أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - في غبار عاصفة الحزم















المزيد.....

في غبار عاصفة الحزم


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 4763 - 2015 / 3 / 30 - 12:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنت أتمنى بعد أن هتف سيادة رئيس جمهورية مصر "تحيا الأمة العربية" ثلاثاً، في نهاية كلمته الافتتاحية لمؤتمر القمة العربي، أن يحدد كيف يتصور أن "تحيا" هذه الأمة المزعومة، هل ستظل "تحيا" كما سبق لها أن "حيت"، منذ أن هتف لها "ميشيل عفلق" ثم "عبد الناصر" و"صدام حسين"، حتى وصلت إلى حالتها المزرية الراهنة، أم أن في جعبة "الزعيم العربي الجديد"، رؤيا مختلفة ومفارقة لكل "حيواتها" التي كانت، تكفل لها ألا تكون بعد مشكلة البشرية، وأداة تخريب لحضارتها وتعطيل لمسيرتها؟!!
من الطريف أن تشن دول عربية "عاصفة حزم" على شعب من أشد شعوب العالم بؤساً، لتعقد بعد ذلك "مؤتمر قمة"، للتصديق على هذه "العاصفة المباركة". عموماً ليس هذه بغريب على العرب وقادتهم الميامين، فهذا بلاشك يأتي في سياق النهج العربي المعتاد، للسير بالظهور إلى الخلف، فيتشاورون بعد اتخاذ القرارات، ويجتمعون لمجرد تبويس اللحى، وتبادل الابتسامات الصفراء. اجتمع أصحاب العروش المتصدعة في شرم الشيخ، فيما غاب عن اللقاء الفاعل الرئيس الآن على الساحة، تلك القوى الشعبية التي تفجرت كأنما دون سابق إنذار، بكل مكنوناتها من التخلف والعصبية والتطلعات والمظلومية، لتزلزل كل ما هو كائن، وانتهى من زمن عمره الافتراضي عالمياً، وقد حان وقت الإطاحة به محلياً. هو اجتماع "قمة"، في زمن تفقد فيه "القمم" زمام الفعل، لتصبح مفعولاً بها، فيما تأخذ عناصر "القواعد" مبادرة الفعل. النتائج المستقبلية لهذا الصراع المدمر غير معروفة، إن كانت استعادة تلك العروش لسلطانها، أم انهيارها التام، أم حل وسطي بين بين، يستمر لبعض البعض، وليس بالتأكيد كل الوقت.
يستعصي على المراقب المتأمل، فهم ماذا يحاولون الآن في اليمن بـ "عاصفة الحزم" هذه. وقد كاد تحالف الحوثيين أن يسيطر على كامل ربوع اليمن، بحيث أسروا وزير الدفاع، فيما فر رئيس الجمهورية إلى خارج البلاد، وكان كلاهما قد هربا بنفسيهما إلى حضن الجنوب اليمني. ليكون أمام تحالف "عاصفة الحزم" لتغيير هذه الحالة، وإعادة الرئيس هادي وأصحابه إلى مقر القيادة في صنعاء، احتلال كامل اليمن. فهل ينتوون هذا حقاً، أم يتصورون أن قذائف طائراتهم من طبقات الجو العليا، قادرة على اقتلاع الحوثيين من سفوح الجبال وكهوفها؟!!

الصراع باليمن ليس بين فريق للحداثة والحرية، وبين فريق آخر متخلف وظلامي، لكي يجوز لنا نعتبرها قضية صراع من أجل الحرية والأنوار. هو صراع الفقر المدقع والفوضى والتخلف والعصبيات القبلية والطائفية، وإن انتمت عناصر تنظيم القاعدة بدرجة أو بأخرى إلى أحد الفريقين المتصارعين، وهو بالمصادفة غير السعيدة، ذلك الفريق الذي تدافع عنه الجيوش العربية الماجدة، المتسترة بألوية الشرعية.
تدخل قوات إقليمية باسم الشرعية، في جانب فريق عجز عن ضبط الأوضاع باليمن، ضد تحالف تبدو بشائر قدرته على السيطرة على كامل اليمن، هو أمر غريب وتدخل في شأن يمني داخلي، غير مسبوق في العصر الحديث فيما أعتقد. ليبدو الأمر كله إقليمياً ودولياً، يسير وفق هوى القطب السُنِّي فاحش الثراء، في الصراع المذهبي الدائر، مع القطب الشيعي المدجج بالسلاح، للهيمنة على الشرق الأوسط. وإلا لماذا لا تتوقف هذه الحرب العبثية فوراً، وننظر لما يعرضه عبد الملك الحوثي وعلي عبد الله صالح، ونضعه محل البحث الجدي، وليس بحث الإملاء والإذعان والهيمنة، لا من قبل الحلف الحوثي المسيطر على الأرض، ولا من قبل الحلف المؤيد إقليمياً ودولياً. لماذا يكون الخيار هو الفرض بالعنف، وضرب قبائل متخلفة متصارعة، بقاذفات القنابل الحديثة؟!!
بالتأكيد لا يحمل الحوثيون رسالة ظلامية للشعب اليمني، فاليمن خاصة بتوطن "القاعدة"، لا ينقصه التخلف والظلامية. يبدو الأمر هكذا على أسوأ الفروض، حرب طائفية خالصة، إن لم تكن حرباً لمظلومية حوثية تاريخية. عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي ظهر في خطابه الأخير، وعلى صدره خنجر بدائي، يثير الشفقة على الرجل، بأكثر مما يثير الرهبة منه، رجل قد يكون صادقاً ووطنياً، يبحث عن العدالة والرخاء لكل شعبه، وفق ظاهر كلمات خطابه. كما قد يكون مناوراً مخادعاً "يتمسكن حتى يتمكن"، فيما هو يسعى في الحقيقة لهيمنة قبلية أو طائفية. لكن أياً كانت الحقيقة، فإن خطاب المعلن للرجل حتى الآن هو رؤية مدنية وطنية، ولا نرصد به أي ظل لرؤية دينية ظلامية، يريد فرضها على الناس. ما لا يصح معه اتخاذ موقف العداء المطلق، واللجوء المباشر لاستخدام القوة.
لماذا لا تنظر القوى العالمية على الأقل إلى الحوثيين، ذات نظرتها إلى قضية شيعة وأكراد العراق، والأفارقة في جنوب السودان؟. . هل لشبهة علاقتهم بالشيطان الإيراني، أم لكونهم يدينون بالمذهب الشيعي، المستهدف في المنطقة بالقهر والاستئصال؟. . أليس كلا الأمرين يوجبان احتضان الحوثيين إقليمياً ودولياً، للنأي بهم عن الانجراف إلى تيار إيران التخريبي، وتيار المذهبية المدمر؟. . تضمن البيان الختامي لقمة شرم الشيخ، "دعوة المقاتلين الحوثيين الذين استولوا على أجزاء كبيرة من اليمن، للتوقف عن استيلائهم على السلطة وتسليم أسلحتهم". . هذا رائع بالتأكيد، لكن يصدم المراقب أن تجاهل المؤتمرون وبيانهم، دعوة مماثلة للدواعش، المسيطرين على أجزاء واسعة من أراض دولتين عربيتين، هما العراق وسوريا. ألا يجوز لنا هنا أن نشتم رائحة طائفية تزكم الأنوف؟!!
الآن وفق الخطاب السائد للتحالف، الذي يضرب الشعب اليمني بقاذفات القنابل انتصاراً "للمذهبية" باسم "الشرعية"، لابد أن يكون من حق إيران، تحت ذات بيارق "الشرعية" أيضاً، أن تدخل سوريا، للدفاع عن نظام بشار الأسد، الذي أطلق عليه رؤوس تحالف "عاصفة الحزم" ذئاب الظلامية القاعدية والداعشية. أم أن "الشرعية" هي قميص عثمان جديد، نلوح به متى وافق هوانا، ونطيح به متى يروق لنا، كما حدث وتكتل العالم كله، ضد شرعية القذافي وبشار الأسد، واحتض من أسقطوا شرعية زين العابدين بن علي وحسني مبارك؟!!
الحقيقة المريرة التي لا يبدو أمامنا غيرها الآن، أن التطوير والتحديث مستبعد أو مؤجل في المنطقة العربية، إلى أجل غير مسمى. والوارد الآن هو إدارة الصراعات في مختلف بؤر التوتر، بمحاولة جمع الفرقاء حول هدف الاستقرار ووقف الصراع بالعنف. سيتطلب هذا القبول حتى بالتيارات الظلامية، التي تبدي ولو ظاهرياً استعداداً لنبذ العنف، ومشاركتها في الحكم، بقدر حجم قوتها وتواجدها في الشارع. . هذا هو الواقع المُر، الذي يتحتم علينا تجرعه، والبديل هو الخراب الشامل، والفوضى المدمرة غير الخلاقة.
رحماكم يا دهاقنة العروبة وأشاوسها، وأنتم يا حماة الدين والديار، رحماكم بشعب اليمن المسحوق، تحت حوافر الفقر والجهل والقات.



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العبث باليمن العبوس
- الرقص على أنغام حوثية
- على هامش مؤتمر شرم الشيخ
- الإخوان والسيسي وأنا
- عندما يلعب أوباما دور الداعية
- نهضة مصر السيساوية
- دواعش بلا حدود
- تراجع لابد منه
- الجيش المصري بين الجنة والنار
- قصة قصيرة- حدث هناك
- حماس والنصر المبين
- نعم للعرب لا للعروبة
- حماس تطفئ الشمس في غزة
- خواطر مصرية
- من وحي لحظة مصرية
- العراق نقطة ومن أول السطر
- حتمية دولة الخلافة الإسلامية
- العيش في دنيا الأساطير
- الأرثوذكسية وتأليه الإكليروس
- جولة في ظل العبث والإرهاب


المزيد.....




- ?? مباشر: واشنطن ستزود إسرائيل بقذائف وطائرات حربية مع استمر ...
- ضد رئيس وزراء العراق.. تفاعل على رسالة 8 مشرّعين أمريكيين لب ...
- ليلة دامية على غزة.. غارات إسرائيلية تقتل فلسطينيين بينهم أط ...
- بعد تهديد مدير بالقتل.. فرنسا تتجه لتشكيل -قوة أمنية- خاصة ب ...
- بايدن يروي تفاصيل جديدة لمحادثته مع بوتين في جنيف
- برج مائل آخر في إيطاليا قد يسقط بالفعل! (صور)
- ترامب يشتري وجبة برغر بـ200 دولار!
- حادث مروع على متن رحلة من إسرائيل إلى الولايات المتحدة (صور) ...
- تحذيرات من انتشار محتمل لوباء الكوليرا حول العالم
- أهدرت كييف الـ 300 مليون دولار التي خصصتها الولايات المتحدة ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - في غبار عاصفة الحزم