أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبرام رأفت - الإله الخالق والإله المخلوق














المزيد.....

الإله الخالق والإله المخلوق


إبرام رأفت

الحوار المتمدن-العدد: 4747 - 2015 / 3 / 13 - 20:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تُعلِّمنا التوراة أن الله خلق الإنسان على صورته، ويُعلَّمنا الواقع والتاريخ أن الإنسان خلق الإله أيضاً على صورته، فكيف حدث ذلك؟ وهل هذا من الأساس ممكناً؟ دعونا نفكر.

بدايةَ، لا يوجد إنسان على وجه الأرض لم يتم تلقينه إعتقاداً ما عن نشأته ومصدر وجوده. تختلف العقائد، وتختلف نسبة قبول أو رفض البشر لها، ولكن يظل بداخل كل فرد معرفة – وإن رفض الإيمان بها – بأن قوة ما قد أنشأته وأحدثت وجوده على الأرض، تلك القوة الفوق طبيعية، بحسب الديانات الإبراهيمية، هي شخص الله الخالق.

تعدد وتنوع الآلهة المعبودة عبر العصور، يوحي ويؤكد بأنه كما تروي الأديان أن الإله أو الآلهة قد خلقوا الإنسان، هكذا أيضاً فعل الإنسان وخلق الآلهة. فمن أين إذن أتت كل تلك الآلهة عبر العصور، ما لم يكن الإنسان قد خلقها وشكَّلها في خياله ومن ثم قدَّسها وعبدها؟!

لست بصدد الخوض في جميع العقائد عبر العصور، التوحيدية منها والوثنية، التي قدمت آلهة منظورة والتي قدمت آلهة غير منظورة، ولا أدعى إلمامي ومعرفتي بجميعها. ولكنني فقط سأحاول طرح بعض التساؤلات عن الإله الذي يعبده الناس من حولي، وينتمي له - ولو اسمياً - أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية من البشر، إله الديانات الإبراهيمية، الله الواحد خالق السماوات والأرض.

فحتى من بين هؤلاء الملايين الذين يتبعون هذا الإله الواحد، هناك تبايناً واسعاً في صورة ذاك الإله في أذهانهم، ما بين الإله السفاح الذي يتلذذ بذبح وتقطيع وتحريق البشر من غير أتباعه، واستباحة أعراضهم وأموالهم، والتنكيل بتاركيه، وصولاً لذلك الإله الطيب الحنون الذي كثيراً ما نجده مائعاً خانعاً يصل لدرجة السطحية والسفه. وما بين هذه الصورة وتلك، هناك آلاف الصور المختلفة لذاك الذي يقول عنه الناس إنه الإله الحقيقي. من أجل هذا لابد وأن يسأل كل صاحب إيمان نفسه: هل حقاً يتبع الله الخالق؟! أم يتبع الله المخلوق الذي يتم تصنيعه بداخل الذهن البشري بحسب ظروف وطبيعة كل إنسان؟! وهل هناك معايير منطقية لمعرفة ما إذا كنت تتبع الإله الخالق، أم خلقت لنفسك إلهاً ثم اتبعته؟!

تقول الكاتبة الأمريكية «آن لاموت»: «يمكنك بكل راحة أن تفترض أنك قد خلقت الله على صورتك إذا تبين لك أنه يكره نفس الأشخاص الذين تكرههم أنت».

واستكمالاً لما تقوله «لاموت» يمكننا أن نضيف عشرات العبارات التي تستحق التأمل والتفكير، فمثلاً:
- يمكنك أن تفترض أنك قد خلقت الله على صورتك إذا تبين لك أن مشاعره ونصائحه تصطبغ دوماً بمشاعرك، الإيجابية منها أو السلبية. وأن جميع أفكاره كأفكار البشر.
- يمكنك بكل راحة أن تفترض أنك تتبع الله المخلوق، إذا تبين لك أنه يساعدك في السيطرة على أي إنسان آخر وإخضاعه لك.
- يمكنك بكل راحة أن تفترض أنك تتبع الله المخلوق، إذا اكتشفت أن أنه يسارع دوماً في الموافقة على كل أهوائك وشهواتك ووجدت في شريعته ما يشرعن تلك الأهواء ويعطيها بريقاً جذاباً.
- وإذا تبين لك أنه يسمي الأسماء بغير مسمياتها، ويبرر لك ما ينكره على الآخرين، ولديه مكيالين أو أكثر في الحكم على الأمور يتحدد أحدهم بناء على الشخص الذي يُكال له، فيمكنك أن تفترض أن من تتبعه هو الإله المخلوق.
- وإذا وجدت قدرته تكمن فقط في سواعد أتباعه وليس في ذاته، ففي أغلب الظن من تتبعه هو الإله المخلوق.

أظن أنه لا يوجد عاقل واحد يستطيع أن يدعي أن لديه وعي كامل وإلمام تام بطبيعة الله وجوهره وتفاعله مع البشر وتعاملاته مع مخلوقاته، فالمحدود لا يستطيع أن يستوعب اللا محدود، فالمعضلة لا تكمن فيما يبدو تعدد الأوجه لذاك الإله الذي يُظهِر البشر إيمانهم به، بل في تناقضها في كثير من الأحيان. قتناقضها يقودنا لنتيجة حتمية واحدة وهي أن كثيراً ما يخلق الإنسان الله المناسب له ولظروفه ثم يتبعه، وكثيراً أيضاً ما يتبع الإنسان الله الذي قد خلقه واحداً من أسلافه منذ عشرات أو مئات أو ربما آلاف السنين، ولم يضاف عليه عبر العصور سوى بعض الرتوش!

ربما ما قرأته للتو قد أربك ذهنك، وربما استغفرت ربك كثيراً مما قرأت! ولكن في أغلب الظن تلك الكلمات ستثير بداخلك التساؤلات. فوسط كل هذا التشويش، هل من طريق لمعرفة ذاك الإله الحقيقي الواحد؟ إذا كان موجوداً فأظن أن الطريق الوحيد لمعرفته هو أن يعلن هذا الإله عن ذاته لمن يريد أن يعرفه معرفة حقيقية.



#إبرام_رأفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوستالجيا
- ليست أميرة وليست جوهرة
- كلنا روزا باركس
- على طريقة «صندوق باندورا» يتحدثون
- ناقوس الخطر يكاد يتحطم


المزيد.....




- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبرام رأفت - الإله الخالق والإله المخلوق