أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المصطفي موسي - في ذكري رحيل شاعر الشعب السوداني الأولي .. محجوب شريف الذي عرفت !














المزيد.....

في ذكري رحيل شاعر الشعب السوداني الأولي .. محجوب شريف الذي عرفت !


محمد المصطفي موسي

الحوار المتمدن-العدد: 4764 - 2015 / 3 / 31 - 20:27
المحور: الادب والفن
    


حينما يرحل الرائعون في صمت الزاهدين ..

في ذكري رحيله الأولي .. محجوب شريف الذي عرفت .. !

محمد المصطفي موسي

التقيته للمرة الأولي و انا طالب انتهيت لتوي من امتحانات الشهادة الثانوية وقد خرجت من معسكر الخدمة الإلزامية بالمرخيات في العام 1997 حينما أتيت الدكتور احمد الشيخ مستشفيا من التواء كاحلٍ أصابني في يوم تخريج الدفعة .. قابلت محجوب شريف في معيته .. وكم أدهشتني بساطته وبشاشته .، حينما قدمني له دكتور احمد .. قائلا .، هذا من ترب الناجين ! فيرد استاذنا محجوب شريف .. الحمد لله علي السلامة يا ولدي ! .. ثم يعقبها بابتسامة هادئة .. حانية.. كأني أراها ترتسم بذات الملامح علي ذاك الوجه.. الطيب الوقور ! .. استنطقني دكتور احمد ..فطفقت أقص عليهما طائفة من أهوال وطرائف تعلمجية المعسكر .. و سيناريوهات تمام 9 بكل ما فيها أساطير و روايات اقرب للخيال ! .. ولدهشتي .. كان الاستاذ محجوب شريف يتابع ما أروي بشغف بالغ .. حفزني اصغائه واهتمامه البالغ علي المزيد من السرد .. ومع كل ضحكة كانت تنطلق منه حينما ارسم لهم اسكتشات مواقف ساخرة مرت بنا بالمعسكر ..كان تعجبي الداخلي يزداد .. يالطيبته وبساطته الآسرة ! .. ما اعظم وأجمل هذه التلقائية المتبسطة ! .. ثم ودعتهم وصافحته مصافحة حارة وعبرت له عن إعجابي بأشعاره الخالدة .. فشكرني ودعا لي بالتوفيق والسداد .. ودونت انا ذاك اليوم في ذاكرتي كيوم من أيامي الخالدات .. وانا .. بعد .. فتي يافع .. غض الاهاب .. !

ثم في عام 1999 حينما كنت مسئولا عن أعداد وتقديم منتدي الدفعة 21 الثقافي ( بكلية الطب- جامعة جوبا) مع الصديق الحبيب عاصم عبدالله .. قررنا ان نستضيف استاذنا الكبير محجوب شريف في إطار فعالياتنا الثقافية الطلابية.. فذهب في معيتي الصديق الحبيب منتصر الصادق وقمنا بمباغتة الراحل المقيم بزيارة مفاجئة لمنزله بأمدرمان الثورة ال 21 .. اذكر جيدا ان الوقت كان عصراً .. والشمس ما زالت تلقي باشعتها الحارقة علي ضفاف خور الحارة ( الواحد عشرين ) الشهير .. والذي جفت مياهه للتو .. بعد خريف جامح متمرد !

وجدناه جالسا في راكوبة صغيرة امام فناء المنزل .. بسيطة.. كبساطة صاحبها تماماً .. أنيقة .. وجميلة .. و مظللة بأشجار باسقات .. شأنه كشأن كل اهل تلك المدينة الطيبة حينما يستعينون برشاش زخات المياه علي الرمال امام فناء منازلهم .. لترطيب الجو وتطويع مناخ ايام " الدرد الامدرماني " العصية علي الاحتمال .

تلقانا بذات الطلاقة والبشر والتواضع الأسر الذي عهدته فيه قبل سنوات خلت .. صب لنا ( شاي اللبن المقنن ) بنفسه وعرفنا علي ام أولاده السيدة الفضلي أميرة الجزولي .. تلك الامدرمانية الأصيلة المضيافة.. ظللنا في رحابه زهاء الساعتين .. وكنت استدعي ذات الإعجاب اللامتناهي ببساطة تلك القامة السامقة والذي جال بخاطري قبل 3 سنوات خلون.. اعتذر لنا استاذنا محجوب شريف عن المشاركة في فعالياتنا الثقافية لأنه كان مشغولا بمشروع مكتبة تلاميذ المدارس المتحركة والذي عرُف باسم ( النفاج ).. اسم ينبئك بعبقرية جُبل صاحبها عليها في توظيف لغة التراث لمصلحة ثقافة المعرفة ! وهو كما أسهب في شرحه استاذنا الجليل لنا .. باختصار عبارة عن مكتبة متجولة علي عربة كارو يجرها حصان تجوب حارات امدرمان .. ام السودان .. لبعث غريزة الاطلاع والمعرفة في جيلٍ لم يعد في ذاكرته متسعٌ لثقافة الكتاب .. دعانا الاستاذ محجوب للمساهمة في الترويج لتلك الفكرة العبقرية لما فيها من فائدة مجتمعية عامة ..

ولكن عناد وحماسة الطلاب الذي لا يرضي بغير ادراك الغايات سبيلا .. دفعنا للمزيد من الالحاح عليه ليقبل بساعة زمنية يحددها هو في اي وقت من ساعات اليوم لإقامة الندوة الشعرية التي خططنا لها طويلا.. وكم تعجبنا حين كان صارما في رده هذه المرة .. فقال : ما كرهت في اهل هذا النظام شيئا الا تسييسهم لاطفال اليوم من خلال حملهم علي ترديد أهازيج النظام مثل في حماك ربنا وغيرها الفن القصائدي الموجه لغرض سياسي معين .. ثم استطرد.. ان أتيتكم فسأقول ذات القصائد المسيّسة حتي وان كانت تدعو للحرية والفعل الثوري الإيجابي .. الان كل وقتي ادخرته لمشروع النفاج .. وبما ان المبادئ لا تتجزأ .. فلن افعل ما يفعله هؤلاء .. بل سأبقي محجوب شريف الاستاذ والمعلم موجها جهدي لاحياء ثقافة القراءة بين التلاميذ المستهدفين لحين انقضاء هذه المشروع ونجاحه .. وبعدها لن أتأخر من اي ندوة شعرية او عمل عام يحملنا جميعا الي آفاق الحرية والانعتاق !
هكذا كان محجوب شريف .. نبيلا ومبدئيا حتي اخمص قدميه .. خسرنا مشاركته معنا نعم .. ولكنا ربحنا كثيرا وتعلمنا اكثر من ساعتين نفيستين في حضرته ..!

ثم التقيته مجددا في عام 2005 وانا طبيب امتياز بمستشفي الشعب التعليمي .. حينما كان يرقد طريح الفراش بداء في الصدر بنفس المستشفي وبنفس الوحدة التي كنت اعمل فيها .. فكان لي شرف الإشراف المباشر اليومي عليه في كل صباح قبل المرور مع الفريق الطبي الذي اعمل تحته ... فذكرته بلقاءاتنا السابقة .. ولدهشتي مرة اخري .. كم كان متوقد الذهن والذاكرة حين قال ممازحاً.. ليك علي ان الله مد في الآجال .. نعمل ليكم ليلة شعرية في جوبا ذاتها ! .. كنا نبدأ المرور اليومي مع الدكتور عادل فخري أخصائي الصدر من غرفة الاستاذ يوميا وكان الكل يحفظ أشعاره الخالدات عن ظهر قلب .. وكلما تعافي وتقدمت صحته .. كلما أضفي بابتسامته الرائعة ألقاً و رونقاً علي صحة بقية المرضي .. فكأنما تعافي الجميع بحضوره الجميل ..!

تباً للمنافي .. في كل يوم تمتلئ أرجائها .. باصداء رحيل الرائعين من .. ابناء هذا الوطن الجميل !

رحمك الله يا محجوب شريف .. يا ابن الوالدة مريم..

فلترقد بسلام .. فكلنا نشهد ونشهد الله انك ..
ماك الوليد العاق ..
لا خنت .. لا سراق !




#محمد_المصطفي_موسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكري 26 يناير 1885 .. ذكري تحرير الخرطوم وعيد استقلال الس ...
- الجمعية التشريعية : المؤسسة المفتاحية في طريق استقلال السودا ...
- امتدادات الثورة المهدية في قلب الامبراطورية البريطانية ..! ك ...


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المصطفي موسي - في ذكري رحيل شاعر الشعب السوداني الأولي .. محجوب شريف الذي عرفت !