أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - أتذكر ..يا أبي!















المزيد.....

أتذكر ..يا أبي!


عبدالله مهتدي

الحوار المتمدن-العدد: 4765 - 2015 / 4 / 1 - 00:14
المحور: الادب والفن
    






أتذكر..يا أبي ؟







لعلّْك يا أبي،
لعلك قد عرفتَ
قد شارفتْ قلبكَ العتمةً
اعْتصرتْ من داخله
آهـــــــــــــــــــاً
كتبتْ به سرَّها
وانتَخبتهُ
عريسا للغيابْ
لعلك قد عرفت
كبنّاءٍ بئيس يديْك
تهدمُ الجدران التي سكنت صمتكَ
لتبني خيْمة الجرحِ
على حطام الريح
لعلك يا أبي قد عرفت
يا أبي ..أتذكر؟
لم أكن أعرف
أن الكبار عيونهم كذلك
تتزين بفاكهة الدّموع
وأن قلبكَ
ينزف نحيبا فاجعا
إلاّ عندما وحيدا رأيتكَ ،
تبحِر في يمِّك الآسن
وحيدا تفتش في مراياك
عن يدٍ تتسلّل من عتمة الليل
لترمِّم شتات عمر
قضيته تلمع وجنة الريح
على ضوْء الشموع
وتسقي بماء العُزلة
حَبَقَ الحلم


........................
لعلك تذكر.. !
أنا يا أبي أيضا بكيْت،
لا كما الأطفال يبكون،
خنقت في مقلتيَّ صمْت الدموع ،
فغرقتْ بماء الجرح
شهْقة الرّوح

لم أعرفك يا أبي
إلا صلْبا كغصْن الحديد،
عنيدا كالنّشيد،
عاصِفا كالرّيح
كثيفا كالشجر
وأنت تحدثني
عن سفرك الآثم
كأنّما
كان ترنحا دائما نحو اليباس،
ذاكرة الصبا ،يا أبي
شقاوات المراهقة التي عشتَها
مثقلا بالأسى ،
حمَّال يُتم
وأنت تلاحق
حماقات شاب كُنتَه،
تبحث عن شمس تلتحف بضفائرها،
ليل تتوسد أحلامه المتيبسة،
ريح جامحة تأخذ بلجامها
إلى حيث يقودك هوس باذخ،
ثم الحرب التي سقت إليها
مفتونا بمجدٍ خائب.


الآن بكيتُ يا أبي
لأني اكتشفتُ الآخر فيك،
رأيتُ يُتمَكَ
عارياً
موحشاً
فخجلتُ منه،
وبكيْت ،
كان نحيبي صامتا
كي لا أشعِرك بحزني
فخجلتَ أنت أيضا،
وأخفيتَ وجهك
خلف نحيبِ أنفاسٍ كانتْ
تهتزّفي صمت،
جسدٍ كان يرْتعش في صمت،
روح ٍكانت تتألم دواخلها في صمت.
لم أستطع أن أضمَّك،
رغم حاجتك
إلى حضن دافئ
فقد تعلّمت كما الآخرين
أن أقبر العواطفَ
تحت غطاءٍ سميكٍ من الصمت
كبرتُ
على أن أحبَّ بصمت،
وكذلك أن أكْرَهَ بصمت.


لازالت ضحكاتكَ
تُضيء حزمَة الأسى التي لبِسَتني
لبسا،
سَكنتني تجاعيدُها،

أفرغتْ في داخلي ريحُها
وجَعا له طعْم الفَقد.
أتذكريا أبي
حين كنت تلبسني هذيان النهار
وتسكِنني هدير الليل الذي علّمتني حكاياه
شهْوة الإنصات
أتذكر
حين كنت ترميني فوق ظهرك
بحنُو باذخ
فأحس وكأني على جبل شاهق
أرى الأرض صغيرة من هناك
فأفتن بالريح
أرى زُرقة البحر
تطفو على وجْنة الماء
تأخدني الى الحلم
وأقطف من شفة السحاب
بضع سحابات
أدحْرِجُها على راحتيَّ
أخبّؤها في دُرْج قلبي
لتنمو حدائقَ عشقٍ على فَمِ النسْيان
أتذكر يا أبي.. !
حين كانت تنتابك
هِستيريا ضحِك طفولي،
كنتُ أخافُ عليك من نفسك،
كنتُ أخافُ على فرحكَ منكَ،
مع ذلك ،
كنا
معا ً،
......................................
وكأنا نغتسل من أحزاننا،
وكأنا نرتق شراع الحلم
وكأنا نراوغ هذيانا سكنتنا أوجاعُه
وكأنا نسْرق من الزمن
بُرْهَة فرَح عابر،
وكأنا نستحمُ
في ماء له مذاق الطيف.
ولعلك تعلم
أن رنّات ضحكاتك
لا زالت ساكنة نبضة الروح
وأني أتذكر ذلك
بفيض من حب وحزن وألم.

الآن ،

هاقد مرتْ سنوات على رقدتك
هناك،
على صمتكَ الخُرافي،
على وجعكَ الزاحفِ
على سفركَ الباكي نحو العدمْ،
أتعرفُ.....؟
كم اشتقتُ إليك ؟
إلى لمْسة يديكَ القمحيتين،
إلى صمتكَ الذي اعشوشب فيه
حبق الكِتمان
إلى نظرات عينيك
المثقلتين بالحب،
إلى أنينك الخافت
إلى معطفك الفضفاض
لطالما اختبأتُ داخل كمَّيه
خائفا
من أصابع الليل
إلى ماءِ الدّهشة على وجهك
وأنت تراني
أراوغ جراحا تترصَّدني
في طريقي إلى حلم
ينسل منك إليَّ
إلى قهوة المساء التي نحتسيها

معاً
وأنت تحكي
عن فضاعات حرْب
لم تختر أن تكون حربك،
عن الموت الذي أفلتك مرات،
ليرمي شراكه على آخرين كانوا
على موعد مع رحيل فجائعي،

أتعرف......؟
كم اشتقتُ
إلى بلسم وجهِكَ
آن علمني ،
كيف أتطلع إلى الريح
سابرا غوْر روحكَ
آن انفتحتُ على أسراره
وكأنما انفتح الحلم
على مصراعيه أمامي.
كم اشتقت
إلى السماء التي كانت عيناك تراها
فتشرق في داخلي
شمسك المتيّمة باليُتم،
كم اشتقتُ
إلى الشرود الحزين
الذي امتطى محياك
حين تآلفت مع الألم؟
كم اشتقت ُ
إلى جلستك في الغرفة
الوحيدة

على السّطح ،
حيث كنت َ
تتأمَّل عُرْي سماءٍ
تركتك وحيدا في خلواتك
تحتسي كأسك المُرَّة
تجابه تعب العمْر
بالصمت
الغرفة التي كان يتعبك ضيقها
كلما شاخت فينا أسْرارالجرح،
امتطتنا مواويلهُ وجعا؟
وأعرف أنّك
كنتَ تخفي خجلك
حين ترى قطرات المطر
تتدلى من سقف الغرفة
تعزف لحْنها الشارد،
كذلك كنتُ.

كنا نخجل منْ بعضنا البعض
ونحن نبحث عن خيط ظِل ٍّ
تحت قصْف شمسٍ لارحيمة،
مع ذلك
سأظل ممتنا لك،
فالغرفة اليتيمة في السطح
كانت تفتحني
على دهشَة الزرْقة
على الأفق الممتد،
أتذوق طعْم الرّيح من هناك
أتمدّدُ على جدائلها
لأتعلم فنَّ الحلم
أخفق لأولى قطرات المطر
وهي تغسلني
من غبَش الرماد
تصْبغ ليليَ بالبياض
تمنحني زرْقة الطرق البعيدة
أمد يديَّ لأقطف
حبّات ضوء ٍ
من شجر الشمس
ألهو مع فراشات متخيلة
تحلق داخلي
تقف على أطراف يدي
ثم تطير
هاربة مني إليَّ
أتدرَّب على الإصغاء
كنتُ أستطيع
في الياليٍ المغسولة بالصَّمت
أن أتمدد على الأرض
كي أتسلّى بِعَدّ النّجوم،
وأن أتبين
ألوان العصافير
وهي تقفزً
بين شرُفات الصباحات ،
وأن أتصالحَ
مع الحلم.

أتذكرُ يا أبي !؟
أتذكر بطشك الجميل،
وغضبك المثقل بالحب،
والألفة التي تشعُّ
من قلبكَ
ها أرى وجنتيك في وَرَقِ الشفق
أرى عينيك في ومْضة الماء
أشرَب منْهما
حتى
الارتواءْ؟
أتذكرُ يا أبي... !؟ "



#عبدالله_مهتدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعلك الآن تسكنك وحشة الأمكنة
- حين..ستهجر الفراشات الزقاق
- سوريات
- لست حاطب ماء
- عن البوح الذي يملك أجنحة طائرة ويمنحنا الحق في الحلم
- قصتان
- سأختار طريقا أسهل
- شجر الحديقة
- حديقة المعنى
- شوق
- أعطاب -أمريكا-في مرآة بوكوفسكي
- مرثية الى صفرو
- لايليق بالقصيدة أن تكون مسكنا للقتلة
- سيرة غياب
- زغاريد لتيه
- حركة 20 فبراير بين المتخيل الروائي والمقترب النقدي
- قصص قصيرة جدا
- الحلم


المزيد.....




- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - أتذكر ..يا أبي!