أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - هادي العلوي: وحدة اللقاحية والمشاعية الشرقية 10 من 11














المزيد.....

هادي العلوي: وحدة اللقاحية والمشاعية الشرقية 10 من 11


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1326 - 2005 / 9 / 23 - 11:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان رجوع هادي العلوي إلى مصادر الشرق الأصلية أشبه ما يكون برجوع المياه إلى مجاريها. وفي الحالة المعنية كان رجوعه أمرا أقرب إلى ما يمكن دعوته بمصير "المثقف القطباني". فهو رجوع سبق له وأن احترق في أتون الانتماء الوجداني للشيوعية (الماركسية) ليكتشف في نهاية المطاف، بأنها لم تكن أكثر من ملجئ أولي وسهل نسبيا بمعايير السياسة العادية. ومن خلالها اكتشف حقيقة ما دعاه بالمشاعية الشرقية بوصفها الجوهر الأولي للتناسق المعقول في الوجود. من هنا يقينه المتأخر عن أن "العقيدة الشيوعية لا وجود لها، وإنما اخترعتها البيروقراطية لكي تخدع الجماهير". بينما المهمة تقوم في قلب فروة العقيدة إلى وجدان خالص منظم بواقف طبقية. فالعقيدة تتسع لشتى المواقف الاجتماعية والطبقية، كما يقول العلوي. والوجدان الشيوعي المنظم بالوعي والثقافة الشيوعية التي تضم ثقافة الماركسية واللينينية وثقافة المشاعيين الشرقيين القدماء هو الكافل للوصول بالصراع الطبقي إلى نهايته القصوى.
وسعى هادي العلوي لتأسيس هذه الغاية بصورة عملية فيما أطلق عليه (الهيئة المشاعية للشعب العراقي) بوصفها حركة مشاعية تخص العراق لا صفة سياسية لها ولا ترغب في أن تكون حزبا سياسيا. إلا أنها تتمتع بشروط أساسية ثلاثة وهي أن أعضاؤها لا يمتلكون شيئا ولا يملكهم شيء، وان يكونوا لقاحيين لا يذعنون للدولة، وان يتمتعوا بوجدان شيوعي دون أن يكون بالضرورة لهم عقيدة شيوعية.
وهو مشروع طوباوي من حيث الوسيلة والغاية، لكنه إنساني يهدف إلى جعل الطوباوية جزءا من الحلم الدائم للنزعة الإنسانية. وهي نزعة وجد نموذجها الأعلى في الفكر الشرقي الممثل لوحدة المشاعية واللقاحية. فقد بحث هادي العلوي عما اسماه بالتلازم بين الفكر العقلاني والنضال من اجل العدالة. وهي الصفة المميزة للتاوية وأغلب شيوخ الكونفوشيوسية والزندقة الإسلامية والتصوف. فالفيلسوف التاوي يسعى للبساطة بوصفها الحالة الطبيعية لوجود الأشياء. إلا انه حالما يتأمل الطبيعة ويتفلسف حولها، فانه لا يقصد في نهاية المطاف سوى طبيعة وجود الإنسان. بمعنى انه ينظر إلى الطبيعة من خلال حالتها في المجتمع. وذلك لان أصل التاوية هو الموقف الاجتماعي المرتكس في فلسفة الطبيعة، كما يقول العلوي. بمعنى الموقف الذي تجرد واستبطن ما في المجتمع من خلال تأمل الطبيعة. من هنا استنتاجه القائل بانعدام الخلاف بين تاو المجتمع وتاو الطبيعة إلا في السجية المخصوصة لكل منهما. ولكي تكون تاويا يجب أن تكون بسيطا في كل شيء. فالتاو يتعارض مع التعقيد والغلوّ والإفراط. ذلك يعني أن التاو هي فلسفة الاعتدال المتسامي، أي فلسفة العدل المطلق. وهي فلسفة تهدف في الوقت نفسه إلى حرية من طراز خاص تقوم في معارضة كل مؤسسات الدولة ومرافق المجتمع. فهي ضد المدنية والحرب والتملك والطبقات. انطلاقا من أن الألوان المتعددة تعمي البصر، والأصوات العديدة تصم الأذن، والطعوم الكثيرة تفسد المذاق، بينما تؤدي النفائس إلى الضياع. وهي فكرة شدد عليها العلوي من خلال إبراز بديلها فيما أطلقت عليه التاوية اسم الأصول الخمس بوصفها أساس بناء علاقة الإنسان بنفسه والسلطة وهي: اعتدال في عدد الناس، ومعارف يسيرة، وسلم دائم، وخلوة مستمرة عن العالم، وحياة بلا تضاريس. ولا يعني ذلك سوى قواعد الرجوع إلى المبدأ الأول في الوجود بوصفه مطلق التاوية. ولا يهدف ذلك في نهاية المطاف، حسب تأويل هادي العلوي، سوى السير في طريق التخلص من صفات المجتمع الطبقي والتعالي عليه عبر التوغل في أعماق الطبيعة بعيدا عن التمدن المصطنع.
إن العودة إلى الطبيعة، أي إلى ما قبل الطبقات، هو الفعل الضروري للتخلص من الرغبات المفرطة التي تقف وراء الحروب وسن العقوبات وحرمان الناس من حق الكفاف بتكديس الذهب واليشب في أيدي الملوك والأمراء والسادة. وهي فكرة مغروسة في أعماق الرؤية الإنسانية المميزة للمشاعية الشرقية، أي تلك التي تحتوي في أعماقها على عقل إنساني مخاصم للطبع ومحكوم بهاجس العدالة الأبدية للإنسان بوصفها جوهر وجوده العقلي والواجب. من هنا تشديد العلوي على أن "العقل والطبع حتى الموت خصمان". وهي فكرة رفعتها التاوية إلى مصاف الشعار الأبدي، مما يجعل منها كتابا مفتوحا وأبديا يمكن لكل جيل قراءته من جديد.
واعتقد هادي العلوي، بأن الثقافة الإسلامية قد سارت في هذا الاتجاه، بمعنى جمعها المتميز بين العقلانية والعدالة الروحية والنضال الاجتماعي. فالمتصوفة العظام شأن فلاسفة وحكماء الشرق أرادوا روحنة الطبيعة ضمن نضالهم الاجتماعي الموجه ضد قسوة الدولة وحسية الدين. وفي هذا الاتجاه سارت مشاعية الزندقة الإسلامية بوصفها الممثل العام لمساعي الحرية والعدل (أو اللقاحية حسب تعبيره). وليس غريبا أن يضع في هذا التيار شخصيات غاية في البعد والتباين والاختلاف من حيث مقدمات وشروط فعلها ونماذجها ومواقفها الاجتماعية وكيفية سلوكها الشخصي، مازال يجمعها همّ اللقاحية والمشاعية. بحيث نراه يدرج فيها كل من سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والعنبري والحسين بن علي ويزيد الناقص وعمر بن عبد العزيز والفرزدق وبشر بن برد والنظّام وشبيب الخارجي وأبو حنيفة والرازي وصاحب الزنج وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم.
فقد وجد في سلمان الفارسي والغفاري نموذجا رفيعا للمشاعية الشرقية، بسبب امتناعهما عن التملك وإيثار الفقر والزواج بواحدة. إذ جسّد سلمان الفارسي بعد أن أصبح واليا ما سبق وان قاله لاوتسه "حاكم يؤم القوم وهو وراءهم، ويتدبر شئونهم وهو خادمهم"! بينما وجد في موقف الحسين بن علي عندما واجه الموت وخطابه القائل "هيهات منا المذلة! يأبى الله من ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وتطهرت، وأنوف حمية ونفوس أبية لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام" موقف مشتركا للقاحية، أي لمساعي الحرية في دروب العدل.



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هادي العلوي: المثقفية والابعاد الروحية والحضارية 9 من 11
- هادي العلوي - المثقفية والابعاد الاجتماعية والسياسية -8 من 1 ...
- هادي العلوي: المثقفية او القيمة الابدية للمثقف 7 من 11
- هادي العلوي - الثقافة الحقيقية هي الثقافة المعارضة 6 من 11
- هادي العلوي - الثقافة والسلطة كالعقل والطبع 5 من 11
- هادي العلوي - التاريخ المقدس هو تاريخ الحق 4 من 11
- هادي العلوي: الابداع الحر - معارضة أبدية -3 من 11
- هادي العلوي- من الأيديولوجيا إلى الروح 2 من 11
- هادي العلوي المثقف المتمرد 1 من 11
- الديني والدنيوي في مسودة الدستور - تدين مفتعل وعلمانية كاذبة
- الدستور الثابت والنخبة المؤقتة
- أورليان الجديدة وأور القديمة – جذر في الأصوات وقطيعة في الأن ...
- الحداد الرسمي لفاجعة الكاظمية = مأتم ابدي + ثلاثة أيام
- جسر الأئمة أم طريق المذبحة المقبلة للانحطاط السياسي العراقي
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية-6 من 6
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية 5 من 6
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية 4 من 6
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية 3 من 6
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية 2 من 6
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية 1 من 6


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - هادي العلوي: وحدة اللقاحية والمشاعية الشرقية 10 من 11