أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - غسان أبو العلا - الطريق إلى الله _ صفحة من كتابي - الخديعة - ( بإنتظار ناشر )














المزيد.....

الطريق إلى الله _ صفحة من كتابي - الخديعة - ( بإنتظار ناشر )


غسان أبو العلا

الحوار المتمدن-العدد: 4749 - 2015 / 3 / 15 - 12:23
المحور: كتابات ساخرة
    


تسير الحياة متئدةً في منطقة البقاع , كما في أيّة منطقة ريفية أخرى في العالم , وفي موقعنا بالقرب من قرية حوش الحريمة , كانت وتيرتها أبطأ منها في أية بقعة أخرى في البقاع . صحوٌ متأخرٌ في النهار . شاي ومعلبّات للإفطار , ثم مشيٌ على غير هدى في الحقول المحيطة بنا في محاولة يائسة لقتل الوقت الذي كان لدي الكثير منه . غداء هزيل بسبب ما بدا أنه تقشفٌ غير معتاد في المواقع العسكرية التابعة للمليشيات والمنظمات الفلسطينية . بعد الغداء اعتدنا على السباحة في النهر الصغير المتاخم للغرفتين اللتين نقطنهما , مما أتاح لنا الإستغناء عن الحمام اليومي وعناء نقل المياه اللازمة له بسبب عدم توفر الصنابير . كنا نستخدم ماء النهر ايضاً للشرب للطبخ والجلي وعمل أباريق الشاي وبقية حاجاتننا اليومية الأخرى , لكن هذه الفعاليات كان عليه أن تتوقف بمجملها بعد بضعة أيام إثر سيري بصحبة سامر ومفتاح في إحدى نزهاتنا العشوائية اليومية بمحاذاة النهر شمالاً بعكس إتجاهه , فما أن أصبحنا على بعد كيلومترين أو ثلاثة من الموقع حتى بدأنا بمشاهدة مناظر مقزّزة لأطنانٍ من الأوساخ والنفايات وجيَف البقر النافقة مرميةً في مجرى النهر بانيةً عوائق تفسّر بطء جريان المياه فيه , الأمر الذي كنت قد استغربته اول مجيئي . كان ثمة بعض مجاري للمياه العادمة والصرف الصحي أيضاً تصبّ في النهر وتشكّل روافداً أساسية له . أكتشفنا إذن يومها أن نهرنا الرومانسي الصغير كان في الحقيقة مكبّا للنفايات أكثر منه نهراً وأننا كنا عملياً نسبح ونشرب ونطبخ ونحتسي الشاي لفترة أكثر من إسبوعين بالخراء ! لم يكن شعورنا مريحاً بأي حالٍ من الأحوال . في الواقع وخلال ذينك الأسبوعين كانت قد تكوّنت لدي قناعةٌ بأن إنضمامي المستجد لذلك التنظيم المستجد ووجودي في ذلك الموقع المنسي من مواقع النضال , وإنقطاع الرواتب والتقشف غير المعهود في الأكل والشرب والدخان الذي كان يوزع علينا بالعدد , عشر سجاير يومياً لكلٍ منا , بل والكتاب الوحيد الموجود في الموقع مما اضطرني لقرائته وهو بعنوان ” الكتاب الأخضر” والمفترض ان كاتبه هو صاحب ” النظرية العالمية الثالثة ” العقيد المزمن معمر القذافي , كل ذلك بمجمله كان خراءً بخراء .
في فترة الإنتظار تلك كان تقرّبي الأول من الله والذي جاء صدفةً وبشكلٍ مباغت دونما أية تمهيدات أو إرهاصات إن فكرية أو روحيّة وذلك إثر تعثّري أثناء إحدى مسيرات اليومية والعشوائية بمزار وليٍّ من أولياء الله الصالحين يدعى الشيخ حسن . غرفةٌ صغيرةٌ على تلةٍ صغيرة هي الأخرى ونائيةٍ وإن كان قريبة من شارع ريفيٍّ شبه خالي في أغلب الأوقات يعلو سقفها قبّةٌ خضراء متواضعة وفي وسطها قبرٌ حجريّ محفورٌ عليه إسم صاحبه الشيخ حسن مع بعض الآيات القرآنية ومغطّى جزئياً بقماشٍ حريريٍ أخضر اللون فاخر تفوح منه رائحة الرهبة والتقوى ( تبيّن لي بعدها أنها رائحة البخور الذي يحرقه المتبرّكين به أثناء زياراتهم لقبره ) . القماش الحريري الأخضر كان بالأحرى يغطّي أرجاء الحجرة ذات المساحة 3x3م ذات الجدران الإسمنتية من ثلاث جهات وأما الجهة الرابعة فمسوّرةٌ بسياجٍ حديديٍ هو عبارة عن قضبانٍ متقاربةٍ تمتدّ طولياً حتى تلامس السقف ويلاصقها من الجهة الداخلية نصف حائطٍ من الإسمنت ينتهي بحافةٍ خضراء هي الأخرى وعليها عشرات الشموع نصف المحترقة . ما لفت نظري وأثر بي ضمن هذا المشهد كان مرأى عشرات القطع النقدية والورقيّة المبعثرة وفوق ضريح الشيخ الجليل تغمده الله برحمته وحشره مع الصدّيقين . فغرت فاهي دهشةً كما يقول الأدباء لهذه الرؤية الصادقة وكذلك فعل رفيقي في المسير ثم ما لبثنا أن ثبنا إلى رشدنا بعد هنيهة وبادرنا للتصرف العمليّ بسرعةٍ ووقار للحيازة على هذا الكنز الذي أرسله الله لنا وتذكّرت الآية التي تقول ” ذِكرُ ربّكَ عبده زكريّا ” . وكان أن جاءني الإلهام سريعاً على شكلِ فرع شجيرةٍ صغيرٍ ومورق قطعناه من شجرةٍ مباركة ومددناه من بين القبضان الحديدية وكنسنا به كل ما وقع عليه بصرنا ووصلت إليه أداتنا نحو نصف الجدار مرصوف الحافة بالشمع المحترق جزئياً ثم مددنا أكفّنا وتناولناه بيسرٍ حتى تجمّع لدينا ثروةٌ تقارب الستين ليرة لبنانية ( حوالي 20 دولاراً حسب تسعيرة ذلك الزمان ) . عددناها وشكرنا الله وترحمنا على روح الشيخ الجليل ثم غذذنا السير مسرعين نحو بلدة شتورة القريبة منّا حيث ألتهمنا سندويشتي شاورما متخمتين واشترينا علبة مالبورو فاخرة لنغسل بها طعم سجائر الططلة المحلية المليئة بالقطع والنثرات الخشبية . ثم اشترينا 6 علب من بيرة الهينيكين الألمانية نطفئ بها ظمأنا الذي طال على يد عارف هدروس وتقاسمنا ما تبقّى من أموال المغفور له الشيخ حسن وطفقنا عائدين غانمين نحو قاعدتنا . توقفنا قبيل وصولنا إلى جانب حقل قمح وجلسنا على الأرض كالمتصوفين الزاهدين نشرب البيرة وندخّن معظم علبة المالبورو آوينا بعدها إلى مقرنا مفعمين بالنشوة الروحية .



#غسان_أبو_العلا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الكفاح والنضال واللصوصية والعمل الفدائي وأشياءَ أُخَر
- باني سورية الحديثة وأفرانها _ صفحة من كتابي : الخديعة _ (تحت ...


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - غسان أبو العلا - الطريق إلى الله _ صفحة من كتابي - الخديعة - ( بإنتظار ناشر )