أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد الطريبق - فرويد بين الفلسفة والعلوم الإنسانية















المزيد.....



فرويد بين الفلسفة والعلوم الإنسانية


أحمد الطريبق

الحوار المتمدن-العدد: 4756 - 2015 / 3 / 23 - 09:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أعتقد أن الإنجاز الذي حققه فرويد، يعادل في قيمته ثورة كوبرنيك Copernic العلمية. ذلك أنه بعمله هذا، جعلنا نقتحم أكثر المناطق خطورة وصعوبة بالنسبة للفكر والمعرفة؛ فهذه المناطق المتعلقة بالإنسان، لا يمكن أن تظل بعيدة عن العلم والمعرفة. ذلك أنه انطلاقا من القرن السابع عشر، وبناء على الثالوث العلمي: الفيلولوجيا والبيولوجيا وعلم الاقتصاد الذي أنتج ظهور العلوم الإنسانية، لم يعد الإنسان قابلا للاكتفاء بمجال ما يعرف بالعلوم الحقة les sciences exactes، بل أصبح مندفعا إلى اكتساح كل المناطق المعرفية، بما فيها تلك المتعلقة به.
ونعتقد أن الإنجاز الذي حققه سغموند فرويد Sigmund Freud في مجال علوم الإنسان، يعادل الثورة العلمية التي أشرنا إليها، فاكتشافه للتحليل النفسي وخصوصا مفهوم اللاشعور inconscient ، جعلنا نقتحم أكثر المناطق خطورة وصعوبة بالنسبة للفكر والمعرفة؛ فهذه المناطق المتعلقة بالإنسان، لا يمكن أن تظل بعيدة عن العلم والمعرفة. بل أصبحت ولأول مرة في التاريخ موضوعا من المواضيع العلمية، على أساس عقلانية خاصة بها rationalité .
ليس من طبيعة الفكر العلمي أن يقف عند حد معين، ذلك هو مسار ومنطق العلم الذي يرفض الدوغمائيات، وكلما فتح الإنسان أبوابا، طرحت عليه أسئلة جديدة تستلزم أجوبة واجتهادا آخر وشجاعة أكبر، حتى لو كان ذلك ضدا على منزلته المتعالية أو فضحا لمحدوديته وتناهيه، كما كان الشأن في فكر ونظريات عصر الحداثة، الموسومة بفكر الأنوار.
نرى في هذا عنصرا لصالح الإنسان ولإيجابيته، وليس العكس، حينما اعتقد بعض المفكرين، مثل جان بول سارتر Jean Paul Sartre وماركسيي الستينيات، أنه ثمة حد ينبغي الوقوف عنده وإلا أهينت منزلة الإنسان. هذا الاكتساح العلمي شرف للإنسان وليس العكس، ثم إن ذلك ينبغي أن يفهم كقوة فيه وليس كتحطيم لشأنه. أما مراقبة نتائج العلم فتلك مسألة أخرى، لها مشروعيتها، وأقصد بذلك أخلاقيات العلم. حيث تجد الساحة الفكرية المعاصرة زاخرة بالدراسات في مجال أخلاقيات العلم، وحيث مستوى النقاش يستشكل problématisation العلوم نفسها.
إذا كانت العلوم الرياضية هي نفسها قد عرفت في القرن الثامن عشر، أزمة حقيقية واهتزازا عميقا عرفت بأزمة الأسس La crise des fondements، التي لم يستطع تجاوزها الفكر الرياضي إلا بالمجهود النظري الذي أدى إلى الأخذ بنظرية الأكسيوماتيكaxiomatique ، فإنه من العادي والجريء أن يتقدم الإنسان خطوات أكبر، حينما يستهدف نفسه موضوعا للبحث والتنقيب والتشريح.
ظل الإنسان مثلا، منذ العصور العتيقة، يتعامل مع الجنون بوصفه الظاهرة التي ينبغي أن تنفى في اللانهائي، سواء كان ذلك النهائي هو الإقصاء في البحر ، أو الاعتقال ضمن المشعوذين والمجرمين والمنبوذين، أو الحجز في مقرات مغلقة، أو الحبس في المستشفى؛ وفي كل هذه الحالات، كان المجنون شخصا مرفوضا وغير مقبول، وينبغي التخلص منه وإقصاءه.
ولعل التحليل النفسي جاء ليضع على الأقل بعض الفروق والمعاملات الأقل إقصاء وحجزا. إنه بذلك جعل الإنسان أكثر قربا للفهم والمقاربة؛ يعني ذلك أن التحليل النفسي بتناوله الإنسان المجنون كموضوع ينبغي أن يتكلم ويسمع صوته، فقد غير النظرة إليه من شخص يتعين نبذه، إلى شخص ينبغي الإنصات إليه ومقاربته علميا وإنسانيا؛ فالمعرفة قد غيرت وضع ما كان يسمى تعميما بالجنون.
الفرويدية هي أحد هذه الاجتهادات الجريئة في المسار العلمي والمعرفي للإنسان. خطى التحليل النفسي خطوة جبارة، حينما اكتشف هذه المنطقة الغامضة في الإنسان، والتي هي أحد أبعاده الأكثر أهمية ودلالة. ونوجز هنا أهم مرتكزات وأدوات التحليل النفسي: - اللاشعور Inconscient هو الذي يحدد أسباب السلوكات ويفسر معانيها ودواعيها – التداعي الحر Associations libres، حيث يفسح الإنسان المجال للتحدث دون قيود عن دواخله – الحلم Rêve بوصفه تعبيرا عن الكبت ومادة للتأويل – التصرفات غير الإرادية Actes involontaires كزلات اللسان وزلات القلم والنكت...الخ – الجنس ودوره منذ الطفولة – عقدة أوديب بوصفها أزمة حاسمة يمر منها الإنسان عبر طفولته – التحويلTransfert الذي هو تلك الحركية اللازمة من جهة الإنسان للتواصل مع المحلل النفسي – المقاومة résistance وهي تلك المقومة غير الشعورية التي تصدر عن الإنسان أمام المحلل النفسي خلال حلقات التواصل – الدوافع pulsions وهي كل الطاقات الكامنة في دواخل الإنسان والتي تنشط للتعبير عن نفسها.
يقول فرويد: " كل النزعات وكل الرغبات التي تسكننا، لا تقبل الظهور بوضوح في الوعي. كما أنها على خلاف ذلك، تقبع في اللاشعور بوصفه مكانها الطبيعي. وهي ليست لاشعورية لأنها طردت من الوعي أو لأنها لم يعترف بها، ففصلت من قبل الأنا الواعي، ولا لأنها صارت كذلك. بل إنها لاشعورية بشكل غريزي وهي تظل كذلك، لأنها غير مقبولة " .

بين اللاشعور والوعي هناك الحارس الذي يسهر على باب الوعي، وهو رجل العالم الذي يكبت الرغبات "غير المشرفة " والمحاطة بالأشواك، وهذا ما لا يقبل في الظاهر أمام البشر والمجتمع. هذا الحارس ليس هو الوعي، وهو ليس فينا بوصفه صاحب القرار في القبول أو الرفض حسب المعايير الجلية للأخلاق وقواعد العقل.
إنه ليس الحكمjuge الذي ينزل ويتفه الرغبات، غير المعقولة أو غير الأخلاقية. يسهر هذا الحارس بالباب لكي يحجب عن الوعي، ما لا ينبغي أن يراه ولا حتى أن يشك في وجوده. إنه عون لبق ولاشعوري، يحفظ النظام الجيد ويضمن سلم وتوازن الوعي، غير أن دوره كرقيب، يكمن في كبته تلك الرغبات داخل اللاشعور، لكي تبقى هناك في بعد عن مرأى الوعي، ولكونها غير معقولة وغير عقلانية، أو بعبارة أخرى لأنها محرجة.
ولأنه يمارس وظيفته خارج الوعي، فإن هذا الحارس يضمن بالتأكيد عدم تسرب العناصر الغريبة والمشاغبة والخطيرة على التوازن وهدوء الوعي، غير أنه يقوم بهذه المهمة بشكل لا يخلو من المخاطر؛ فهو يتعين عليه ألا ينزع عنها طاقاتها، بل يكبتها فقط خارج وضوح الوعي. ولأنها لاشعورية، فإن آلية الكبت تحفظ للنزعات المكبوتة كل طاقاتها.
لا يعتبر هذا الحارس، لا بالحكيم الذي ينكر تحقيق هذه الرغبات المنظور إليها، بوصفها غير واقعية وخطيرة وغير أخلاقية ولا قيم لها: فليس الكبت إنكارا، وذلك لأن الحارس هو رقيب بدون أن يكون حكما، إنه عون محايد ولكنه أيضا غبي، أي أنه يعمل بشكل تلقائي وعفوي آلي. إنه يطبق التعليمات حتى عندما يطلب منه أن يتركها، وهو يستمر في لعب دوره تجاه الوعي حتى في الظروف الكارثية، التي يعاني فيها الوعي من عدم رؤية تلك المكبوتات.
يقول فرويد: " لا ينبغي إذن الخلط بين هذا الوعي والوعي الأخلاقي أو العقل، حينما يقوم بكبت تلك الرغبات في اللاشعور. الكبت ظاهرة نفسية مكلفة بالحفاظ على التوازن النفسي، غير أنه قد يستطيع خلخلته بحكم الطبيعة اللاشعورية والمخفية لوظيفته. ليس للكبت معنى في أفق الصحة والمرض، وليس له أي مكان في الحكمة والأخلاق اللتين تكفلان سلامتنا " .

يجعلنا التحليل النفسي إذن، نعيد النظر في الإنسان وفي المنزلة التي أعطيت له خلال قرون. وإعادة النظر هذه لا تمس وحدته وتعددها لكي تجعله غير موجود، بل فقط تريد أن تبين أن الإنسان هو مجموعة أبعاده. إنها تبين أن الإنسان كيان خصب وغني وفعال. هذه البساطة والتعدد تجعلانه كائنا أكثر إيجابية مما كان يعتقد، وتكمن هذه الإيجابية في ما يملكه الإنسان من طاقات وأبعاد، تستعصي على الموانع والإكراهات والقمع. وإلا لماذا هناك حارس رقيب لإنجاز الكبت ؟ كبت ماذا؟ ولماذا؟ وبأمر من ؟
إنه كبت الرغبات الغريزية فيه، والتي لا يمكن نكرانها أو اختزالها، سواء بالطرق اللينة كالتربية الدينية وغيرها، أو بالطرق العنيفة كالحجز والتعذيب وغير ذلك. لو لم يكن الأمر كذلك، لما كانت هناك مؤسسات عقابية وأخرى طبية، ولما كانت هناك ترسانة قوانين زجرية، ولا كان هناك مجرمون وجانحون، ولا مرضى عصابيونnévrotiques أو ذهانيون psychotiques .
ولأن هناك رغبات قوية وغير قابلة للتنازل والتراجع، فإن هناك سلطة وقمع. ولأن هناك أبعادا أخرى للإنسان، فإن هناك دائما شغبا ونضالا وكفاحا وصراعا. هناك، وستبقى هناك دوما، ثورة الإنسان على نفسه وعلى المجتمع والنظم والقوانين والمؤسسات وكل ما هو ممانع للرغبات الغريزية.
من هنا كان العمل المثير للجدل لمؤسس التحليل النفسي:
يقول فرويد " من السهل معرفة أن الأنا Le Moi هي قسم من الهوLe Ç-;-a الذي تأثر بمتغيرات تحت الفعل المباشر للعالم الخارجي، وعبر وساطة الوعي – الإدراك. إنه يمثل، إلى حد ما، امتدادا للاختلافات السطحية. وهو يبدل مجهودا لإلحاق تأثير العالم الخارجي على الهو، وتعويض مبدأ الواقع بمبدأ اللذة يعبر وحده عن سلطته على الهو. الإدراك هو بالنسبة للأنا ما تمثله الغريزة instinct والدافع الغريزي بالنسبة للهو. يمثل الأنا ما يسمى بالعقل والحكمة، أما الهو، فعلى العكس من ذلك، تهيمن عليه الأشواق. كل هذا ينسجم مع التمييز المعروف عادة، بيد أنه لا ينبغي أخذه إلا بشكل عام وينبغي أن يعتبر على شكل قيمة افتراضية virtuelle."

فالجهاز النفسي الإنساني عبارة عن ثلاثة مستويات: مستوى الأنا Le Moi مستوى الأنا-الأعلى Le Sur-Moi ومستوى الهو Le ça. ولكل من هذه المستويات دور فعال بشكل حركي وديناميكي، يكون قدر التوازن فيه هو الذي يحدد نوع وطبيعة الشخصية. وقد شرحنا باقتضاب شكل الدور الذي يلعبه كل مستوى من هذه المستويات. غير أن المهم هنا مرة أخرى، هو أن الذات الإنسانية هي تعدد واختلاف وتوتر دائم. وبالتالي، فلا الإنسان سيد نفسه بالكامل كما ورد في فكر الحداثة، ولا هو غائب بالكامل كما ورد في فكر القرون الوسطى من جهة، وكما ورد في فكر من لم يفهم جيدا معنى موت الإنسان الذي ورد في فلسفات ما بعد الحداثة، ومنها فلسفة ميشيل فوكو.

ثم يقول: " حينما نأخذ بعين الاعتبار نموذج تشكل الأنا الأعلى Sur-Moi نفهم أن النزاعات التي حصلت بين الأنا والمواضيع ذات الشحنة الليبيدية Libidinale للهو Ç-;-a تمتد على شكل توتر يجري هنا بين الأنا وإرث الهو، أي الأنا الأعلى. حينما يخفق الأنا في تجاوز عقدة أوديبب بشكل جيد، فإن كثافة الطاقة التي صرفها في الهو تتمظهر من جديد في تشكيلة رد الفعل، ممثلة من خلال الأنا المثالي. ومن حيث إن الأنا المثالي يتواصل باستفاضة مع الدوافع الغريزية اللاواعية فهو يفسر لنا هذه الظاهرة الغامضة، حيث الأنا المثالي يظل نفسه في غالبه لاشعوري وفي غير متناول الأنا. يستمر الصراع العنيف في الطبقات العميقة دون أن يستطيع أن يستهلك بتسام Sublimation سريع وتحديد ".

من هنا نفهم أن الإنسان ليس ماهية مجردة كما تصورته الحداثة، إنه كائن متعدد يصعب فهمه كهوية خالصة، بل كهوية مخترقة بالعديد من النزاعات والتناقضات، فالأنا والأنا الأعلى والهو هي ساحات للصراعات والحرب والتوتر، وأيضا التوازن النسبي والسلوك الاحتمالي. ثم إن الإنسان كائن مؤول وكائن للتأويل، وبهذا المعنى هو متناه. وهذا التناهي هو من طبائع الوجود الإنساني.

كما قلنا، عرض فرويد نظريته في نمو الشخصية التي يوجهها الليبيدو Libido ، فالإنسان في مراحل نموه، تصبح كل مستوياته النفسية ذات الحساسية الجنسية érogènes، مكان الإشباع الجنسي الذي يهدئ التوتر النفسي لدى الفرد، فالطاقة الجنسية بما هي طاقة دافعة ديناميكية، تحتاج إلى الإشباع. يحدد فرويد هذه المناطق الحساسة الجنسية فيما يلي: الفم Oral والمخرج Anal والجهاز التناسلي Appareil génital حسب السن. ولكي يكون هذا النمو سليما وصحيا، فإن الفرد يركز، حسب المرحلة العمرية، على المنطقة الحساسة الملازمة والمقابلة لسنه. فإذا مرت الأمور بطريقة جيدة، فإن الأزمة تكون قد عولجت، ويكون الفرد قد انتقل إلى المرحلة الموالية، وإذا لم يستطع الفرد معالجة الأزمة يحصل ما يسمى التثبيت Fixation الذي يشكل بنية الأمراض العصابية névrotiques أو الذهانية psychotiques.
في مرحلة الطفولة المبكرة، يجب أن يشبع الطفل بعض حاجياته ومتطلباته عبر الفم الذي يكون هو مركز منطقة الليبيدو؛ ويحصل الإحباط حينما لا تلبى هذه الحاجيات والمتطلبات ولا يتم إشباعها. وإذا كان الفرد متنازلا جدا وخنوعا، فإنه يظل غير قادر على الانتقال إلى المرحلة الموالية. فحينما يحصل التثبيت، أي الثبات في المرحلة الفمية أو أية مرحلة من مراحل النمو، فإن شخصيته ستتأثر سلبا، وسيتظاهر ذلك ويبرز في مرحلة البلوغ في شكل اضطراب، وخلل وتوتر شخصي شديد يكون أقصاه الإصابة بالذهان psychose.
المرحلة الفمية Stade oral: تبدأ هذه المرحلة منذ الميلاد، حيث يكون الفم أساس الطاقة الليبيدية Libidinale. ويؤدي فشل هذه المرحلة إلى تدهور كبير لهذه الطاقة، وبالتالي يسم الفرد ببنية مرضية تطال جهازه النفسي والعقلي، حيث قد تؤدي إلى مرض الفصام Schizophrénie .
المرحلة الشرجية Stade anal: تتميز هذه المرحلة بتركيز الطفل على سرجه، حيث يصبح مصدر إشباع الرغبات هو السرج. ومرور الطفل بشكل سليم من هذه المرحلة، يساعده على المرور إلى المرحلة الموالية، أما إذا لم ينجح في إشباع حاجياته وأصيب بالإحباط، فإنه يكون عرضة إلى التثبيت في هذه المرحلة، الأمر الذي يشكل لديه بنية مرضية يعتقد فرويد أنها جنون العظمة Paranoïa .
المرحلة القضيبية Stade phallique: هي المرحلة التي يصبح فيها قضيب الطفل مقر إشباع الحاجيات. وتكون هناك ضرورة المرور بسلام من هذه المرحلة إلى المرحلة الموالية، وإلا يسقط الطفل في التثبيت، ويكون الطفل عرضة لمرض الهوس Maniaque .
المرحلة الأوديبية Stade du complexe d’Œdipe: وعدم تلبية وإشباع الحاجيات في هذه المرحلة، يؤدي إلى التثبيت، وبالتالي إلى التعرض إلى ما يعرف بالسوداوية Mélancolie . هذه المرحلة تعرف توترا شديدا لدى الطفل في علاقته مع الأب، وتتميز بما سماه فرويد عقدة الخصاء Castration. فالطفل في هذه المرحلة يعاني من أزمة كبيرة، فهو يتأرجح بين حبه لأمه بوصفها موضوع حب لديه، وبين موقفه من أبيه بوصفه يتقاسم معه موضوع الحب هذا. ويلعب الأب في هذه المرحلة دور السلطة الرمزية المانعة، وهو دور مهم جدا في تكون وتطور البناء النفسي للطفل، وعلى الطفل أن يمر من هذه الأزمة بسلاسة وسلامة، كي لا يقع في المرض النفسي عصابا كان أم ذهانا.
هذه المراحل التي شخصها فرويد، لها أهمية كبيرة من حيث النظرة إلى الإنسان وتعدد أبعاده. فالإنسان الذي كانت الحداثة تنظر إليه كقيمة متعالية ثابتة (كانط، هيجل) وكوحدة متماسكة ومغلقة(ديكارت)، أصبح بعد فرويد قيمة نسبية وغير ثابتة. لم يعد الإنسان كائنا منسجما كوحدة مغلقة، بل كيانا تمزقه مجموعة من الدوافع وتقسمه العديد من المستويات: الشعور – اللاشعور والليبيدو... الخ.
فإذا كانت الأنا، تلك التي تحدث عنها بول دو طارس Paul de Tarse والقديس أوغسطين Saint Augustin وطوماس الأكويني Thomas D’Aquin كجزء موحد دوره التوحد بالسماء، وحدة محكومة بحب الالتحاق بعالم اللاهوت هروبا من عالم الناسوت، فإنها أصبحت بعد فرويد، كائنا يريد ويشتاق ويشتهي ويرغب فيما توجهه إليه نوازعه ودواخله. لم يعد الحديث ممكنا عن الإنسان الوقور والناسك والورع، بل أصبح الإنسان مفتوحا على كل الاحتمالات بحكم بنيته الغنية والمتعددة.
إن البناء النفسي للإنسان هو مكان للنزاعات والصراعات بين مختلف الحاجيات والرغبات النفسية. ويشكل الجنس أو الليبيدو الأساس القوي والفعال الذي يحدد ما سيكونه الإنسان. لا يعني هذا أن هناك حتمية ميكانيكية في صيرورة الإنسان، فالثقافة والتنشئة الاجتماعية والتغذية ... الخ، لها تأثيرها الفعال أيضا؛ وهذا يؤكد تناه الإنسان وتعدد جوانبه الداخلية والخارجية، مما يجعل منه كائنا مفتوحا على احتمالات متعددة وغير متوقعة.
فأن يمر الإنسان من مرحلة إلى أخرى، وفق نظرية فرويد، لا يعني أنه بالضرورة سينتهي إلى حالة معروفة مسبقا؛ وأن يكون الإنسان حاملا لبنية فصامية Schizophrénique ناتجة عن تثبته في مرحلة معينة، كالمرحلة الفمية، لا يعني أنه سيصاب حتما بالفصام، كما أن الإنسان الذي يعيش إحباطات كثيرة بسبب الوضع الاجتماعي، لا يعني أنه سيصير حتما إلى حالة مرضية أو جنحية ... الخ. بل إنه يظل قادرا على التوجه وجهة أخرى غير متوقعة، فالاحتمالية في حالة الإنسان أكثر اتساعا منها في الطبيعة.
يقول فرويد: " اختبار الأفكار العفوية التي يبديها المريض، إذا طبق فعلا واحترم القواعد الأساسية للتحليل النفسي، ليس الوسيلة التقنية الوحيدة التي تسمح بتلمس اللاشعور. هناك طرق أخرى لنفس الهدف: تأويل الأحلام والهفوات والفلتات ." نرى هنا تأكيد فرويد على أن المحلل النفسي ينطلق وجوبا من عدة افتراضات محتملة، ويحاول أن يدرك في كل حالة، الوسيلة التي تفيده وتناسب الأعراض الماثلة أمامه، وليس أن يفترض سببا ثابتا لكل الحالات. بمعنى آخر، إن المحلل ينطلق في عمله وكأنه خالي اليدين من الوسائل، ففي أعراض المريض وتاريخه الشخصي الذي يعود إلى الطفولة، سيجد الوسائل التي تمكنه من قراءة الأعراض، إنه يمارس السميولوجيا sémiologie بوصفها قراءة تشخيصية للأعراض.
يقول في الاتجاه نفسه: " ستفاجئون حينما تكتشفون في تحليل الأحلام ... الأهمية غير المتوقعة التي تمثلها الانطباعات التي تعود للطفولة المبكرة. عبر الحلم، يستمر الطفل حيا في الرجل الراشد، بخصوصياته ورغباته، حتى تلك التي أصبحت غير نافعة. من الطفل، الذي كانت إراداته مختلفة في العادات الخاصة بالإنسان الراشد السوي، يخرج ويتشكل هذا الأخير. لكن بثمن أية تطورات والمكبوتات والتسامي وردود الفعل النفسية، استطاع هذا الرجل السوي أن يتشكل تدريجيا، بوصفه المستفيد وأيضا الضحية، لتربية ولثقافة اكتسبت بصعوبة !"
ثم يستطرد: " ستلاحظون مسبقا أن المحلل النفسي متميز من خلال إيمانه بحتمية الحياة النفسية. غير أن هذه الحتمية في نظره ليست تحكمية أو بديهية؛ إنه يتخيل سببا خاصا حيث، عادة، لا يكون لدينا فكرة نفترضها. بل إنه يفترض أسبابا متعددة ومحركات متنوعة، لكي يتبين الظاهرة النفسية، بينما أنه عادة ما نعبر عن رضانا بالاكتفاء بسبب واحد لكل ظاهرة سيكولوجية "
من هنا ندرك، ليس فقط أن التحليل النفسي نظرية مرنة وطيعة ومفتوحة في النظر إلى الإنسان، بل إن المحلل النفسي هو قارئ ماهر وحذر للأعراض والظاهرة الإنسانية.
يتحدث فرويد عن عدة مفاهيم في نظريته:– الجنس – الطبع – الشذوذ – الخصاء – الدوافع – المرض الذهاني أو العصابي – التسامي – الإشباع ...الخ. غير أنه ينبغي فهم هذه المفاهيم كمعايير متحركة ومتغيرة، مشحونة بالقوة وفي علاقة دائمة بالمحيط والمؤثرات الخارجية. ولكي لا يصبح التحليل النفسي آلة جامدة في فهم الإنسان، يجب فهمه كاستراتيجيا للتحليل والتأويل لفهم كل حالة على حدة. وأهمية فرويد تحديدا تكمن في أنه جاء بنظرية جديدة في التأويل غير التي كانت سائدة في الحداثة، تماما كما هو الأمر بالنسبة لنيتشه وماركس.
في الواقع، فقد سبق نيتشه إلى الحديث عن الإنسان بهذه المعاني. إن للثلاثي نيتشه، ماركس، فرويد أهمية قصوى في تغير النظرة إلى الإنسان، وقد جاءت مختلف العلوم، من البيولوجيا والاقتصاد واللغة إلى العلوم الإنسانية، للتأكيد على هذا الأمر الذي يقود إلى نسبية الإنسان وتناهيه. هذا ما قصده ميشيل فوكو حينما تحدث عن " موت الإنسان "، وقد فهم هذا الأمر من قبل الوجوديين والماركسيين على أنه آخر ورقة للبورجوازية كما قال جان بول سارتر.
لم يستطع أي أحد قبل فوكو أن ينتبه إلى هذه الثورات الفكرية ةالعلمية، وما بها من خطاب صادق ووفي للإنسان، ولم يستطع أحد ما أن يعيد الاعتبار لهذه الخطابات وما تريد أن تقوله عن الإنسان وعن آلامه الأكثر حميمية، خصوصا حينما يفشل " الحارس " في حفظ التوازن، وتنهار لدى الإنسان ما كان يبدو وحدة وحكمة وأخلاقا وتعقلا.
وظيفة الكبت هذه، والتي هي ليست من نظام الأخلاق أو الحكمة، إنما هي تثبت أن الكائن الإنساني هو أغنى وأقوى من أن يختزل في المفاهيم التقليدية والسطحية والساذجة، التي أنتجها الفكر الغربي عن الإنسان في القرون التي سبقت ظهور العلوم الإنسانية. لذلك علينا أن نقدر قيمة ما قام به فرويد وقرائه مثل لاكان Lacan وفوكو حيث استطاع هذا الأخير أن يبين أن هذه العلوم قد أماتت الفكرة التقليدية عن الإنسان، لا لكي تضعه في النسيان، بل لتضعه من جديد وبوسائل أنجع في المكانة التي يستحقها. وهي المكانة التي يصبح فيها بالإمكان الإنصات إليه أكثر والتحقق منه بشكل أفضل.
هل كان من الممكن فهم الإبداعات الكبرى والعظمى للإنسان، دون النظر إليه على هذا النحو ؟ كيف يمكن أن نفهم ما أنتجه الإنسان من أشياء وأعمال عظيمة دون النظر إليه ككائن غني ومبدع ؟ كيف نفهم الأعمال الفنية والأدبية والعلمية دون هذا ؟ كيف نفهم الحروب والنزاعات وظهور النظم الأخلاقية والقانونية والعلمية ؟
هل يمكن اعتبار الجريمة مثلا، أو الحروب، أحداثا غير أخلاقية ونركن لهذا القول، فيسهل علينا الحكم عليها وتصنيفها ضمن الأمور الاستثنائية والغريبة ؟ هل يمكن أن نعتبر الجنون مثلا، ظاهرة غير طبيعية وربما ظاهرة ماورائية، فنقصي البشر عبر السفن ونرمي بهم في البحر، كما كان يحصل في أوروبا، أو نحجزهم مع كل الأشكال غير المرغوب فيها من المعتقلات والسجون، كما كان الأمر في الحضارة الغربية ؟
بالتأكيد، فإن لمفهوم اللاشعور وما يرتبط به من مفاهيم دورا حاسما في ذلك. ومن خلال فرويد وعلماء السوسيولوجيا والإثنولوجيا، وانطلاقا منهم أعيد النظر في المقولة التقليدية عن الإنسان، ودفع إلى تفكير أكثر جرأة عنه. وبالتالي فتح الآفاق لنظرة أخرى عن الإنسان، متجاوزا بذلك، ليس فقط الفكر الغربي الكلاسيكي والحديث، وإنما أيضا الفكر المعاصر.
منح كل من نيتشه وفرويد وماركس لميشيل فوكو إمكانية هائلة في التأويل. إنهم أفادوه في أن كل ما يصدر عن الإنسان من أفعال وسلوك وكلام وأفكار وخطابات هي موضوعات للتأويل. وبقدر ما فيها من صمت، وبقدر ما هي معرضة للكبت، فهي غنية ومشحونة بالإشارات والعبارات.
عندما لا يستطيع الإنسان ضبط توازنه وتوازن غرائزه ورغباته وطاقاته، ينتج ما لا يمكن تصوره أو حصره من إبداعات وأعمال وأفعال، فالإنسان ليس فقط هو ذلك الكائن المهذب والعارف المتخلق والصالح، الذي يعمل لتحقيق غاية فضلى حددها قبلا عقل مطلق(كانط) أو نظام أخلاقي مطلق، يهدف إلى نشر الفضيلة، في مقابل الرذيلة، التي هي إما من عمل الشيطان أو من السلوك الجانح، بل إنه ذلك الكائن الحي المشحون بالسليقة والطبع والجبلة، برغبات وغرائز هي دوما في صراع داخل الذات المملوءة بالتناقض والمجبولة على إرادة القوة. وحينما يتحدث الإنسان عن الخير والفضيلة والعدل والصدق والمحبة... الخ، فإنه علينا أن نستحضر اللاشعور، لكي نفهم أنه أمامنا أبواب كثيرة وإشارات متعددة للتأويل.
يقول لاكان Lacan " فلنؤكد بداية على المبدأ التالي: لا يعتمد المحلل النفسي إلا على نفسه. هذا المبدأ موثق في النصوص الأصلية للمدرسة، وهي تقرر في وضعها. لا يمنع هذا المدرسة من أن تضمن بأن المحلل يعود إلى تكوينه ."من الواضح بالنسبة لجاك لاكان Lacan أن نظرته للتحليل النفسي، اتجهت في أفق أكثر دقة بهدف تقريبها للعلوم والصورنة Formalisation ، لقد كان هذا طموحا خفيا لديه. إذ كان يدرك صعوبة تحقيق هذا الأمر.
غير أنه اجتهد بشكل ملفت للنظر، بالمقارنة مع الاتجاهات التقليدية الأخرى للتحليل النفسي، حيث انطلق منذ البداية بانتقاد فرويد نفسه وأعماله، وانتقاد النماذج الأرثدوكسية في التحليل النفسي. بالنسبة له، فإنه على المحلل النفسي أن يعود إلى نفسه ككائن إنساني له هو أيضا بنيته السيكولوجية، لكن الرجوع أيضا إلى معرفته بتقنيات التحليل النفسي.
بين هذه وتلك هناك هوة صعبة، ينبغي على المحلل أن يحدد الفرق والمعالم التي تجعله مؤولا ماهرا لما يعرض أمامه، من دلالات ورموز ومعان، وكل ما يصدر عن الإنسان من حركية. لا ينبغي أن يعتمد المحلل على العبارات التي يتلفظ بها الفرد فقط، بل الحركات التي قد تصدر عن الإنسان: الجسد والعبارة هما متن جيد للتأويل والقراءة، ينبغي فهم التحليل النفسي كقراءة، وليس كآلة روتينية جامدة تنظر إلى الفرد كجثة جامدة، بل كدينامية حية مملوءة بالمعاني.
يقول: " الروح التي مازلنا نصرفها والتي ما زلنا مشحونين بها، الروح التي كانت لدينا وفق التقليد المسيحي، هذه الروح نفسها، كجهاز وكسلاح واق، والعود tige الحديدي الذي هو نتاج ثانوي لهذا الهذيان عن الأبدية لدى سقراط، هذه الروح مازلنا نعيشها "، بمعنى أننا مازلنا ننظر إلى الروح بالمعنى اللاهوتي للقرون الوسطى، التي كانت لذا رواد المسيحية من بول دو طارس إلى طوماس الأكويني مرورا بالقديس أوغيسطين، وحتى عند هيجل وقبله فيخته Fichte وشيللر Schiller. ينبغي على التحليل النفسي أن يعيد النظر في هذه الروح، وينظر إليها كدينامكية وكقوة وكحركية تتمظهر عبر العبارة والجسد.
ليس من الحتمي أن تكون ممارسة التحليل متطابقة عند المحللين، أولا لأن لكل محلل خصوصيته (في التأويل وفي المقاربة والتصرف ...الخ)، وثانيا لأن لكل فرد موضوع التحليل النفسي خصوصيته، وبالتالي فإن النتائج تكون متناقضة وغير متطابقة.
يقول لاكان بهذا الصدد: " حينما نلاحظ الطريقة التي يفكر بها العديد من المحللين والطريقة التي يعبرون بها ويفهمون تقنيتهم، فإننا نظن أن الأشياء في حالة من الخلط الجذري... حاليا، عند المحللين الذين يفكرون – وهذا يضيق من حلقتهم – لا يوجد واحد يكون له، في العمق، نفس الفكرة مثل أي من معاصريه أو جيرانه عن نفس الموضوع فيما نفعله أو نهدف إليه أو ما نحصل عليه، أو فيما يتعلق به الأمر في التحليل. وبنفس القدر نستطيع أن نلعب اللعبة الصغيرة هذه في المقارنة بين التصورات الأكثر تطرفا – وسنرى أنها تؤدي إلى صيغ متناقضة بشدة ". لهذا السبب يشير لاكان إلى التحليل النفسي كهذيان علمي.
يتساءل لاكان: " ما هي عيادة التحليل النفسي ؟ إنها أمر غير معقد. إنها ذات أساس – هذا ما يقال في التحليل النفسي. مبدئيا، نذهب لقول أي شيء، ولكن ليس في أي مكان – لما أسميه هذا المساء خطاب–الريح التحليلي... نستطيع أيضا أن نزهو، ونزهو بالتداعي الحر كما تسمى ... بالطبع، أنا لست متحمسا جدا للقول إننا حينما نقوم بالتحليل النفسي فنحن نعرف إلى أين نتجه. التحليل النفسي مثل كل الأنشطة الإنسانية الأخرى، يساهم بالتأكيد في التعسف. إذ نتصرف وكأننا نعرف شيئا ما ".
لذا يتوجب على المحلل أن يتجه وكأنه خال الدماغ من أية فكرة مسبقة، لكن دون أن ينسى ما تعلمه من تقنيات ومن مهارة: " كما الآن، أعتقد أن التحليل النفسي لا يلقن. هذا سيكون أمرا يدعو للملل. إنه أمر يدعو للملل أن يكون المحلل مجبرا- بما أنه يجب عليه أن يجبر – على إعادة اكتشاف التحليل النفسي ". لا ينبغي إذن أن ننطلق من التحليل النفسي ككتاب مغلق، وإنما ككتاب مفتوح ومحتمل، كي لا نقع في هذا الملل. في هذه الحالة: " أشخاص ذوو اهتمام جيد، أسوأ من أشخاص غير مهتمين " و" لم يكن لفرويد شيئا متعاليا، كان طبيبا صغيرا يعمل قدر مستطاعه للقيام بما يسمى العلاج الذي لا يذهب بعيدا – الإنسان إذن لا يجد من هنا مخرجا من قضية المعرفة هذه "ومن ثمة فإنه حسب لاكان: " يجب على التأويل أن يخدم الشرح. مما يطيل ما هو من ضياع خالص إلى ما يبدو مراهنا على الأسوأ فالأسوأ ".
يقول: " لا أظن أنني أمارس الفلسفة، غير أننا دائما نمارسها أكثر مما نعتقد. ليس هناك ما هو أكثر تسللا منها " أي أن التحليل بوصفه قراءة وتأويلا هو عبارة عن مغامرة، لكنها مغامرة محسوبة. فالإنسان كائن غني في بنيته الداخلية لدرجة أن مجال الاحتمال لديه كبير جدا، فلا الشخص العادي ولا المحلل نفسه قادر على الإحاطة بهذا العالم الداخلي للفرد، ولا حتى لعالمه الداخلي هو: " لا أعيد قراءة نفسي دون لحظة من الدهشة. لا أتخيل نفسي إطلاقا أنني أنا الذي استعطت أن أقول هذا وأنا بالتأكيد ضعيف في تحمل ما كتبته أنا بنفسي "، من أهم شروط حصول التحليل النفسي أن تنجح العلاقة بين المحلل والخاضع للتحليل: " ما أن تكون هنا في مكان ما ذات عارفة، إلا ويكون هناك تحويل transfert ".
وعلى الرغم من هذه الصعوبة البالغة وهذه المفارقة القائمة، فإن التحليل النفسي يمارس كعمل يتجاوز المستوى العقلاني: " التحليل النفسي هو ممارسة هذيانية ... هذا أفضل ما وجده فرويد. وقد أكد على أن المحلل النفسي لا يجب إطلاقا أن يتردد في أن يهذي "، لكنه ليس علما كالعلوم المتواضع على علميتها، لذلك يقول لاكان: " ليس التحليل النفسي علما. فليس له منزلة العلم، ليس عليه إلا أن ينتظر ويتمنى ذلك. إنه هذيان – هذيان ننتظر أن يصل إلى درجة العلم. نستطيع أن ننتظر طويلا ! ليس هناك تقدما، وما ننتظره ليس بالضرورة ما نجنيه. إنه هذيان علمي ".

أوصلت تجربة التحليل النفسي لدى لاكانLacan ، إلى أن اللاشعور لا يوجد دون اللغـة، وأن اللاشعـور هـو بنيـة مثلـه مثـل اللغـة. بـل إنـه هــو ذاتـه لغـة مـرمـزة codée ومبنينةstructurée ومبنية من تداعيات أدبية معينة. هذه الوحدات هي على شكل أزواج محددة في بعض الحروف المعزولة الكامنة بينهما، والتي معناها قابع في عقد الدال، والتحليل هو أساسا فك هذه العقد المذكورة التي تسمح للتحليل النفسي بالاشتغال.
بالنسبة للاكان، فإن الدالsignifiant له أسبقية على المدلولsignifié . هذا التجاوز والتجاور بين الدال والمدلول يشتغل عن طريق لعبة الدوال بينها عند كل فرد، بانزلاق دائم للمدلول تحت فعل الدال. وهذا هو ما يلاحقه التحليل النفسي من خلال الاستعانة بالكنايات والاستعارات وهي ما يسميه لاكان، قوانين لغة اللاشعور. لا يعني هذا أنه ينطلق من اللسانيات للعمل في التحليل النفسي، بل فقط إعداد وتنمية قاموس، أي مقاربة ميدانية مرتبطة بوظيفة اللاشعور. من هذا المنطلق، فإن اللسانيات هي مقاربة علمية للغة، تهدف إلى الإمساك بما هو كامن من لاشعور في التعابير.
يعتقد لاكان أن اللاشعور لا يعرف إلا عناصر الدال، فهو سلسلة من الدوال التي تتكرر بإلحاح، وهو يشتغل عن طريق إنتاج كثافات وتحولات في الكلمات دون اعتبار للدليل وحدوده الصوتية للمفاصل. إن لاكان باستعادته أعمال فرويد ومركزاتها في اللغة، قد ذهب بعيدا في التحليل النفسي، إنه يؤكد أنه في البداية كانت هناك سلسلة الدوال، دال ممثل لمدلول، حيث البنية تتحكم في طرق وشبكة المدلول.
ليست الكلمة دليلا، بل عقدة للتدليل، وينبغي فكها بما أن التحليل هو فن فك هذه العقد، والعقد هي التقسيم الذي يجريه الدال في الذات. إن اللاشعور بنية جذرية للغة التي ترتبط هي الأخرى باللاشعور بوصفها شرطه، إنه هو نفسه لغة مكونة من عناصر الدال موجودة قبلا في المدلول.
اللاشعور هو قضية محضة للحروف، والحروف هي الحامل المادي التي يستعيرها الخطاب من اللغة. غير أن هذا الحامل المادي لا يمكن اختزاله في الحروف التي هي مجرد نماذج. يهدف لاكان إلى تحديد لغة اللاشعور، غير أنه لم يصل إلى حد اكتشاف شفرتها الحقيقية. وهذا الأمر صعب جدا، فالذات تمزقها اللغة، غير أنها لا تتبع حتما منطقها؛ إن الدال يظل موجودا خارج كل دلالة.
صور الأحلام وأعراض العصابnévrose هي لغة اللاشعور، إنها " الدال لمدلول مكبوت في اللاوعي "، فاللاشعور يتوزع من خلال طرق التبديل حيث نتعرف على السجع euphémisme والجملة المضادة antiphrase والكبح litote، ووسائل التكثيف في الحلم الذي تثير الاستعارة، بينما التحويل هو نقل خفي لنفس المكبوت الذي يعادل ما يسميه اللسانيون الكناية métonymie أي المحتوى الذي يؤخذ كمحتوى بديل أو التجميع synecdoqueأي الجزء الذي يؤخذ بوصفه الكل.
يقول لاكان: " إن ما تكشفه بنية السلسلة الدالة، هو إمكانية أن تكون لي اللغة نفسها التي لدى الآخرين، أي أنه حيثما وجدت هذه اللغة، فإنني أستخدمها للدلالة على أي شيء آخر غير الذي تقوله. إنها وظيفة جديرة بأن توضع في الكلمة بدل أن تخفي فكر (والتي هي في غالب الأحيان غير محدودة) فرد، أي أنها وظيفة أن تشير إلى مكان هذا الفرد خلال البحث عنه بوصفه الفرد الحقيقي" : من يتكلم ؟ من يقول ماذا ؟ أو بعبارة صمويل بكيت Samuel Beckett: " ما هم من يتكلمQu’importe qui parle !.
حاول لاكان إذن أن يذهب بالتحليل النفسي إلى حدود صارمة وقابلة للضبط. غير أن الذي يهمنا هنا هو تلك الروح العلمية التي اتجه إليها، لتشريح هذا الكائن الذي هو الإنسان، وهو تشريح يحمل الكثير من المخاطر، غير أنه طموح في اجتياح معرفي للكائن الإنساني. من هنا نفهم تلك القرابة بين فوكو ومفهوم اللاشعور الذي يجعل الإنسان ليس هو بالضبط ذلك الوعي الناطق، بل إنه أيضا ذلك الكائن الدال. غير أن استعمال فوكو للاشعور مختلف تماما عن استعمال فرويد أو لاكان.
لا يتحكم الإنسان في اللغة بقدر ما تتحكم هي فيه، والحالة هذه، فإن الإنسان يفقد تلك الصفة المقدسة التي كانت تعطى له. الإنسان ليس سيدا بما فيه الكفاية لكي لا يكون موضوعا للعلم وموضوعا للتأويل. إن من يموت هنا على المستوى العلمي، ليس هو الإنسان، بل فكرة تقليدية عنه، تلك الفكرة التي نشأت في القرنين السابع والثامن عشر، وعليها الآن أن تنتفي.
إنها ضربة قاسمة لفلسفات الذات والوعي، وحينما يقول ديكارت: " أنا أفكر فأنا موجود " وأن هذه الحقيقة بديهية وأن هناك إله يحميه من أن يظلله شيطان ماكر، فإننا نجد الكوجيطو ينهار ليس بفعل هذا الشيطان الماكر، وإنما بفعل بنية اللاشعور. ولذلك فإنه حينما يقول لاكان: " أنا أفكر " فإنه ليس من البديهي أنني موجود، لأنني لست سيدا تماما على قولي وفكرتي هذه، فتنسحب وتتلاشى البداهة. يقول لاكان: " أفكر حيث لا أوجد، وأوجد حيث لا أفكر. أنا لا أوجد حيث أكون لعبة تفكيري، وإنما أوجد حيث أكون لعبة في يد لاشعوري " ، لم يكن في استطاعة ديكارت أن يفكر في هذا الأمر، إنه اللامفكر فيه عنده، وهذا اللامفكر فيه عنده هو الذي فكر فيه لاكان وحل عقدته.
وعليه، فإنه لا يمكن التعويل على الذات كوحدة مركزية مطلقة، إنها تعدد ومجموعة تناقضات واختلافات. ومن هنا نفهم الأهمية التي أعطاها فوكو لمفهوم اللاشعور، كما نفهم أيضا رفضه لفكرة الذات الموحدة، أي رفضه الفكرة التقليدية عن الإنسان.
هذه المرتكزات التي أشرنا إليها، تبين إلى أي درجة أن الإنسان هو عبارة عن شحنة من الديناميكية ، وبالتالي فالإنسان ليس هو فقط ما يصدر عنه وعن وعيه من أقوال وتصرفات وسلوكات، إنه أعقد من ذلك بكثير، وهو قدرة غير قابلة للاختزال والتكميم، وأبعاده ليست بالضرورة هي ما يصدر عن وعيه، وبالتالي فإنه يصعب الحديث عن إنسان موحد وقابل للقياس إلا وهو مجزأ.
ما يهمنا هو أن الإنسان ليس هو ذاك الكائن كما تصورته الأدبيات " الإنسية " عن الإنسان، الحديثة منها والمعاصرة كما مع سارتر وغيره، والتي تفترض أنه طيبا بالسليقة، والحال أنه لا هو بطيب(روسو Rousseau) ولا هو بشرير(هوبز Hobbes)، وهنا أيضا نجد نقطة تقاطع مع نيتشه. ولهذا كما نرى، تأثير على ما يسمى بالنزعة الإنسانية كما صاغتها النظريات الكلاسيكية وحتى تلك التي نشأت في بيئة الحداثة.
والحديث عن النزعة الإنسانية في هذا المقال هو أساسا لتحديد جنيالوجيا الإنسان المعاصر، في علاقته مع الحقيقة والأخلاق والسلطة. فهذه المحاور هي ما يشكل موضوع الفلسفة اليوم، بما أن الأنطولوجيا الكلاسيكية لم يعد لها مكان أو أهمية بالنسبة للإنسان المعاصر هنا والآن. ذلك أن ما يشغل الإنسان في هذا العصر، ليس هو مسألة الوجود والموجود التي بين هيدجر تواريها، وبين فوكو هامشيتها بالمقارنة ما يهم الإنسان في الراهن. أصبح موضوع الفلسفة الإنسان وقضاياه: السياسة والأخلاق والسلطة والجنس والعقل والجماليات والحقوق والتربية ...الخ.
يتقاطع فرويد إذن مع كل من نيتشه وهيدجر فعلا، بخصوص الموقف نفسه حينما يتحدث عن المعنى؛ لم يعد المعنى ذو طبيعة مطلقة، وهو لم يعد ذو عمق، ففكرة العمق ليست سوى وهما، ومرجع هذا الوهم هو الصرح الميتافيزيقي الذي أسسه أفلاطون. ذلك أنه كما قلنا، فإن المعنى أصبح يتحدد ضمن هذه المرحلة التي اعتبرناها مرحلة ما بعد هيجل.
لا يوجد المعنى في العمق، إنه بالأحرى تلك الحركة المزدوجة بين الاختفاء والتجلي. وقد غادر الفكر المعاصر أرض الميتافيزيقا، وكان هيدجر بحق، أفضل من عبر عن ذلك. وما فعله فوكو، وقبله فرويد ولاكان، هو أنه أدخل هذا الفهم للمعنى في أعماله، لكي يتعامل مع التواء الخطابات ونتوئها ونقاط التقاطع والابتعاد بينها.
لا يسكن اللاشعور في عمق معين يتعين سبر أغواره، إنه يتموضع بين المستويات الأخرى على السطح، وهو جزء من الجهاز النفسي، حيث يتحرك المعنى ويتجدد دون انقطاع. وليس التأويل سوى تلك التقنية المفتوحة لقراءة اللاشعور وتشخيصه، فهو عمل إجرائي لقراءة الأعراض والعلامات من خلال وعبر الجسد واللغة. وهذا يفسر لنا أنه بدل الذات الحديثة المتعالية، حل الجسد كموضوع مركزي للاهتمام. ينعكس هذا في إنتاجات الأدب والنقد الأدبي والفني: رولان بارط Roland Barthes جورج باتاي Georges Batailles موريس بلانشو Maurice Blanchot روني شار René Char ...الخ.
يعني هذا أن الإنسان لم يعد تلك الهوية المغلقة والمبهمة والمسدودة، إنه أصبح موضوعا قابلا للانكشاف والاكتشاف والتصنيف والتحديد. وإذا كانت الهوية هي الوجه الآخر والمتعدد للاختلاف، فإن الإنسان لم يعد وحدة ممركزة، بل تجمع وتعدد في التناقضات والأطراف. إنه لم يعد تلك الشخصية الموحدة والمستقرة المتمتعة دوما بالوحدة والوقار الوهمي، بل إنه مجموعة من الرغبات والنزعات، ويعني هذا الأمر أن الإنسان بوصفه وحدة مركزية مطلقة لم يعد كذلك، أو بالأحرى أنه لا ينبغي النظر إليه كذلك.
وراء كلمات وتعابير وسلوك الإنسان، هناك تعدد وطاقات حية متحركة، وهذه الحركة هي ذلك التجاذب الدائم بين ما للإنسان في لاشعوره وما في شعوره، وهو يعبر عن ذلك من خلال الكلام واللغة والسلوك وكل ما يصدر عنه؛ لذلك فاللاشعور هو هذه الطاقة المعبر عنها بمختلف هذه الوسائل، حتى بالصمت !
لا يوجد اللاشعور في ظلام ما ينبغي إلقاء الضوء عليه لرؤيته، إنه وحدة متغيرة باستمرار، وهي دالة ومشحونة بالعلامات، والتأويل هو تلك العملية الحدقة للعقل من أجل قراءته. بل إن التحليل النفسي هو تلك العدة من الوسائل لإنجاز هذه القراءة الناجعة للإنسان. وهذه الوسائل هي التي عمل لاكان على محاولة صورنتها formalisation بغية الابتعاد عن كل فهم ميتافيزيقي للإنسان والروح؛ بعبارة أخرى، إن للعلم لغة ليست بالضرورة لغة العواطف، وهي لا ينبغي أن تكون كذلك.
نلحظ هنا كيف أصبح الإنسان يندرج باستمرار كموضوع للعلم والمعرفة. وإذا كان هناك من رأى في هذا إقصاء للإنسان، فإنه يغفل الطابع الثوري والجريء في تناوله لهذا ككائن طبيعي وسط الكائنات الطبيعية. إن موت الإنسان، في الخطاب العلمي المعاصر(فوكو، ليفي ستراوس...)، ليس سوى تعبير عن تحول في النظرة إليه، والتقرب إليه أكثر، ولا يوجد في هذا أي معنى يفيد موته كما فهمه مثقفو الستينيات في أوروبا، وهو فهم متسرع وسياسي وانفعالي وعاطفي ليس إلا.
أما الإنسان بوصفه كائنا سياسيا، فذلك ما لا يمكن نفيه، لأنه بكل بساطة موجود وحي بالقوة والفعل. إن الإنسان هو صانع هذا الموضوع وهو نفسه الموضوع، وهذا هو ما نجده في كتاب " الكلمات والأشياء " لا أكثر ولا أقل. ونجده أيضا عند كلود ليفي ستراوس Claude-Lévy Strauss في كل أعماله:" الإنسان عاريا L’Homme nu" و"مدارات حزينة Tristes Tropiques" و" الفكر المتوحش La pensée Sauvage" و"السلالة والتاريخ Race et histoire" ... الخ. وعند جون بودريار Jean Baudrillard في أعماله: " نظام الأشياء Système des objets " و" حول الإغواء De la séduction "...الخ.
من خلال ما قدمنا عن التحليل النفسي، نستطيع أن نوجز الإضافات والإسهامات التي تقدم بها هذا الأخير في مجالي الفكر عموما، والعلوم المرتبطة بمجال التربية على الخصوص.
في المجال الفكري:
1- تقدم التحليل النفسي بنظرية جديدة في التأويل. وهي غير نظرية التأويل في عصر الحداثة. فالتأويل في الحداثة يرى العالم والأشياء كتطابق مع العقل والإدراك والفهم. ذلك أن الظواهر ثابتة وحاضرة وماثلة، وليس على العقل إلا أن يتمثلها. بينما التأويل مع فرويد، يرى الظواهر كأشياء متغيرة دوما وبالتالي غير حاضرة إلا في حركتها، وغير ماثلة إلا كتأويل لانهائي. لم يعد دور التأويل هو البحث عن أصل المعنى، بل أصبح هو البحث الدائم عن تأويل المعنى، على اعتبار أن التأويل لا نهائي وكذلك المعنى.
2- تقدم التحليل النفسي بمنظورية جديدة perspective للعالم والحقيقة والقيم. لقد أصبح العالم، والأشياء والظواهر، ترى على اعتبار التغير والاختلاف لا التطابق. ليست الحقيقة، علمية أو أدبية أو فلسفية...الخ إلا مستوى أولي، يتبعها تأسيس وإعادة التأسيس بشكل لانهائي. لقد تحرر الفكر (علمي، فلسفي...الخ) من التعالي والمطلق، إلى المحايث والنسبي.
على مستوى علوم التربية

لائحة المصادر
1- Freud Sigmund : « Introduction à la psychanalyse » Ed. Payot.
2- FREUD Sigmund « Le moi et le ça » p.19 Traduction de l’Allemand par le Dr. S. Jankélévitch en 1923, revue, par l’auteur.
3- Freud Sigmund : « Cinq leçons de psychanalyse »
4- Freud : « Introduction à la psychanalyse » Payot.
5- LACAN J. : « Autres écrits » Paris: Seuil.
6- LACAN J. « Ecrits I, II » Paris, Seuil.
7- LACAN J. : Le Séminaire VIII. Le transfert. Paris, Seuil, 1991, p. 125.
8- LACAN J. : Lettres de l Ecole freudienne, 1979, n° 25, vol. 2, p. 219s.
9- LACAN J. : Séminaire XX, Paris: Seuil, 1973, p. 64.
10- LACAN J. : «Ouverture de la section clinique», Ornicar? Bulletin périodique du champ freudien, 1977.
11- LACAN J. : Télévision. Paris: Seuil, 1973.
12- LACAN J. : Séminaire du 11 janvier 1977.
13- LACAN J. : Le Séminaire XI. Les quatre concepts fondamentaux de la psychanalyse. Paris: Seuil, 1973.



#أحمد_الطريبق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هي الأنوار ؟ قراءة ميشيل فوكو لمقال كانط حول الأنوار
- حول مفهوم السلطة عند ميشيل فوكو (ترجمة من كتاب - إرادة المعر ...
- - المراقبة والعقاب - ترجمة من كتاب المراقبة والعقاب لميشيل ف ...
- حوار ديريدا: مفهوم الإرهاب(ترجمة وتعليق)
- قراءة موجزة في مقال: - المغرب أفقا للفكر - لعبد الكبير الخطي ...


المزيد.....




- بآخر تحديث للجيش العراقي.. هذه نتائج انفجارات قاعدة الحشد ال ...
- شاهد اللحظات الأولى لانفجارات ضخمة داخل قاعدة للحشد الشعبي ف ...
- فيدان: زيارة السيسي لتركيا ضمن جدول أعمالنا
- الميكروبات قد تحل ألغاز جرائم قتل غامضة!
- صحة غزة: 4 مجازر خلال 24 ساعة وإجمالي ضحايا الحرب تجاوز 34 أ ...
- الحرمان من النوم قد يقودنا إلى الإصابة بـ-قاتل صامت-
- مكمّل غذائي شائع يمنع الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا
- العثور على -بكتيريا مصاصة للدماء- قاتلة متعطشة لدم الإنسان
- -واتس آب- يحصل على ميزات شبيهة بتلك الموجودة في -تليغرام-
- لجنة التحقيق الروسية تعمل على تحديد هوية جميع المتورطين في م ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد الطريبق - فرويد بين الفلسفة والعلوم الإنسانية