أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - بولس – 13 – عصمة النص المسيحي















المزيد.....

بولس – 13 – عصمة النص المسيحي


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4751 - 2015 / 3 / 17 - 21:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"إن العادة التي ركن إليها بعض الناس لمدة طويلة من خلال اعتقادهم بأنه ليس هناك شيء خاطئ أو مثير للشبهة، يُعطيهم شعور اصطناعي ووهمي بأن كل شيء صحيح وعلى ما يُرام. وهذا ما يجعلهم يقفون سداً منيعاً في وجه البداهة والمنطق للدفاع عن ما اعتادوا عليه".
توماس باين (Thomas Paine)



قبل أن أسترسل في هذه السلسلة وأضع تحت مجهر النقد الاقتباسات المتعددة التي استخدمها بولس من نصوص العهد القديم، فإنه لابد لي أن أجيب على اعتراض تكرر من "متطرفي الديانة المسيحية" وأصحاب المعرفة المحدودة منهم في عقائد دينهم ذاتها. فمع بروز (الدليل القاطع) على تلاعب كتبة أناجيل ورسائل العهد الجديد بالنصوص التي يستشهدون بها من النص اليهودي المقدس [العهد القديم]، فإن هؤلاء المتطرفون يلجأون إلى (ادعاء) بأن العهد الجديد (ليس وحياً مُنزلاً) وأنه مكتوب بأيدي بشر، وبالتالي فإن المعنى، حتى وإنْ تغير وتبدل، فإنه لا بأس به (!!!) وإلى آخر تلك الدعاوى الغريبة العجيبة والتي يبدو أن بعض بالفعل يعتقد بصحتها وصحة نسبتها للمسيحية. فكان ولابد أن (أضع حداً) لمثل تلك الادعاءات التي إما هي مدفوعة بـ (جهل)، أنْ كانت حسنة النية، أو هي مدفوعة بـ (كذب)، إن كانت سيئة النية. وفي سبيل ذلك لن أستشهد عليهم بمصادر يصعب على القارئ الكريم أن يصل لها، ولكن سوف أستشهد بمصادر من السهل جداً أن يصلوا إليها في لحظات قليلة بعد قراءتهم للمقالة. ولكنني، قبل أن أفعل هذا، أتساءل متعجباً:

هل يوجد (خلاص حقيقي) بواسطة الكذب والتزوير وتغيير المعاني والادعاءات غير الحقيقية، حتى وإنْ كانت تلك الادعاءات المسيحية المتطرفة الغريبة العجيبة صحيحة؟

إذا كان الجواب هو (نعم)، فأقول هنيئاً لكم بأوهامكم وبخلاص سبيل إلهه وكتبة (وحيه) الكذب والتزوير والتلاعب. أما إذا كان الجواب هو (لا)، فأقول بأن البرهان أمام كل صاحب عقل وتمييز وفهم.


والآن، إلى موضوع المقالة وتفنيد دعوى (متطرفي الديانة المسيحية):

يُشير المسيحيون إلى كتابهم على أنه (الكتاب المقدس)، ولكنهم في نفس الوقت يحاول (العامة) منهم مع بعض كهنتهم المعاصرين أن يبرروا (التزوير الواضح وغير القابل للنقض في نصوص العهد الجديد مع تناقضاته وأخطائه ووضوح تلاعب مؤلفيه في النصوص اليهودية المقدسة التي اقتبسوا منها) بأنهم لا يعتبرون تلك النصوص على أنها (نص مُنزّل من الله)، كما هو الحال عند المسلمين مثلاً فيما يخص القرآن، ولكنها (مكتوبة بأيدي البشر، وليست مُنزّلة، ومِنْ دون وحي إلهي)، وبالتالي لا بأس من وجود مثل هذه الممارسات كالتزوير في نصوص العهد القديم وقلب المعاني والتلاعب في كلمات الأسفار اليهودية المقدسة، سواء كان ذلك عند رسلهم وقديسيهم كبولس ومتّى ومرقس وغيرهم أو عند مترجميهم، كالترجمة العربية الكارثية على سبيل المثال، وهذا بدوره، كما يقولون، لا يجب أن يؤثر على "الحقيقة المسيحية" سواء في يسوع أو الخلاص. بالطبع، وكالعادة، هذا التبرير اللامنطقي المتهافت هو (كذبة مسيحية أخرى تضاف إلى سلسلة الكذب والتزوير الذي ابتدأه بولس في رسائله واستمرت ممارسته حتى هذه اللحظة في تلك الديانة). والغريب في هذا التبرير أنه (يُقر ويعترف ضمناً بوجود التلاعب والتزوير والتناقض في كتابه المقدس، وهو لا ينكرها إطلاقاً) ولكنه في نفس الوقت يُشرعن له ولا يراه (ناقضاً) لموضوع الإيمان المسيحي في يسوع حتى وإن كانت قصص وعقائد العهد الجديد كلها مزورة وخضعت للتلاعب والتنقيح والخداع. إلا أن مشكلة هؤلاء المسيحيين، الأغلبية الساحقة منهم على الأقل، أنهم يعانون من (جهل فاضح واضح) فيما يخص عقيدتهم ذاتها، وبالتالي مفاهيمهم عن عقيدتهم هي أيضاً واهمة وخاطئة ونتاج خيال شخصي لا أكثر. وحتى أثبت (خطأ ووهم) ما يدعيه هؤلاء المتطرفون المسيحيون، سوف استعرض هذه القضية من عدة مصادر.

الإنسكلوبيديا الكاثوليكية، على سبيل المثال وليس الحصر، تُعرّف (الكتاب المقدس) على أنه:

"مجموعة الكتابات المُعتَرَف بها من كنيسة الرب على أنها نتاج إلهام (inspired) [...] هذه الكتب المعترف بها التي أُعطيت للكنيسة المسيحية كسِجِل كتابي (للوحي الإلهي) (Divine revelation). وحقائق (الوحي المسيحي) (Christian revelation) قد عرفها الرسل إما بواسطة المسيح أو بواسطة الروح القدس [...] وبعض هذه الحقائق قد تم كتابتها بواسطة إلهام الروح القدس وأُعطيت لنا في كتابات العهد الجديد [...] إن الكتاب المقدس، كسجل للوحي، يحتوي على (كلام الله)، وهذا يعني أنه يحتوي على (الحقائق) التي تولاها (وحي الروح القدس) وشاء لها أن تُكتَب [...] إن (عصمة الكتاب المقدس وخلوه من الأخطاء) (inerrancy) ناتج من كونه مؤلفاً إلهياً. وكلما كتب الكاتب المقدس [يقصد مؤلفي رسائل العهد الجديد] جملة على أنها له، فإن هذه الجملة هي (كلمة الله) (word of God) وهي (الحقيقة المعصومة) (infallibly true) مهما كان موضوع هذه الجملة".
[انظر: Catholic Encyclopedia مادة (The Bible)].

ولا يقف الأمر عند هذا الحد فقط، ولكن سوف تتدخل جهتان (لتأكيد) هذا الرأي في (العقيدة المسيحية): الجهة الأولى هي الفاتيكان نفسه في سنة 1965، والجهة الثانية هي ما أصبح يُعرف بـ (بيان شيكاغو في عصمة الكتاب المقدس) في سنة 1978. وتوفيراً لوقت القارئ سوف أتطرق فقط للفاتيكان، فإن يكفي جداً لبيان ليس فقط (الموقف التاريخي اللاهوتي) لنصوص الديانة المسيحية، ولكنه (يُثبت الموقف المعاصر والراهن) أيضاً.


أولاً:
التعليم المسيحي الكاثوليكي:

هذا التعليم، أو ما يُعرف بـ (تعاليم الكنيسة المسيحية الكاثوليكية) (Catechism of the Catholic Church)، والذي يبدأ بعبارة (أنا أؤمن – نحن نؤمن) ["I BELIEVE" - "WE BELIEVE"]، وهو منشور للعقيدة الإيمانية المسيحية التي (يجب أن يؤمن بها كل مسيحي)، وهو منشور في صدر موقع الفاتيكان الرسمي [انظر الهامش رقم 1]، يقول الآتي:

"الله هو مؤلف الكتاب المقدس. الحقائق الإلهية الموحى بها، والتي يحتويها ويعرضها نصوص الكتاب المقدس، قد تم كتابتها تحت إلهام الروح القدس. وبالنسبة للكنيسة الأم، واعتماداً على إيمان عصر الرسل، فإنها تقبل كنصوص مقدسة وقانونية أسفار العهد القديم والجديد، كلها وبتمامها، على أساس أنها كُتبت بواسطة إلهام الروح القدس، وأنها من تأليف الرب [الله]، وأنها أُعطيت للكنيسة على هذا الأساس [...] كل ما أكده الكتبة المقدسون المُلهَمون يجب اعتباره تأكيداً من الروح القدس، ويجب أن نقر بأن أسفار الكتاب المقدس، بقوة، وبإخلاص، وبدون أي خطأ تُعلِّم الحقيقة التي أراد الله، لأجل خلاصنا، أن يسرّها في النصوص المقدسة [...] العهد الجديد [هو] كلمة الله، التي هي قوة الله للخلاص لكل صاحب إيمان [...] الذي يحوي الحقيقة النهائية لوحي الله [...] الله هو مؤلف الكتاب المقدس لأنه هو الذي ألهم كاتبيه. إنه هو [أي الرب] هو الفاعل من خلال كتبة الكتاب المقدس. ولذلك، فإنه أعطى ضماناً بأن ما كتبوه يُعلمنا بدون خطأ"
[للمصدر في موقع الفاتيكان، انظر الهامش رقم 1]

إذن، الخلاصة من أولاً: "الله هو مؤلف الكتاب المقدس، بعهديه القديم والجديد، والعهد الجديد، كله، هو (كلمة الله) لأنه وحي، وهو معصوم أي خال من الخطأ".


ثانياً:
Dei verbum

في عهد البابا بولس السادس (Pope Paul VI)، وفي 18 نوفمبر 1965، أُعلن عن ما أصبح يُعرف بـ (Dei verbum) بواسطة (مجلس الفاتيكان الثاني للدستور العقائدي في الوحي الإلهي). جاء في هذا الدستور، حرفياً، وبعد أن يؤكد، حرفياً، ما جاء في التعليم المسيحي الكاثوليكي أعلاه (Catechism of the Catholic Church - Sacred Scripture)، يؤكد، مرة أخرى، ما يلي:

"كل الكتاب المقدس هو بإلهام إلهي، للتعليم ونبذ الخطأ".


فالموقف اللاهوتي المسيحي من نصوص العهد الجديد هو أنه (نص معصوم)، و (وحي من الروح القدس)، و (مؤلفه هو الله ذاته)، خالٍ من الأخطاء، يحتوي على الحقيقة الإلهية. (فعقيدة المسيحيين في نصوص العهد الجديد هي ذاتها عقيدة المسلمين في القرآن، ومماثلة لها تماماً) حتى ولو أنكر ذلك (العامة والمتطرفين ومحدودي المعرفة منهم)، فإن إنكارهم هذا لا يُلغي حقيقة اعتقاد اللاهوت المسيحي الذي ينتسبون له. هذا بالإضافة إلى أن (الروح القدس) يلعب ذات الدور في المسيحية الذي يلعبه (الملاك جبريل) في الإسلام، إذ هو واسطة الوحي. فـ (الكلمة المقدسة) في النص الإنجيلي هي أداة الحقيقة تماماً هو هو الحال في الإسلام، وإلا بماذا يؤمن المؤمن المسيحي وعلى أي أساس يؤمن ويَقَبَل أو يرفض ويمنع؟!

فكل الادعاءات المسيحية التي ترى أن أدوات لاهوتها (فيما يخص نصها المقدس) مختلفة في أساسها عن الدين الإسلامي هي ادعاءات (كاذبة) إن كانت عن سابق معرفة، أو ادعاءات (جاهلة) إن كانت بسبب محدودية المعرفة بتفاصيل دينها وعقيدتها.


.......يتبع



هـــــــــــــــــوامــــــــــش:

1- تعاليم الكنيسة المسيحية الكاثوليكية المنشور على موقع الفاتيكان الرسمي

http://www.vatican.va/archive/ccc_css/archive/catechism/p1s1c2a3.htm



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بولس – 12 – بولس والنص اليهودي
- بولس – 11 – بولس والنص اليهودي
- نصوص حرق البشر المسيحية - 3
- نصوص حرق البشر المسيحية – 2
- نصوص حرق البشر المسيحية
- بولس – 10 - بولس وإنجيل مرقس
- لقاء الصالون الثقافي النسائي
- بولس – 9 - بولس وإنجيل مرقس
- بولس – 8 – بولس وإنجيل مرقس
- بولس - 7 - بولس ويسوع
- بولس – 6 – بولس ويسوع
- بولس – 5 – بولس والشيطان
- بولس – 4 – عقيدة التبرير
- بولس - 3 - بولس والشيطان
- بولس – 2 – بولس والشيطان
- بولس - 1
- في مسألة طيران بولس
- حرام - وسيأتي
- مغالطات يسوع المنطقية - 4
- مغالطات يسوع المنطقية - توضيح


المزيد.....




- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - بولس – 13 – عصمة النص المسيحي