أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - الفريضة الغائبة














المزيد.....

الفريضة الغائبة


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 4756 - 2015 / 3 / 23 - 10:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحوار هو الفريضة الغائبة فى المجتمعات العربية ...
اذا اختلفت مع شخص ما لاتقطع الحوار معه ....
فالحوار ظاهرة اجتماعية بامتياز، سواء على أساس أنه يتطلب وجود ذاتين أو أكثر لوجوده، أو على أساس أنه نتاج كون الإنسان، كما يقول أرسطو، حيوانا اجتماعيا،...
إذ أن الميل الفطري إلى العيش في جماعة أو في مجتمع تنتج عنه أيضا علاقات لا تتسم بالضرورة بالوئام والتفاهم بين الناس، وهذا ليس فقط داخل الجماعة الواحدة أو المجتمع الواحد، بل أيضا على نطاق يتجاوزهما.....
الحوار هو أداة ناشئة عن الاجتماع الإنساني لحل ما يعتريه من حالات تنازع وتدافع واختلاف أو سوء تفاهم.....
وبالنظر إلى طابعه المتميز بالسلم وإلى ما يقتضيه من حسن إرادة، فهو إذن أداة راقية لحل مختلف الإشكالات التي لا مندوحة منها في العلاقات بين البشر،....
نظرا لاختلاف الناس في المصالح والثقافات والمعتقدات وما إلى ذلك....
وهو أداة راقية لأن غياب الحوار في ظل وجود خلاف، سواء على مستوى اجتماعي ثنائي الأطراف أو متعدّده، في مجتمع واحد أو ما بين مجتمعات، من شأنه أن ينجر عنه التجافي وعدم الانسجام الاجتماعي في أخف الحالات ضررا أو الصراع والحرب واعتماد القوة لحل موضوع الخلاف، في أسوأ الأحوال،....
كما يجري اليوم مثلا في منطقة العالم العربي، وبالضبط في سوريا والعراق واليمن وليبيا.... وعليه فإن الحوار هو بديل عن اعتماد قانون القوة والغلبة المبني على الجبروت والقدرة على القهر وإخضاع الآخر.....
فالحوار يعني التحادث مع شخص أو أكثر بشأن مسألة مشتركة بينهما أو بينهم، تشكل في ذات الوقت موضوع خلاف أو لبس أو نحو ذلك، قصد الوصول إلى حل يرضي الطرفين المتحاورين، أو الأطراف المتحاورة......
يتميز الحوار إذن بالنزوع إلى البحث عن أرضية مشتركة بين المتنازعين؛ عن منطقة يتوافقان عليها في نهاية المطاف، مما يعني ضمنيا أن منطق الحوار يفترض من الذات المتحاورة نوعا من التعاون مع الذات الأخرى، المقابلة، من أجل الوصول إلى هذه الأرضية المشتركة، إلى كلمة سواء، ذلك أنه، وكما يقول هابرماس بشأن متطلبات الحوار، فإن “المعايير الوحيدة القابلة للصلاحية هي تلك التي يمكنها نيل قبول كل المعنيين بوصفهم مشاركين في مناقشة (حوار) عملية”.....
ففي الحوار لا يسعى المتحاور فقط إلى تبليغ آرائه ومطالبه وانشغالاته وما إلى ذلك إلى الطرف الآخر، بل ينفتح أيضا على ذاته، مصغيا إليها ومستعدا للنظر في رؤيتها للإِشكال المشترك بينهما أو بينهم. من هنا يتبين لنا أن الحوار يفترض اعترافا قبليا بوجود الآخر وبأهليته لأن يكون متحاورا وشريكا بشأن حل موضوع الإشكال المشترك بينهما.....
كما يتطلب احتراما للحق في الاختلاف ومرونة في الرأي والموقف والتفكير.....
وهو الشيء الذي يعني أن منطق الحوار يتعارض مع منطق التطرف والغلو والدوغمائية والتعصب والعنف والإقصاء والاستئصال والخضوع، إذ أن الحوار يقوم على الانفتاح على الآخر، على الغيرية، على مجهود تقوم به الذات على ذاتيتها من أجل لقاء ذات الآخر، وأيضا على امتلاك سلطة التحاور والتمثيل، وكذا المساواة بين المتحاورين، فلا حوار يمكن أن ينشأ بين العبد والسيد.....
مثلما يقوم أيضا على مبدأ النسبية، لكن ليس بالمعنى العدمي الذي نجده عند السفسطائيين الذين يجعلون الفرد مقياسا لكل شيء، لأن مثل هذه النسبية تترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام مختلف أشكال سوء النية،...
ولأن المساواة بين المتحاورين من متطلبات الحوار، فإن ما يميز العالم العربي من تبعية بسبب التخلف وعدم حل مسألة الشرعية السياسية،....
لا سيما في موضوع الحكم، وذلك في جل بلدان المنطقة، أمر يسهم بدوره في إضعاف مبدأ الحوار،....
فالتابعون لا يستطيعون التحاور. وذلك سواء فيما بينهم أو مع الآخر.....
ففي الحالة الأولى هناك العائق المتمثل في غياب الاستقلالية، وفي الحالة الثانية هناك العائق المتمثل في غياب التكافؤ مع الآخر......
لهذا نفهم عجز القمم العربية، مثلا، على اتخاذ قرارات تنبع عن إرادة حرة، أو التأثير على الآخر في قضايا عربية مصيرية، كقضية فلسطين مثلا......
مما يفسر وجود المقاومة، باعتبار أن السلاح هو سبيل الضعيف الذي يريد إسماع صوته، مثلما يفسر أيضا كون قرار “الحوار” أو الحرب في هذه المنطقة رهن إلى حد كبير بإرادة الآخرين، الإقليميين منهم والبعيدين....
فالتابعون يتحاربون بالوكالة و”يتحاورون” بالوكالة....
حتى أنه يروى بأن الفيلسوف السوفسطائي بروتاغوراس “كان يتبجح بقدرته على أن يجعل الحجة الضعيفة تبدو قوية وسليمة”.....
فالنسبية التي يفترضها منطق الحوار الذي يهمنا هنا يعني الانفتاح على الرأي الآخر والاقتناع بعدم احتكار “الحقيقة”....
إنها النسبية التي يمكن أن يلخصها المبدأ المعروف في الثقافة المتمثل في القول التالي: “رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب”....

حمدى السعيد سالم
صحافى ومحلل سياسى واستراتيجى



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتنياهو وسياسة وضع العربة أمام الحصان
- ثقافة البناء
- امك قرعة يا اوردوغان
- المرشد الايرانى المريض ومستقبل إيران المتشددة
- الزواج السرى بين الإخوان وبريطانيا
- الكيانات الحزبية الدينية اللقيطة
- التكنولوجيا هى الحل الأمثل لكل مشاكل مصر المستعصية
- إلا أمننا القومى يا وزيرة التعاون الدولى
- ولكم فى التجربة الصينية حياة يا أولى الالباب
- عليك ان تختار
- احزاب ورقية يجب حلها
- لو كانت الفهلوة رجلاً لقتلته
- اصفع الاخوانى على قفاه يحترمك مدى الحياة
- خصخصة القطاع العام وبيعه خرب البلد
- ماذا يحدث تحديدا؟
- فتش عن المستفيد تعرف من الجانى
- الجشع والجوع السياسى
- لا تصالح معهم افرضوا القانون
- سلملى على خالتك شرعية
- التنوير قبل التثوير


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - الفريضة الغائبة