|
زرادشت ...والضابط الخفر !
عارف معروف
الحوار المتمدن-العدد: 4762 - 2015 / 3 / 29 - 18:26
المحور:
كتابات ساخرة
اعادني ما ظهر على بروفايل الاستاذ زهير كاظم عبود ، بشأن صدور كتابه " الزرادشتيه " ، الى تلك الايام العصيبه ، ايام الرعب ، وتعلق حبل الوريد، بتفسير جاهل او وشاية مغرض او مزاج مخمور ! ذكرّني عنوان الكتاب ، بتلك الحادثة ، تلك الكوميديا السوداء او التراجيديا المضحكه ، لا فرق ،التي تعاود الحضور في عقلي وتثير مشاعري ، كلما سمعت او قرأت كلمة " زرادشت " : ففي تلك الليلة الليلاء من صيف 1982 شاء سوء طالعي ان يأمر الضابط الخفر ، في مدرسة المشاة في الموصل ، بتفتيش السجن . كنت موقوفا هناك ، منذ بضعة اشهر ، بعد انتهاء التحقيق في الاستخبارات العسكرية العامة ، منتظرا محاكمتي . اقول ، شاء سوء طالعي ان تتمخض جولة التفتيش، تلك ،عن العثور على كتاب خطير بحوزتي : " هكذا تكلم زرادشت " لنيتشه ، وعندها جنً جنون الضابط وانفتحت ابواب الجحيم ، فانا لا اكتفي بكل جرائمي السياسية وانما اضيف اليها الادهى والامر "المجوسيه " : " منو زرادشت ؟ ... قل لي.. اليس هو نبي المجوس ، عَبَدة النار، هالمرة صرتوا مجوس ؟!! " سيدي ، ليس الامر كذلك ، صدقّني ، والكتاب لا علاقة له بالمجوس !! " تعلمّني هاالمره ؟!... الكتاب يقرأ من عنوانه . يعني اني جاهل... وانت مثقف جنابك الكسيف؟ " ورحت ابذل وسعي في اقناعه ومحاولة ان لايصل الى ما يمكن ان يصل اليه ، من احالة الامر الى التحقيق او الاستخبارات ، او اي شيء من هذا القبيل ، فذلك قد يكون القشة التي تقصم ظهر البعير و قد يذهب جلدي الى الدباغ وعندها، ربما اعترفت بانني مجوسي ابن مجوسي الى سابع ظهر ، و سيودي بي ، بكل بساطة ، سؤ فهم عابر وحدث تافه بل وفي منتهى التفاهة ، بعد ان حسبتُ انني عبرتُ البحور التحقيقية السبعه بسلام مطمئنا الى ان : هالمرّه سلمتْ الجرّة . " سيدي ...هذا المؤلف فيلسوف الماني ، اسمه نيتشه...." " شنو ؟.. ليش مو " ني .... " فَدْ مرّهْ ، هاي شلّك بيها ، شنو احنه زواج كدامك ، تمّشي علينه الفشار وتكول اسم فيلسوف؟" " عفوا سيدي ، حاشا جنابك ان اقصد ذلك ولكن انظر حضرتك ، اسمه فردريك نيت....شه، وضغطت ، مؤّكدا، على مخارج الاصوات ،وهو فيلسوف الماني يؤمن بفلسفه القوة والسوبرمان ..." " لا تتفلسفلي.. راح اكتب للاستخبارات وانت وياهم تنجاز .." والتفتَ الى عريف الخفر : " عريف صباح اخذ الكتاب وياك" وكانت هذه هي النقطه الاكثر اثارة للرعب عندي ، فانا اعرف ما تعنيه الاستخبارات ، وكنت قد افلّتُ ، بالكاد ، وخلال تحقيق طويل ، من تُهم عديده دفعتُ ثمن الخلاص من حبا ئلها من جلدي ودمي وعظامي وتلف اعصابي ... فما بالك بزرادشت والمجوس ونحن في حرب مع " الفرس المجوس " ؟! وهنا خطرت لي تلك الفكرة العظيمة ، والتي اكدّتْ لي حقا ، ان الحلول تاتي مع المعضلات وان الحاجه ام الاختراع، فتمسكت بالقشه الاخيره : " سيدي ، هذا الفيلسوف من اهّم رواد القوميه ، وكان القائد المؤسس، ميشيل عفلق ، متاثرا به..." " شنو هالحجي... القائد المؤسس عربي اصيل وما يتأثر بالاجانب..." " فعلا سيدي ، ولكن هذا الفيلسوف يدعو الى القوة والى الانسان القوي والعنصر القوي والخلق المتين وقد تأثر به القوميون الالمان وكذلك العرب ..." "لعد شنو زرادشت .. يابه ؟! " " سيدي، هاي ايسموها استعاره تاريخيه ، حتى يعّبر عن افكاره ، ولأن زرادشت، كما كان يعتقد، فهم ان العالم صراع بين الظلمة و النور و...." " يعني هو هذا ، فيلسوفك الالماني ،عاف انبياء الله الصالحين كلهم وراح على زرادشت ، لعد شكد مُطّي ابن مُطي!...." وانفرجت اساريره ، بل وغرق في قهقهة دمعت لها عيناه ، رافقه ، في الضحك، صدقا او خشية، العريف الخفر ، ثم انبسطت اسارير الموقوفين ، بعد توتر املته اللحظات العصيبه التي مرّتْ ، فضحكوا ، واخيرا سَرَتْ العدوى اليّ ، فاغتصبت من نفسي ضحكة وجله ، متوجسه ، كتلك التي يضحكها سمير الشيخلي او عزة الدوري اثر نكته يطلقها صدام حسين . " ياللا ، عريف صباح ، احرق هذا الكتاب ، بخيره وشره ، وانت بابه..." والتفت اليّ بعينين تبرقان بوميض سكر وانشراح : " احمد الله انك وقعت بيد ضابط مثقف ، يتفّهم ، انصرف الى مايفيدك، بعد الان ، واترك هذا الخريط ..." .
#عارف_معروف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العدوان على شعب اليمن: دراكولا الرجعية من جديد !
-
حينما يتحول الجلاد الى ضحية !
-
سلاح - السعودية - النووي !!
-
سبايكر.... تحقيق ام تسوية ؟!
-
دعوة ايران للتصدي لداعش في العراق: هل هو الفخ؟
-
حجامة السيد الحسني ..
-
المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وابتسامة الموناليزا !
-
مجانين محلتنا !
-
من اجل اطلاق حملة : لا للعدوان على سوريا ...لا للمغامرة با
...
-
ايها المثقف المصري : مصير- حسن شحاذه- ، قد يكون مصيرك !
-
محمد باقر الصدر..... وريمون !
-
سنّة العراق ، من الافق القومي الى الثقب الطائفي !
-
الوعي المفارق .... ملاذ آمن للكتّاب !
-
العراق: حالة اعاقة دائمة !
-
ما لم يقله المالكي ....
-
- صكبان - والعدل الآلهي .....
-
ملامح طبقة ضارية !
-
الوطنية العراقية : مخاض مرير....
-
سر - الخرق الامني- !
-
الله اكبر !
المزيد.....
-
“بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا
...
-
خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر
...
-
الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا
...
-
الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور-
...
-
الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
-
على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس
...
-
الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
-
“جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور
...
-
فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
-
بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|