهو بالتأكيد ستكون نتيجته عقيمة، وكأن الكاتب يقول لنا بان مثل هؤلاء لا يمكن إيجاد لغة مشتركة بيننا وبينهم ، فهم يعيشوا على عقلية الماضي الغابر، أفكارا بالية وضعت قبل أكثر من ثلاثة ألاف عام، فالهوة بين التفكير بعقلية الماضي والمعاصر لا يمكنهما التلاقي بالمطلق.
هذه كانت طريقة التفكير عند المستوطنين، لكن كيف كانت أفعالهم؟، "بدأ المستوطنون يطلقون النار بجنون"ص 104.
أما جيش الاحتلال فلم يكن يقل عنفا عن المستوطنين، فهو يمارس كافة الطرق ليوقع اكبر قدر من الضرر بالفلسطينيين، فبعد احتلال اتجه الشعب الفلسطيني إلى التعليم وبناء المدارس والشوارع والمرافق العامة، من خلال الأعمال التطوعية، أن كانت بالبحث عن تبرعات مادية أو عينية، أو من خلال المساهمة الجسدية في عملية البناء، لكن الاحتلال وجد في هذه الأعمال أضرارا كبيرة ستؤثر على مستقبله في (الضفة)، فهو معني ببقاء الأحوال أسوء ما يكون، أن كانت متعلقة بالبناء والأعمار أو بالعلاقات الاجتماعية، ومثل هذا الأعمال تشد من تعاضد الناس مع بعضهم البعض، وأيضا تسهم في تطوير الخدمات الأساسية والحيوية، من هنا اتخذ هذا الموقف بحق كل من يعمل على تطوير المناطق الفلسطينية، "كان الاعتقال الإداري في انتظار من يجرؤ على القيام بأي نشاط حتى ولو كان ذلك كنس الشارع" ص113، هكذا تمام تعامل الاحتلال مع العمل التطوعي الفلسطيني، فكان المحتل يسعى بكل السبل إلى جعل حياته ضنك، هذا كان مع بداية الاحتلال، لكن بعد تكوين المستوطنات تم تطور دورهم، بحيث يواكب عمليات الضغط المستمرة على الفلسطيني، "قال للضابط بصوت هادئ: اتركونا نمر، الرجل سيموت إذا لم يصل إلى المستشفى خلال وقت قصير.
رد الضابط ببرود: انتظروا، سنبلغكم لاحقا.
بدأ أندراش يرتجف من العصبية: ماذا ننتظر؟ ليس هناك احد غيرنا على الحاجز، ليس معنا متفجرات : أنظر!
وبدأ أندراش يخلع ملابسه بعصبية: هل ترى؟ هل اخلع سروالي الداخلي لتتأكد؟ .. صوب الجنود أسلحتهم نحو أندراش. أما الضابط فصرخ به:
ـ ماذا تفعل يا هذا؟ ارتد ملابسك بسرعة." ص118، في نفس المكان ـ أراضي عنبتا ـ لكن بعد ما يقارب الأربعين عاما نجد جيش الاحتلال يكمل ما بدأه بعد عام 1967، التضييق على الناس والتنغيص عليهم، ووضع كافة العراقيل أمامهم، وبعد هذا الاستهتار بالمريض أبو فؤاد والتلكؤ كانت النتيجة وفاته على الحاجز، فرغم مرور عشرات السنوات مازال الاحتلال موجودا ويمارس دوره كمحتل.
العلاقة بين الفلسطيني واليهودي
هناك علاقة بين "كريم وناؤومي" كانت في بداية السبعينيات من القرن الماضي، وهذه العلاقة كانت تمثل الجانب الإنساني عند الفلسطيني واليهودي، متجاوزين حالة الصراع، وكان يتم محاورات ونقاشات بين الاثنين دون أن يفسد ذلك روح المحبة بينهما.
والعلاقة الثانية كانت بين "علي وليئورا" تنتهي بمقتل علي وإصابة ليئورا بجراح، فكأن العلاقة الأولى والتي لم تكن من المحرمات في العقد السابع، أصبح من الموبقات السبع عن المستوطن الذي اقدم على قتل علي بدم بارد وإطلاق النار على شقيقته "ليئورا" فقط لأنها تقيم علاقة مع فلسطيني.
الأحداث تتطور وحجم وشكل الصراع يتطور، فما كان مسموحا أصبح محرما، وما كان مقبولا لم يعد، فالهداف الذي تحدث عنه الكاتب عن المستوطنات، بعد أربعين عام نضج وحان قطف ثماره، هو الموت.
أهم جمالية في بنية الرواية كان التلاقي بالعلاقة بين "كريم وناؤومي" من جهة وعلي وليئورا" من جهة ثانية ففي الفصل 13و 14، فكأن ماضي كريم يكمله علي، أو يعيده بطريقة جديدة، كما أن الحجارة التي تصدى بها كريم ورفاقه للجنود وللمستوطنين في العقد السابع، جاء علي ليكمل هذا الفعل من خلال إلقاء الحجارة على المستوطنين، فهي السلاح المستخدم من قبل الفلسطيني.
علاقة الاسم "حجارة الألم" بالمضمون
أول مواجهة فعلية "لكريم" كانت من خلال قوله لضابط المخابرات "أبو عادل" : " إذا كان يتهمني بأي شيء محدد فليقدمني للمحاكمة وإلا لن احضر في اليوم التالي. ص101 كان هذا الكلام بعد أن تكرر حضور "كريم" إلى مقر المخابرات في طول كرم لعدة أسابيع.
والمواجهة الثانية كانت عندما تم وضعه في غرفة تفوح منها رائحة البول، وجاء جندي وأخرجه إلى الممر وهناك "قررت المغادرة وليكن ما يكون".
شخصية الفتى كريم تنم عن وجود ثقة بالنفس، وأيضا مقدرة على المواجهة، ورفض صريح لما يقوم به الاحتلال، من هنا نجده ورفاقه يقررون بشكل عفوي مواجهة إقامة مستوطنة على أراضي عنبتا مستخدمين سلاحهم الفعال الحجارة التي يعتبرها الكاتب "علاقة الفتى الفلسطيني بالحجر كعلاقة العاشق بمحبوبته، الحجر بالنسبة له ليس فقط الوسيلة القتالية الوحيدة في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، بل هو رمز أيضا، رمز لفخر الوطني، لمقاومة المستحيل، من رأى فتيانا يواجهون دبابات إسرائيلية بالحجارة يفهم رومانسية العلاقة" ص121، إذن الحجارة ليست سلاحا وحسب، ليست وسيلة للمقاومة فقط، بل هي شيء آخر، مواجهة المستحيل، إثبات وجود، وتحقيق الذات، إن كانت أنا الفرد، أم أنا الشعب.
ويكمل الكاتب حديثه عن الحجارة من خلال مقاومة "كريم" في سبعينيات القرن الماضي " أنا اتخذت موقعي على "أبو حشيش" في المدخل الغربي للبلدة، وكان قلبي يدق بعنف وأنا أتحسس الحجارة انتظارا لأول "معركة" أشارك فيها" ص124، بهذه المشاعر الإنسانية يحدثنا الكاتب عن من يتسلح بالحجارة في وجه قوات عسكرية مدججة بالسلاح والعتاد، فهو يقول لنا بان الصبي الذي يحمل الحجارة هو إنسان، حتى ظهر لنا بمظهر البطل، إنه يحمل شيئا من الرهبة، وليس من السهل مواجهة جنود مسلحين بالحجارة.
الموجهة الفعلية كانت بهذا الشكل "... وبدأنا بإلقاء الحجارة، وكان حازم يستعمل تقنيات متقدمة، فهو بالإضافة إلى الحجارة كان يمتلك ما كنا نسميه "قفازة" أو " مقلاعا" أصبنا الدبابات أكثر من مرة، ولكن ماذا تؤثر الحجارة بالدبابات المحصنة" ص129 بعد هذه المعركة مباشرة يحدثنا الكاتب عن المواجهة بين "علي" والمستوطنين، وكأنه يكمل ما قام به كريم في السابق، أو هو يقدم الزمن أربعين عاما فيجعله حديثا ومعاصرا، لكن المكان، الجغرافيا، أطراف الصراع مكانها ثابتة لا تتحرك، والمقاومة بالحجارة أيضا مازالت على حالها، لم تتغير، رغم مرور هذه السنين الطوال.
"بدأ الفتيان بقذف الحجارة، وما لبثوا أن أصابوا اثنين من المستوطنين في الرأس، فجن جنونهم، اشتد إطلاق النار في اتجاه الصخور حيث يختبئ علي ورفاقه، ... اصبوا علي برأسه فتدحرج عن الصخرة ساحبا خلفه شلالا من الدماء" ص 140،
الثابت هو المكان وشكل المواجه وطرفي الصراع لا يتغيران، لكن الزمن متحرك، متغير، وكأنه يسير بالطرفين إلى صراع سرمدي لا يمكن أن يتوقف. الحجارة والصبيان في مواجهة البندقية والجنود، معادلة غير منطقية بتاتا، لكنها حقيقة موضوعية على ارض فلسطين.


الأب والأم،
في هذا العمل يقلب الكاتب مفهوم الأب السلبي المكروه والممثل للنظام الرسمي، فيجعل منه موازيا بمكانته الأم، فيصفه لنا بعد الهزيمة في عام 1967، "وانفجر باكيا، لم أر والدي يبكي بهذه الحرقة في حياتي، وأدركت بعقلية الفتى ذي العاشرة أن شيئا خطيرا قد وقع، وبدأت ابكي أنا أيضا" ص48، بهذا التأثير يتأثر الابن بالأب، فيكون لديه دوافع وقانعات بالقصاص ممن جعلوا أباه يبكي، فنجده يأخذ مكانه بين أقرانه في مواجهة جيش الاحتلال.
وعندما ترك "كريم" الصلاة كان موقف والده موقف حاسم، يعبر عن مفهومه العقلي واهتمامه بالمضمون وليس بالشكل "كان يقول إن الله يحاسب بشكل أساسي على أخلاقيات الإنسان ومسلكه وليس على المظاهر" ص80 هكذا ترك الأب أثرا فكريا ومسلكيا عند "كريم" جاعلا إياه يتجه إلى المضمون وليس إلى الشكل.
أما الأم فكانت تمثل الأم الفلاحة التي "تخاف على ابنها من الطير الطاير" فكانت كلما غاب "علي" أو تأخر تأخذ بالبكاء، وكأنها على دراية بما سيكون.
الشيوعي
في العقد السابع من القرن الماضي كان الفكر الماركسي هو السائد والمؤثر الأكبر في الساحة العربية والفلسطينية، فكان كل من لا يصلي ويتكلم بالمنطق العقلي يتهم بالشيوعية، هكذا أوجد النظام الرسمي العربي هذه الفكرة، لكي يحد من الفكر المتحرر، الكفر بالدين والانحلال الأخلاقي، "ثم ما لبثت الهمسات أن تحولت إلى اعتراض بصوت مرتفع حين لم يسلم الدين من مجادلاتي العقلانية وعلامات استفهامي، هذا كان أكثر مما يقبل به المجتمع، وبدأ الناس يتحدثون عن وقوعي تحت تأثير الشيوعيين" ص79، بهذه الكيفية يتعامل المجتمع مع كل من يطرح استفسارات أو يسأل عن أمور لا يفقهها، فينسب هذا التساؤلات إلى فكر خارجي، هو أصلا لا يعرف عنه شيئا، إلا ما يسمعه من هنا أو هناك، فيجد الفرد نفسه محاصرا من الكل، وعليه مواجهة الكل أيضا.
لم يكن المجتمع وحده من اتهم "كريم" بالشيوعية، بل أن ضابط الاحتلال "أبو عادل" يوجه اتهاما صريحا "لكريم" بالشيوعية : "أراد أن يعرف لماذا تركت الصلاة، ... لم يلبث أبو عادل أن واجهني بتهمة الشيوعية هو الآخر، أراد أن يعرف من نظمني في الحزب الشيوعي" ص101، بهذا الشكل يتم محاصرة كل من يحاول أن يخرج من بوتقة التفكير السائد، أولا يحاصر من المجتمع، ثم يأتي دور النظام الرسمي أو المحتل، فالشيوعيين الفلسطينيين قمعوا من الاحتلال الانجليزي أولا ثم من النظام الأردني ثانيا ثم من الاحتلال الإسرائيلي ثالث، وكأن الفكر الشيوعي وباء يجب محاربه من كافة الأنظمة التي حكمت فلسطين فليس لها هم سوى هذا الوباء، والمشكلة فقط تكمن بهؤلاء الشيوعيين!، من هنا تم تكامل الأدوار لكل الأنظمة التي حكمت فلسطين وهي تتشارك وتجتمع على إلحاق الضرر والأذية بالأرض والشعب معا.
رائد الحواري



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجموعة -مجد على بوابة الحرية- وليد الهودلي
- الإيمان والصمود في رواية -ستائر العتمة- وليد الهودلي
- الاسلام والعقل
- -همس الفضاءات- عباس دويكات
- الجنة في -غوايات شيطانية- محمود شاهين
- رواية -الوجه الآخر- عباس دويكات
- رواية -درب الفيل- كاملة
- رواية -الجبانة- شاركدي إمره
- الاغتراب في رواية -درب الفيل-
- الثوري في رواية -درب الفيل-
- الأبض والأسود في رواية -درب الفيل- سعيد حاشوش
- رواية -درب الفيل- سعيد حاشوش
- السادية العربية
- رسالة إلى كتاب الحياة الجديدة
- قصة -أنا أحبه-
- قصص الجيب والقرن الماضي
- رواية -النخلة والجيران- غائب طعمه فورمان
- هكذا يقتلون فلسطين
- بين الرسول محمد (ص) ومهدي عامل
- نهج واحد


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ثنائية الحدث ووحدة المكان في رواية -حجارة الألم- انور حامد