أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مارينا رزق - التحرش الجنسي 2 قد يحدث هذا لأولادك















المزيد.....

التحرش الجنسي 2 قد يحدث هذا لأولادك


مارينا رزق

الحوار المتمدن-العدد: 4760 - 2015 / 3 / 27 - 00:21
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


قد يحدث هذا مع أولادك

سوني مريضي العزيز، ذو الأصل الإيطالي كاد يؤخر تخرجي من ديبلوم المعالجة السلوكية !
اخترت حالته كموضوع لرسالة تخرجي لكنه اختفى مدة شهرين أصبت خلالهما بالذعر، أولاً عليه لأنه شديد الخطورة على ذاته، وثانياً على تخرجي ...
عاد للظهور لكنني رغم تقدمي في دراسة حالته قررت عدم الاعتماد عليه..
اخترت حالة أخرى مملّة لكنها لمريضة لطيفة لن تتركني في منتصف الطريق...

سوني غير قادر على الالتزام ... وهذا مجرد جزء بسيط من قصته...

عمره ثلاثٌ وأربعون سنة، أب لفتاتين مراهقتين... وصل سوني إلى مستشفانا السنة الماضية بعد محاولة انتحار هي الخامسة في حياته... قام بها بعدما غادرت زوجته البيت ... مريض اكتئابي منذ طفولته...كحولي منذ طفولته..
لم يقبل في حياته أي نوع من العلاج النفسي ولا الأدوية .... وظلّ عصيّاً على الدخول في المنظومة الطبية العلاجية.
ولم تختلف القصة هذه المرة ... فقد غادر المستشفى بعد ثلاثة أيامٍ فقط... دون اكتراث بنصائحنا له بالبقاء.
الأمر الايجابي الوحيد هذه المرة هو أنه قبل أن يعود ليراني في العيادة، وتوقف عن تعاطي الكحول، وقبل بعد أشهر دواءاً مضاداً للاكتئاب... لكنه يمضي ويعود كما يشاء دون التزام بمواعيدي، وحالته متقلبة.
عادت زوجته إلى البيت، لكنها متعبة من أزماته الكثيرة رغم حبّها الكبير له.

رجلٌ شجاعٌ بكلّ ما تحمله كلمة الشجاعة من معانٍ ... استطاع رغم ما عاشه في طفولته أن يقف على أقدامه وحده ويعمل جاداً لسنين ويؤسس أسرة ويربي ابنتين ... رغم حالات الأزمة التي عاشها... وتكرار محاولات الانتحار....

سوني هو أحد ضحايا التحرش الجنسي في الطفولة الباكرة.... يحمل فوق جلده وفي روحه وقلبه جروح هذا الفعل، ولا تزال تلك الجروح تدمى...
تحرش به مدرب الجودو بعمر 10 سنوات، وكان يختلي به بحجة التدريب. دامت قصته مع المدرب قرابة ثلاث سنوات، وكان المدرب وقتها شاباً في العشرينات من عمره.
كان للقائهما طقوسٌ اعتاد عليها سوني بسرعة، فملأ المدرب فراغاً تركه طلاق والديّ الطفل وانشغال كلّ منهما بشريك جديد وأطفالٍ آخرين.
لا يزال سوني يذكر قطع الشوكولا التي كان يحملها المدرب له وهداياه الصغيرة، تماماً كما يذكر رائحة الزيت العطري الذي كان يستخدمه ذاك في تدليك جسد الطفل، وحركة شفتيه فوق جلده الغضّ.
لم يَبُح سوني لأهله بما حدث، فالمدرب قد أحسن اختيار ضحيته..!
كان سوني بحاجة لأيّ نوعٍ من الاهتمام ولن يجازف بخسارته مهما كان الثمن... وعندما كبر قليلاً وأدرك –بعض الشيء- معنى ما يحدث اعتبر الأمر مسؤوليته الكاملة، فالمدرب قد وضع العلاقة كلّها في سياق الصداقة التي لايصحّ لأحد الطرفين فيها خيانة ثقة الآخر.
المشكلة كانت أن سوني كبر بسرعة وغادر جسده يفاعة الطفولة وطراوتها، وكان فخوراً بطوله وتَخلّي جسمه عن تكوره الطفولي... لكن المدرب كان يعشق الأطفال المليئي القوام لا النحاف .... كما أنه لا يحب المراهقين... وهكذا وجد سوني نفسه بين يومٍ وليلة خارج حظوة المدرب، وصار الزيت العطري وشيزلونج مكتب المدرب وشفتيه أيضاً من نصيب فتى أصغرُ سناً وأكثر امتلاءاً.....
بين يومٍ وليلة فقد سوني الشخص الوحيد الذي كان يهتم به.... صحيحٌ أن اهتمام المدرب به كان لغرضٍ واحدٍ وحيد، لكنه كان النوع الوحيد من الاهتمام الذي عاشه الطفل.
سريعاً بدأ سوني يفرغ زجاجات الكحول في البيت داخل جوفه، ولم يستطع حتى الكحول أن يساعده على تخطي ألمه. عرف المراهق طعم الكره تجاه الفتى الجديد صاحب الحظوة، وطعم النقمة على ذاته لأنه اعتبر نفسه مسؤولاً عن زوال الحظوة عنه.
تعود محاولة الانتحار الأولى لسوني إلى عمر خمسة عشر سنة، يوم انتقل والده إلى ضاحية من ضحايا باريس ونقل الفتى معه، فخسر ذاك احتمال رؤية المدرب ولو من بعيد. لكنه حافظ على السرّ جيداً فلم يبُح لأحد بسبب محاولة الانتحار.

من جهته تابع المدرب عمله في تدريب الأطفال على الجودو، وهوايته في استخدام أجسادهم...
عندما حدثني سوني بقصته تلك منذ أشهر ذكر لي اسم المدرب... هو من الرياضيين المعروفين، وتندرج عائلته ضمن عائلات فرنسة الكبيرة. دخل بفضل نقودها ونفوذها المجال السياسي من باب الرياضة، واسمه بين الأسماء المشهورة.

في عمر الثالثة والأربعين لا يزال موقف سوني من المدرب غير واضح...
لهذا نعود تكراراً لتعريف العواطف التي تجتاحه .
من جهةٍ أجده غاضباً، يعيش كلّياً فعل الظلم الذي وقع بحقه... فأرى أمامي الطفل الذي خان ذاك المدرب ثقته وثقة أهله، واستخدم جسده من أجل لذته الشخصية.. دون أي تقدير للأذى الذي كان يلحقه به ...
يتساءل أمامي: "كيف يظهرالمدرب في التلفزيون والصحف ويتكلم عن الأطفال الذين ساعدهم كي يصبحوا رياضيين بكلّ ثقة وبراءة؟؟؟؟؟؟ كلما رأيته أنظر إلى بناتي وأقول لو تعرضت واحدة منهما لما تعرضتُ أنا له لقتلت المعتدي حتماً....."

ومن جهة أخرى لا تزال علاقته بالمدرب عالقة في ذاكرته باعتبارها "قصة حبّ". لا يزال يشتاق لتلك الأيام، ولهذا يتابع ظهورالمدرب في وسائل الاعلام لأنه يحبّ أن يراه.
يقول لي: "لا أعرف معنى الحبّ كما يتحدث عنه الآخرون، كما أنني أنزعج جداً من ممارسة الجنس... و لا أصدقاء لديّ."

يسألني: "مرّ كثيرون قبلي وبعدي بمكتب المدرب وذراعيه، فلماذا لا يفضح أحد ضحاياه السابقين أفعاله؟"
أمضينا وقتاً طويلاً نبحث هذا السؤال.


حالياً يقتصر رد فعل المجتمع هنا على المعرفة الباطنية بخفايا حياة المدرب، فسرّ كهذا هو من النوع المستور المفضوح في كلّ المجتمعات.... دون أيّ رغبة في جعله علنياً...ولسان حال الجميع يقول "أولادي بخير فماذا يهمني من أولاد الآخرين؟" ...
المدرب هو رجلٌ موهوب في مجال العلاقات العامة والسياسية، أثّرّ في الرياضة بشكل عام ورياضة الجودو بشكل خاص. يسرّ الناس برؤيته في التلفزيون.... يتمتع بشخصية جذابة (ككلّ المتحرشين بالأطفال).
كما أنّ معظم ضحايا المدرب السابقين هم من الرياضيين المعروفين وبينهم عدد لا بأس به من المدربين وأصحاب مراكز التدريب. وقد حمل معه إلى الهيئات الرياضية عدداً من بينهم، ولا مصلحة لأي منهم في كشف القصة. فحسب القاعدة العلمية التي تقول أن معظم المتحرشين كانوا ضحايا تحرش في طفولتهم، يمكن أن يكون بينهم عدد لا بأس به من المتحرشين بالأطفال... وهكذا تستمر سلسلة العنف وتتواصل من جيلٍ إلى جيل.....
أما الآخرين غير المستفيدين من وضعه الحالي فمن سيصدقهم ؟ من سيقبل أن يسمع تشويههم لاسمه اللامع وماضيه "المشرّف"؟؟؟
خصوصاً أن بينهم من تشبه قصته قصة مريضي ... تلوثت حيواتهم بالادمان والدعارة والعنف ومحاولات الانتحار ... فلا مصداقية لهم...

سوني على قيد الحياة اليوم، لكنه يمثل خطراً شديداً على ذاته...
يوم يدرك أنه لم يكن الطرف المذنب، بل الضحية في قصة حياته، سيغدو أقل خطورةً.
يومَ يعرف بشاعة الوحش الذي افترسه، سيسمح للغضب أن يتجه باتجاهه الصحيح.
يوم يدين المجتمع المجرم ويرحم الضحية، سيعرف الطفل معنى العدالة.

الطفل الذي سُرقت منه طفولته... الجسد الفتيّ الذي لم تُتح له الفرصة ليتفتح بشكلٍ طبيعي.... الكبد الذي أنهكه الكحول الباكر... والقلب الذي شاخ قبل سنّ المراهقة....
أرجو ألا يكون الأوان قد فات بالنسبة له...


ملاحظة:المعتدي في قصة سوني مدرب رياضة، وهذا ليس بالنادر لأن معظم المتحرشين بالأطفال يعملون في مهن تسمح لهم بالقرب منهم. ويتواجد 90% بينهم في الوسط المحيط بالطفل.
معظم المتحرشين كانوا في طفولتهم ضحايا للتحرش هم أيضاً.... مجرم اليوم هو ضحية البارحة... ضحية لم تعرف العدالة..



#مارينا_رزق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف الجنسي وحماية الطفل
- الحداد عند الطفل


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مارينا رزق - التحرش الجنسي 2 قد يحدث هذا لأولادك