أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزة رجب - الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة الجزء الخامس















المزيد.....

الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة الجزء الخامس


عزة رجب
شاعرة وقاصّة ورائية

(Azza Ragab Samhod)


الحوار المتمدن-العدد: 4747 - 2015 / 3 / 13 - 20:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




إمام المسجد تعوَّد على دوره الطبيعي تجاه الحي الذي يعيش فيه ، فهو بالإضافة إلى كونه القادر على قيادة المسلمين في الحي أثناء أداء صلواتهم وفروضهم
و إقامة الصلاة و أداء ما يتعلق بها من شعائر من وعظ و إرشاد وخطبة خاصة تلك التي تعتني بفرائض يوم الجمعة وعباداته الخاصة ...
ويبقى دور إمام المسجد مستقلاً من ناحية تحمله لمسؤولياته المُلقاة على عاتقه ، فهو مُطالب وفق سلطة التشريع التي يملكها أن يكون وجوده مصدر تشريع بالضرورة الأولى
كما أنَّه يستسقي شرعيته من كونه يتبع بالمألوف الذي درجنا عليه في بلداننا العربية (لوزارة الأوقاف ) وهى تمثل نوعاً من أنواع التشريع الديني وهو الذي يستمد شرعيته من الدولة
التي منحته هذا الدور .

إنَّ الخلط بين الدين والسياسة أمر ليس بجديد على الدول العربية ــ خاصة حين يتحدثون عن الإسلام السياسي ويسارعون في شجب الإسلام السياسي خاصة و أنه أنتج
لنا جماعات خارجة عن أعراف الدين ولا تمت للدين بصلة ، ولكن حين نرفض اصطلاح الإسلام السياسي فعلينا ألاَّ نفعل هذا ونحن نربط بين السلطة التشريعية والسلطة السياسية في الدولة
لأننا ببساطة من نقوم بصناعة الإسلام السياسي في بلداننا بدءاً من إمام المسجد وانتهاء بمفتي الديار .

إنَّ الحكومات العربية فرضت رقابة شديدة على أئمة المساجد واستطاعت الكثير من الحكومات ــ خاصة حكومات الجمهوريات (تسويق ) سياستها وتسريب أجندتها
ومبادئها وشعاراتها إلى إمام الجامع ، وفرضت نوعاً من (التسييس السياسي ) على الدين ، واستخدمت الكثير من الفتاوى لصالح أنظمتها ، وهذا إلى حدٍ بعيد جعل الإسلام يتداخل
في مفهوم السياسة وبدلاً من أن يكون الدين هو الواعز الذي يقوم بتقويم الاختراقات السياسية التي تتعلق بسلوك أفراد السلطة بحيث يحصل نوع من المحاسبة على مستوى الأفراد
ويحصل لون من التقويم البنَّاء لكل إعوجاج ، حصل تبادل أدوار كبير بين السياسة والدين ، فصارت السياسة هى التي تقوم بتوجيه الدين لخدمة أغراضها السياسية وصار من الممكن
والمعقول جداً أن تصدر فتاوى تدين جهات معينة وتُكفرها دون غيرها ، بل ووصل الأمر لسلطة السياسة على الدين أنه تم تجريم أشخاص بناء على فتاوى مُوجهة .

هذه الفصامية في السلوك الديني تجعل الدين يكبر ويترعرع بناء على توجهات السلطة الحاكمة ، وتجعله يتخذ من نفسه شكلين فأكثر ، فهو من ناحية يعتبر مصدر التشريع
في الحي ، ومن ثم في الدولة ومن ناحية أخرى يمكنه أن يكون العامل الذي يردع سكان الحي ضد الخروج عن سلطة ولي الأمر دن النظر في اعتبارات الحلال والحرام
أو مدى صحة الفتوى من عدمها ،فهذا جعل الدين يغرق في مثالية الحالة السياسية ، وهذا اللون الامباتيربي لايمكن إلا أن يتقمص الدين ويلبس لونه ويغيره كيفما يتفق هذا
مع نظمه وتوجهاته و أحكامه مهما كانت النتيجة .

لايوجد نظام سياسي لايعتمد الدين في سياسته ولكن نحن نقصد تلك السياسة التي تجعل مسافتها معقولة من الدين ولاتتدخل في خصوصياته ولاتضع برنامجها كأساس
لتسيير الدين داخلها ، فالدين لايقبل أن تضيف عليه منهجاً يخضع لخدمة فرد أو جهة أو تيار أو حزب أو قبيلة أو دولة تواليها أو دولة تعاديها .

الدين لايخدم سوى تلك العلاقة بين الفرد والرب ، فهو يوضح القوانين السماوية ويسرد ويعالج الكثير من الفروض والطاعات والنظم التي تُسير حياة الإنسان
لكنه لايقول للفرد إنَّ خروجك على الظلم معصية لولي الأمر ـ ولايقول للفرد أنَّ إمام المسجد يتبع التيار أو الجماعة المعينة فعليك باتباع إمام حيك ومحلتك التي تقيم فيها .
إنه الإطار الآمن لسلوك الفرد داخل مجتمعه وبالتالي هو صمام أمان للمجتمع ككل دون أن يتصادم مع التوجه السياسي للدولة .، فهو معتقد عقائدي ذا استقلالية ذاتية .

إنَّ الأشخاص الذين يحملون عداء للدين ، بحيث يعتنقون توجهات لجماعات مضادة للدين لايمكن اعتبارهم أعداء للدولة قبل اعتبارهم أعداء للدين
لأن توجههم قائم على أساس استعداء الدين وبالتالي هؤلاء انتشروا في دولنا بسبب معاملة الدول لهم على أنهم أعداء لها ، وعدو الدولة تجبره على مغادرتها
وبالتالي سيمارس نشاطه ضمن جماعات خارج الدولة ويعود بحجة نشر إسلام جديد في دولته وكل عدائه للدولة وليس للدين .
فلو تمت معاملتهم بخروجهم عن الدين لحدث فيهم فصل كبير من ناحية التشريع لوضعهم من جانب السلطة الدينية ، بحيث لاتصطدم السلطة الدينية بالسياسية
في تطبيق الأحكام ، وتعتبر السلطة السياسية هنا قابلة لقبول أي حكم ديني حتى لاتتداخل العلاقات ، فالخارج عن الدين هو مرتد أو خارج عن طاعة الله
وبالتالي إذا حاكمه الرئيس فهو باب يفتح المزيد من النار على الدولة ، و إذا تمت معاملته كخارج عن الدين فهذا الباب يمكن الحد منه حتى أنه يحد من انتشار
ظاهرة الإسلام السياسي .


إنَّ إمام المسجد الذي يخرج للثورة ، ويطالب بالتغيير عليه أن يدرك أنه يجب أن يجعل مجتمعه يستدرك طبيعة خروجه ـ فخروج إمام المسجد لس بالأمر الهين وخروجه للثورة
قد يُصنف أن خروج الدين ضد السياسة والسبب أننا لسنا أمام شخص عادي ، بل نحن أمام أحد ولاة الأمر الذين اختارتهم السلطة التشريعية ، والسلطة السياسية وبالتالي لابد
من صنع نوع من التوزان العقلي بين الكفتين ، فهذا التوزان لابد منه لأسباب عدة ومنها "
أنه يمكنه أن يصنع نوعاً كبيرا في صنع الحياد بين الدين والسياسة وبالتالي يحافظ على مسافته التي لابد أن تبقى بعيدة إلى حدٍ ما من الصراع الثوري
أنه يجب أن يلتفت للتوجيه التشريعي للناس فترة قام الثورات
أنه يدرك أن أي أمر قد يقوم به قد يعتبر تشريعاً ، فنحن نعرف أن الاقتداء بالإمام معروف لدينا في الأعراف العادية والسلوكية .
أنه يحفظ التوزان النفسي للبيئة التي يقوم بالتشريع عليها بحيث كان يمكنه بشكل كبير أن يحفظ التيار المدني من ( التسييس ) و ألا يجعل التغيير يلحق بالتيار المدني ويؤذيه من نواحي
أمنية وسلمية اجتماعية وقومية .

أعرف أن الصراع التاريخي أثبت في مناهجه التاريخية أن السياسة كان للدين تدخل بها ، وكانت سياسات الدول خاصة في أوروبا تسير وفق سيطرة الدين على التوجه السياسي
خاصة فيما ينتشر الآن من دور للقساوسة والباباوات ...و أنا لا أعرج للتنويه على هذه النقطة اعتباطاً ولكن لأقول للقارئ المُثقف أننا في دولنا العربية يحصل معنا العكس تماما
فالدين هو التابع للبرلمان ، وهكذا يُعامل في حكوماتنا ،و أن السياسة هى التي تسيره ، والرئيس لايمكن أن يهتم بمكانة الله أومكانة الرسول ، قدر ما يمكنه أن يقاضي ويقتل ويُعدم إذا تمَّ توجيه الشتيمة
لشخصه الرئاسي ,

لذا حالة الامباتيربي السياسية العربية التي جعلت من إمام المسجد مجرد داعية يدعو الناس لانتخاب الرئيس ، ومن مفتي يقدم الفتاوى وفق المذهب الذي تقوم عليه الدولة
إلى مفتي يقدم الفتاوى وفق مذهب الرئيس ، جعلت من السهولة الكبيرة أن يتحول الخطاب الديني إلى خطاب سياسي ، ومن إمام إلى عضو في حزب سياسي ومن عضو
سياسي إلى عضو برلمان إلى زعيم تيار ، فتترك السلطة التشريعية مكانها وتخلع عنها إمباتيربي السلطة السياسية لتمارس سياستها التي تراها ، وتتقمص توجهاً آخر
تعتنقه أو توجهات تراها تناسبها ، ومن الإرشاد للناس إلى تأييد تيار ما ، وهذا يجعلها تُسوق لذلك التيار ، وتسرده ، وتصنع له ثوب العظمة ، وتوجه الناس إليه وبالتالي
يتحول الإمام من مرشد للدين إلى داعية للتيار والحزب الذي ينتمي إليه .

إنَّ هذا جعل الثورات العربية تتخبط في مكانها ، وتفتقد للتوجيه ، و أصاب العقل العربي الذي سعى للتغيير نوع من الفساد السياسي / الديني ، بحيث لم يتمكن المواطن
من صنع التوجه الصحيح للتغيير ، و لم يدرك أنه تم اختراق توجهاته بأجندة خبيثة سهَّل مرورها ورواجها تكاثر أجهزة الاستخبارات والدول التي خططت لتحويل مسار
التغيير عن وجهته .

إنَّ الإمام ــ إمام المسجد لو مارس دوره في الوعظ والإرشاد بعد التخريب والبعد عن تسويق الفتن وترك الموبقات والحفاظ على أملاك الدولة ، والحرص على
عدم الزج بالأطفال في التغيير والتأكد من خلو الذمة تجاه أي مسلم ، فلا قتل ـ ولاتصفيات ،ولاتخريب ـ ولا أعمال نصب ولا خطف ــ لما وصلنا لحالة الفساد السياسي
التي حصلت على مستوى الأمن القومي خاصة فيما يتعلق بفلسفة وخصوصية التيار المدني الذي يجب أن يجعل السلم القومي و أمنه في حالة احتضان سلمية خالصة من أي
تغيير فلا ثورة لللإمام إلا على دين ليس دينه ، و إذا ثار الإمام ووجد نفسه ضمن قادة التغيير حري به أن يخلع ثوب الدين ويحميه من الفساد السياسي أو من أي تغيير
بحيث لايخضع الدين لتوجهاته ومبادئه التي سار نحوها .

هذه الإمباتيا التي تقمصت الدور الديني و الإمام ودار الإفتاء التي لبست ثوباً ليس لها وصافحت جماعات ألحقت ضرراً كبيرا بالبلد ، تجعل الفصامية في العقل العربي
تبدو كأنه عقل كان ضحية خليط غريب من السياسة والدين وعوامل الكبت والمعاناة والحاجة لنوع من التحرر العميق من أثواب تلبس الجسد العقلي العربي فلا يعرف مما يتخلص
وعلام يُبقي .

حقيقة لن نعالج مشاكلنا العربية إلا إذا قمنا بقراءة واعية وعميقة لما يحصل داخل البيت العربي ونحاول أن نخلخل بعض المكونات لعلها تتكشف لنا عن معطيات جديدة
فالثورة يجب أن يلحقها تغيير ، وهذا التغيير الذي أردناه نريده أن يكون صالحاً بحيث يقود أوطاننا ودولنا لبر الأمان ويجعلنا فاهمين لحقيقة موقفنا وطبيعة عقولنا و محدودية
دورنا ...هذا التغيير يجب أن يشعرنا أننا نعي مانفعله و أن يجعل عقولنا تبتعد عن التفكير العشوائي وخلط الأمور ببعضها بحيث نحفظ أنفسنا من الانجرار وراء تعاطٍ فضفاض
لاطائل من ورائه سوى توسيع الهوة وتعقيد الأمور

د. عزة رجب



#عزة_رجب (هاشتاغ)       Azza_Ragab_Samhod#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة باقي الجزء الرابع ...
- الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة الجزء الرابع
- الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة الجزء الثالث .
- الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة الجزء الثاني
- الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة .الجزء الأول .
- الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة .
- الفجاج الأرضية والسماوية .,آراء ورؤى لأول مرة تُطرح
- الله والنبي من العبادة و القدوة إلى الموروث الثقافي والديني ...
- الثابت والمتغير / الإنسان مُتغير مهما حاول الإيمان بالثوابت ...
- فلسفة التزاوج لدى فكر داعش
- التسرب العلماني التركي بمشاريع opera soap في الفكر العربي!
- دعش الفكرة والفكر بين فصامية الشكل وعقيدة المبدأ .
- التقمص الوجداني والانفعالي في شعر أسماء صقر القاسمي نص سديم ...


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزة رجب - الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة الجزء الخامس