أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - لعلك الآن تسكنك وحشة الأمكنة














المزيد.....

لعلك الآن تسكنك وحشة الأمكنة


عبدالله مهتدي

الحوار المتمدن-العدد: 4762 - 2015 / 3 / 29 - 08:12
المحور: الادب والفن
    




لعلَّك الآن تَسْكنُكَ وحْشَةُ الأمْكِنة
(عن 23 مارس 1965وأشياء أخرى )

1-
مُول الوقتْ
مْلحَّف بالشِّيخ والخليفه
قالْ لطَّالبْ
قْرا عَلْ الجِّيفَه
بْيَدْ لْكُلاّبْ
حشْ الصّْداع راك غالبْ
تتْهنَّى لقْبيله
ويْصير لكْلامْ
غِيرتخْراف لَهْبيلَه
حْلَف علْ الصَّابَه
والورد المَخْزن حطَّابو
الليل فرَّشْ لمْصيده وبْنَى
و الصباح شَدًّو ليه صْحابو
الفَرْحْ رجّْعوه منْدبه
فرْقو خطَّابو
زوّْقوه و دابو
الصَّمت حَكْمو بِيهْ
بْغاو وْسابو
لكْلام ضربو ليه الطَّر
دوّْخوه بالحَضْره
لبْسوه طرْبوش احْمَر
و دْفينَه خضْرا
وفي لْغاهْ لَمْدَرَّحْ رابو
الحلم مسخوه
خنْجَر مْعَرِّي على نابو
دفنوه وغابو
العشْق حفْرو ليه قْبَرْ
رَجْموه بلحْجَرْ
ضحْكو في جْنابُو
و الشّعاعْ
الطَّالع من دمْ لجْراحْ
دارُو لِيهْ حجَّابُو

2-
كانتْ أوشام الرّصاص تحفُر أخاديدها الرّمادية على وجوه الحيطان,وأعِمدة الكهْرباء الخشبية,وأبْواب الحوانيت المقفلة،وأجسادِ الصَّرعى ,مشاكساتٌ طفولية على حَواشي النّار,ركْض وركْض مضادّ,كان أقرانكَ يحتفلون بطقْسِ الفجيعة وهي تلتهم مساحات الفرح المغموس في الدّم,كتل من اللّحم الصّغير المفْتون بالقفز مع الرِّيح ،ترْكض خلف هَدايا ماكِرة تقْذفها أياد صَخرية بلْهاء,صُراخ وهُتاف ونحيب,ضربٌ ودفع وسقوط,ثم ضربات بمناكب البنادِق و الأحذية السَّوداء,هتافات تعلو,وشوارع تُقْفَل, ومتاريس تفصِل الأزقة عن الأزقة,تقْطع شرايين المدينة,وأوصال الطُّرق المفتوحة على أحلامٍ سكنت سراديب الغياب .
كنتَ تصيخ السّمع لطقْطقات الرّصاص الطائش المعتوه, وأنتَ ترتجفُ من الداخل, من عالمكَ البعيد ذاك، كنت تراه, تسمعه بكل حواسك وهو يجرح شفاه الريح, والموت,آه.... ! الموت, ذاك الكائن الخرافي,كان يسْعَل مثل شيخ عجوز, عابتا بأجساد افْتَرشت إسفلت الأزقة, والتحفَت صمْتها الأبدي.كان نبضكَ يقفز من صدرك كلما فتحت حواسَّك على رائحة الكيّ بالنّار,وكان الخوف يختنق في جوف الجسد الصغير الذي كنتَه,رغما عنكَ,فترتعشُ الكلمات التي لم تتعلمها بعد،ويخفقُ القلب حزناً.
3-
-سيكون عليْكَ
أن تُقبِر الطّفل الذي كنتهُ
داخل أحشائكَ
كي تستطيع أن تمشيَ
في سفرك الطّويل نحو الشّمس,
سيكون عليكَ
أن تنْبِث في ذاكرة الحواسّ
صورة وطنٍ يتلو قصيدَ اليتْم،
وأسْفار الخُسْران،
سيكون عليكَ
أن تحمِل نبْضك المفْجوع بين يديْك
كيْ تقرأ فيه إلى ما لا نهاية
كنانيش جُرْحٍ
مكتوب بماءِ العَطش،
وحرائق اليُتْم،
وكيمياء الدّم،
سيكون عليكَ
أن تتنقّل من شارع إلى شارع,
ومن زقاقٍ إلى زقاق,
لتكتشِف الوجعَ المقبور
داخل قعْر الحواسّ,
أن تتعلّم الرؤْية بالقلب,
والإنْصات بالرّوح,
لإيقاع الأعْطاب الموشومة
على حنايا النّاس,
على العيون المتغضنة,
على الظِّلال الشّاحبة
حين تمضي أمامك
متْعبة,
مترهّلة,
كسيحَة.


3-
هلْ قدرك أن تحمل في دواخلك لعْنة الأمكِنة المحروسة بالصّمت ،كي تزيل الرَّماد عن الجدْران الخرساء؟
لم تكُن حينها قدْ ولدتَ،لكن الهواء الذي تنفَّسته بعدها،كان مُشْبعا برائحة القتْل،مثْقلا بصهيل الرّصاص،بدخان الحرائق الممتدة من أحياء الهامش بدرب السلطان،إلى أكباد الأمهات المحروقة بالفقد،وحده الهواء المُرّ،العسير على التنفس كان يختزن حُرقة مدينةٍ انتفضت على الصّمت،حملَت على قسماتها أوشام سنواتِ الجمْر،وحْدها الأجسادُ الصّغيرة كانت تستنْشق عنْوة هواءً له طعْم الفاجعة،ورائحة لها مذاق الوجع.
تواريخ محْفورة بالجَمر على خَفقة القلْب،،وكأن الوطن لم يكن وطناً،وكأنَّ الأحلام شنقت نفسها تحت عتمة ليْل رهيب،وكأن الدموع تكلست في مآقيها،وكأن البَوْحَ تحجر في الحناجر،وكأن البلاد صارت مثل قشة في مهب الريح،تتقاذفُها أحْدية العسْكرِ السّوداء،وغطْرسَة الأقْبية الباردة،وعبثيّة القدرِ الخائِب.جرحٌ غائر،كان فيه الدّم لوْنا فاتِنا،والألم منفى ،و القتل وحشٌ كاسِر ،كشَّر عن أنيابه ليفْترس ،ويبْطشَ ،ويفْتك.
من هنَاك،من ثانوية "محمد الخامس ،انطلق نشيد العرس المارسي ،ليُخْتَم بمعزوفة خائبة وحزينة، نفسها الثانوية التي تعلّمْتَ فيها كيف تُروّض الحلْم،وكيف تبني في داخلك المفْجوع نَفَسَ الأمل.
لم تكنْ تعلمُ أنها ستظلُّ تلاحقك،
لعنةُ الأمكنة.
لم تكن تعلم أنّه سيكون عليك
أن تغْسِلها بالبوْح
أو تغْسلك بالصَّمت.
4-
لعلَّك الآن
كحكّاء خذَلتْه أحْلامه
تتزاحَم فيكَ الصُّور التي
بنَيْتَها في العُزلة
بلّلْتها بعرَق الدُّموع
لعلَّك الآن
تنْزِفُ
حروفا متَيَّمة بالشُّموع
لتمشي حذِراً من اليأس
منْتشِيا ًبمجْد الوَهْم،
لعلَّك الآن
مُتسلِّلا من تحْت شفَق اللّيل
تفتحُ ممراًّ صغيرا
في شارِعِ الخَسارات
لطائر الحلْم
لعلَّك الآن
تتعلّم أَنْ ترْأف بالنِّسيان
فتمْسح غبار الغياب
من ذاكرة الوقت
لتسْكُن وحْشَة الأمْكِنة.



#عبدالله_مهتدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين..ستهجر الفراشات الزقاق
- سوريات
- لست حاطب ماء
- عن البوح الذي يملك أجنحة طائرة ويمنحنا الحق في الحلم
- قصتان
- سأختار طريقا أسهل
- شجر الحديقة
- حديقة المعنى
- شوق
- أعطاب -أمريكا-في مرآة بوكوفسكي
- مرثية الى صفرو
- لايليق بالقصيدة أن تكون مسكنا للقتلة
- سيرة غياب
- زغاريد لتيه
- حركة 20 فبراير بين المتخيل الروائي والمقترب النقدي
- قصص قصيرة جدا
- الحلم


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - لعلك الآن تسكنك وحشة الأمكنة