أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الأذربيجاني يشتري الخِشالة














المزيد.....

الأذربيجاني يشتري الخِشالة


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4752 - 2015 / 3 / 18 - 20:18
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



أتذكر في ستينات وسبعينات القرن الماضي كان يجوب شوارع المدينة شاب منحنيَّ الظهر قليلا ويدفع بعربة خشبية يسميه الناس ( علي دنبه ) وذلك لانتفاخ في وجهه ووجوه إخوانه التي لم تكن تشبه في ملامحها الوجوه العربية ، وكثير من تلك الوجوه بغير ملامح السائد في السحنة نجدها في المدينة وتعود في اغلبها الى اصول إيرانية أو تركية أو هندية وهم توالدوا هنا من نتاج الفترات الاستعمارية التي عاشتها المنطقة مما ابقى بعض من ينتمون الى تلك الامم بسبب عمل او تصاهر أو ألفتهم وحبهم للمكان والاندماج فيه ، لكن أفراد عائلة واحدة اختلفت ملامحهم عن تلك الملامح السائدة لمن هم من غير أصول عربية وهم عائلة بيت ( دنبه ) وأغلب الظن انهم من أصول أذربيجانية حيث ملامحهم قريبة الشبه بملامح الشعوب الاسيوية المسلمة في اوزبكستان وقرغيزستان والطاجيك والأذريين وغيرهم.
ويبدو ان هذه العائلة سكنت المدينة من قدم وحملت هذا اللقب الذي يعني بالفارسية ( الردف ) ولكن الناس اعتادت أن تسمي الرجل السمين بدنبه. واظن كما عرفت من أبي أن هذه العائلة من العوائل القديمة التي سكنت الناصرية ولهم منزل كبير ملكاً صرفاً في شارع الحبوبي قرب سوق العبايجيه ، ومنهم من اشتغل في الدائر الحكومية ومنهم ولدهم الاصغر ناجي الذي كان موظف بدالة في بريد الناصرية وكان من البارعين باللعب في كرة المنضدة ، وعبيد الذي عمل فراشا في المحكمة فيما ، كان لهم اخوة آخرين احدهم كان خبازا ويتاجر ايضا في الاحذية البلاستيكية ( الستوك ) فيما مارس اخيهم علي مهنة دفع العربة والمناداة بتلك العبارة التي لم تغب عن ذاكرتي الى اليوم : ( من عنده خشاله للبيع ).
وكان آل دمبه أصلاء في انتماءهم لمدينتهم ومحبوبين من كل شرائح المجتمع.
والخشالة هي الاشياء القديمة في المنزل ومنها الأواني النحاسية والفافون وغيرها من اثاث البيت القديمة والتي يطلق عليها ( الكراكيب ).
كنت مدرستي الغافية في عمق الأهوار أشرح لتلامذة الصف الخامس الابتدائي ماذا تعني السهول الرسوبية وقربها من تضاريس بيئتهم عندما سمعت نداء يأتي من رجل يركب زورقا وينادي : من عنده خشاله للبيع .
فمددت رأسي الى شغاتي الذي كان يتشمس في ساحة المدرسة وسألته : وهل يأتي صاحب الخشالة الى الأهوار ايضا .
قال : نعم ، يشتري منا أواني الغضارة .
ــ قلت ماهي الغضارة ؟
ــ قال أواني النحاس والفافون والبركان والطشوت التالفة والمثقوبة . وهو لا يأتي بموسم معين بل ينتظر لعدة سنوات حتى تصبح أوانينا قديمة فيأتي ليبادلها بأخرى جيدة ويأخذ عنها فرقا بالسعر والتي لا نريد بديلا عنها يدفع ثمنها حلوى أو دمى أو تصوير ملون لموناليزا المعدان او أئمة اهل البيت ع .
ضحكة ، وقلت : دمى !؟
قال نعم : أصحاب من عنده خشاله للبيع هم الذين ادخلوا الدمى المطاطية الى طفولة الاهوار ، بعد أن كان أطفالنا يصنعون دُماهم من الطين.
المفاجأة أن الذي كان ينادي من المركب ونزل عند ضفة الهور مترجلاً وهو يحمل كيسا كبيرا من القماش ، أنما هو الأذربيجاني ( علي دنبه ).
ضحكت وتأملته ، هو ذاته بنفس انحناء ظهره وعدم اهتمامه لملبسهْ وهندامه ، يحمل ملامحهُ الأسيوية التي تعود في عرقها الى تتر عاشوا في العراق غزاة ثم دخلوا الإسلام وكانت اذربيجان بسبب قربها من ايران اعتنق اغلب اهلها المذهب الشيعي ولهذا عاش بيت دنبه في الناصرية . وسمعت ايضا أن ناظم قصائد حسينية ورادود من اهالي كربلاء يدعى ( علي دنبه ) ايضا .
هو لا يعرفني ولم يعرْ ليَّ أيُ اهتمام عندما قلت له أن اخيه حاج حسين مخبزهُ ملاصق لبيتنا ، لكنه مر علينا بصمت ودلف الى البيوت ينادي : من عنده خشاله للبيع.
ليرن صوته كما صدى الأواني النحاسية في رغبات طفولتنا الغنائية لتبدو لكنته آتيه من سماوات العاصمة الأذربيجانية باكو الى صرائف القصب في قرية أم شعثه.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليهودي وزورق البازة والشخاط...!
- الأحتفاء بفخذ الثور المجنح
- ماري العاشقة وشبوط المتيم
- رابطة أصدقاء ماركيز في الجبايش ....!
- فوبرتال ومواليد الأمكنة النائية
- حُزنكَ حُزنْ مِعدانْ..!
- موسيقى تقشير الموز
- توابيت السفر الى أبدية القصب
- لا وقت للوقت في نينوى ...!
- بحيرة البجع والبولشوي في الجبايش
- أركاديا ( الخيال بلون القصب )
- خوليو اجليسياس : شكراً عبادي العماري...`
- أحمد الناصري ، شاكر الناصري ، ( أنا ) الناصري
- الميثولوجيا من سنحاريب الى داعش
- سدخان وشيش خان ومنصور خان....!
- شمعة في نهارٍ مشمس
- حكايات المعدان عن زهرة التوليب
- السنونو وقميصهُ الأسود
- صابئة الاهوار وأهوار الصابئة...!
- أساطير المطرب نسيم عودة


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الأذربيجاني يشتري الخِشالة