أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - الحرب والسياسة وما بينهما














المزيد.....

الحرب والسياسة وما بينهما


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 4748 - 2015 / 3 / 14 - 19:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تفرض بعض الحروب نفسها على مجتمعات بعينها، مثلما يجري لدينا الآن، بفعل عوامل عدة تعمل على اندلاع شرارتها و تواصل اذكاء اوارها؛ ولقد جاءت الحرب الدائرة مع تنظيم "داعش" نتيجة اعتيادية لسنوات من الاخفاقات، والخسارات، طالت جميع مرافق المجتمع، الذي كان يسعى الى الانعتاق من الخرائب على انقاض نظام صدام المباد، ولكنه لم ينعتق كلياً بسبب الاخفاقات التي غدت معروفة للجميع.
ان الحرب الدائرة الآن، التي انبثقت على خلفية مزيج الفشل والدمار والدموع، اصبح الشغل الشاغل للعراقيين ازاءها هو كيفية تحقيق النصر فيها، والتحرر منها، ومن تبعاتها، وبالتالي الالتحاق بركب الدول المتحضرة وبناء مجتمع سليم يرفل بالرخاء والسعادة؛ اذ ليس من المنطقي ان يتواصل مسلسل الهدم و الهلاك في الحروب الجهنمية التي يعيشها العراق، من دون ان تحسم بصورة كلية، فعلى نتائج الحرب الحالية يتوقف مصير الناس، اما تقدماً الى الامام او انكفاءً مريراً.
في عام 1915 أي في خضم الحرب العالمية الاولى، كتب زعيم الثورة الاشتراكية في روسيا "فلاديمير لينين"، ونشر ذلك في مؤلفه "حركة شعوب الشرق الوطنية التحررية"، في جزء من مسعاه لتحويل الحرب القائمة آنذاك بين الدول الاوروبية الى حرب تخدم الشعوب، كتب يقول "اننا نقر بضرورة دراسة كل حرب على حدة دراسة تاريخية، فقد عرف التاريخ جملة من الحروب كانت تقدمية برغم الفظائع والاهوال والكوارث والعذابات، التي تنطوي عليها حتماً كل حرب، أياً كانت، بمعنى انها كانت مفيدة لتطور الانسانية وساعدت في تحطيم اشد المؤسسات ضرراً ورجعية.."، وقد دعا لينين لتحقيق ذلك الى نهضة الشعوب لمواجهة الحكومات والجهات المستبدة ودحرها.
وها ان القوة الرئيسة في هذه الحرب التي نعيشها الآن المتمثلة بتنظيم "داعش" قد افصحت عن نفسها بصورة واضحة، وتجلت السياسة في ابشع صورها؛ تمثل ذلك منذ مدة بتحطيم علائم الحضارة التي بناها العراقيون القدماء، وها هو مجتمعنا العراقي يسعى الآن لتحقيق النصر في حربه ضد قوى الارهاب وجميع التنظيمات المسلحة، وعليه قطعاً ان يهيئ نفسه لذلك، مثلما ان عليه ان يضع هدفاً واضحاً لا غموض فيه، لمرحلة ما بعد الحرب وتحقيق الانتصار، والا فلن تقوم للعراق قائمة.
لقد ورد في احد تعريفات الحرب انها "نزاع مسلح بين دولتين أو أكثر من الكيانات غير المنسجمة، الهدف منها إعادة تنظيم الجغرافية السياسية للحصول على نتائج مرجوة ومصممة بنحو ذاتي"؛ وبالتأكيد فان الحرب الدائرة الآن في العراق ليست بمنأى عن تلك التوصيفات، فان جهات عدة وفي طليعتها تنظيم "داعش"، دأبت على القول، انها تريد تحقيق رؤيتها لكيفية ادارة المجتمع بأسلوب "الخلافة" ، فاستماتت لأجل احداث تغيير في الجغرافيا السياسية عن طريق محاولة احتلال مناطق واسعة في العراق وسوريا والتمسك بها، ونفذت عمليات قتل وتهجير واسعة، في حين كان هدف المجتمع العراقي الذي كان يأمله من اسقاط النظام السابق، هو التوصل الى مجتمع مدني ديمقراطي مثلما كان يطمح اليه المتنورون، مجتمع يجري فيه فصل الدولة عن الدين في حين يمارس المتدينون اسوة بالآخرين، حريتهم في التعبير عن عقائدهم وعباداتهم والاحتفاء بها بأي صورة وفقاً للديمقراطية المتحققة، والسير بالمجتمع على طريق البناء السليم بعيداً عن التوترات والضغائن، الا ان التحشيد الطائفي و الديني نجم عنه انحراف المجتمع العراقي عن اهدافه الحقيقية ووجهة نموه المطلوبة؛ واتخذت الامور طابعاً تعصبياً تواءم مع تلك التوجهات غير القويمة، فانعكس ذلك بصورة دموية على الواقع العراقي، وادى الى مقتل وتشريد ملايين العراقيين و تعطيل حركة البناء والاعمار.
امامنا الآن فرصة تاريخية اخرى لن تعوض، و من الواجب عدم تضييعها، يدعمها التلاحم الذي بدا واضحاً بين طلائع الجنود العراقيين والحشد الشعبي ومسلحي العشائر، وبين سكان المدن المغتصبة، الذين اظهرت شاشات التلفاز استقبالهم للمحررين بالزغاريد والفرح والابتهاج، وهذا يدل على ان قضية الوطن واحدة فيما لو كانت الاهداف مشتركة، اذ ان الخطأ هو ذنب السياسيين في حين ان لدى الناس في كل المدن بشتى تنوعهم، اهدافهم الخاصة بهم، كنوع بشري في طليعتها تحقيق الامن والاستقرار وبناء حياة مسالمة رغيدة، بعيداً عن الحروب والتوترات، يتوحد في هذا الناس في بغداد والبصرة والعمارة وتكريت والموصل واربيل ودهوك، وغيرها.
على السياسيين الآن، اذا كانوا حريصين على الوطن والناس، ان يسعوا الى تحقيق النصر بدحر الارهاب، ومن ثم الاسراع في تشييد الدولة المدنية من منطلق ان الحكومة متغيرة والدولة باقية؛ وهو المبدأ الذي طبقته الانظمة الديمقراطية، وما جاء به العقد الاجتماعي الذي تحدث عنه المفكر، جان جاك روسو، بقوله ان "السيد ـ ويقصد به الدولة ـ، لا يمكن أن يثقل الرعايا بأي قيد غير نافع للجماعة، حتى إنه ليس بمقدوره ان يرغب في ذلك؛ وذلك لأن من مقتضيات ناموس العقل، وناموس الطبيعة أيضاً، ألا يحدث شيء بلا سبب وليست التعهدات التي تربطنا بالهيئة الاجتماعية إلزامية إلا لأنها متقابلة، ومن طبيعتها أنها إذا ما أنُجزت فلا يمكن أن يعمل الإنسان في سبيل الآخرين من غير أن يعمل في سبيل نفسه"، هكذا يجب ان نبني دولة يكون فيها الاحترام متبادلاً، فيسعى الانسان الى خدمة الآخرين مثلما يسعى الى خدمة نفسه، لا ان يتقوقع حول ذاته واقاربه وحزبه ودينه ومذهبه ويقحمها في الحكومة والحياة العامة بقوة، ويعزل غيره، وهي الاسباب التي نتجت عنها مآسي العراق طيلة السنوات الماضية ويتوجب علينا الآن الاعتراف بخطئها، و ايقاف خطورتها؛ وبناء الدولة المرجوة التي تضع حداً للدمار ويتمتع فيها الناس بكراماتهم المتقابلة.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الارهاب والفساد قطبا رحى الخراب
- تخفيض رواتب كبار المسؤولين تدبير مكمل للإصلاح الاداري
- الحكومة والمعارضة و بلبلة الانسحاب النيابي
- حقوق الصحفيين بين -قانونهم- وبطش ذوي السلطان
- التغييرات الإدارية الاملة و سيلة الإصلاح الممكنة
- أعياد الحب المجهضة في مناخات القسوة و الكراهية
- أي نظام اجتماعي نبنيه بعملية تربوية عليلة؟
- حقوق الإنسان في قبضة وزيرها
- مربعات الحرائق وتساقط الاعمدة
- شد احزمة بطون الفقراء وارخائها للأغنياء
- شد بطون الفقراء وارخائها للأغنياء
- هل لدى العراقيين رأي عام حقيقي؟
- النفط الذي هرِمَ والزراعة التي أجدبت
- تونس تنتشل -الربيع العربي- من كبوته
- أبواب النواب مغلقة حتى حين
- مواسم القتل الجماعي.. ضحايا أبرياء و مبررات غير عقلانية
- السلم الاجتماعي هدف الديمقراطية و أساسها
- تحسين العلاقات مع الدول الأخرى مكسب للإنسان العراقي
- عن الموازنة مرة أخرى
- إشكالية المواطنة و عوامل جذب «التوطين»


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - الحرب والسياسة وما بينهما