أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - فى ماهية الإنسان والحياة والوجود .















المزيد.....


فى ماهية الإنسان والحياة والوجود .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4764 - 2015 / 3 / 31 - 17:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- نحو فهم للوجود والحياة والإنسان (25) .
هى رؤى وتأملات فى ماهية الإنسان والحياة والوجود بحثاً عن إدراك حقيقى لهذه المعادلة التى نعيش فيها متحررة من قوالب نمطية ورؤى مغلوطة وأحكام سلفية فرضت نفسها على وعىّ الإنسان فأفقدته بوصلته وشوهت تفكيره فى منظومات فكرية وثقافية نالت من حياته فى أوهام تصل إلى تبديد الحياة من أجل وهم عدم منتظر .

- الوجود مادى ولا يوجد شئ غير المادة , ولكن هناك إشكالية فى الوعى به فقد نسلم بمادية الوجود ولكن نعتبره خارجنا ونحن من نَرصده ونُقْيمه وننسى إننا جزء من هذا الوجود ولسنا فى حالة إستقلالية عنه فنحن لسنا إلا إفراز وصورة منه وعليه تخضع كل جزياتنا للأجواء المادية ومنها يتشكل وجودنا وووعينا وسلوكنا فلسنا حالة مستقلة ولا متأثرة بل فى بوتقة هذا الوجود المادى ننصهر داخله لتتكون جزيئاتنا وتفكيرنا ولن نتطابق فى هذا المنحى بل يمكن أن نتشابه كون المقادير ونسب الطبخ غير متساوية ومن هنا نقول لا يوجد هذا الهراء المدعو حرية فنحن لا نزيد عن طبخة مُعقدة مُركبة أنتجها الوجود المادى فى أكبر مطبخ لديه بدون ترتيب ولا نظام .. نحن نتاج تفاعلات كيمائية عديدة توفرت فى أرجاء المطبخ .

- من مفاهيمنا المغلوطة عن الحياة أننا نتصور ذواتنا كيانات مستقلة خارج فعل الطبيعة ليعتبر الإنسان ذاته كائن مختلف كلياً وجذرياً عن الطبيعة ومن لا يمتلك الموضوعية سيعتبر الطبيعة تم تجهيزها له ليترجم هذا الوعى الزائف فى أساطير الخلق. الإنسان كيان طبيعى جاء ونشأ من الطبيعة ليتميز بالوعى الذى نسج أسطورة المفارقة عن الطبيعة كحالة ترفع أحس به وقام بتضخيمها بغية التمايز عن الموجودات وإثبات وجوده من خلال المفارقة أو كرد فعل عاجز عن المواجهة والانسجام مع الطبيعة .. الإنسان منتج طبيعى بكل المقاييس وهو الأكثر تعقيداً ووعياً بين الموجودات مما دفعه للغرور وجعله يظن أن المنىّ الذى جاء منه مختلفاً عن منىّ حمار أو ثور أو فيل بالرغم ان كله منىّ ذو أداء وظيفى واحد واختلاف جينى طفيف .

- لفهم الوجود يجب السؤال عن حدوث الأشياء فهل الاشياء لابد لها أن تحدث , أو تستطيع الحدوث , أو تريد الحدوث ,أو محكوم عليها بالحدوث , وما سبب الحدوث وطبيعته, ليكون من الأهمية بمكان معرفة الإجابة ففيها الوعى بماهية الوجود .!!

- لا أعتقد فى كلمة إبداع فلا وجود لها فى الواقع والحياة فنحن لا نبدع بل نكتشف لذا تكون كلمة إكتشاف أكثر دقة من كلمة إبداع .. نحن نكتشف قوانين وعلاقات الطبيعة ولا نبدعها , وحتى ما نتصوره ابداع فى الفكر والفلسفة والفن والأدب هو إكتشاف لعلاقات وجودية وصياغتها وإعادة تركيبها بشكل مقبول غير معتاد .. الإبداع كلمة تعنى الإضافة والصياغة بينما كل الأشياء متواجدة بأسرارها وصيغها ونحن من نفك أغوارها فحسب ومهما حاولنا إعادة ترتيب أوراقها بطريقتنا الخاصة فلن نخرج عن مفرداتها .
لا إبداع مع الوجود المادى ولا حكمة فى صيرورة الوجود المادى لتأتى الحكمة والتقدير كمفردات إنسانية يتم إسقاطها على سلوك وتوازن المادة نتيجة الجهل ومفارقة الإنسان للطبيعة بالوعى والتمايز والتشخيص فلا يمتن للجماد ليخلق كيان شخصانى مثله يمتن إليه .

- يستحيل أن نفكر أو نمطنق الأشياء بدون وجود مادى نشكل منه أفكارنا ومنطقنا فالفكرة صور وحراك المادة فمن هذه الصور نكون أفكارنا لنرتبها ونلصقها بشكل نقول عنه منطقى أو خيالى ليكون منطقنا هو الإحساس والإعتياد على الخصائص المادية للمادة .. منطقنا هو فعل إرادتنا وفق محددات صور الوجود المادى أما الحياة والوجود فليس له منطق ,فالأشياء كما هى وعليك أنت أن ترتبها وتطلق عليها منطق ,فالحديد يعتريه حالة نقول عنها صدأ , فالصدأ فى طبيعة الحديد لنقول عنه منطق .

- فلسفة التكيف والتوائم .
إشكالية فهمنا للوجود أننا لا نفطن أن الإنسان نتاج حالة تكيفية من نتاج الطبيعة وليس كوننا تكيفنا مع الطبيعة أى تواجدنا من مخاض الطبيعة بعلاقاتها وتوزاناتها ولم تتواجد جزيئاتنا ثم تكيفت فهذا من الأهمية بمكان إدراكه فكل مشهد فى الطبيعة يثبت ذلك كالتطور أما فكرة أننا تواجدنا ثم توائمنا مع قانون الطبيعة أو ذلك الفكر الغبى الذى يعتبر الطبيعة تهيأت وتم تجهيزها لإستقبالنا فيعطى نتائج خاطئة وكأننا نمارس دور التأثر فى وقت لاحق بينما جزيئاتنا ما كان لها أن تتواجد ولا تتراص كهيأتها إلا بعد أن تكيفت مع معادلة الطبيعة كوجود طبيعى لذا لا يصح القول لماذا لنا عينان وأنف واحد وخمسة أصابع ,ولماذا الجاذبية ودوران الأرض حول محورها فنحن نتاج هذا الفعل وما كان لوجودنا وجود دون تكيف جزيئاتنا مع وضعية الطبيعة .نحن ببساطة نتكيف ونتوازن مع الطبيعة فكثافة أجسادنا مثلاً جاء ليتوافق مع الجاذبية الارضية .
وجودنا ماهو إلا حالة تكيف وتوائم مع الوجود والطبيعة لتصير كل مفردات الحراك والنشاط والتكوين الإنسانى فى هذا الإطار .
نظرية التكيف والتوائم فاعل قوى فى حياتنا فنظرية التطور مثال قوى وتوجد فيها أمثلة عديدة تدعم هذه الرؤية ولكن هذه الرؤية الفلسفية لا تكتفى بتمظهرات ونشاط حيوى طبيعى بل تطرح نفسها على منهجية تفكيرنا لنخلق المنطق والأفكار وحراكنا الإجتماعى الذى يتعامل مع التكيف والتوائم .

- نفهم الطبيعة برؤية مغلوطة يكسوها فهم ميتافزيقى متأصل عندما نقول بأن الطبيعة تُمارس قانون الإنتخاب الطبيعى ,فبالرغم أن الإنتخاب الطبيعى مقولة علمية إلا أننا نتصور خطأ أن الطبيعة تمارس عملية فرز وإنتقاء للموجودات الحية لتنتخب الصالح والقوى.
الطبيعة ليس لها عقل وإرادة ومزاج لتتحكم فى العمليات الحيوية فتنتخب هذا وتترك ذاك بل هى قدرة الكائنات التوافق مع مادية الطبيعة فمن توفرت له الظروف المادية للتواجد والإعاشة والتكاثر إستمر وبقى ومن لم ينسجم مع مادية الطبيعة إندثر..الطبيعة لا ترحب بأحد ولا تفطن لمن بقى . هذا المفهوم من الأهمية بمكان إدراكه لتصويب وعينا بالحياة والوجود .

- إن الرؤية والنهج الأكثر أهمية لنتبناه هو أن الحياة ليس لها خطة أو تصميم ولا هدف أو معنى متأصل فيها وهذه حقيقة يتم التغاضي عنها غالباً وفى أحيان أخرى يتم توهم أن هناك خطة ما , فالآلية العشوائية للإختيار الطبيعي لا تقدم لنا أي احتمالية للتخطيط والتصميم، وبدون التخطيط فإن فكرة الهدف والغاية تصبح إفتراضية زائدة لا معنى لها , لذا أي تساؤلات متعلقة بمعنى الحياة تصبح غير منطقية على ضوء الدروس المستقاة من عملية النشوء والتطور. وفي عالم بلا تخطيط وبلا هدف لا يمكن أن تكون هناك تساؤلات عن معنى مستقل عن الأشياء . فالسؤال "لماذا" سيصبح غير صحيح عندما يستلزم الجواب المُراد به غاية أو هدفاً أعلى .

- ليس وعي البشر هو الذى يقرر ويحدد وجودهم ، بل على العكس فوجود البشر الإجتماعي هو الذي يحدد ويرسم وعيهم , فالإنسان ابن ونتاج البيئة الإجتماعية التى تحتضنه لتشكل وعيه وثقافته وسلوكه .
تكون فلسفة أسبقية المادة على الوعى سبيلنا لتأكيد فكرة أن وجود البشر الإجتماعي هو الذي يقرر وعيهم فلا يستطيع أحد نفى أن وعينا هو من صور مادية سبقته ومنحته مفردات الوعى ومادته التشكيلية .

- الواقع المادى ينتج مشاهده بدون سبب فنحن من نخلق السبب والعلاقة أى أن الأشياء تكون فى إطار وجودها المادى لنستقبلها بوعينا فلا نتعامل مع الوجود كصور تمر أمامنا بل نخلق علاقات من المشاهد المادية حتى تجد لها مكان فى الوعى فنربط هذه المشاهد ببعضها من خلال إيجاد علاقات خاصة هى السببية , فتبلد الغيوم نذير لسقوط الأمطار فلا تكون الغيوم فى ذهننا كمشهد مستقل ولا الأمطار كذلك ليتكون الوعى الإنسانى من خلال عمليات الربط تلك .. أى أننا نوجد العلاقات والروابط بين الأشياء من خلال سببية وفقا لإدراكنا وحظنا من المعرفة والذكاء والملاحظة وزاوية رؤيتنا بل نمتلك قدرات خيالية تسوقها حالة نفسية تجاه الاشياء مثل مسببات التفاؤل التشاؤم لتبقى المشكلة عند توهم وجود روابط سببية لا نمتلك لها الخبرة والمشاهدة والمعاينة بل هى خيال وإنفعال .

- الوجود المادى غير مَعْنِى أن يصدر لنا مشاهد مرتبطة ببعض بل نحن من نحاول إيجاد علاقات فيما بينها قد نصيب أو نخطأ وهذا يتوقف على قراءتنا للمشهد وزواية رؤيتنا وحجم معارفنا وكلما اقتربنا أكثر من العلاقات المادية بدون أن نقحم تصورات ليست من مادية المادة أمكن ان نجد سببية أكثر ديمومة .

- إن ما يفعله أى مفكر في تعامله مع الوجود هو تعيين ثوابت أساسية في هذا الوجود ينطلق منها ويبني عليها أفكاره ,فالوجود لا يمكن التعامل معه إلا بعد فهمه ومعرفته وهذا لا يتم إلا بعد تثبيته وتحديده وتعيينه ,وعمل العقل الأساسي هو التعرف على هذا الوجود وفهمه , فوظيفة العقل البشري هي كشف البنيات المضمورة في الوجود وذلك ببناء نماذج فكرية تمثلها ,فالمعرفة وليدة فعل الذهن في الأشياء والعقل لا يدرك إلا ما ينتجه على صورته ومثاله ومن هنا تتباين الأفكار ونسبيتها وفق الثوابت التى إنطلقت منها , ومن هنا أيضا تتألق الفلسفة المادية وتنسجم مع الحياة والوجود وتثريها فهى ترفض الثوابت ذات الديمومة , فالحركة والحراك هى الدائمة .

- يستحيل أن نجد تفكير إنسانى بلا غاية حتى لو لم تتبين ملامح الغاية أو تعقدت دروب الوصول لها .. نحن لانفكر إلا للوصول لغاية ولا تتحرك فكرة ولا مشاعر نراها راقية إلا لغاية , فنحن كالقطط التى تتشمم الأشياء قبل أن تأكلها فمتى وجدتها جامدة إنصرفت عنها .

- الغاية نتاج طبيعى لوعى أدرك الوجود واللحظة الماضية والمستقبلية فإدراكنا الواعى باللحظات التى مرت بنا ويقيننا أن هناك لحظات مستقبلية سنمر بها خلق فكرة الغاية فى الداخل الإنسانى لنسبب الأسباب ونخلق المُسببات حتى ولو بتهور .. إشكالية فهمنا للوجود إننا نقحم عليه غاية لننتج أفكار ومعتقدات وخرافات فى ظل هذه المنهجية الباحثة عن غاية فى وجود هو بلا غاية .

- تتعقد الغايات فى الإنسان فلا تكتفى بإشباع الجسد ليظهر أهمية الإشباع النفسى والروحى ولتفهم إنسان إبحث عن إحتياجاته الداخلية فيمكنك حينئذ ان تفهمه بكل دقة ولكن إعلم أن غاياته الداخلية لا تنفصل عن حاجات وأمان الجسد .

- المجتمعات تمارس عمملية إنتخاب طبيعي في مجال الأفكار والسلوك والقيم المجتمعية والعادات والتقاليد تشبه ما تمارسه الطبيعة فكل الأفكار مطروحة فى المجتمع لكن المجتمع ينتقي منها ما يتوائم مع عصره ومع متطلبات الحياة فيه ليفضل بعضها عن الآخر ويحابي بعضاً منها ويعادي البعض الاخر. والدليل أن الأفكار الميتافزيقية الخرافية إحتلت مساحة هائلة فى تاريخ المجتمعات البشرية , فالأفكار تتواجد فى المجتمع الإنسانى متى كانت متوافقة مع الظروف الموضوعية التى تحيا فيها معبرة عنها ,أى وجود التربة التى تحتضنها وفقا لحاجة المجتمع لها , لتموت الأفكار متى لفظتها الحياة الإنسانية بمتطلباتها وإحتياجاتها .
الموت الحقيقى للأفكار عندما تتصارع على أرض الواقع أى من وجود أفكار بديلة قوية تنسجم مع واقع المجتمع الموضوعى لتصرع الأفكار القديمة التى تُظهر فشلها وعدم ملائمتها وموائمتها للحظة التاريخية فتسقط وتتوارى .

- إذا كان العلم وسيلتنا الوحيدة لفهم الوجود , فالعلم يصف الطبيعة ولا يفسرها .. العلم غير معنى بسؤال لماذا المبنى على الغاية فهو لن يقدم هنا إجابة لأن المادة غير واعية وليست لديها خطة تريد تقديمها أو البوح بها .
تقدم الإنسان مرهون بقراءة المادة ووصفها وتحليلها والتعامل معها وفقا لحالتها بدون اضافة أشياء ليست منها .. نحن نقول بأن الحجر يسقط على الأرض بسبب الجاذبية فهو رصدنا للمشهد ولكن لا يصح القول لماذا الجاذبية تشد الأشياء للأرض فهنا نحن أمام ماهية المادة وسماتها فليس لديها غاياتها بمعنى أن الجاذبية هى هوية وإتزان المادة .

- هناك رؤية تحايلية غريبة وطريفة فعندما نرى وظيفة عضو فى الجسد ونجدها رائعة نسارع بالقول أن هناك قصد وحكمة وتصميم رائع لتقفز فكرة الله ولا تعرف لماذا قفزت هذه الفكرة وما علاقتها بإعجابنا بهذه الوظيفة فلا يستطيع احد الإدعاء أنه حضر عملية التجهيز .
سواء أكانت من إله أو مخاض تطور طويل ومعقد فنحن غفلنا عن شئ فى خضم هذه الأمور بل هى الجوهر الذى أهملناه بأن قولنا أن الشئ رائع هو تقييمنا نحن . أى ما نراه رائع وحكيم هو تقييمنا له وبعد تواجده أى بعد أن بحثنا له عن غاية ومعنى , والغاية والمعنى تقييمات وإنطباعات بشرية لما هو موجود.. الأشياء تتواجد بدون وجود معنى لها لتكون حياتنا هى إيجاد وإصباغ وإسقاط المعنى على الأشياء .

- الأرض لاتدور حول محورها لمنحنا الليل والنهار ولا تدور حول الشمس لتمنحنا فصول السنه الأربعة لنذهب فى فصل الصيف إلى المصايف بل أن حركتها هى توازنها وبقاءها فلو لم تكن تسير هكذا ما تواجدنا فى الأساس ولم يتواجد من يسأل عن جمال الشروق والغروب ومتعة الإصطياف فى الصيف ..عندما تهيأت الظروف لوجود حياة على الأرض تواجدنا فى نهاية المشهد لنعطى الليل والنهار معنى .

- الوجود المادى غير معنى أن يصدر لنا مشاهد مرتبطة ببعض بل نحن من نحاول إيجاد علاقات فيما بينها قد نصيب أو نخطأ وهذا يتوقف على قراءتنا للمشهد وزواية رؤيتنا وكلما إقتربنا من علاقات الواقع المادى كلما إمتلكنا رؤية قريبة للصحة ولا نقول هنا حقيقة فلا يوجد شئ إسمه حقيقة , فالعلاقات والقوانين التى نتعامل بها مع الوجود هى إستنتاجاتنا وزاوية رؤيتنا وحجم معارفنا ولكن ليس معنى كلامنا هذا السماح أن تتسلل الخرافات .

- نظرية استحالة اللاقيمة ..لا يوجد شئ اسمه صفر مطلق ولا قيمة تؤول للصفر.
الرياضيات تقدم مفاهيم مثالية تقريبية إنسانية تصطدم فى بعض الأحيان بماهية الوجود فنحن نقول رياضياً الصفر والقيمة التى تؤول للصفر فهل يوجد فى الوجود شئ اسمه صفر مادة وقيمة تؤول للصفر .؟!
الصفر يعنى إنعدام تام للقيمة أى العدم بينما الحقيقة الوجودية تقول أن الصفر إنعدام حالة وليس إنعدام وجود لتكمن مشكلة وعينا المغلوط بالوجود أننا نعمم إنعدام الحالة ليشمل إنعدام الوجود .. يمكن القول أن جيبى يحتوى على صفر نقود أو طماطم ولكن لا يعنى أنه خاوى بصفر مطلق فسيوجد به محتويات من جزئيات صغيرة لتبغ أو طعام أو تراب أى أن الصفر نسبى وليس مطلق ,ليرمى التعميم بالصفر المطلق إلى القبول بالصفر مادة وتمهيد الطريق لفكرة العدم وتقبل فكرة أن من الصفر مادة جاءت مادة.
لا توجد مادة جاءت من الصفر المطلق ولا توجد مادة ستفنى لتصل للصفر وعليه لا يوجد شئ إسمه قيمة تؤول للصفر فهى رؤية تقريبية انسانية تعنى ضآلة المادة ولا تعنى الصفر .
الإنفجار الكبير يتم فهمه بشكل خاطئ متعسف كونه مادة جاءت من الصفر لنجد أنفسنا أمام إدراك مهترئ إحتيالى بالرغم من عدم وجود أى إتساق لهذه النظرية مع قصة الخلق الطينية الساذجة والأيام السته ,فالإنفجار جاء من مادة شديد الكثافة حتى ولو بحجم رأس الدبوس وليس من عدمية مادة فهناك رأس دبوس الذى يُبدد فكرة العدم والصفر الرياضى المطلق .

- لا يوجد وجود مادى لما يسمى الزمن , فالزمن علاقة وليس وجود وهذا سر غفلتنا عن فهم الوجود أننا جعلنا لعلاقة وجود مستقل .. الزمن معادلة حركة المكان لذا لكى يكون زمان فلابد من وجود مكان وحركة ولكننا غفلنا نقطة محورية فى رصد الزمن والتعامل معه أن هناك إنسان هو من أوجد العلاقة ورصدها فلا معنى للزمن بدون وعى الإنسان .. فلتدور الأمكنة فلا يوجد زمن بدون إنسان يجعل للزمن وجود . فلو لم تكن للشمس حركة ظاهرية منتظمة حول الأرض، لما وَجَدَ مفهوم الوقت سبيلاً إلى لغة البشر ولما استوطن مفهوم الزمان فى فكرهم , فلو كانت كل الأشياء في الوجود ساكنة أو تسير بسرعات متساوية ومنتظمة لما كان لمفهوم الوقت والتوقيت وجودًا !
الزمن مفهوم إفترضناه من رصد الحركة ولكن لولا وجود وعى أنتج العلاقة ما كان هناك زمن فهو ليس وجود .!

- الفرق بين الفكر المادى والميتافزيقى أن المادية تستوعب وترصد المادة كما هى فتستمد وعيها من الوجود المادى بينما الميتافزيقا تسقط إنطباعات شعورية وتصورات الإنسان على الوجود المادى لتكون خطورة الفكر الميتافزيقى هو تثبيت فكر ورؤية إنسان ما وإسقاطه على واقع مغاير .

- الطبيعة سواء كانت فيزيائية أم حيَّة عبارة عن حركة , وذلك لأن الحركة هي الصورة التي توجد عليها المادة ولهذا يستحيل وجود مادة بدون حركة فلا يمكن لها أن تتواجد , فالحركة ماهية المادة , لذا فالمادة حالة من الحركة والتغير الدائمين والتجدد والنمو المستمر حيث يولد كل شيء و ينحل شيء آخر ويزول ولهذا لا يجب النظر إلى الظواهر بالنسبة لعلاقاتها وترابطها بعضها ببعض فحسب بل النظر أيضاً بالنسبة لحركتها وتغيرها ونموها ,وفي ظهورها واختفائها , فكل شيء مترابط فى الواقع كحركة موجودة في فضاء الكون وفي الحركة الميكانيكية واهتزازات الجسيمات في صورة حرارة أو تيار كهربائي أو مغناطيسي وكذلك نجد الحركة في التركيبات الكيمائية وفي الحياة العضوية إذ تشارك كل ذرة من المادة في الكون في كل لحظة بصورة من صور الحركة هذه أو بعدة صور في نفس الوقت ,ولهذا لا يمكن تصور المادة بدون الحركة كما لا يمكن تصور الحركة بدون مادة , تلك هي حال الطبيعة والمجتمع ومن هنا جاءت نظريتى عن القمر كنموذج لوحدة الوجود .

- إذا كان القمر يؤثر على ماء البحر بظاهرة المد والجزر فمن المؤكد أنه يؤثر على جزئيات الماء التى فى داخلنا بتأثير غير محسوس وغير واضح ولا مُدرك ليستنتج الإنسان القديم علاقات ما مع القمر والكواكب ونجد ما يسمى بعلم الأبراج وقراءة الطالع
مثال آخر ندركه وهو تأثير أشعة الشمس على أجسادنا بشكل مؤثر فهى تساهم فى تكوين فيتامين D أو تحرق بشرتنا ,كذلك أهمية الشمس فى عملية التمثيل الضوئى للنبات بالرغم بعد الشمس عنا بمسافة 149.6 مليون كم !!
لا نستطيع نفى وجود تأثيرات مادية من الأجرام السمائية على أجسادنا وفق رؤية وحدة الوجود والتأثير بغض النظر أننا لا نستطيع تحسس تأثيرها المباشر أم لا , علاوة على جهلنا وعجزنا عن رصد تأثير هذه الأشياء الشديدة الضآلة .. نحن نعيش فى وحدة وجود ومؤثرات الكل على الكل والكل على الجزء حتى لو لم تكن مُدركة ومَعلومة ومٌقاسة بشكل تطبيقى ومن هنا نقول إستحالة إنعدام التأثير ومن فكرة إنعدام اللاصفر المطلق سنجد لابد من وجود تأثير ما ولو ضئيل غير مُدرك , فالوجود وحدة فيزيائية كيميائية مؤثرة ونحن جزء منها .

- كل حياتنا كيمياء .. كل مشاعرنا وأحاسيسنا المُنفعلة ورغباتنا المتوهجة كيمياء .. نحب ونكره ونغضب كيمياء .. الطعام والأدوية والمخدرات تتعامل مع كيمياء الجسد من خلال لغته وشفرته لذا علينا أن نغنى ونحتفى بالكيمياء .. فحياتنا وأحاسيسنا ومشاعرنا كلها كيمياء ,فالحب والكراهية والغضب والحزن كيمياء وليست مشاعر هائمة فى الهواء .. وعينا هو فى تمييز الأحساس بالكيمياء ووضع معنى لكل نوع منها , فمهلا أيها الميتافزيقيون فنحن نتاج كيمياء ونعيش بالكيمياء .

-هناك من يشير أن هذا الوجود جاء من قوة عاقلة مريدة وليس بفعل قوى مادية غير عاقلة ولكن هذا القول يعارضه الواقع فنحن لا نرى الا فعل الطبيعة الجامدة وعلاقات مادية وتفاعلات كيميائية حادثة أمامنا , فالحياة هى المادة الخام الموجودة في الطبيعة التى تشكلت بشكل عشوائي بلا غرض و لا هدف و لكن الإنسان هو من جعل من تلك الحياة الخام شيء له معنى .

- عندما نسأل مِم يتكون جزيء الماء فالعلم يجيب قائلاً : من ذرة أوكسجين واحدة وذرتا هيدروجين يتفاعلان كيميائياً فَينتج من تفاعلهما مُركب أو جزيء الماء.
أما الإعتناء بلماذا يؤدي تفاعلهما أو إتحادهما إلى نشوء الماء ولا يؤدى إلى نشوء "حديد " مثلاً فهذا أمْر يحلق في سماء سفسطة الميتافيزيقيون .

- نظريتى فى إستحالة وجود خط مستقيم مثالى وإستحالة تفرده .
لا يوجد شئ اسمه الخط المستقيم المتفرد وإنقيادنا لفكرة خط مستقيم كوجود متفرد خلق نهج تفكير أفسد وعينا عن الوجود .
يترسخ فى ذهننا وجود الخط المستقيم كمعلومة هندسية درسناها فى المدرسة لنبنى بعد ذلك عليها كل الفكر الهندسى ولا تكتفى الأمور بحسابات هندسية بل تدخل فكرة الخط المسقيم كنهج تفكير ووعى وسلوك لننتج من الخط المستقيم فلسفة تفكير معوجة فهناك دوماً فى رؤيتنا نقطة إبتداء ونقطة إنتهاء متفردتان ونقاط متتالية بينهما فهكذا وعينا ,ولكن هل يوجد فى الوجود شئ اسمه خط مستقيم متفرد .؟!
بداية لا يوجد شئ اسمه خط مستقيم كرؤية مثالية فلا يوجد خط فى الوجود يحافظ على إستقامته ومثاليته بدون أدنى إنحراف وتغير ولكن دعونا نقول أيضا أنه لن يوجد خط مستقيم إلا ضمن وجزء من خط مغلق ويستحيل أن تجد خط مستقيم متفرد بذاته لذا من الأهمية بمكان إدراك هذا والوعى به حتى لا نقع فى خطأ رؤية مغلوطة للوجود .
يمكن الإستدلال على ذلك بمراقبة أى صورة ومشهد وجودي لتجد أن أى خط نراه مستقيم هو جزء من خط مغلق فى النهاية وإرتباط أى خط بالكل فلا توجد بدايات ولا نهايات متفردة .
أعتبر إستحالة وجود خط مستقيم متفرد متحرر من الإرتباط عن خط مغلق نظرية كوننا نستطيع تطبيقها على أى مشهد وجودى فتحققها أى لو تعاطيت مع أى مشهد مادى فلابد أن تجد الخط ضمن منظومة منغلقة وعلى هذا الأساس يمكن التعاطى مع أى مشهد وعلاقات وتاريخ وفكر إجتماعى بعدم وجود نقطة بداية ونهاية لنتتبع إمتدادات أى قضية وكلما حصلنا على إمكانية رصد محطات كثيرة كلما تحسن وعينا ولكن لن نصل لمثالية الوعى لكن يكفى أدراكنا إن الخط المستقيم جزء من خط مغلق كجدلية الأشياء أما قضية الإقتصار على وجود بدايات ونهايات حادة للخط المستقيم ستفقدنا هكذا رؤية بوصلة وعينا بالحياة والوجود .

- مشكلتنا فى فهم الوجود أننا نتعامل ببدايات ليس قبلها بداية ونهايات ليست بعدها نهاية ,فالوعى يُدرك المحدود ولا يتحمل فكرة اللامحدود واللانهايات بالرغم من ان الرياضيات تثبت ذلك فنحن نتوهم نهاية الأطراف فى وجود بلا نهاية للخط المستقيم لنسأل فى حيرة أيهما أسبق فى الوجود البيضة أم الدجاجة .. لقد وقعنا فى إشكالية كبيرة أننا تصورنا ان هناك وجود من لا شئ أى بداية لم تكن قبلها بدايات لنسأل أى البدايات كانت الأول البيضة أم الدجاجة بينما الأمور لا تخرج عن عملية تحولات وتمظهرات مختلفة للمادة لا نستطيع القول ما هى البداية بل يمكن فقط ان نرصد جزئية من تاريخ المادة .. ومن هذا المنظور خلقنا الأساطير التى تجعل هناك بدايات ونهايات للوجود .

- وجودنا كبشر لا يعدو تجمع فى داخل ركن زاوية لا يهم أن تكون حادة أو منفجرة أو قائمة ولكن ضلعى الزاوية يمتدان بلا حدود ولا نهايات .

- لا يوجد محظورات غير ما تحظره الطبيعة وفيما عدا ذلك فهى محظورات صناعية مفتعلة من فعل الإنسان لتحقيق مصالح وغايات الأقوياء والنخب .. الطبيعة تحظر رغماً عنا فلا تستطيع الطيران أو التنفس فى الماء ولكننا نستطيع أن نتحايل على محظورات الطبيعة بالتعامل مع شفرتها وعلاقاتها .
الغريب أن الإنسان الذى تحايل على محظورات طبيعة صارمة أخفق كثيراً فى التحايل على محظورات خلقها بيده بل تفنن فى ترسيخها والتماهى فيها مؤطراً ومسيجاً لها بسياج حديدى من الأعراف والمواثيق والأديان ليصل به الحال أن يستعذب محظوراته فى مازوخية غريبة . نحن بحاجة لفرز محظوراتنا دوما , فالمحظورات هى رؤى ورغبات جماعة محددة ووسيلتها فى الهيمنة وتحقيق وجودها ومصالحها فمن العبث أن نعيش فى إطار ما يحددوه لنا من محظورات .

دمتم بخير .
لو بطلنا نحلم نموت .. طب ليه ما نحلمش .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علم الله بين لعل وعسى وفليعلم
- الدين عندما يُفقد المرء محتواه الإنسانى
- سقطات إلهية أم نصوص بشرية
- تأملات فى ثقافة الإيمان السالبة
- أنا فهمت الآن .
- تأملات فى ماهية الإنسان
- إنهم يزرعون الوحشية ويمنهجون الهمجية
- تأملات فلسفية من رحم طرائفنا وسخريتنا
- أسئلة ليست حائرة إلا لمن يريد أن يحتار
- إمتحان ومشاغبة على جدران الخرافة والوهم
- يؤمنون بحثاً عن لحظة جنون وهذيان!
- هوان العقل المتأسلم-الثقافة عندما تنتهك عقولنا وانسانيتنا
- أسئلة مُحرجة-35إلى40من خمسين حجة تفند وجود الإله
- بحثاً عن حلول لخروج الإسلام من أزمته .
- الأمور تمر عبر النصب والإحتيال-كيف يؤمنون
- خيبة !!- لماذا نحن متخلفون
- خمسون حجة تُفند وجود الإله-جزء رابع27 إلى 34من50
- فى القانون الطبيعى والرياضيات والنظام-نحو فهم للوجود والحياة ...
- دعوة للنقاش حول الحوار المتمدن إلى أين
- أرجوكم إنتبهوا


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - فى ماهية الإنسان والحياة والوجود .