أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مبشور - باكستان والهروب إلى إسرائيل















المزيد.....

باكستان والهروب إلى إسرائيل


سعيد مبشور

الحوار المتمدن-العدد: 1324 - 2005 / 9 / 21 - 09:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بانخراطه في الخطوات المتوالية نحو التطبيع العلني مع إسرائيل، الذي ينتظر أن يتطور إلى علاقات ديبلوماسية مفتوحة، يكون الرئيس الباكستاني السيد برويز مشرف قد فتح الأبواب مشرعة أمام باقي الأطراف العربية والإسلامية بما فيها تلك التي كانت إلى وقت قريب تتردد حتى في إبداء مواقف مرنة من الدولة العبرية، وإذا كانت العلاقات الباكستانية السرية مع الكيان الصهيوني لم تنقطع منذ عقود حسب مسؤولين باكستانيين، فإنها هذه المرة تخرج إلى العلن في مرحلة دقيقة من الصراع العربي الإسرائيلي، تتجلى في تطبيق خطة فك الارتباط والانسحاب من غزة، والكلام المسترسل عن تخطي حاجز المقاومة وإنهاء حالة الكفاح المسلح.
لكن خطوة باكستان ليست معزولة في الزمان والمكان، بما أن القيادة الفلسطينية الرسمية نفسها، تتعامل مع إسرائيل على أرفع المستويات الأمنية والسياسية، والمبررات التي قدمها الرئيس الباكستاني لمبادرته التطبيعية، كانت حسب قوله بتوافق مع فلسطينيي السلطة الوطنية، وأيضا انسجاما مع التطورات الأخيرة على الأرض، بالإضافة إلى مباركة سعودية، وكذا بإيعاز ووساطة واضحتين من أنقرة، وهو ما بدا في لقاء إسطمبول.
وباكستان طرف رئيس في أي حل شامل لأزمات المنطقة، إذ أنها من الدول الإسلامية القليلة التي تنتمي إلى النادي النووي الدولي، ويعيش الشارع فيها حالة من اليقظة المستمرة والتفاعل السريع مع مختلف قضايا الأمة الإسلامية، وتتميز الساحة السياسية داخل هذا البلد بالحركية الشديدة، كما أن وجودها وسط محور حدودي ساخن يضم الهند وإيران والصين وأفغانستان، يسهم إلى حد كبير في جعلها ضمن اهتمامات صانعي القرار في واشنطن وتل أبيب.
فالهند، العدو التقليدي للباكستانيين، ذهبت بعيدا في العلاقة مع الإسرائيليين والأمريكان، مما يهدد مصالح باكستان الإقليمية والاستراتيجية، وبالتالي فمن الأكيد أن يدفع هذا بالقادة في إسلام آباد إلى التفكير الجدي في موقف سياسي يعيد التوازن للمنطقة، ويمنحهم هامشا أكثر اتساعا وأمانا للحركة والمناورة، ولعل هذا المسار هو الأكثر قربا إلى التصديق من كل كلام المسؤولين الباكستانيين.
التطبيع الكامل والشامل مع إسرائيل مبادرة، ثمنها توازن إقليمي ولو بشكل مؤقت، وضمان لترتيب وتوقيت جيد في السباق مع الهند، لتلافي أي مفاجأة قد يخلقها انفتاح نيودلهي اللامتناهي على أمريكا وإسرائيل، لكن المطلوب قد يكون أكبر من مجرد إعلان التطبيع.
إن باكستان هي إحدى الدول التي يمكنها إحكام الطوق حول الصين، فيما إذا أرادت بكين أن تتحرك في أي اتجاه مضاد للمصالح الأمريكوصهيونية بالمنطقة، فالصين تلك القوة التي غدت مؤهلة ولو نسبيا لامتلاك تطلعات مشروعة دوليا وإقليميا، أصبحت رقما صعبا في معادلة التوازن العالمي عسكريا واقتصاديا، بينما آلتها السياسية لازالت في طور التجريب والانفتاح، لذا فإن السيطرة على أي تطور محتمل لرغبة الصينيين في لعب دور أبرز على الساحة الدولية، هو أمر يحتاج إلى المزيد من الاصطفافات والتحالفات التي تشكل باكستان إحدى أدواتها.
ومن جانب آخر فإن باكستان هي إحدى دول الجوار الإيراني، وإيران هي في الوقت الراهن إحدى عقبات الهيمنة الأمريكية التامة على المنطقة، إنها أيضا قوة نووية فتية، ودولة ذات مشروع إيديولوجي كوني كبير، وأمريكا هي ألذ أعداء المشاريع السيادية الوطنية، فما بالك بدولة ما فتئت تعبر عن طموحات إقليمية وعالمية واسعة، كان آخرها عرض الرئيس الإيراني السيد أحمدي نجاد خدمات إيران في مجال التقنية النووية على مختلف الدول الإسلامية.
إن إيران هي إحدى مفاصل الترتيب الأمني والسياسي في العالم الإسلامي، إذ أنها موجودة على أكثر من محور تتواجد فيه أمريكا في نفس الآن، إنها موجودة في العراق بحكم الامتداد السياسي والطائفي، حيث لا يمكن لأي عملية تصفية أو تسوية للملف العراقي دون حضور إيران، وعملائها وأصدقائها، وهي حاضرة بقوة في أفغانستان، وإن كانت بثقل أقل من مثيله في بلاد الرافدين، وهي موجودة أيضا ضمن حسابات أمريكا لإعادة ترتيب القوى الدولية وفق نظام تقاطب يصب في اتجاه أمريكا دون أن يكون هناك من يعكر صفو الساسة الأمريكان وفرحهم بمغانمهم النفطية والعسكرية، ومع اعتبار إيران قوة بترولية وازنة ومؤثرة في السوق العالمية، فإنه قد يتراءى للقادة الإيرانيين في أي وقت استعمال النفط كسلاح في مواجهة التأليب الدولي الممارس عليها للتخلي عن برنامجها النووي.
وكما لعبت باكستان دورا كبيرا في مساندة الجهاد الأفغاني ضد الروس في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، ودورا أبرز في توطيد حكم دولة طالبان في عقد التسعينيات ، فإنها اليوم مطالبة ببذل جهود في اتجاه الإحاطة بنتائج دعمها للمجاهدين، وبالحد من انتشار عناصر القاعدة وطالبان على المستويين البشري واللوجستيكي، وهي التي أبدت تعاونا كبيرا في هذا المجال، خصوصا عندما سمحت بجعل أراضيها قاعدة أمريكية إبان الإطاحة بنظام طالبان، فتحدى بذلك قادتها الزخم الشعبي الرافض لتبعيتها للولايات المتحدة، وعلى الرغم من الصعوبات التي تلاقيها حكومة إسلام آباد في التعامل مع القبائل المتاخمة لأفغانستان فإنها نجحت إلى حد كبير في تحجيم دور المتعاطفين مع القاعدة وطالبان، وأمدت الدوائر الأمنية العالمية بمساعدات معلوماتية واسعة كان لها دور كبير في نجاح كثير من عمليات القضاء أو القبض على عناصر من القيادات التنظيمية والعسكرية، من أمثال خالد محمد الشيخ ورمزي ابن الشيبة وأبي زبيدة وغيرهم.
وإذن فحاجة إسرائيل وحليفتها الموضوعية أمريكا أكثر إلحاحا وراهنية من حاجة دولة إسلامية كبرى مثل باكستان إليهما، إلا إذا أخذنا بعين الاعتبار رغبة النظام الباكستاني في تثبيت دعائم حكمه والزيادة في عمر جهاز قيادة يفتقد لكثير من الدعم الشعبي والتأييد الإقليمي، إذ أن موضة الهرولة اتجاه إسرائيل وإرضاء النزوات الأمريكية أضحت ترياقا عصريا لكل نظام يحس بدنو أجله، وتهالك بنياته، وانقسامه حول نفسه.
باكستان اليوم ليست تماما تلك الأرض التي وطأتها أقدام القائد الفذ محمد بن القاسم الثقفى سنة 93 هـ، فاتحا أقاليمها وثغورها على آفاق الفتوة والازدهار والعنفوان، ولا باقي أراضي العرب والمسلمين بتلك التي أبقت على صلتها بسلطة التاريخ والهوية والانتماء، فنحن في زمن جديد، بثقافات وطموحات مغايرة لتلك التي بنى عليها أجدادنا الأماجد حضورهم وتوهجهم، وعلى الذين يمعنون الآن في محاسبة باكستان على خطوة كان بنو جلدتهم أسبق من الكل إليها أن يحاسبوا ذواتهم أولا، قبل أن يحاسبوا غيرهم.

الدارالبيضاء في: 19 شتنبر 2005



#سعيد_مبشور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار بين أمريكا والإسلاميين: المنطلقات والأهداف -الحلقة ال ...
- الرئيس اليمني والطريق الثالث للإصلاح
- الحوار بين أمريكا والإسلاميين: المنطلقات والأهداف - الحلقة ا ...
- منعطف السودان الجديد، أعياد الثورة، أعياد السلام، وملامح الا ...
- الإصلاح الأمريكي ونموذج الدولة الموقوتة


المزيد.....




- بالأسماء.. 48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل ...
- عم بايدن وأكلة لحوم البشر.. تصريح للرئيس الأمريكي يثير تفاعل ...
- افتتاح مخبأ موسوليني من زمن الحرب الثانية أمام الجمهور في رو ...
- حاولت الاحتيال على بنك.. برازيلية تصطحب عمها المتوفى إلى مصر ...
- قمة الاتحاد الأوروبي: قادة التكتل يتوعدون طهران بمزيد من الع ...
- الحرب في غزة| قصف مستمر على القطاع وانسحاب من النصيرات وتصعي ...
- قبل أيام فقط كانت الأجواء صيفية... والآن عادت الثلوج لتغطي أ ...
- النزاع بين إيران وإسرائيل - من الذي يمكنه أن يؤثر على موقف ط ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي يشيد بقرار الاتحاد الأوروبي فرض عقو ...
- فيضانات روسيا تغمر المزيد من الأراضي والمنازل (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مبشور - باكستان والهروب إلى إسرائيل