أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حمودة إسماعيلي - أن تكون أنثى في المجتمع الحقير














المزيد.....

أن تكون أنثى في المجتمع الحقير


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4751 - 2015 / 3 / 17 - 21:52
المحور: كتابات ساخرة
    


يجب أن تخفي نفسك فأنت فتنة وعورة وحرب وشيطان وتؤذي أعين الصالحين، ثم فجأة يجب أن تتفتح كما تتفح أزهار الرياحين، فالمرأة لها مكانة بالمجتمع ـ حتى لو لم تصل لمكانة الرجل ولن تصل ! هكذا بالمجتمع الحقير تصبح كأنثى، شبيها بجوكر باتمان، شكل بهلواني يحاول كل رجل أحمق أن يفرض عليه ما يلائمه هو كرجل !
أن تكون أنثى بالمجتمع الحقير، هو أن تشعر بتمزيق يخترق وسطك ويقسمك نصفين : نصف مظلم شبيه بالليل، ونصف شبيه بدُمى أزياء العرض ! هو أن تشعر أن الجميع يدخل فيك ويتداخل فيك، ويستمرون بالتزاحم فيك وفيما يعنيك حتى تتمزق !
عندما تجد نفسك أنثى بالمجتمع الحقير، تجد جسدك بما يحتويه من أضلع وأفكار، خريطة تطبيقية لتعليمات مجلد القانون : الذي يختص بصفحة واحدة فقط للرجل !
يتحرش بك الطفل والبقال، والبواب والمدير والبطالي واللي يسوا واللي ميسواش... إلخ من الكائنات التي لا تحيض !
يجب ألاّ تبرز جمالك وحسنك ومفاتنك، رغم أن ذلك لا يمكن ! وبنفس الوقت يجب أن تبدي "غنج ودلال ورقة"، لا أن تكون شبيها بالرجال !!
"ربَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا.. وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا.."، هذا لا ينطبق عليك، لأنك ضلع أعوج مفطور على العقاب ! ويجب أن تعاقب وبشدة على ماتقترفه يداك.
تُمنع من التصرف بحرية، يجب على حركاتك أن تكون محسوبة ومدروسة كأنك ترقص الباليه بشكل دائم : في جلوسك، وقيامك، ونومك وسهوك، وذلك إلى يوم القيامة.
لا يمكنك أن تذهب إلى أي مكان بأي وقت ولوحدك، لست رجلا ولن تكون !
إذا شعرت بالغضب : احسب من 1 إلى 10 ثم اكتم أنفاسك واجلس، إذا عبّرت عن سخطك ستموت (بتعبير أوضح سيقتلوك بعد تعذيبك) !
أحيانا بل كثيرا، تشعر وكأن قيمتك الوجودية مختزلة في أن تستلقي فاتحا ساقيك أو تنحني ليرتفع خصرك !
تشعر بشكل مستمر، حتى أنك تختنق بهذا الشعور، بأنك كائن تأتي خلف كائن آخر مطابق لك غير أنه أكثر زغبا منك في وجهه.
هذا الكائن الأخير المذكور، يؤسس حياتك وتصرفاتك ورغباتك ـ رغم جهله الشديد اللانهائي ـ كأنه يعرفك أكثر منك !
مهما جمعت من مال، فلا قيمة له إلاّ إذا أنفقته على الكائن المُزغَّب (المشعّر) الوجه هذا.. ونجاحك لا يكسب قيمة إلا بنسبه له؛ حتى لو لم يساعدك ! فمن يساعدك يُتّهم في جنسه ورجولته (الوهم الذي ابتلينا به منذ اليونان القديمة : رغم أن الاسكندر ذو القرنين الملك المعظم والرجل المهاب، كان مخنثا يطيع أمه ! زد على ذلك رموزا رجولية تاريخية لا حاجة لذكرها فقد تصدم سامعها). المهم أنك تستشعر أن اللعنة التي تطالك تطال الرجل المتساهل معك (فالقسوة مع النساء دليل على البراعة الجنسية وحجم القضيب.. لقد بلينا بقوم أغبى من الغباء، حسبي الله) !
إذا تشبهت بالرجل، يمكن التغاضي عن ذلك، إما إذا تشبه رجل بك، فالويل لمن يشبه نفسه بكائن حقير ! (على فكرة، المثليين مساكين أكثر كُرها وتحقيرا اجتماعيا من النساء، لا لشيء إلا لأن بعضهم يتشبهون بالنساء).
يمكن لأي كان : أكان إنسان أو كلب أو سيارة أو مسمار، أن يحادثك رغما عنك، يهينك، يزعجك.. والعيب عليك إذا اشتكيت أو انتفضت !
من كثرة تهديدك بالاغتصاب، تخاف من الكرسي والحائط والمطر ! لربما تتعرض له من طرفها ! بل تخاف من صديقتك حتى وهي على فراش المرض عند زيارتها (فمن الممكن أن تقفز وتخنقك ثم.. استغفر الله !)
لا يجب أن تفكر في الجنس أو تتحدث عنه أو تشاهده أو تمارسه أو حتى يتملكك الدافع إليه، وإذا حدث وتم ضبطك في موقف شبيه أو قريب إليه (دون إجماع ب"سماح مسبق" إثر حفلة تشهيرية يحضرها كشهود من هب ودب غرضهم الأكل والتلصص على الأرداف.. ويا ويلك إذا لم تنزف بين ساقيك تلك الليلة !) فاقتل نفسك لتنجو !
بالأخير كل تصرف أحمق أو ظالم تجاهك، فذلك لأنك أنت من يريد ذلك ! فهم يعرفونك أفضل منك !
أن تكون أنثى في المجتمع الحقير، هو أن تتحمل أكثر من طاقتك، فأنت كائن لا تقول ما تريد عندما تريد (بذلك يعطونك أكثر مما تريد أو حتى ما لا تريد !)، وإذا انزعجت من شيء فتلك سمتك في التعبير عن رغبتك بالعكس (الزيادة في ذلك الأمر المزعج بالنسبة لك) : فالكل يعرف جيدا (أكثر منك)، أنك كائن محتال، ورمزي، ومتلاعب، وكيده عظيم جداً.. يلزم التعامل معه بشكل معاكس لرغباته وطلباته.
أن تكون أنثى في المجتمع الحقير، هو أن تكون كائنا "لا يزال بعد مجهولا" بين قطيع من الجاهلين !
أن تظل ممزقا بين : الخوف من الاقتراب، ورعب الابتعاد والوحدة.



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظهور المسيح الدجال في شخصية البغدادي : صراع الإسلام الإيطيقي ...
- إستطيقا القبح : كل ما هو قبيح يمكن أن يكون جميلا
- وهم المعرفة عند العرب
- رجل سبب خصام صديقتين
- شارلي إيبدو : حرية تعبير أم إهانة ؟
- من أين تحصل داعش على المال ؟ وكيف تغري الملتحقين ؟
- ساعات اللّيل والنهار : للشاعر الفرنسي جيرار دي نورفال
- الفلسفة والشعر والعبقرية، شذرات لوغولوجية لنوفاليس
- داعش : نساء يزيديات تفضلن الإنتحار على أن يتم اغتصابهن
- نداء من أعماق البحر يفتح الحياة
- كيف يقوم أبرز العلماء بفك أعظم ألغاز الحياة ؟
- علم نفس الفيسبوك
- الطبيعة الإلحادية للإله
- الهلاوس، الجنون، وألاعيب العقل البشري
- الكذب والنفاق هما أكثر السلوكات ممارسة في العالم
- حظ الجميلة وحظ القبيحة
- تقديس المغاربة للغة الفرنسية ونقد المهدي المنجرة للموقف كرفض ...
- هل طعن الإسلام نفسه بعد الربيع العربي ؟
- ما الذي تقدّمه الرسوم المتحركة (الكرتون) للأطفال ؟
- كل أنثى عاهرة


المزيد.....




- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حمودة إسماعيلي - أن تكون أنثى في المجتمع الحقير