أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فهد المضحكي - ثقافة السلطة وسلطة الثقافة














المزيد.....

ثقافة السلطة وسلطة الثقافة


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 4755 - 2015 / 3 / 21 - 09:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كتابه من نقد الحاضر إلى ابداع المستقبل ناقش المفكر محمود امين العالم موضوعاً على درجة كبيرة من الأهمية وهو ثقافة السلطة وسلطة الثقافة. وفيما يتصل بهذه العلاقة يصبح من المهم في نظره التأكيد على حقيقة وهي ان العلاقة بين الثقافة والسلطة علاقة اشكالية، ملتبسة، في اكثر من وجه، فهناك اولاً تعارض مبدئي بين الثقافة كثقافة والسلطة كسلطة فالثقافة – بشكل عام – هي رؤية انسانية كلية نقدية تجاوزية للواقع الآني الخاص السائد، على حين ان السلطة اقرب إلى ان تكون تجسيداً عملياً لرؤية مصلحية محدّدة، تسعى إلى تثبيت الواقع واعادة انتاجه وتسييد مشروعيتها فيه، بالممارسة الجزئية والآنية. وفي مقابل ذلك ثمة مسألة أخرى واضحة يؤكد عليها وهي ان لكل سلطة ثقافتها المعبرة عن هذه الرؤية وهذه المصلحة تسهم في اعادة انتاجها وتسييدها، إذ هي جهاز من اجهزتها الايديولوجية على حد التعبير المشهور للفيلسوف الفرنسي ألتوسير. وفي هذا الصدد يعتقد العالم ان لكل ثقافة سلطتها وفاعليتها التي تسعى بها إلى ان تسود، مهما كان مستواها وهكذا نجد تلاحماً بين الثقافة والسلطة من ناحية، كما نجد استقلالاً وتخالفاً بين «الثقافة - والسلطة» و»السلطة - والثقافة» من ناحية اخرى، وعلى اساس هذا الفهم للثقافة وهذه الرؤية يرى العالم ان هذه العلاقة الملتبسة المتلاحمة المتخالفة بين الثقافة والسلطة في تاريخ الثقافة العربية وفي تاريخ كل ثقافة انسانية أياً كان مستوى تطورها، وهو التباس ما اكثر ما توظفه السلطة لتمييع الخلاف المبدئي بين الثقافة والسلطة لحسابها. فإذا كان التراث العربي الاسلامي – كما يراه العالم – منقسماً بين ثقافة السلطة على تنوعها واختلافها، التي تتمثل في تراث أهل السنة والجماعة والحديث والتقاليد اللغوية والأدبية وهي محافظة في اغلبها، وثقافة معارضة للسلطة السائدة تتمثل في تراث الخوارج والشيعة وبعض أهل الكلام والمتصوفة والفلاسفة والأدباء والشعراء المجدّدين فان ما يراه ايضاً ان الصورة في العصر الراهن لا تختلف كثيراً في عمومها، اي لاتزال السلطة هي السائدة بتراثها الثقافي المحافظ الذي تتسيد معها وتتسيد به على تنوعه السلطة على الأوضاع في واقعنا العربي الراهن، بمعنى ان السلطة العربية لاتزال في قلب معركة الثقافة بل هي محورها ومع ذلك يوضح امر هام وهو انه من التبسيط والتسطيح ان نقف عند تصوّر العلاقة بين الثقافة والسلطة كأنما هما مجرد طرفين ضدّين يستبعد كل منهما الآخر، ومجرد كيانين متمايزين وان تشابها مظهراً من حيث ان لكل سلطة ثقافة، ولكل ثقافة سلطة فالأمر في رأيه اعمق واعقد من هذا التحديد الثنائي، وهو ان السلطة في علاقتها بالثقافة ليست محدودة بحدود السلطة السياسية كجهاز في قمة المجتمع، وانما تتمثل هذه السلطة في تجليات مختلفة متنوعة، معنوية ومادية، تتوزع وتنتشر في قلب المجتمع الواحد نفسه، فقد تتمثل هذه التجليات في انماط انتاج وعصبيات عشائرية او قبلية او – طائفية – او عادات واعراف وقيم او تراث او رؤى دينية أو أوضاع عرقية او طبقية او بيئية جغرافية، أو سياسية إلى غير ذلك. انها مستويات مختلفة من السلطة في قلب المجتمع ذات تأثيرات والتزامات متنوعة ومن هنا تتعقد وتتعدد العلاقة بين السلطة والثقافة في المجتمع الواحد او في الاطار القومي العام، دون ان يلغي هذا، الاستقطاب السلطوي في النهاية. ما المقصود بالمستقبل الثقافي؟ هل هو الاستباق إلى المستقبل بشكل مجرد بوضع برامج اجرائية تفصيلية محدّدة لتجديد وتطوير المستوى التعليمي والاعلامي والمعرفي عامة، فضلاً عن تشجيع الانتاج الادبي والفني والعلمي والتكنولوجي، وتوسيع آفاق الحوار المجتمعي والحريات والديمقراطية للتفكير والتعبير والاعتقاد والاجتهاد، وتنمية الفكر العلمي والنقدي العقلاني عامة وتيسير آفاق التفاعل الثقافي في مختلف منجزات العصر المعرفية والابداعية وخبراته الاجتماعية والانتاجية؟ هل هذه البرامج الاجرائية هي المقصود ان يتحقق بها المستقبل الثقافي المنشود؟ وهل تكفي هذه البرامج وحدها – على اهميتها وضرورتها – لتحقيق هذا المستقبل؟ هذه التساؤلات وغيرها طرحها العالم حول المستقبل الثقافي في الدول العربية، وللإجابة عليها يقول: لا مستقبل للأمة العربية الا بتغيير جذري في بنيتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولا سبيل إلى هذا التغيير الا عن طريق استراتيجية نهضوية شاملة للخروج من حالة التمزق القومي والتخلف الاجتماعي والتبعية الفكرية وسيادة الاقتصاد الريعي الطفيلي الكومبرادوري التابع، فضلاً عن التدني الانتاجي وتفاقم الفقر والبطالة جنباً إلى جنب سيادة الغني الفاحش، مع تصاعد التعصب السلفي الديني والطائفي والاتجاهات التقليدية واللاعقلانية. وعندما نتكلم عن مسؤولية المثقفين فهو يراها: ان مسؤولية المثقفين لم تعد تقتصر في عصرنا على التشخيص والتحليل والكشف والنقد، بل اصبحت مطالبة كذلك بتقديم بدائل موضوعية للقضايا المصيرية.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العمالة السائبة!
- تحية للمرأة في يومها العالمي
- اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية
- -التحرير- تبقى عالياً ومضيئة
- الأصولية الدينية بين كتب التراث والمشاريع الأميركية!
- وجوه في مصابيح الذاكرة
- تقرير ديوان الرقابة والمساءلة النيابية!
- مرئيات النواب وبرنامج الحكومة
- هل تندفع أمريكا إلى فرض شروطها كما كانت في السابق؟
- تراجع أسعار النفط وتنوع مصادر الدخل!
- -الأخطاء القاتلة- للدولة الوطنية في العالم العربي
- لنرفع القبعات احتفاءً بالمبدع عبد الله خليفة
- الأقنعة الأمريكية
- اليوم العالمي لمكافحة الفساد
- عن الرقابة البرلمانية والشعبية
- البرلمان القادم!
- اختاروا الأكفأ
- قلبهم على عدن
- هل تتلاشى دول الخليج؟
- عبدالله خليفة.. مناضلاً ومفكراً مستنيراً


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فهد المضحكي - ثقافة السلطة وسلطة الثقافة