الشرطي عريف 5 ج2

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4761 - 2015 / 3 / 28 - 06:03
المحور: الادب والفن
    

الجو شبه ساكن في داخل المركز يقطعه بعض حديث الموقفين في سجن المركز يطلبون شايا أو إرسال أحد لذويهم, برودة الصباح المنعشة زاد من تأثيرها طبيعة بناء المركز من الداخل فهو مبني على شكل قلعة مصغرة فتحات شبابيكها عالية وصغيرة وممر تتوزع على جانبيه غرف بعضها أبوابه مسلحه بالحديد السميم لحفظ الأسلحة ,الجناح لأخر من الممر الطولي في أوله غرفة مدير الناحية وموظفين مدنيين يتوزعون على باقي الجناح ,كان المركز مجمع لدوائر الدولة أكثر من كونه دار للشرطة .
تحاشى عريف النظر إلى غرفة مدير الناحية حتى لا يتذكر تلك الأيام السود التي قضاها خادما وحارسا وبوابا لدى هذا المتعجرف القادم من بعيد بإناقته المفرطة وتعاليه على الناس وكأنه أبن الله المدلل ,لا ينكر أن لديه زوجة كانت في منتهى النبل وتعامله بصورة جيدة ,إلا أن هذا لا يمنع عريف أن يكره حتى المرور في الشارع الذي فيه بيت المدير ... من حقك أن تمارس السلطة على الناس بموجب ما يمنحه لك المنصب ولكن ليس من حقك أن تكسر إرادة من تحكمهم كي يخضعوا لسلطانك طالما أنك لا تملك منه الكرسي أكثر من فرصة جلوس لتتركه لغيرك عاجلا .
على وقع ضربات أقدام الحرس وهم يؤدون التحية العسكرية للمعاون نهض عريف من كرسيه المنصوب أمام باب غرفة الضابط مستعدا بكامل قيافته ليؤدي أول تحية لرئيسه الجديد ,أطل عليه وهو كالجنتلمان شاب وسيم وطويل وأنبق جدا ومنضبط حتى في رد التحية لعرف وسأله من أنت :.
_سيدي أنا الشرطي عريف ,مراسلكم.
_عريف شرطة لو شرطي عريف ؟,"مبتسما بوجهه" وقال تعال معي .
_حاضر سيدي .
_تعرف أن رئيس عرفاء محمد هو من رشحك وأوصاني بك ويبدو من خلال قيافتك أنك منضبط ,عليك أن لا تتدخل بعمل المركز وأن لا تبوح بأي سر حتى لو تطلب منك ذلك أن تبلع لسانك , وأخيرا لا تتوسط لأحد عنديأو عند غيري , سأكون أنا بجنبك دوما وإلا فلا مكان لك معي .
_حاضر سيدي أنا طوع الواجب .
_ممتاز , كما علمت منه أيضا قصة ولدتك وسوف أطلب جلب الأوراق التحقيقية وأراجع ما فيها لعلنا نمسك خيطا يوصلنا إلى الطريق إلى الجاني .
_سيدي تعرف أن مقتل والدتي سبب لي كوارث وأنا لا أعرف بالضبط ما جرى ولم يخبرني أحدبشيء وأنا معهم وبينهم وقد حبسني القاضي سبعة أيام .
_لم يحبسك القاضي وإنما لسانك هو من جاء بك للسجن .
_شكرا سيدي هل تأمر بشيء محدد .
_الآآن لا ولكن لا تفارق الباب وعندما تريد أن تفعل شيء أخبرني .
_نعم سيدي , شكرا لك ,سأكون كما تحب .
_أنصرف الآن وتذكر كل حرف مما قلته لك .
عاد عريف ليقف بكل شموخ أمام باب المعاون مستمتعا بما منحه من تقدير ومعاهدا نفسه أنه سيتغير ليثبت للناسأن عريف ليس ذلك المسكين الذي يعتلي كيفه كل من يشاء حتى ومن بعد ما أصبح شرطيا يستظل تحت علم السلطة والقانون ,تذكر الكثير من وصايا أمه ووصايا رئيس عرفاء محمد ,لكنه يمني النفس بموقف حاسم مع إكريم الأعرج يمسح به الأرض دون أن يتمكن من أن يرد عليه.

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات