أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - وديع السرغيني - قراءة نقدية لخط -رابطة النضال الشيوعي بالمغرب-















المزيد.....



قراءة نقدية لخط -رابطة النضال الشيوعي بالمغرب-


وديع السرغيني

الحوار المتمدن-العدد: 1323 - 2005 / 9 / 20 - 11:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



"إذا كان لا بد من أن تتحدوا فاعقدوا اتفاقيات من أجل تحقيق الأهداف العملية للحركة، و لكن إياكم و المساومة في المبادئ، إياكم أن تقوموا ـ بتنازلات في النظرية ـ"
ك. ماركس نقد برنامج غوتا.

تقديم.
بعد إطلاعنا و من خلال شبكة الانترنيت على مشروع الأرضية التوجيهية "لرابطة النضال الشيوعي بالمغرب" ، ارتأينا أن ندخل هذه المغامرة، مغامرة الرد و النقاش و النقد الثوري قصد فتح جسر التواصل مع الرفاق في الرابطة خاصة و أن دعوتهم كانت سابقة، من خلال هذه الأرضية التوجيهية حين اعتبروها رؤوس أقلام قابلة للإغناء من طرف مجموع الماركسيين الثوريين المغاربة.
أود و من البداية أن أعبر عن مدى تقديري للجهد و الجرأة التي تعامل بها الرفاق في تجاوزهم لوضع الانتظارية و التراشق اللفظي ـ الذي لا يتعدى الزعيق و الصراخ ـ أقدر كذلك فيهم تحديهم للقمع و إعلان انتظامهم على قاعدة أرضية توجيهية واضحة نسبيا، و الشيء الأهم الذي يستحق الإشادة هو تصريحهم بهويتهم الماركسية الثورية و نشرهم لبرنامجهم الثوري بوضوح كذلك. تحدي لم تمليه الرغبات البطولية ـ على ما نعتقد و حسب تقديرنا النسبي ـ و هو ما قد يلمسه القارئ من طبيعة المواقف و الشعارات المعلنة و كذلك من ناحية الصياغة التي استهدفت التحليل و التوضيح و ليس ما اعتدناه من صيغ الشتم و المزايدة التشهيرية و الجمل النابية..الخ.

في نقدنا لبعض المفاهيم في التقديم.
فإذا كانت الأرضية، أرضية توجيهية بل و ما زالت مشروعا لم يحسم فيه الرفاق المنتسبون للرابطة، فكيف للرابطة أن تعلن عن نفسها كمجموعة ثورية مؤسسة، لها طموحاتها مبادئها و مرجعيتها الثورية الكبيرة و المحترمة..الخ؟ الشيء الذي يفرض بالتالي طرح سؤال آخر، هل هي مشروع لمنخرطي التنظيم أو مشروع مفتوح للنقاش و التعديل مع كافة الثوريين المغاربة؟
"إن الأرضية التي نضع اليوم... مع الالتزام بالأسس الجوهرية للأرضية"
إشارة قد تساعد إلى حد ما في الفهم، لكن الطريقة التي تم بها طلب الإدلاء بالآراء و الانتقادات و الإضافات و التعديلات... تثير أكثر من سؤال على مدى نجاعتها، فإذا كان استعمال الانترنيت قد يفيد في التعريف ببعض الأطروحات و نقاش بعض المواضيع النظرية و السياسية المرتبطة بموقف من المواقف فلا يمكنه بتاتا أن يفك المعضلة التنظيمية الثورية، فأعتقد أن نقاش أرضية للعمل الثوري قد يفضي بك معارضا أو مدعما لها، و قد تلزمك إذا اقتنعت بها، بالانخراط التنظيمي في تنظيم أو مجموعة "الرابطة"، و من السذاجة و الهبل قبول الانخراط و العضوية داخل تنظيم ماركسي ثوري عبر الانترنيت!
فما السبيل إذن لأن تلعب "الرابطة" دورها التنظيمي وفق طموحاتها و تطلعاتها المعلنة؟ أو على الأقل ما السبيل للتقارب مع المجموعات الثورية الماركسية المشكلة، السابقة عنها أو التي هي في طور التشكل؟
فلا نريد أن نحكم و من الآن بعدم جدية هذه الدعوة و لن نشجع على التشكيك في أصولها و مصادرها و نحن على تجربة أن من بين أسهل الأمور هي إقبار التجارب بأساليب التشهير و التشويه و التخوين..الخ و إذا كنا من محاربي و مناهضي هذه الأساليب فلن نتخاذل في الإعلان عن حقنا في التحفظ عن الشكل الذي فتح به النقاش، فكيفما كانت نية و صدق المناضلين المشرفين على هذه التجربة، فالمناضلون الثوريون ليسوا أشباحا و لا يمارسون النضال الثوري في الجزر و لا تحت الأرض، هم مناضلون معروفون فيما بينهم و لدى جماهيرهم على الأقل، إذا لم نقل أنهم معروفون لدى المخابرات لجرأتهم و جماهيريتهم و تاريخهم و صمودهم.. و بالتالي كان أحرى و أجدر أن يقدم المشروع للمجموعات و الأفراد المعروفة أو المتقاربة حتى تبدي الرأي بكل مسؤولية و تعقد اللقاءات التشاورية و التحضيرية للقاء وطني في المستوى، يعني مستوى يعطي للأرضية قوتها و للتطلعات و المهام زخمها.
مع ذلك و بالرغم من كل التحفظات التي أدلينا بها سنتقدم بملاحظاتنا في الاتجاه الذي يحمي عملنا و عمل الآخرين المفترضين، و نبدأ بالتقديم الذي نتمناه ألا يكون قد قصد و منذ البداية إصدار أحكام القيمة على الآخرين لنعتهم بالحلقية و التشيع في الوقت الذي ادعى فيه النقاش الرفاقي و الهادئ، فإذا كانت الحلقية يعني بها الرفيق عمل المجموعات الصغيرة المحدودة التأثير في المجال أو القطاع أو المدينة أو الجهة... و هذا شكل تنظيمي راقي بالرغم من بدائيته إذا ما قورن بالاتحاد الحزبي العريض أو المنظمة ذات الطابع الوطني أو الأممي.. فأحيانا لا تكون الحلقة و ثقافة الحلقة رغبة في حد ذاتها، بقدر ما تكون تعبير عن واقع موضوعي يعيشه الثوريون الماركسيون في هذه المنطقة أو تلك، في هذا القطاع أو ذاك.
فالمطلوب إذن، هو أن يكون هناك تقدير من الكفاءات الثورية للحظة التي يتوجب فيها على المناضلين الثوريين تجاوز الحلقة و ثقافة الحلقة لثقافة التنظيم بمفهومه اللينيني الثوري.
"إن المهمة الملحة المباشرة لحزبنا ليست دعوة القوى المتوفرة الآن لشن هجوم فوري في هذه اللحظة، و إنما هي الدعوة لتشكيل منظمة ثورية قادرة على توحيد كل القوى، و قادرة على قيادة الحركة الثورية عمليا في التطبيق لا بالاسم فقط. أعني منظمة تكون مستعدة، في كل وقت لدعم كل احتجاج و كل انفجار و نستخدمه لبناء و تعزيز القوات المقاتلة القادرة على خوض النضال الحاسم.
و لا يكفي أن ندرك بوضوح ما هي طبيعة المنظمة المطلوبة و هدفها المحدد، و إنما يجب علينا أيضا أن نضع خطة عملية محددة لمنظمة يجري تشكيلها من كل النواحي"
و هذه بعض التوجيهات اللينينية لتجربة تنظيمية ماركسية ناجحة انتقيناها من مقالة "بما نبدأ؟" نستشهد بها لقوتها و لنظرتها الثاقبة و لما تشكله من قناعة ثابتة لدينا، في هذا المجال.
أما التشيع و حسب ما فهمناه ـ أم ما اعتقدنا فهمه ـ إذا كان في الاسم فقط، لما يحتويه أو يحيل إليه من إعلان عن المرجعية، فلا بأس في ذلك ـ و إلا أضحت الماركسية تشيعا كذلك! ـ لأن في ذلك تتوضح الأمور و يعفيك الآخر من جهد التعريف بنفسه خاصة إذا كان الكل ـ و حسب ما نفترض ـ على علم و معرفة و متابعة لخلافات الحركة الاشتراكية و الشيوعية منذ تأسيسها.
فإذا كانت الأرضية تقصد ما فهمناه، يعني من يسمون أنفسهم ماركسيين لينينيين، تروتسكيين، ستالينيين، ماويين، إضافة للمنتسبين للتيارات الفوضوية و الغيفارية و النقابية الثورية..الخ. فليست هذه أسماء من أجل التشيع العصبوي و فقط، بل هي أسماء لأحزاب و حركات و مجموعات و تيارات ثورية لها مكانتها داخل حركة مناهضة الرأسمال و مناهضة المجتمعات الطبقية، لكن لكل موقعه الطبقي الخاص، لكل برنامجه، لكل مرجعيته الفكرية و الفلسفية، لكل مواقفه السياسية الخاصة و آلياته للتغيير و حسم السلطة، لكل تصوره للسلطة البديلة و طريقة بناءها.. و منهم من لا يحتاج لأية سلطة في مجتمعه المنشود..الخ.
فليس هناك عيب في هذا و ليس اكتشاف و لا بجديد داخل الحركة الاشتراكية و الشيوعية، العيب هو أن نتجنى على المخالفين في الرأي و العيب كذلك هو أن ندعي ما لا علاقة لنا به من أفكار أو ننتسب لتيار نخالفه الفكر و التصور و البرامج.
"فلا يمكن أن يقوم حزب اشتراكي صلب إذا لم تكن ثمة نظرية ثورية توحد جميع الاشتراكيين و يستمدون منها جميع معتقداتهم و يطبقونها في أساليب نضالهم و طرائق نشاطهم، و إذا ما دافعنا عن هذه النظرية، التي نعتبرها صحيحة في أعمق اعتقادنا دون التهجمات الباطلة و دون محاولات تشويهها، فإن هذا لا يعني البتة أننا أعداء كل انتقاد" من وثيقة "برنامجنا" للينين.
فليست بالسهولة التي حاولتم بها إلغاء اللينينية من خطابكم و هويتكم حتى تتمكنوا من محاربة التشيع، فلكل اسم في ذلك حكمة إذ و حين تصطدم الأفكار و التطلعات و يقع الخلط و الارتباك تضطر الحركات الماركسية الأصيلة لتغيير اسمها درءا للميوعة و التفسخ.. و هذا ما نادى به انجلز ـ رفيق ماركس ـ في آخر سنوات حياته، و نفس الشيء عمل به لينين حين اعتمد البلاشفة و التيار البلشفي، و حين غير من اسم الحزب الاشتراكي الديموقراطي الروسي إلى الحزب الشيوعي الروسي مناديا جميع الأحزاب الأممية الثورية و المناهضة للحروب الإمبريالية بتغيير اسمها خاصة بعد أن اتسخ الاسم و أصبحت الأحزاب الملقبة به مرتعا للعنصرية و الشوفينية البرجوازية لحد صعود أحزاب اشتراكية ديموقراطية للمنابر البرلمانية مدعمة تمويل الحروب الإمبريالية و منها من تحمل المسؤولية الحكومية "دفاعا عن الوطن" أو دعما لبرجوازيته في التوسع و النهب الإمبريالي لأوطان و شعوب أخرى!.
فالمبادرة تأتي إذن كخطوة أولى من خطوات الألف ميل في اتجاه "بناء حزب ثوري من طراز جديد ـ حزب شيوعي"، و هنا لا نعلم هل مبادرة "الرابطة" تمشي في اتجاه تشكيل النواة الأولى لهذا الحزب؟ أم هي فقط لبنة من اللبنات التي ستساهم في بناء هذا الحزب؟ خصوصا و أن الأرضية لا تنكر في صياغتها وجود مجموعات ماركسية ثورية متقاربة في التوجه و البرنامج بل و تخاف من محاربتها لهذا المشروع! مأساة حقيقية يعاني منها كل الثوريون المغاربة، لكننا لم نجد لها في الأرضية اقتراحات، كسبل للمعالجة خاصة و أن هذه المسلكيات السلبية أثرت و بشكل كبير على مسار الحركة الثورية و عطلت مهام و شوهت و شهرت بمناضلين بل و تركت أعطابا و عاهات جسدية دمرت طاقات و خلقت بطولات وهمية عند البعض الذي ادعى و ما زال على أنها جزءا لا يتجزأ من ثقافة العنف الثوري!..الخ من الترهات الصبيانية العاجزة.
الحزب الشيوعي يعبر عن مصلحة الطبقة العاملة و طموحاتها في التغيير و في بناء سلطتها ـ ديكتاتورية البروليتاريا ـ كمدخل لبناء المجتمع الاشتراكي، مجتمع المنتجين، مجتمع العدل، المساواة و البدون طبقات و قد لا أصحح للرفاق معلوماتهم في هذا المجال، إلا أنه، و أنا أتابع الأرضية انتابتني الدهشة أمام صيغة مضببة، لم أفهمها و لم أجد لها مصدرا في ثقافتنا و فلسفتنا الماركسية، هي أن الطبقة العاملة "حركة اجتماعية و طليعية في المجتمع" فهل خطأ في التعبير و الصياغة أم هو نوع من الثقافة التي تأخذ من هنا و هناك ليكون في ذلك تميزها و عدم تشيعها.
أما إذا كانت تلك هي قناعتكم فلن نتوانى في الإعلان عن اختلافاتنا الجذرية معكم و لن نظيف شيئا إذا حذرناكم من كثرة الحراب التي ستوجه لكم و حالتكم أقل من جنين و أكثر من مضغة!لأن الحركة الاجتماعية لا يمكنها أن تأسس حزبا و لا يمكنها أن تتوفر على مشروع مجتمعي و لا يمكنها أن تمتلك الخط السياسي و التنظيمي الثوري القادر على الإطاحة بالسلطة و بناء السلطة البديلة.
فالحركة الاجتماعية قد تتشكل من فئات من مختلف الطبقات و أحيانا من تعدد طبقي ـ حركات الشباب، الطلبة و التلاميذ، حركات النساء، حركات مناهضة العنصرية..الخ ـ متضررة من سيطرة و هيمنة و تظلم اقتصادي اجتماعي معين، قد تلعب دورها في المناهضة و الاحتجاج و التشهير.. لكن يصعب عليها أن تمتلك الخط السياسي التنظيمي و النظري الواضح، و هذا لا تتأهل له سوى الطبقات بوصفها طبقات، يعني في درجة متقدمة من الوعي.

في الأسس الفكرية و النظرية للرابطة
في إعلان الرابطة عن انتمائها و تطلعاتها على أرضية الاستفادة من "التجارب العمالية الثورية العالمية و التطويرات التي شهدتها النظرية الماركسية دون التشيع لهذا الاتجاه أو ذاك"، إشارة متقدمة و مشجعة لكنها غير كافية لإزالة الضبابية و لإشاعة الوضوح النظري.
فإذا تابعنا الصيغ العامة السابقة و التي لا نخالفها في شيء، فالتعبير الذي وضعناه بين قوسين حابل بالأسئلة الكثيرة و الإشكالات النظرية العديدة و منها ما يعطينا الحق كماركسيين لينينيين أن نتساءل عن نوعية التجارب العمالية التي يتكلم عنها الرفاق في "الرابطة".
هل الإشارة و الكلام عن التجارب الفاشلة و هي كثيرة، و لا أعتقد أن الفشل و الفاشلين يشكلون عبرة و مرجعية للثوريين، أم عن التجارب الناجحة و هي قليلة و قليلة جدا؟ خاصة و أنكم حصرتم استفادتكم من التجارب الثورية العمالية و فقط. ـ و لولا هذا لما تشجعنا للانخراط في النقاش أصلا ـ
فهناك تجربتين عماليتين ثوريتين فقط، شهدهم العصر تجربة عاشت بضع أسابيع ـ كمونة باريس ـ و تجربة عاشت بضع سنوات، أقل من عشرة ـ ثورة أكتوبر 1917 بروسيا ـ، دون هذا عرف العصر الرأسمالي ثورات عديدة بعضها "باسم الطبقة العاملة"، و بعضها "باسم أفكارها و مشروعها المجتمعي" و بعضها الآخر "شاركت" فيه "جماعات" نيابة عن الطبقة العاملة إلى جانب طبقات أخرى، أو إلى جانب طبقات الشعب!!!.
فإذا كان ماركس و بعده لينين قد أعطى الوقت الكافي لهذه التجربة الناجحة و التي انهارت بعد مدة، فلم يكن ذلك للإشادة و فقط بتضحيات و بطولات الطبقة العاملة و قادتها الثوريين، بل لاستخلاص الدروس و الدروس المهمة في اتجاه الانتصار الحاسم.
نفس الشيء تابعه لينين و جميع البلاشفة بخصوص ثورة 1905 السوفياتية و فبراير 1917، و لم يكن من اهتماماتهم في التعاطي مع الثورات الفاشلة إلا ما يربط حركتهم و تياراتهم بمجموع التيار الأممي و مهامه خدمة للثورة الاشتراكية و تعميمها في جميع المواقع الرأسمالية.
لهذا رفضنا ما أسميتموه بالتشيع لأن ذلك يعنينا مباشرة خاصة و أننا نعلن انتماءنا صراحة للتيار البروليتاري كماركسيين لينينيين و لا نقول فقط ماركسيين، بالنظر للإضافة المهمة و القيمة في جوانب عديدة قدمها لينين للحركة الماركسية كاستفادة تقييمية نقدية، في مجال النظرية، السياسة، التاكتيك و بشكل خاص في التنظيم.
و لن نذكر هنا الرفاق باجتهادات لينين و منذ النصف الثاني لأواخر القرن 19، التي لم تعرفها الحركة الماركسية من قبل باستثناء بعض الأفكار التوجيهية العامة لبليخانوف و كاوتسكي، إذ و منذ ذلك الحين سمي رفاقه بالبلاشفة ثم البلاشفة اللينينيين، ضدا على أنصار الحزب الجماهيري ـ و أساسا النموذج الألماني ـ و في هذا الباب يمكن الرجوع لمناظرات لينين خصوصا ضد روزا لكسمبورغ و تروتسكي و برنشتاين..، كذلك بالنسبة لتصوره لمبدأ حق الشعوب و الأمم في تقرير مصيرها، و الموقف من الحروب الإمبريالية الذي شق الأممية و دوره في تشكيل يسارها الزمرفالدي كإعلان عن إفلاس الأممية الثانية.
و في هذه الظروف بالذات أنتج مأثرته التاريخية النظرية "الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية" و ما خلصت له من استنتاجات مهمة ساعدت بشكل كبير على إنجاح تاكتيكاته في حسم السلطة لصالح السوفيات و البلاشفة، و بشكل خاص الاستنتاج الذي اعتبر عصر الإمبريالية بمثابة عشية للثورة الاشتراكية.
هذه بعض من المواقف و التاكتيكات و الاجتهادات التي غيرت مجرى الحركة الماركسية الثورية و ميزت الخط البروليتاري اللينيني على غيره من الخطوط الثورية الأخرى و عن كافة التيارات و الخطوط الانتهازية و التحريفية اليمينية و اليسراوية، التي لا يمكن اعتبار الاقتناع بها تشيعا.
و من الإشارات التعريفية "الرابطة لا تعتبر نفسها بديلا للأحزاب... فصيلا من فصائل الحركة الاشتراكية و العمالية ببلادنا". و هذا ما كنا نخشاه و سميناه ميوعة و انحلال نتمنى الرفاق في "الرابطة" مراجعته، فإذا كانت الرابطة لا ترى نفسها بديلا، فلماذا تشكلت أصلا؟ أو ما هي دواعي التأسيس إذا لم يكن هناك فراغا تنظيميا و سياسيا لتمثيل الطبقة العاملة أحسن تمثيل؟ هل من السهولة أن نقول، لنا عشرة أحزاب و مجموعات اشتراكية، لنجعلها إذن إحدى عشر!؟.
شيء من الجدية أيها الرفاق، فإذا كانت الأحزاب أو المجموعات تفي بالمهمة في اتجاه تنظيم الطبقة العاملة ـ تنظيما مستقلا من الناحية النظرية و السياسية ـ خدمة لمصالحها في الثورة الاشتراكية، فلماذا لا ينخرط و ينضم جميع الماركسيون الثوريون لصفوفها؟ لماذا تأسيس تنظيم جديد؟.
أسئلة غير قابلة للتأجيل، بل من الضرورة أن تشكل المنطلق للعمل الثوري الجدي، فلا يمكن بناء تجربة جديدة و بناء حزب من طراز جديد، إذا لم تكن هناك دراسة و بحث نقدي تقييمي للتجارب السابقة، تجارب الحركة الثورية و الحركة الاشتراكية و تجاب الحركة الماركسية اللينينية المغربية، دون هذا لن تكون هناك مشروعية للإضافات و لا للبدائل.
إنه إعلان غامض و غامض جدا، و لن نشير على الرفاق بأن السياسة لا تنبني على المجاملات بل على المصالح، و المصالح الطبقية في آخر المطاف.
فإذا كان الادعاء و نتمناه أن يكون صادقا بأن "الرابطة تطمح لأن تشكل الوعي... علاقات الاستغلال و التبعية" فلا بد من التميز عن "الأحزاب و المجموعات الاشتراكية المغربية" و التي لم تعرف الرابطة بها و لا باشتراكيتها، فكل الأحزاب و المجموعات لها اسمها الخاص و خطها العام الذي يعرف بها، فإذا عرفنا الرفاق بها سهل آنذاك تصنيفها، و سهل تصور العلاقة معها على ضوء المصالح و الطموحات الكبرى التي تبنتها الرابطة.
"فالاتحاد الاشتراكي" مثلا ما زال يصنفه البعض حزبا اشتراكيا رغم دفاعه المستميت عن الرأسمال الإمبريالي و مصالحه! بل هناك من قيادييه من لا يخفي شيئا من عمالته للدوائر المالية و للشركات متعددة و متعدية الجنسيات.
و منظمة "إلى الأمام" و استمراريتها في الشرعية الممنوحة و المشروطة حزب "النهج الديموقراطي" يدٌعي هو أيضا الانتماء للحركة الاشتراكية، لكنه تنازل عن ثوريته القديمة ليختار و يكتفي بالصراع ضدا "المافيا المخزنية" و مطلب التغيير الدستوري، تنازل عن استراتيجيته الثورية "الثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية" فخطٌ طريقه "للنضال الديموقراطي الجذري" و بشٌر بمداخيله، الإصلاحات الدستورية و عزل "المافيا المخزنية" عن جسم "المخزن" و "المخزن" عن "النظام" و "النظام" عن الطبقات و الدولة..الخ من الشطحات البهلوانية المضحكة و المفتقدة لأي أساس علمي.
فمنهجيا نعتقد أن تاكتيك الماركسيين ينبني في نظرته للأحزاب السياسية على الدراسة و البحث الدقيق في برامجها شعاراتها و خططها العملية و بعد أن يحدد خلفياتها و منطلقاتها الطبقية، يربط المصالح بما تنادي به الأحزاب المعنية و بين ما ينادي به حزب الطبقة العاملة المستقل، فهناك مجموعات أو تيارات عمالية يمكن التحالف معها و يمكن تنظيم اللقاءات النظرية و السياسية و التنظيمية ـ التنظيم الوظيفي: لجان، جمعيات، اتحادات، منتديات..الخ ـ فيما بينها، تحالفات تاكتيكية و استراتيجية أو حتى قطاعية بل و المؤقتة المرتبطة بالتحضير لإضراب أو مظاهرة مثلا.
لكن التحالف ينبني دائما بما يخدم و يضمن استقلالية التيار أو المنظمة أو الحزب الذي يمثل الطبقة العاملة بغض النظر عن نظرة الحلفاء للاشتراكية و لكيفية تحقيق و تشييد المجتمع و الاقتصاد الاشتراكيين.
فلنتابع ما يقوله لينين بهذا الصدد "لا يمكن أن يخاف من التحالفات المؤقتة ـ و لو مع أناس لا يركن إليهم ـ إلا الذين لا يثقون في أنفسهم. و إنه لمن غير الممكن لأي حزب سياسي أن يعيش بدون مثل هذه التحالفات.
و لكن الشرط الذي لا بد منه لهذا التحالف هو أن تتوفر الإمكانية التامة للديموقراطيين ـ الاشتراكيين ليبنوا للطبقة العاملة تناقضها العدائي مع البرجوازية.
"أما البرنشتاينية فتنادي بطمس التناقضات و رفض الثورة و دكتاتورية البروليتاريا و تحويل النضال الطبقي إلى نضال طبقي ضيق في سبيل إصلاحات و هذا يعني إنكار حق الاشتراكية بالاستقلال و بالتالي، الحق في الوجود، و يعني تحويل حركة البروليتاريا إلى حركة ذيلية وراء اللبراليين" مقتطفات من "ما العمل؟".
فالحزب الشيوعي هو أعلى أشكال تنظيم الطبقة العاملة، طليعة البروليتاريا، يقود الجماهير العمالية الحزبية و غير الحزبية، يثقفها و يعلمها، إنه مدرسة الشيوعية.
على خلفية هذا التعريف اللينيني، فالأحزاب الماركسية الثورية ـ الشيوعية هي بديل الطبقة العاملة أمام الأحزاب الثورية الفلاحية و كل التيارات الشعبوية، و أمام أحزاب البرجوازية الصغرى الثورية و كل التيارات الفوضوية و النقابية ـ الثورية كذلك، هي أيضا بديل للأحزاب الاشتراكية الإصلاحية.
و هي وحدوية تجاه كل التيارات الماركسية الثورية، وحدة قد تصل لحد الاندماج، و أدنى مستوياتها هو التحالفات السياسية، الميدانية، القطاعية..الخ.

في الأهداف و المهام التاريخية للرابطة.
تعلن "الرابطة" عن أهدافها بما يلي "أهداف الرابطة بما هي... البروليتاريا المغربية".
مرة أخرى نسجل اختلافنا حول هذه النقطة و الطريقة التي تمت بها صياغتها، و حكمنا في ذلك مرجعيتنا الماركسية، سواء بالنصوص أو بالتجارب التاريخية.
فمنذ انخراط ماركس في الحركة السياسية و منذ كتاباته النظرية الأولى و إسهاماته التنظيمية الأولى كذلك ـ عصبة الشيوعيين و بيانها الشيوعي ـ و في خضم بحته الفكري و الفلسفي لتناقضات المجتمع الرأسمالي و شرحه لملامح المشروع المجتمعي الذي نادى به، المجتمع الاشتراكي و الشيوعي، لم ينظٌر قط و لم يناد قط بحزب أو تيار أو مجموعة سياسية مهمتها أن تكون لسان حال و معبر عن خليط طبقي ـ الطبقة العاملة و حلفائها الطبقيين و في المقدمة الفلاحين الفقراء ـ متضارب المصالح.
صحيح أن هذا الخليط يجمعه ظلم اجتماعي طبقي واحد و يضطهده نظام سياسي اقتصادي واحد ـ الرأسمالية ـ و عليه أن يصوغ تحالفاته بدقة لا متناهية، لكن الضرر و الظلم ليس بنفس المستوى و لا يجثم بنفس الثقل على صدر الفلاح الفقير كما على صدر البروليتاري، و علاقات الحرفي أو الطبقات المضطهدة بالثورة ليست بنفس المستوى و نفس الوثيرة و الحماس و موقف الطبقات من الملكية الفردية و جهاز الدولة ليس هو نفسه... و بالتالي لم يتكلم ماركس و رفيقه انجلز عن الطبقة الثورية إلى النهاية بهدف التميز و فقط ـ الطبقة العاملة ـ و عن ضرورة تنظيمها بشكل مستقل بل اشترطا للقيام بالثورة، على الطبقة العاملة أن تؤسس حزبها المستقل. راجع المراسلات بين ماركس انجلز و شيوعيين آخرين.
و عن مهام أو برنامج الرابطة سنعتمد منهجية تناوله بالنقد نقطة نقطة.
1. إسقاط نظام الحكم... كنقطة أولى و تندرج فيها بعض المصطلحات غير الدقيقة، بل منها ما استنفد إمكانياته التحريضية و منها ما أتلف ماركسية العديد من المناضلين و التيارات و المجموعات.. و بالتالي، فإن قوانين الماركسية العامة و منهجيتها العلمية تبتدأ من استعمال الرؤية الطبقية في تحديد التناقضات، و يجب إرجاع كل مظاهر الاستغلال و الاستبداد و الامتيازات لخلفيتها الطبقية، و يجب الحسم في طبيعة نمط الإنتاج في المغرب كذلك، فإذا لم يكن رأسماليا ـ بغض النظر عن تبعيته ـ فلا داعي لوجود ماركسيين في هذا البلد.
أما جهاز الدولة، فهو جهاز طبقي في مفهوم ماركس و الماركسيين قبل أن تصفه بما تريد ـ "المخزني" أو "الاستعماري الجديد" ـ إذ يجب التحديد و بدقة ما يمثله من مصالح طبقية، و بالتالي، موقف الطبقة العاملة لكي لا ننجر "لحركات مناهضة المخزن و الاستعمار الجديد" و آنذاك لن نبقى رابطة شيوعية "و لا هم يحزنون"، سنتفسخ و نصبح آنذاك هلاما طبقيا.
و نتمنى أن تكون قد خانتكم الدقة في الصياغة و فقط، أو السرعة و التسرع، فهناك مواقف متقدمة عبرتم عنها، يتفق عليها جميع الثوريين و أساسا الخط الماركسي اللينيني الثوري، لكن ضبابية و غموض الصياغة قد لا تفي بالغرض و الأهداف و قد تفهم و تأول بطرق أخرى و منها مثلا "القضاء على الهيمنة الإمبريالية و تحقيق الاستقلال الكامل و الفعلي للمغرب" فالشيوعيون الماركسيون يفهمون الإمبريالية كمرحلة قصوى من مراحل الرأسمالية و ليس فقط كاستعمار، و بالتالي فمناهضتهم للرأسمال هي في شموليتها مناهضة للرأسمال المحلي و العالمي، الخاص و الدولي.. و لا نناضل فقط من أجل القضاء على هيمنته! بل على وجوده من أصله، في إطار عمل ثوري محلي و أممي، لا نناضل من أجل مجتمع يتواجد فيه الرأسمال بدون هيمنة! و لا نناضل من أجل استقلال المغرب! نناضل من أجل مجتمع اشتراكي يتحقق عبر ثورة اشتراكية و مدخلها الظفر بالسلطة السياسية لصالح الطبقة العاملة في إطار دكتاتورية البروليتاريا المستندة إلى سلطة المجالس العمالية و الفلاحية.
أما الكلام و فقط عن سلطة مجالس العمال و الفلاحين فلن نؤسس بها أقل من دولتين أو أكثر، فالمجالس التمثيلية الشعبية يجب أن تكون كلها تحت سلطة و قيادة الطبقة العاملة سواء عبر مجالس العمال الصناعيين أو مجالس العمال الزراعيين ـ الذين أصبحوا يشكلون ببلادنا قوة طبقية لا يستهان بها بعد تغلغل و هيمنة و انتشار العلاقات الرأسمالية في البادية ـ أو عبر جهاز الدولة المركزي المعبر عن دكتاتورية البروليتاريا.
2. و نجد في النقطة الثانية صيغة "تشييد اقتصاد وطني مستقل في خدمة الشعب".
و رجعنا للماعون الشعبوي المرفوض، فالشيوعيون الماركسيون يناضلون من أجل تشييد اقتصاد اشتراكي ينبني على مصلحة المنتجين في المدن و البوادي، صحيح أنها أغلبية الشعب، لكنها ليست الشعب كله، بل ستكون مضطهدة أو دكتاتورية تجاه أعداء المنتجين من المخربين أنصار الثورة المضادة، عملاء الإمبريالية الواعين و غير الواعين.
ستتحول أغلبية الشعب عبر اقتصاد التخطيط الاشتراكي و عبر دعم ثوار الحركة الماركسية اللينينية الأممية و عبر الثورات الاشتراكية الناجحة في أي مكان، إلى أغلبية منتجة، مقوضة بكل أشكال الملكية الفردية و الإنتاج الصغير، الشيء الذي لن يضمنه سوى استمرار دكتاتورية البروليتاريا أي استمرار السلطة في يد الطبقة العاملة و ممثليها المخلصين درءا لأي انحراف أو بيروقراطية محتملة.
أما ترديد المقولات المقلوبة ـ التي يا ما رددناها من قبل ـ فلن يخرجنا من سياسة النعامة المأزومة أبدا، إذ لا يمكن لخليط طبقي في السلطة السياسية أن يبني اقتصادا وطنيا منفلتا من فكاك الرأسمالية و لا يمكنه كذلك أن يؤسس لقاعدة مادية لمجتمع نقيض لمصالح الرأسمالية ـ المجتمع الاشتراكي ـ.
أما رأينا فقد عبرنا عنه صراحة، فلا اشتراكية و لا مجتمع اشتراكي دون افتكاك الطبقة العاملة للسلطة و تثبيتها بشكل دكتاتوري، إذا كان المجتمع الاشتراكي أصلا هو مجتمع انتقالي و اقتصاده انتقالي نحو إلغاء الطبقات فما الداعي للاجتهاد أكثر من اللازم؟ و لماذا لي عنق النظرية الماركسية و حشوها بالصيغ المبهمة و الغامضة؟.
إن سلطة الطبقة العاملة ـ دكتاتورية البروليتاريا ـ هي مشيدة الاشتراكية، و الاشتراكية في مراحلها الأولى متضمنة لمصالح كل ضحايا و مضطهدي النظام البائد بعلاقاته الاستغلالية و سلطته الاستبدادية ـ الرأسمالية ـ و لإنجاح مشروعها و استمرار سلطتها، لا يمكن للطبقة العاملة أن تحافظ على الملكية الصغيرة و الإنتاج الصغير و إلا انتحرت سلطتها ـ و في التجربتين العماليتين السابقتي الذكر دروس كبرى في هذا الاتجاه و هذا المجال ـ.
كما لا يمكن القضاء عليها من أول وهلة و بطريقة يسراوية متطرفة، فالتخطيط الاشتراكي، و حسب خصوصية كل بلد و كل مجتمع، هو الكفيل بمحاصرة هذه الازدواجية في الاقتصاد خدمة للاشتراكية و المجتمع الاشتراكي، و كلما تقدمت الانتصارات في الداخل و في بلدان أخرى تقدمنا نحو مستويات عليا من الاشتراكية في مجتمعات بلا طبقات، مجتمعات المنتجين.
3. نفس النظرة للوضع في البادية، التي لا تخرج عن مساوئ بعض الأطروحات البرجوازية الصغيرة و التي عارضها لينين خلال صراعه ضد "الاشتراكيين الثوريين"، بل هناك من يرجعها كأحد الأسباب الرئيسية في تراجع الثورة البروليتاريا الروسية و في تصفية التجربة و القيادة البلشفيتين على يد ستالين و أتباعه.
"التسيير الذاتي للإنتاج و التوزيع من طرف الفلاحين و العمال الزراعيين"، تصور لدولتين متناقضتين في دولة واحدة! و لسلطتين متناقضتين في سلطة واحدة! بالرغم من الاختلاف الجذري للمطامح و التطلعات و للعلاقة مع الملكية الفردية، فما رأيكم في هذه المعادلة الغريبة و هذا الإشكال النظري؟!!!
فالسلطة المركزية ـ دكتاتورية البروليتاريا ـ إما أن تكون أو لا تكون، فهي بانية و حامية الاشتراكية و دولة الاشتراكية، و سلطتها يحب أن تمتد إلى قلب البادية و إلى أحشاء المجتمع الاشتراكي ككل، و يجب أن تتجسد هذه الدكتاتورية بقيادة المجالس العمالية الزراعية للوضع في البادية ـ الإنتاج و التوزيع ـ، و يجب كذلك أن تتوفر السلطة على نظرة ديموقراطية تجاه الفلاحين الفقراء ـ ذوي الملكية و ليس المعدمين ـ لدمجهم مستقبلا في الإنتاج الاشتراكي و ليس للحفاظ عليهم إلى أبد الآبدين كمنتجين صغار، أصحاب الامتيازات، و إلا خربوا الاقتصاد بالتحايل و الابتزاز، و إلا نشروا بالتالي المجاعة...الخ ـ راجع تجربة روسيا ـ.
"إن المسألة الأساسية في كل ثورة هي مسألة السلطة، و بدون فهم هذه المسألة، لا يمكننا أن نتحدث لا عن قيادة الثورة و لا عن أي اشتراك واع فيها" و القول مرة أخرى للينين.
4. "الثقافة الوطنية" نخشى مرة أخرى أن تكون ثقافة "الطبقات الوطنية" هي المعنية و المرتبطة أشد الارتباط بسلطة "الطبقات الوطنية" و هلم جرا من المقولات الماوية الستالينية.
و لتوضيح موقفنا نقول أن الثقافة، ثقافة طبقية، ثقافة الطبقة السائدة و المهيمنة، و ثقافة المستقبل هي ثقافة المنتجين، ثقافة طبقية أممية تدعم قضايا التحرر، ثقافة تنشر و تدعم المساواة بين الجنسين و بين الأجناس، ثقافة تجسد انتصار المنتج على شروط حياته، ثقافة انتصار الإنسان على الطبيعة من أجل تطويعها بدون تدمير.
5. "مساندة حركات التحرر" أصبحت هي الأخرى فيها نظر، و تتطلب التدقيق و التمحيص كصيغة.
فحرب 1914 / 1918 الإمبريالية بليغة بدروسها في هذا الاتجاه. فليست مهمة الشيوعيين الماركسيين مساندة أي مناهض الآن للإمبريالية الأمريكية و غيرها، نساند قضايا الشعوب المضطهدة و بشكل أساسي الحركات العمالية داخل هذه البلدان و نعطي لنفسنا الحق من منظور أممي للتدخل في خطها العام الذي لا بد و أن ينطلق من مصالح الطبقة العاملة في الدعوة للثورة الاشتراكية.
و لا نساند إمبريالية ضعيفة في حربها ضد إمبريالية قوية، و لا نظام توسعي صغير في حروبه ضد الهيمنة الإمبريالية المتعددة، و لا نساند كذلك حركات ذيلية لأنظمة توسعية قومية أو تيوقراطية ظلامية..الخ في حروبها ضد الإمبريالية و عملائها.

و عن القاعدة الاجتماعية ـ الطبقية للرابطة.
قد نتفق مع الرابطة في تحديدها لقوى الثورة و لا يوجد هناك خلاف جوهري فيما بيننا، إلا أن الأمر لم يعد يرتبط بتحديد قوى الثورة و فقط، بل يتعداه للتحديد الدقيق للمصالح الطبقية لكل طبقة أو شريحة اجتماعية لها مصلحتها في الثورة و مدى ارتباطها ببرنامجها و مشروعها المجتمعي و سلطتها في المستقبل.
فمن واجب الثورة و الطبقة القائدة للثورة و حزب الثورة أن يحدد بشكل دقيق هاته المصالح بطريقة موضوعية بعيدا عن المنهجية الحسابية التي لم تعد تقنع أحدا.
فالطبقة العاملة الروسية خلال ثوراتها الثلاث، قادت الطبقات الثورية بأقل عدد، و الحزب الثوري البلشفي قاد الطبقات و الأحزاب الثورية الأخرى و أحرز النصر، بأقل عدد.
و لا يفوتنا كذلك أن نسجل اختلافاتنا مع الطريقة التي صاغت بها الرابطة تقديراتها الخاطئة المتسرعة ـ و المبنية في غالبها على استنساخ قديم لأرضيات قديمة ـ لقوة الطبقات و الفئات و موقعها في الصراع و إدارة الصراع و ما ترتبت عنها من استنتاجا ت نعتقدها مبالغ فيها لحد كبير.
و سنتناول بشكل خاص موضوع "الفلاحين الفقراء و الصغار كقوة طبقية رئيسية في المجتمع" الذي لن نتهاون في تحديده بالغامض و الخاطئ نظريا و المنقول من صياغات حزبية محلية، عالمية ذات التشيع الماوي الستاليني.
"الفلاحون الفقراء و الصغار"، صياغة يمكن أن تشكل بها طبقة واحدة كما يمكن أن تشكل بها شريحتين من طبقتين مختلفتين إذ يمكن للفلاح أن يكون معدما لا أدوات إنتاج له ـ لا أرض و لا ماشية ـ و يمكنه بالتالي أن يكون عاملا زراعيا أو خماسا أو رباعا ـ و قد قلت هذه الأشكال بشكل كبير في باديتنا المغربية ـ كما يمكن للفلاح أن تكون له بعض أدوات الإنتاج لكنها غير كافية و بالتالي يبيع قوته للآخرين و حسب اختياره و بكل حرية، و كلا الفئتين فقيرتين.
أما الفلاح الصغير فيمكنه كذلك أن يكون مكتفيا بأرضه و ماشيته و يعتاش بالتالي منها، كما يمكن أن يستعصي عليه ذلك و هو ما بيناه، و يبيع قوة عمله و قوة عمل أبناءه و زوجته للآخرين.
"الفلاحون الفقراء و الصغار كقوة طبقية رئيسية"، رئيسية بالنظر لماذا؟ هل بالنظر للعدد أو الإنتاج؟ لا ذا و لا ذاك. فالأبحاث الاقتصادية و الإحصائية بينت بأن اقتصاد الدولة الحالي ليس بالفلاحي بل هو ادعاء و فقط.
فالبادية المغربية لم يعد يسكنها سوى 48% على أبعد تقدير، و من داخل هذه 48% تعيش 60% منها في مناطق جافة، أي أنها تعتاش من الفلاحة المعاشية المرتكزة على الملكية الصغيرة أو تعيش التشرد في ضواحي المدن.
أما المناطق الفلاحية الحقيقية فهي ذات بنية استغلالية رأسمالية صرفة تعتمد على العمل المأجور و إنتاجها موجه للتصدير و لا علاقة له بحاجيات المغاربة الغذائية.
نستخلص من هذا و بشكل توجيهي لجميع الرفاق داخل التيار الماركسي الثوري على أن يعاد و يستمر البحث في هذا المجال لتحديد طبيعة التناقضات في البادية لكي تعبر الطبقة العاملة في برنامجها بدقة عن مطامح جميع بؤساء و فقراء مجتمعنا.
نفس الشيء بالنسبة "للشرائح" الواسعة من البرجوازية الصغيرة، فالمطلوب الدقة في جميع الصيغ لكي يسهل التواصل بيننا، لكي نعرف عما نتكلم و ماذا نريد؟.
فلا يمكن جمع ما لا يجمع، فزيادة على الغموض نذكر مثلا بأن الحرفيين فيهم الصغار، المتوسطون و الكبار.
فيهم من يملك و من لا يملك، و فيهم من يتحايل على وضع انتقالي ما بين الصناعة التقليدية و الصناعة الحديثة، فهو رأسمالي قح لكن باسم الصناعة التقليدية يبقى حرفيا! و يمكن الرجوع مثلا لانتخابات ممثلي الغرف لتجد صناعيين ملياردير، ينتجون الفخار، الزليج، الجلد و النسيج..الخ مندوبين بغرفة الصناعة التقليدية إلى جانب الحرفيين.
كذلك "فصائل المستخدمين"، هناك من المستخدمين أجراء بأقل من الحد الأدنى للأجور، و هناك من يتجاوزها بعشر مرات، كما أن هناك من المستخدمين الصغار من يستفيد من وظائف الدولة ليبتز المواطنين و يتلقى الرشاوي.. و تجده بالتالي متخلف عن الانخراط في الصراع و معاد للنقابات و الاحتجاجات..الخ.
الجنود هم الآن موظفون قارون في جهاز الدولة الطبقي و مستفيدون منه، نظرة الماركسيين لهم انبنت على المنهجية العلمية "التحليل الملموس للواقع الملموس".
فحين كان الفقراء الفلاحين بروسيا، ينتزعون من أراضيهم و يزج بهم في حروب لا ناقة لهم و لا جمل فيها، حروب إمبريالية كانوا ضحاياها المباشرين، إذ تم استعمالهم كوقود لإذكاء نارها ببشاعة و همجية.
أما الوضع الآن فلا يكفيه الاستنساخ، فليست الحكمة في الإطلاع على التجارب بل الحكمة في فهمها و تمحيصها... فالمراهنة اللينينية على الجنود لم تأت نتيجة للأحلام و الرؤى الخيالية التخيلية، جاءت نتيجة لانتفاضات و مظاهرات و حضور و احتضان مؤتمرات و اجتماعات عمالية ساهم فيها الجنود الثوريون بقوة لحد فرز القيادات الثورية و الماركسية من صفوفهم.
معطيات أنتجتها الحروب المغامرة البرجوازية، التوسعية و الإمبريالية، حروب دون مصلحة للفلاحين فيها بل تم إقحامهم فيها بدون عدة و لا طعام و لا أجرة أحيانا.
أما الوضع عندنا، فالثكنات مملوءة عن أخرها بجنود لا يحاربون و لا يشتغلون يأكلون و يشربون و يتلقون رواتبهم آخر الشهر مقابل التأهب و الاستعداد للحظات الكبرى، لحظات الهبٌات و الانتفاضات الثورية لكي يقمعوها بوحشية و دموية أبشع من أي فصيل نظامي آخر.
هذه بعض من انتقاداتنا لهذه الفقرة و إن كان اندهاشنا كبير أما هذا التناقض الكبير بين المنطلقات و الاستنتاجات أو الخلاصات و لو لا هذا التناقض لما فتحت شهيتنا لهذا النقاش الذي نريد به أن نعرف ما هو أساس فكر و طموحات و أهداف "الرابطة"، هل هو ما تسطره من منطلقات أو ما تقدمه من أهداف "نجاح الثورة المغربية.. نظريتها و برنامجها الثوريين".

في التاكتيك و أساليب النضال.
كان الأجدر أن يقتصر عنوان الفقرة على أساليب النضال فقط أو إزالة نقطة التاء من تاكتيكنا لتعود تكنيكنا، لأن الأساليب المقدمة و المقترحة ليست بالأساليب التاكتيكية بل هي أساليب ثابتة و مبدئية في العمل الشيوعي الماركسي الثوري، ثابتة في الزمان و المكان، لا يمكن أن يختلف عنها شيوعي عاقل، فقط هناك استعمال بعض الصيغ التي يمكن أن تفهم في غير سياقها من قبيل استعداد"الرابطة" "لاستعمال الوسائل القانونية و اللاقانونية" و كأنها تخاطب جهة من الجهات لمٌحت لها الصياغة و كأنها حكما في حل هذه الإشكالات الثورية، التي لا حل لها إلا بالتركيز على المصالح الطبقية.
نفس الشيء بالنسبة للموقف من العنف و الكفاح الثوري المسلح، الذي انبنى تاريخيا على صرخة انجز "أطلقوا النار أنتم أولا" مخاطبا الرجعية البرجوازية في حروبها المسلحة ضد العمال و سائر الكادحين.
أما النار فقد أطلقت من زمان و رد الفعل لن يكون من باب المغامرة و التولع بالإرهاب الفردي، بل في بناء جيش الثورة العمالي الذي يتقن النضال السياسي، النظري، الاقتصادي و العسكري.
و حسم السلطة لا يمكن بالتالي إلا أن يكون مسلحا بعد حملة الإضرابات المتفرقة و الإضراب العام و المعمم و العصيان المدني الشعبي المسلح بقيادة الطبقة العاملة المنظمة في حزب ثوري ماركسي لينيني مستقل.

إشارة أخيرة.
أخيرا و بعد كل هذه الملاحظات النقدية، نتمنى صادقين أن تأخذ بعين الاعتبار و ألا ينظر لها من زاوية المبارزة النصوصية أو من زاوية الأستاذية و ما يحكمها من نرجسية، نرجسية القلم الأحمر الذي تصحح به دفاتر و كراريس التلاميذ.
لست أدري هل "الرابطة" جاهلة لمستوى النقاشات الدائرة في صفوف الحركة الماركسية اللينينية المغربية في شكلها الجديد و بمعطياتها الجديدة، يعني داخل التيارات و في ما بين الأفراد و المجموعات الثورية.
إنها إشكالات حقيقية ـ لكنها غير مستعصية الحل ـ عدم البحث فيها و الإجابة عنها يطيل عمر أزمة العمل الثوري بالمغرب.
و بالتالي، نعتبر هذه البداية في التوجه من أجل فتح النقاش في صفوف الماركسيين الثوريين هي بداية مشجعة نتمناها لأن ترتقي لأشكال متقدمة من التنسيق و الجدل الهادئ الذي يمكنه أن يفسر ما بين السطور و يحدد مجال الاتفاقات و مجال الاختلافات...الخ.
كذلك نعلن أن الإفصاح عن مرامي المجموعات و التيارات بهذا الشكل، يعتبر خطوة متقدمة، كما أن خلو الصياغات من الثورية اللفظية و من التشهير و السب و التخوين... يعتبر كذلك خطوة متقدمة تفتح الشهية و الإمكانية لمواصلة النقاش.
و تحية للرفاق في تجربتهم و مبادرتهم التي لا نرى ضررها في شيء بالنسبة للنقاش الدائر بين مجموع الثوريين الماركسيين المغاربة.
وديع السرغيني
26/07/2005





#وديع_السرغيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقطة نظام توجيهية
- المقاومة الطبقية هي السبيل
- مآل الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات المعطلين بالمغرب تحت قيا ...


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - وديع السرغيني - قراءة نقدية لخط -رابطة النضال الشيوعي بالمغرب-