أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 11-13















المزيد.....

عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 11-13


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 4765 - 2015 / 4 / 1 - 03:28
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



الفرق بين علماء اللغة و الطارئين عليها
في الحلقة السابقة ، أوضحت كيفية استخدام مدرسة النحو التحويلي التوليدي لمفهوم "النحو الكوني" (Universal Grammar) ، أي القواعد النحوية الأساسية التي تستطيع توليد و تحليل كل جملة صحيحة في كل لغات العالم لتفسير سرعة إكتساب الطفل للغة . و لا بد من الإيضاح هنا بأن المكونات الأساسية لهذا النحو تتسم بالعمومية ، و منها تأليف الجملة من ركنين أساسيين : المسند و المسند إليه ، مثلاً ، و لكل ركن منهما عنصر رئيسي أسمي او فعلي واحد (تتعلق به بقية العناصر المؤتلفة معه في الجملة ، إن وجدت ضمنه) ، مع أمكانية تقديم أو تأخير كلاً من الركنين... و بينت أن افتراض عالم اللغة نعوم تشومسكي وجود هذا النحو الكوني كبرنامج معرفي موروث لدى البشر يستند إلى الحقيقة الماثلة للعيان و المتمثلة بقدرة الأطفال على تكوين جُمَلٍ جديدة مبتكرة لم يسبق لهم أن سمعوها ، و لذلك فإن هذا الافتراض من شأنه أن يقدم حلاً عقلانياً لمشكلة العجز في مدخلات جهاز اكتساب اللغة لدى كل الأطفال الأصحاء في العالم . كما أشرت إلى قيام هابرماس باستعارة هذا المفهوم من تشومسكي و تحويله من ميدان النحو إلى ميدان التداول الاجتماعي عبر الافتراض بوجود تداوليات كونية (Universal Pragmatics) مسؤولة عن التفاهم و الإجماع العالمي .
يلاحظ القارئ الكريم أن فرضية تشومسكي بوجود البرنامج الموروث للمعرفة بالنحو الكوني تستند إلى الواقع التجريبي المتمثل بقدرة الأطفال على إنتاج الجُمَل المبتكرة ، و أن هذا الافتراض يحل المشكلة اللغوية المتمثلة بالعجز في المدخلات لجهاز تعلم اللغة الموجود لدى كل إنسان لكونه يبين أن كل طفل عندما يولّد الجُمَل المبتكرة إنما يستخدم في هذا التوليد برنامج النحو الكوني الموروث لديه . إذن الفرضية التشومسكية بصدد (وجود) النحو العالمي تستند على العلم التجريبي الماثل للعيان : توليد الجُمَل الجديدة من طرف أطفال العالم أجمع (الموجود) . و المنهج العلمي هنا يفترض وجود (س) لتفسير ما هو موجود أصلاً في الواقع : (ص).
و بالمقارنة ، فإن افتراض هابرماس وجود التداوليات الكونية لخلق الإجماع لا يستند حتى و لو على شعرة من الواقع الاجتماعي لانتفاء وجود الإجماع بشأن أي شيء في المجتمع البشري بسبب تباين و تضارب المصالح و الإرادات و الأفكار و المواقف و الأهداف و الخلفيات و الدوافع و التصورات التي تميز شخصية كل إنسان عن الآخر و الحاكمة للعلاقات المجتمعية البينية (التذات) . ثم أنّى يتأتى لأي باحث علمي تصور وجود الإجماع في المجتمع البشري ما دام تمام نصفه من الجنس اللطيف (أكثر من ثلاثة مليارات و نصف المليار امرأة يشطب هابرماس عليهن بجرة قلم "إجماعية " نقدية عقلانية تفاهمية !) الذي يخلق كل البشر مظلوم اجتماعياً في نظام تتحكم طغمة العشرين ألفاً من المليارديرية فيه بمصائر سبعة مليارات من البشر ؟ طيب ، ما دام الإجماع غير موجود في المجتمع العالمي أصلاً ، فلماذا نفترض وجود التداوليات الكونية غير الموجودة ، أصلاً ؟ هنا المنهج الدوغماتي التحكمي العائد لهابرماس و وليد يوسف عطو و هشام عمر النور و الذي يدعي كلية الصحة لنفسه و الذي يضرب البحث العلمي و أبسط الحقائق الوجودية و العقلانية بعرض الحائط لا يكتفي بالفرض الاعتباطي لما هو غير موجود بغية تفسير ما هو غير موجود ؛ بل و هو لا يستحي من تسويق كل هذه الخرافات اللاعقلانية بكونها الفتح المبين للبشرية جمعاء و التي حققت المعجزات الكونية و أسقطت الماركسية ، رغم أن حتى النعامة لا تدس رأسها في التراب إلا بعد أن تتيقن من وجود الخطر عبر رؤيتها له ماثلاً أمام عينيها . و لذلك نجد الإستاذ وليد يوسف عطو المحترم يفجر علينا البالونات بخصوص معجزات هابرماس الوهمية : مات و صار و جعل و حلًّ و تحوّل و أصبح و بات و تمَّ ...و كذا ... و كذكذا... و لكن ليس قبل أن تكبر في عين الصغير الصغائر . المطلوب من كل بهلوانياتهم الكلامية هذه هو الضحك الفج على القراء بالترويج لديمومة إمبراطورية الشر الإمبريالية عبر خلق الأوهام المخزأية التي تنطبق عليها مقولة : أي دبدبا تدبدبي .

مفهوم أفعال الخطاب (Speech Acts) و كيفية استخدام هابرماس له
جذبت الإنجازات الكبيرة التي حققتها مختلف مدارس علم اللغة خلال القرن الماضي انتباه العديد من أساتذة جامعة أوكسفورد لهذا الميدان البحثي الثري ، فبدأ هؤلاء بالكتابة في فلسفة اللغة ، و من بينهم جون لانغشو أوستن (1911-1960) الذي درس أفعال الخطاب (Speech Acts) . لاحظ أوستن أن هناك عدداً من الأفعال البشرية التي لا تتحقق فعلياً في الحياة العملية إلا لغوياً عن طريق قيام المتكلم بتلفظ جمل معينة متعارف عليها بحد ذاتها و في ظروف زمكانية محددة و بوجود أشخاص بعينهم ، مثلما يحصل عندما يقوم المتكلم بقطع وعد ما على نفسه أو المراهنة أو تسمية السفن .. إلخ . و بالإنتقال من الإنجليزية للعربية ، نجد مثلاً ، أن فعل الزواج الإسلامي لا ينعقد لا بحضور العريس و العروس و الشيخ و الأهل .. و حصول الإيجاب للفظ : زوجتك موكلتي/موكلي فلانة/فلان على المهر المعلوم و قدره .... و القبول بتلفظ العريس أولاً و من ثم العروس بجملة : "قبلت الزواج" . نفس الشيء يحصل في إنجاز طقس الأذان و الصلاة و الدعاء و الدخول في دين الإسلام و الطلاق و الشهادة و القَسَم و القبول و الرفض .. إلخ . مثل هذه الأفعال لا تنعقد إجتماعياً إلا عن طريق تلفظ المشارك في الحدث الكلامي بجمل محددة و متعارف عليها إجتماعياً بالذات ، و لهذا فقد سمى أوستن مثل هذه الأنماط الكلامية بأفعال الخطاب (أو الكلام) التنفيذية (performative speech acts) . و تتميز العبارات المطلوبة في مثل هذه الأفعال بكونها لا تقبل الحكم عليها بالصح و الخطأ ، و إنما بالرضا و النفاذ ، أو عدم الرضا و الفشل في النفاذ . هذا الموضوع معروف سابقاً منذ زمن أرسطو ، و قد ناقشه الفلاسفة العرب القدماء و علماء البلاغة بحيث أن إبن جنّي مثلاً ميَّز بين مفهوم "الخبر" الذي يقبل الصح و الخطأ ، و "الإنشاء" الذي يقبل التحقق بالاستجابة الرضائية أو الامتثال مثل الأمر و النهي و الاستفهام و الطلب و الشرط و الاعتذار و الدعوة و النصح ، إلخ . و لكن ماذا عن الجمل الخبرية ؟ لنفرض أنني تلفظت بالجملة الخبرية :
خرج زيد .
هذه الجملة تعني للسامع أنني أنا المتكلم : أؤكد/أؤيد/ أُعْلِم / أُبْلِغ عن خروج زيد . و هذا يعني أن الناطق بها إنما ينجز هنا فعل التوكيد/التأييد/ العلم / الإبلاغ بخروج زيد ، و بالتالي فهي تنطوي على تحقق فعل خطابي أيضاً . و لما كان هذا الأمر ينطبق على كل جملة خبرية في أي لغة من لغات العالم ، لذا فإن كل الجمل المنطوقة إنما هي في الواقع أفعال خطاب و التي تستلتزم ضرورة تحقق النتيجة (uptake) المرجوة منها ، و بعكسه ستصبح فاسدة (misfired) . و لأن اللغة الإنجليزية تقتضي وجود الفعل ركناً ثابتاً في كل جملة خبرية ، لذا فقد حصر أوستن عدد أفعال الخطاب في الإنجليزية بعدد الأفعال في اللغة المذكورة : عشرة آلاف فعل . أما في اللغة العربية - التي تسمح ببناء الجملتين الخبرية الإسمية (زيد مسافر) و الظرفية (في بيتنا كلب) إضافة إلى الجملة الخبرية الفعلية (خرج زيد) - فإن عدد أفعال الخطاب فيها لا يقل على عشرة أضعاف عددها في الإنجليزية . أما عدد أفعال الخطاب في جميع لغات العالم فهي لا تحصى و لا تعد ؛ و تخدم عشرات الآلاف من شتى الأغراض المجتمعية . و قد قسم أوستن كل أفعال الخطاب مؤقتاً (قبل موته المبكر) إلى خمسة أقسام رئيسية : أفعال حُكْمية ، أفعال مُمارَسة ، أفعال إلتزامية ، أفعال تَصَرُّفية ، أفعال إيضاحية .
بعدها ، درس المفكر الأمريكي "سيرل" شروط تحقق أفعال الخطاب المباشرة مثل فعل الوَعْد و الطلب . كما لاحظ وجود أفعال الخطاب غير المباشرة ، و أمكانية تعدد الأغراض في الفعل الخطابي الواحد من وجهة نظر المتلقي بالدرجة الأولى و ليس المتكلم مثلما هي الحال عند أوستن . و باستخدامه لثلاثة معايير وضعية : ما اذا كان الفعل المعني يروم التطابق مع العالم أم تغييره ، و الوضع النفسي الذي يعبر عنه (الاعتقاد ، الحاجة ، و الإرادة) ، و الهدف المراد منه ؛ فقد قسم سيرل كل أفعال الخطاب إلى خمسة أنواع رئيسية : أفعال الخطاب التمثيلية ، التوجيهية ، الإلتزامية ، التعبيرية ، و التصريحية ؛ مع شروط تحققها إجتماعياً في الحدث الكلامي .
العرض الموجز جداً أعلاه يبين بوضوح أن نظرية أفعال الخطاب تدرس كل أنواع الخطاب الاجتماعي دراسة وصفية و تفسيرية بتكفلها بشرح الشروط اللغوية و السياقية و النفسية لانعقادها فعلياً ، و ليس أبداً معيارياً . و هناك مجال لتوجيه الكثير من النقد إليها ، و هذا ما هو حاصل بالضبط من طرف عشرات المفكرين غير المغرضين الذين يرفضون توجهها التسطيحي الميكانيكي ، و الغموض الذي يكتنف مصطلح "الفعل" (act) الذي تستخدمه بربطه بمعنى واحد و ليس عدة معان لفعل واحد . و ما دام هابرماس و شركاه يتبجحون بعقلانيتهم النقدية فإن المتوقع منهم هو النقد العقلاني الصحيح لذلك الانعكاس للتوجه الحداثوي السائد في الغرب في مندرجاتها و الذي يتقصد إضعاف الجانب الإنساني و الواقع الوجودي للتواصل الاجتماعي عبر اختزاله لثراء الطبيعة الحوارية للتواصل إلى مجرد عدد من الجمل المنفردة ، و استبداله الاستخدام الحي للغة مجتمعياً بشروط يتم تجريدها عن سياقاتها بلا أي جدوى عملية فعلية ؛ الأمر الذي يمسخ دينامية اللغة و الدلالة بتحويلهما إلى سكونية جامدة بغية توليد تفسيرات ميكانيكية و ليست بشرية و حيوية . و لكن لا ، فالعقلانية و النقد الملازم و المدعى لهابرماس و من لف لفه لا يشتغل في نسف التسطيحات الفكرية ، بل بالعكس ، فهو يساهم في خلق خرافات جديدة فوق التسطيحات القديمة مثلنا سنرى .
و مثلما تبين لنا في الحلقة السابقة ، فقد رأى هابرماس أن الفرضية التشومسكية القائلة بوجود النحو الكوني بصدد كل الجمل في حقل كل لغة في العالم يمكن موازاتها من طرفه عبر افتراض وجود تداوليات كونية في أفعال الخطاب في حقل التواصل العالمي بالترويج للإجماع ! و لكن ها هنا تبرز المشكلة : بما أن العلاقات الاجتماعية محكومة بواقع علاقات الصراع القائمة بين من يمتلك رأس المال و السلطة وووو و بين المظلوم و المحروم قسراً من امتلاك أي شيء منها ، لذا ينبغي اللجوء لحيلة ما لـ "إلغاء" الصراع الطبقي بإقصائه من ميدان النقاش . كيف يمكن ذلك ؟ الحيلة بسيطة : يقرر هابرماس و جوقته اختراع الثنائيات المتضادة قطبياً (مثل خرافة الذات و الموضوع الأرسطية التي لم تستح الجوقة إياها من لصقها بالماركسية تحكماً مثلما مر بنا سابقاً) ، و لصقها بأفعال الخطاب بتقسيمها إلى أفعال ستراتيجية و أفعال غير ستراتيجية ، و عزل الصراع الطبقي و أفعال السلطة و الهيمنة الأمبريالية برميها في "سلة مهملات" الأفعال الستراتيجية لتصبح خارج الموضوع تماماُ ، مثلما سبق لفيبر أن فعل تحكمياً و قسم الأفعال إلى أربعة اقسام لنفس الغرض . بالنسبة للمروجين لديمومة إمبراطورية الشر الإمبريالية فإن كل شيء جائز في محاربة الماركسية . كل المطلوب في هذا المسعى هو القليل من المفهومية و الفهلوة و الحنقبازيات المثالية الميتافيزيقية ، ليس أكثر . و لكن هذا الاختراع الهابرماسي لا بد أنه سيثير مشكلة أخرى لأن تشومسكي يطبق النحو العالمي على كل الجمل في كل لغات العالم طراً لكون كل الأطفال الأصحاء يكتسبون اللغة ، فكيف يمكن لهابرماس الحديث عند تداوليات كونية لكل البشر إذا ما عمد إلى تلبيسها لبوس الثنائيات الطاردة لبعضها البعض (mutually exclusive) ما دام هذا يستتبع أن كل فرد في العالم لديه منظومتين تواصليتين متضادتين ، إحداهما ستراتيجية و أخرى غير ستراتيجية ؟ بسيطة ، يقرر هابرماس و جوقته : نحصر التواصل الإجتماعي بالتفاهم و الإجماع فقط ، و من ثم نقرر من كراسينا أن الأفعال الستراتيجية ليست تواصلية لكونها تستهدف تحقيق النجاح و ليس التفاهم ! طيب ، ما ذا سيحصل لو أن أحداً اعترض على تقسيمات هابرماس الثنائية هذه بالمحاججة العقلانية و النقدية و الصحيحة بكون هابرماس عندما لفَق بنفسه مثل هذه التقسيمات فإنما قام بنفسه بفعل ستراتيجي بستهدف النجاح و ليس التفاهم ألا و هو فعل التقسيم التحكمي التلفيقي بغية طرد الصراع الطبقي و السلطة من النقاش بنجاح ، و بالتالي فإن تأسيس مفهوم الأفعال غير الستراتيجية على فعل ستراتيجي تلفيقي هو تلفيق بتلفيق لكون فاقد الشيء لا يعطيه في ضوء إستحالة تحقيق فعل التفاهم و الإجماع المراد بواسطة فعل طارد للتفاهم و الإجماع لكونه يستهدف النجاح ؟ بسيطة ، يقرر هابرماس وجوقته للبشرية جمعاء : نحرق الصراع الطبقي بلصق تهمة تخريب التفاهم و الإجماع الاجتماعي به ، و من ثم نثير تعاطف الأغرار و الموتورين معنا بالبكاء على مسلة الإجماع الهابرماسي المطلوب و المفقود و الواجب أن يحل محل الصراع الطبقي . نفس الحيل الإيديولوجية التي كشف عنها ماركس و إنجلز تتكرر هنا من جديد : العزل ، التلفيق ، التشخيص . و هكذا ، فقد قسم هابرماس أفعال الخطاب تحكمياً إلى أفعال ستراتيجية لا تنطبق عليها التداوليات الكونية ، و أخرى تواصلية تنطبق عليها تلك الكونيات لكون الأولى تستهدف تحقيق النجاح ( قارن المفهوم العلمي للرضا و التنفيذ عند أوستن و الذي يجب أن ينطبق بالضرورة على كل كل كل أفعال الخطاب و بعكسه يعتبر الفعل نفسه فاسداً (misfired) ) ، و الثانية تستهدف تحقيق التفاهم ! و لكن ، هل هذا التقسيم التحكمي واقعي و عقلاني ؟ طبعاً لا ، لكون البشر إنما يتواصلون اجتماعياً لتحقيق عشرات الآلاف من الأهداف و التي لا يمثل التفاهم سوى هدفاً واحداً منها . و كل أفعال الخطاب هذه لابد أن تشتمل في الأقل على طرفين إثنين يتوقف حصول التفاهم أو غيره بينهما ليس على تلفيقات هابرماس و جوقته و إنما على إرادتهما كليهما و مصلحتيهما و نوع التفاهم المطلوب و سياقاته و دوافعه و شكل العلاقات القائمة بينهما و تصوراتهما ؛ و قد يحصل التفاهم بينهما و قد يعلق و قد لا يحصل ، و قد يحصل اليوم لينفرط بعدئذ ووو . و حيث أن التقسيم الثنائي أعلاه يفصل بين الأفعال الستراتيجية و التواصلية على أساس استهدافها إما للنجاح أو للتفاهم ، فهذا يعني أن الأفعال الستراتيجية نفسها ليست تفاهمية ، و أن الأفعال التفاهمية نفسها ليست ناجحة و لا ستراتيجية ، و بالتالي فأن مثل هذا التلفيق غير عقلاني بالمرة لكونه ينسف نفسه بنفسه .
و الصحيح هو أن كل أفعال البشر اللغوية و الاجتماعية هي ستراتيجية ، بضمنها التواصل اللغوي و السيميائي و اللعب و الرقص و الغناء و العمل و حتى رفض التواصل بالتزام جانب الصمت ، و كذلك رفض كل هذه الأفعال . لماذا ؟ لتوفر المسببات و الأهداف الواعية أو غير الواعية فيها ، كائناً ما كان تلك الأسباب و الأهداف . و لما كان التفاهم هو أحد الأهداف المسَبَّبة - للتقليل من الصراعات المجتمعية مثلما يدعي هابرماس - إذن فهو فعل ستراتيجي ، و بالتالي فإن الثنائية الهابرماسية أعلاه لا تصمد أمام العقلانية و لا النقد الملازم الذي تدعيه لنفسها والذي لا تستخدمه إلا انتقائياً على نحو تلفيقي مغرض . أين ذهب إذن كل ذلك التباكي عن الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان ما دام هابرماس يقرر بأن رفض الإجماع هو فعل غير تواصلي و مخالف للتداوليات الكونية المعيارية و التي يجب على سبعة مليارات إنسان الإلتزام بها رغم إرادتهم حسب أوامر هابرماس و جوقته ؟

يتبع ، لطفاً .



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 10-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 9-15
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 8-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 7-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 6-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 5-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 4-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 3-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 2-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 1-13
- حسين علوان حسين - الأديب و الباحث الأكاديمي العراقي - في حوا ...
- القليل من الدعم اللوجستي فقط
- ماركس ، و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 5-5
- أقوى العلماء تأثيراً ماركس ، و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب ...
- ماركس و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 3- 5
- ماركس و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 2 - 5
- ماركس و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 1 - 5
- كيف حرر - الحوار المتمدن - المؤلف ؟
- العبقري آينشتاين يجيب : لماذا الإشتراكية ؟
- نمط الإنتاج الأنديزي : ؛ الإشتراكية التوزيعية : من كل حسب إن ...


المزيد.....




- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 11-13