أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - حين..ستهجر الفراشات الزقاق















المزيد.....

حين..ستهجر الفراشات الزقاق


عبدالله مهتدي

الحوار المتمدن-العدد: 4756 - 2015 / 3 / 23 - 23:12
المحور: الادب والفن
    



مرفوعة الى الدار البيضاء


ماذا سنفعل بالعصافير
حين.. ستهجر الفراشات الزقاق
وتسعل الريح؟
هي هذي المدينة متعبة
تباريحها
تفتح لليتم أحضانها
وتسكننا الحزن
وماذا سنفعل بالنوارس
حين.. سيتعب فينا البوح؟
هي هذي الشوارع متعبة
تحضننا وريقات جرحها
تلملمنا
بين الزقاق الذي تشيعنا
غواياته
وبين المقهى التي أدمنتنا
كراسيها
فنرى العربات التي تمضي
في شرود
كأنها أيامنا
تملأنا بالفراغ
وتقرئنا الوداع

نرى الأقدام التي تلعق الإسفلت
وتنحت جبين الأرض
بالتيه
ونسمع نواقيس حاملي القرب
تعزف أناشيد مائية
فيتبع صمتنا
آهاتها

نرى الوجوه التي تبحث
عن عيونها
بين الرصيف
وجرح الزقاق
ونرى العيون
وقد ضاجعها الرماد
تحت غيمة
ضيعت ماءها
فبكتها الجراح
بلادا
توزع أوهامها
على الفراشات التي هاجرت
نحو اليباس
وتقرئنا السلام
على وطن يعشقه الغياب

نرى الأطفال
يمسحون الأحذية
من وصايا الغبار
يلمعون أيامهم
بالمناديل التي تركتها الدموع
على الرصيف المقابل" للسجن المدني"
هنا ك
كان الصباح
يلوي سره
بين ضفيرتيه
ويفرغ جيوبه
من تراتيل الضوء
على جنبات الطريق المؤدي
للمزار
يتعرى
ثم يتشبه بالظلال
كي لا يرمقه الليل
ولا تتيه الدموع على إثره.

ماذا سنفعل بالأناشيد
حين.. ستهجر الفراشات الزقاق
وسيغزو الغيم
مواويل المدينة
أنطعمها من ترياق الجرح
ونصبغ حناياها بالنحيب
أم نجفف
دموع الزقاق
بمناديل النسيان
ونتلو عليها أسماءنا
كي تشيعنا
في قصيدة
مثقلة بالرثاء؟

وماذا سنفعل بالورود
والقصيدة ذاتها
قد شمرت عن أكمامها
وشمت حواجبها بالرماد
ويتمت حروفها

هي ساحة" الأحباس "متعبة
هناك...
نرى الكتب تهجر كتابها
وتحتفي بالغبار
نرى الأشجار سامقة
تتفقد الحدائق
تبكي العصافير التي يممت
صوب القرى البعيدة
نرى الكراسي تنكرت لعشاقها
والقبل على الريح
مزقها الفراق
تفتش
عن شفاه شردها الرحيل
وعن جفون تشبه
أحداق الشمس عند الغروب
وعن سماء صغيرة
تحتفي بالزرقة

متعبة هي" ساحة السراغنة"
نحملها في حقيبة سفر
مطرزة بالتيه
ونرحل
من يسافر في الآخر؟
تجر تاريخها في جوفها
مذ كانت صبية
تلهو بوجه القمر
وتداعب شقاوات الوطاويط
ترمي
جديلتيها بين أقواسها
وتحضننا مساء
تصنع من بياض الفراغ
أغنية لأحلامنا
وتهيئ للوافدين
شاي أوجاعهم
تخبز
من ماء الرغيف الذي عجنته
شفاه الريح
مطرا عاريا
عرقا يعبد
قيعان الزقاق الذي يسعل
فتشتعل المعامل
على الجبهات
ويكتب الجرح سيرة الخسران

نرى العربات
يجرها ركابها
والخيول
تزهو
في مقاعد من ريش
تتسلى بعد إشارات المرور
إلى الكورنيش

نرى المآذن
تختلي بالسحاب
في ليلة عشق
تشيعها الزغاريد

نرى السينما يدخلها الممثلون
وتهجرها المقاعد
يصعد المتفرجون الركح
خجلين
يرقصون على أنغام أوجاعهم
فتزهر أوهامهم
ونرى الهنود الحمر
يفتشون عن عطر أسماءهم
حين تنثرها الريح
للعصافير
يحتسون أقداح الخيبات
غيضا
ويفتحون لذاكرات اليتم
ممرا إلى الحقيقة

ونشم رائحة الحلوى
من رأس الشارع الممتد
من "كراج علال"
إلى خفقة القلب
ونعرف
قريبا
ستترك العيون دموعها
للمناديل
لتختلي بالسهر
وسيلعب النرد بالناس
وستكتب الأقدار أسرارها
على صوت المؤدن

ماذا سنفعل بالنوافذ
والطريق إلى عيوننا
مقفل بالدموع
قريبا
سيسكننا الفراغ
ويملي علينا الطين
أحزانه
هو هذا الزقاق متعب
والمقهى التي تشيعنا
كراسيها
توزعنا فناجين شاي
فنرى وجوهنا مكررة
في الجرائد
وباهتة على التلفاز

نرى "سوق الجمعة"
يلوح بكلتا يديه
نتوغل حي العطارين
تشمنا رائحة القرنفل
فنتبعها ..
متسللين من فتحة الروح
إلى لون الزعفران
ونسرح في الخيال
.....................
ونرى باعة الماء
تسوقهم عرباتهم
ثم نسمع الماء يضحك
يكشف عن ثغره
ويحكي..
لكن قريبا
ستنمو أنياب الصنابير
قبل أن يدفن الماء
ضحكاته
في البئر التي تسكن البيت

نرى أحمد بركات
جالسا
في المقهى الذي تتوسطه الحديقة
تحشوه النجوم
في قصيدة
مشبعة بالغياب
يلمع وجنة الشمس
بالأناشيد التي استوطنت
غواياته
ونعرف..
قريبا
سيهجر المقهى
والحديقة
والقصيدة
وشاربه الكث
و"شارع الفداء"
ومسودات أوجاعه القادمة
وحبر الكتابة
والكأس التي تنادمه
والنهار الذي تسكنه
تراتيله
قريبا
وحدها دفاتره
ستمشي في جنازته
وستمتلئ الطريق إلى المقبرة
بالحساسين التي سكنت
يديه
وحدها القصيدة
ستنعيه مواويلها
ونعرف..
سينام في يد الوردة
كي تحرسه الحدائق
من فم الزلزال

ونرى حوري الحسين
يمسح جبهة الزقاق ذاته
من عرق الجرح
عابرا
إلى نصه الغائب
يصنع من هذيانه
نشيدا
لآخر مشهد
في مسرح المرحلة
ثم يحمل الديكور
إلى المرسى
حيث الشباك
ستصطادها الأسماك

نرى أيامنا
تضاجعنا على سرير اليتم
وتسرقنا من النعاس
أوجاعنا
فنخطو
نحو "سوق الخبازين"
حيث الكتب القديمة
تتباهى بمجد نسيانها
تتثاءب
و تلمع حبرها بالغبار
هناك
سنسمع صوت المؤذن
وسننقلب على الجنب الآخر
كي نحلم
بمطر يغسلنا من الصحو
فما زالت القصيدة
لم يغادرها الصهيل
ولم تبرحها الفراشات
مازال النشيد يطفو
على ماءه
يملي علينا تغاريده

ماذا سنفعل بعطر الزهور
والمزهريات
كسرتها يد الريح
وحدها المرايا
تكشف أسرارنا
توهمنا بالحقيقة
وحدها المناديل
تفضح غيم عيوننا
وحدها
وشوشات الماء
تغرس في أصواتنا
مشاتل للنشيد
وتفتننا بالغواية

ماذا سنفعل بالشموع
ومازال السهر
يسرقنا من الليل
فنعدو عرايا
نغزل الدهشة
في عيون المرايا
ونحكي الأحاجي للزنابق

ماذا سنفعل بالكلام
وقد ورثنا الحرقة
من شفاه الصمت
والحكمة
من قصيد الغيم

هي هذي المدينة متعبة
وذاك الزقاق نفسه
متعب
هذا الجدار الذي نسنده
والأقلام التي تكتب علينا
والطاولة التي تتوسدنا
والقصيدة التي تفشي
أسرارنا للشموع
والحبر المنزلق من رئة الوقت
والغيم الذي نسكنه
والأيام التي تقضمنا
شفاهها
والشارع الذي يعبرنا
والإسفلت الذي يمشي علينا
والمناديل التي تمسحها الدموع
والرجل الذي تقرعه النواقيس
متعب هو الماء
في العربات
والحديقة التي تترجلنا
فنسمع طقطقات أصابعها
ونرى
تفتح أكمامها للريح
والساعة الكبيرة
نرقبها
فيخدعنا الوقت.



#عبدالله_مهتدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريات
- لست حاطب ماء
- عن البوح الذي يملك أجنحة طائرة ويمنحنا الحق في الحلم
- قصتان
- سأختار طريقا أسهل
- شجر الحديقة
- حديقة المعنى
- شوق
- أعطاب -أمريكا-في مرآة بوكوفسكي
- مرثية الى صفرو
- لايليق بالقصيدة أن تكون مسكنا للقتلة
- سيرة غياب
- زغاريد لتيه
- حركة 20 فبراير بين المتخيل الروائي والمقترب النقدي
- قصص قصيرة جدا
- الحلم


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - حين..ستهجر الفراشات الزقاق