أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عدنان الصباح - دور المجتمع المدني الفلسطيني في حماية التاريخ العربي في فلسطين















المزيد.....


دور المجتمع المدني الفلسطيني في حماية التاريخ العربي في فلسطين


عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)


الحوار المتمدن-العدد: 4747 - 2015 / 3 / 13 - 08:40
المحور: المجتمع المدني
    


هذه الدراسة قدمت في المؤتمر الدولي الذي عقد في عمان بتنظيم من الايسيسكو.

مدخل
عادة ما يعتقد عامة الناس أن للمقدسات وظيفة واحدة لا غير تتمثل بكونها دورا للعبادة والتقرب إلى الله، وهي أي المقدسات ليست بحاجة لحماية عامة الناس على قاعدة: للبيت رب يحميه، وهم إذا يستشهدون بهذه المقولة في الرد على أيه دعوة تنطلق لحثهم على اخذ دورهم في الأنشطة والفعاليات الساعية لحماية المقدسات إنما يستخدمونها للتهرب من واجباتهم تجاهها. وهم يتناسون كليا، إن صاحب تلك الدعوة لم يكن موحدا الله سبحانه وتعالى وبالتالي فان علاقته بإبله كانت أقوى من علاقته بالبيت الحرام، هذا من جانب ومن جانب آخر، اقتصر استخدام دور العبادة من قبل الدعاة والمفكرين ورجال الدين على هالة التقديس والتخويف وزرع الرهبة في الأذهان، وتحويل المقدسات إلى مجرد أسماء وأحجار ومبان وأماكن مقدسة في الذهن دون ربط ذلك بالفعل اليومي لحياة جمهور المؤمنين أو حتى المنتسبين شكلا لدينهم بسبب الهوية والمنشأ. ولذا فإن أولى المهمات الملقاة على عاتق مؤتمركم هذا هو توفير البعد الواقعي والعملي للفلسفة التي ينبغي أن تقوم عليها الحركة الشعبية لحماية المقدسات الدينية في فلسطين، هذه الفلسفة يجب أن تربط بين روحانية المكان وقداسته الدينية وأهميته القصوى للتنمية المستدامة والتطور واللحاق بركب الحضارة. وتحويل الرؤيا الروحانية السطحية الساذجة لدى عامة الناس في نظرتهم للمكان إلى فلسفة لروحانيات الحضارة العربية في فلسطين بكل تلاوين طيفها.

ورثة المقدسات جميعها
إن علينا أن ننطلق في سعينا هذا إلى تعميق الاقتناع لدى المجتمع الفلسطيني مسلميه ومسيحيه ويهوده المعادين للصهيونية والمتعارضين معها، بأنهم الورثة الحقيقيون للمقدسات جميعها على الأرض وحراسها الدائمون، وان الله سبحانه وتعالى قد خصنا دون غيرنا من الشعوب بالدفاع عن مقدساته وكتبه ورسله ﴿-;-لا نفرق بين احد من رسله﴾-;- ويتحمل المسلمون الدور الأكبر في تفعيل هذه الرؤيا لكون الإسلام دين السماحة الذي يعترف بالكتب السماوية جميعها ويقدس كافة الرسل والأنبياء، فهو إذن دين التسامح والتسامي، والدين الموحد للأديان السماوية جميعها والدين الذي يستحيل عليه أن يقبل بالعنصرية والشوفينية على قاعدة الانتماء الديني. وحتى في الرد على الأسطورة الصهيونية القائلة بأنهم انتزعوا رغما عنهم من هذه الأرض، فإن ذلك يعني أنهم تركوا مقدساتهم، أي (مقدساتنا) بأيدي أعداء الله بينما قمنا نحن بحراستها وحمايتها على مر العصور انطلاقا من إيماننا بالله سبحانه وتعالى وكتبه ورسله، وفي سبيل ذلك ينبغي علينا حمل الرسالة العظيمة التي قدمها لنا السلوك العظيم لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كقدوة لكل المؤمنين على الأرض، حين رفض إقامة الصلاة في كنيسة القيامة وأقامها في ارض خلاء هي التي تعرف الآن بمسجد عمر في المدينة المقدسة. وحتى في العصر الحديث فقد ظل اليهود قادرين على الوصول إلى جبل سكوبس رغم الدور العدواني الذي أقاموا به ضد شعبنا وأرضنا إلى أن احتلوا المدينة المقدسة بكاملها في العام 1967، ومنذ ذلك التاريخ وهم يمارسون العكس ضد المسلمين والمسيحيين بحرمانهم من الوصول إلى أماكن العبادة في القدس.

أعداء الله سبحانه وتعالى
إنهم أعداء الله وأعداء الإيمان به وأعداء عبادته، فمنذ أن وطئوا ارض فلسطين سعوا جاهدين لشطب الصبغة العربية عن هذه الأرض. وما جرى للمقدسات الإسلامية والمسيحية في أراضي عام 1984 من هدم وإغلاق أو استخدام لأغراض أخرى بما فيها أغراض منافية للدين، وكذلك ما حدث حتى مع البيوت القديمة والأحياء العربية، فمنها ما تم هدمه بالكامل ومنها ما استخدم للدلالة على يهودية المكان زورا وبهتانا، ومنها ما منع سكانه العرب حتى من ترميمه تسهيلا لسقوطه واستبدال مباني على النمط الغربي به، وكل ذلك دليل على أنهم حريصون كل الحرص على صبغ فلسطين بالصبغة اليهودية الغربية. ويعرف الجميع حجم العنصرية التي تلقاها الطوائف اليهودية الشرقية من الصهاينة الغربيين المتنفذين. وهم، أي الصهاينة، لم تتوقف إساءتهم إلى الأديان الأخرى بل تعدتها إلى الإساءة إلى الأنبياء الذين من المفترض أنهم ينتمون إلى بني إسرائيل، ويعرف المطلعون على التوراة التي نعتقد أنها محرفة حجم الإساءة التي يروونها عن أنبيائهم من الرشوة والخيانة إلى الزنا أو القبول به. مثل هذه الحقائق يجب التسلح بها ومواجهة الدعاية الصهيونية عبر العالم بالحقائق الدامغة انطلاقا من الدفاع عن الإيمان والمؤمنين فوق الأرض أينما كانوا، فذلك سيوفر التفافا شعبيا من المؤمنين على الأرض، بعكس أيه دعوة استعلائية من إتباع دين ضد الآخرين. أن ذلك يعني أن علينا أن نتوجه بدعايتنا حتى إلى اليهود البسطاء بفضح النهج الصهيوني المعادي للإيمان والمؤمنين، ومن المفيد في سبيل ذلك أن تتم الدعوة لعقد مؤتمر المؤمنين على الأرض بما يوحد النظرة للمقدسات ويوفر القاعدة المعقولة لعزل التحركات الصهيونية وفضح السلوك المشين لهم ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية. وهذا السلوك يجب تقديمه للمجتمعات الدولية عل انه سلوك مناف لحقوق الإنسان ويعتبر انتهاكا فاضحا للمواثيق والأعراف والعهود الدولية والقيم الحضارية للمجتمعات الحديثة. وفي سبيل ذلك فإن من المفيد دعوة هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها المتفرعة عنها لأخذ دورها في الدفاع عن المبادئ السامية التي أنشئت من اجلها.

لصوص لتزوير التاريخ
إنهم يسرقون كل شيء، من الفلافل إلى الحمص إلى اللباس إلى حجارة البيوت التي يبنون بها مؤسساتهم ومعابدهم للدلالة على قدمها ولإثبات إنهم كانوا هنا، ويعرف الفلسطينيون جيدا تجار الحجارة القديمة من الاسرائيلين الذين يقومون بالسطو على الحجارة القديمة واستخدامها في إعادة بناء مؤسساتهم بل وبعض بيوتهم لتقديمها لأبنائهم وزوارهم في المستقبل على أنها بيوت عريقة تدل على قدم وجودهم فرق هذه الأرض، وهم أيضا سرقوا حتى النسب فقد تمكنوا من السطو علنا وعلى مرأى منا ومن العالم على النسب إلى السامية دون أن يحرك العرب ساكنا وأصبح العداء للسامية عداء اليهود، بل وبات بإمكان الصهاينة صبغ حتى العرب الساميين بصبغة اللاسامية، ثم نهبوا المقدسات واعتدوا عليها. ولدى الحركة الصهيونية فرق متخصصة ومدربة إلى أقصى درجات التدريب تسعى للبحث عن كل ما له علاقة بهم في كل الأرض ويقومون بسرقته لإحضاره إلى إسرائيل. والدور الذي قامت به العصابات الصهيونية في فلسطين اكبر دليل على ذلك، وهم بهذا يضربون المثل في القدرة الفائقة على تزوير التاريخ علنا وفي زمن العولمة وسرعة الاتصال والتواصل بين كافة أنحاء المعمورة.

عجز وفرقة الآخرين
النجاحات التي تحققها الحركة الصهيونية في حربها ضد الإسلام والمسيحية في فلسطين، وحتى في حربها ضد بعض إتباع الديانة اليهودية من أمثال جماعة ناطوري كارتا، تأتي بسبب الموقف الضعيف للآخرين والعزلة الدولية التي نحيط أنفسنا بها، فتحن نكتفي بحوار ساذج مع الذات والتوجه لأنفسنا والندب والبكاء على الانجازات المتراكمة لصالح الحركة الصهيونية العنصرية في وجهنا مقابل الإخفاقات والخسائر والهزائم التي نمنى بها وعلى كل الجبهات.
ويأتي ذلك بسبب عجزنا الذاتي والقصور المتواصل عن الوصول إلى الرأي العام العالمي والمؤمن منه بالذات أيا كانت ديانته، ومن جانب أخر بسبب فوضى النشاط الفردي المتفرق وغير المبرمج من جانبنا على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية إلى جانب مرض عدم الاختصاص، فنحن نمارس الادعاء المضر أحيانا لقيامنا بأنشطة خارج نطاق اختصاصنا وخبرتنا ومعرفتنا العلمية، ولذا فإن أي حديث عن مواجهة النشاط التدميري للحركة الصهيونية ضد مقدسات فلسطين ومخزونها الروحي العظيم، يظل بلا معنى إن لم يأخذ شكلا موحدا لأدوار الجميع، وأن لن تكن أنشطتنا جميعا جزءا من برنامج موحد للجميع بكل ألوان الطيف وعلى قاعدة الخبرة والمعرفة ولغة العصر. وهذا يلزم مكونات المجتمع المدني الفلسطيني التسلح ببرنامج علمي واضح الأهداف والآليات ومرن ومقبول لدى الرأي العام العالمي، على أن يلقى إسنادا من قبل العرب والمسلمين وأصدقائهم في العالم.

الدور الرسمي
تتحمل حكومات الدول العربية والإسلامية وحكومات العالم والمؤسسات الدينية الكبرى كالفاتيكان والأزهر الشريف والجماعات الدينية في المنطقة مسؤولية عدم تنظيم العمل الإسلامي المسيحي عالميا في الدفاع عن المقدسات في فلسطين، وفي سبيل ذلك فإن منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية واتحاد البرلمانيين العرب والاتحادات المهنية ومنظمة العواصم والمدن الإسلامية ومنظمة المدن العربية وغيرها من المؤسسات والمنظمات الدولية، تتحمل درجة عالية من المسؤولية بسبب الغياب الذي تعيشه مسألة حماية المقدسات في فلسطين عن نشاطها العملي، وهي لا تستفيد من عضويتها في المنظمة الدولية أو أيه منظمات إقليمية أو دولية أخرى بما في ذلك العلاقات الثنائية فيما بين حكومات العالم ومؤسساته الرسمية، وذلك أن معظم المؤتمرات والندوات تعقد لأيام قليلة وبعدد محدود من الأفراد لا يتعدى تأثيره الورق الذي يكتبون عليه أو القاعات التي يجتمعون بها، ولا يخرجون عادة سوى بقرارات نظرية بحته لا علاقة لها ألبته بالتطبيق العملي الحي على أرض الواقع. وإن أيا من هذه المؤتمرات لم يخرج أبدا ببرنامج عملي يمكن تنفيذه مهما كان صغيرا ضمن خطة واضحة تسعى لمراكمة الانجازات على طريق تحقيق أقصى قدر ممكن من النجاح.

برنامج غير موحد للأدوار
قال لي احد المسؤولين الأهليين الكبار في إحدى الدول العربية، أنه التقى زعيم بلده مباشرة في أعقاب مذابح جنين في نيسان عام 2002م وانه وجد ذلك الزعيم المعروف بأنه أقرب من الغرب في حالة غضب عجيب، وأنه قال له "لماذا لا تعملون، ماذا تنتظرون، اعملوا، اعملوا أي شيء يؤدي إلى فضح أمريكا وإسرائيل وعزلهم،انتم منظمات أهلية بإمكانكم فعل الكثير في سبيل ذلك أكثر منا، نحن هناك ما يقيدنا، افعلوا ذلك انتم" ما قاله ذلك الزعيم يلخص حقيقة الموقف، فالزعماء والحكومات لديهم حسابات دولية وإقليمية وارتباطات وديون وعلاقات عليهم أن يحسبوا لها ألف حساب، وهم يقومون بأنشطتهم أو حتى يصدرون توصيات وقرارات مؤتمراتهم، في حين أن ذلك من المفترض أن لا يكون حجر عثرة أمام المؤسسات والمنظمات غير الحكومية.
إلا أن مشكلة الحكومة التي تنتظر الهبات والمساعدات والقروض من الدول الكبرى وصندوق النقد الدولي تنسحب وللأسف الشديد على مؤسسات المجتمع المدني ومنظماته غير الحكومية التي يمكن تصنيفها إلى نوعين:
الأول: يعيش على هبات منظمات ودول غربية تلزمه ببرامج محددة مقابل الميزانيات التي تقدمها على شكل هبات، وهو غير مستعد لإغضاب هذه الجهات حتى لا يخسر التمويل اللازم لاستمراره. وعادة ما تكون هذه المنظمات علمانية لا تعتقد بأهمية المقدسات ولا ترى لدورها المجتمعي علاقة بالمقدسات، بل تعتقد أن ذلك من واجب الجمعيات والهيئات الدينية.

الثاني: والذي يجد تمويلا ذاتيا، وهي عادة الجمعيات الخيرية والدينية كلجان أموال الزكاة أو الاتحادات المهنية والنقابية، وهي ترى في النشاط المجتمعي الخيري أو خدمة الأعضاء المنتسبين أهمية اكبر لدورها من العمل على إيجاد البرامج والسبل العملية لحماية المقدسات، وهي ترى في ذلك عملا لا يجب أن تكون له تلك الأهمية في برامجها وأنشطتها.

والجهتان تعيشان مأساة حقيقية تعيقهما حتما من القيام بالدور الذي نهدف إليه، فبعضهما، أي منظمات المجتمع المدني، لا تتعدى كونها دكاكين مغلقة على مجموعة من الأعضاء قد يتناقصون ولكن لا يزيدون أبدا حتى تنتفي المنافسة على إدارة الهيئة المعنية وتبقى مملوكة لإدارتها إلى ما شاء الله، وليس بإمكان منظمات لا يزيد عدد أعضائها عن أعضاء هيئتها الإدارية القيام بأي عمل حي على الأرض، فهي عاجزة وضعيفة ولا ترغب في الخروج إلى الضوء؛ فالإمساك بالهيئة أو المؤسسة إلى الأبد أهم من القضايا الكبرى التي يجب أن تعالجها عمليا وعلى الأرض.

صندوق إسلامي موحد للزكاة
أنها فكرة عظيمة وطموحة، ولكنها ليست خيالية ولا مستحيلة أن يتم إنشاء صندوق إسلامي موحد للزكاة. وانأ على ثقة أن مثل هذا الصندوق وخلال سنوات قليلة سيصل إلى قدرة تأثير هائلة، وهو اضعف الإيمان. سوف يوفر للمنظمات غير الحكومية القدرة على الاستقلال عن الدعم الغربي المشروط وبالتالي حالة تقييد اليدين المتواصلة التي تعيشها مكونات المجتمع المدني وخصوصا في فلسطين، فما أريدكم أن تعرفوه أن الغالبية شبه المطلقة للمنظمات غير الحكومية التي تعيش على مساعدات غربية بحته ليس لها أدنى مصلحة بمواجهة المخططات الصهيونية.

رؤية جديدة لدور المقدسات
إن من المفيد تقديم رؤية جديدة أكثر علمية وواقعية لدور المقدسات في الحياة وتسليح مكونات المجتمع المدني بهذه الرؤيا التي يجب أن تتضمن الأفكار التالية:
1. أن سائر المقدسات في فلسطين هي بيوت الله المقدسة والتي يعتبر الاقتراب منها بأي أذى عملا معاديا للأديان السماوية ويتنافى مع تعاليمها.
2. إن المقدسات في فلسطين كانت ولا زالت وينبغي أن تبقى مصدرا مهما للغذاء الروحي لمئات الملايين من بني البشر
3. أن المقدسات هي مصدر إشعاع فكري ومؤشرات حية على التاريخ السياسي والاجتماعي ونمط الفعل الإنساني على الأرض، وهي تجليات ثابتة لدور الإنسان على هذه الأرض، وهي مؤشر حي على كذب الروايات الصهيونية لتاريخ هذه الأرض.
4. أن المقدسات مدارس قائمة لفن الهندسة والعمارة وفنون البناء، بل الفنون التشكيلية والنحت إلى جانب دورها في تاريخ الحضارة الإنسانية.
5. أن المقدسات مصدر تنمية دائمة لفلسطين وسكانها. ويذكر المؤرخ ناصر خسرو الذي زار القدس في عام 1047م: "أن أهل بلاد الشام كانوا يحجون إلى بيت المقدس، وان عدد الحجاج في شهر ذي الحجة من ذلك العام كان يزيد عن العشرين ألفا". وحتى فترة قريبة كان حجاج بلاد الشام وشمال إفريقيا ومسلمي أوروبا يأتون إلى بيت المقدس للإحرام (النية في الحج وارتداء الملابس الخاصة بالحج وقص الشعر والاغتسال) قبل التوجه إلى مكة المكرمة.
6. المقدسات مصدر لتفاعل الحضارات أن هي فتحت في وجه المؤمنين من كافة أصقاع الأرض، وذلك لا يتحقق مع السيطرة الصهيونية عليها.
7. أن وجود كل هذه المقدسات على أرضنا يعتبر مصدر اعتزاز عظيم بالذات وان ذلك يحتم علينا الوفاء لما يسره الله سبحانه وتعالى لنا بجعلنا الحراس على المقدسات لسائر الأديان السماوية على الأرض المقدسة.

أي مجتمع مدني نقصد
ليس بإمكاننا الحديث عن المجتمع المدني الفلسطيني بالعموميات، فليس بإمكان الملايين المنفردين أن يفعلوا شيئا مهما كان تعدادهم كبيرا. وفي سبيل تحقيق أي انجاز لابد من التنظيم للجمهور المعني، ولذا فإن المجتمع المدني المنظم في هيئات ومؤسسات ونقابات واتحادات ومراكز بحث وإعلام وحقوق إنسان وحتى أحزاب وحركات وقوى سياسية هو المجتمع المدني الذي علينا أن نتوجه إليه، وهو، أي المجتمع المدني، يجب أن يكون مجتمعا منظما طوعيا هادفا ومالكا لبرامج واضحة ومحددة. ومثل هذا المجتمع يجب أن يمتلك استقلالية القرار ووطنية البرنامج، وهذا لن يتم دون استقلالية التمويل حتى تتمكن هذه المنظمات والهيئات من إعداد برامجها من منطلق المصلحة الدينية والوطنية والقومية العليا وبدون أيه اعتبارات خارجة عن الإرادة المستقلة.

كيف نبدأ؟
اعتقد أن من المفيد وضع آلية عمل ضرورية للنهوض بدور المجتمع المدني الفلسطيني في حماية المقدسات وتفعيل هذا الدور. وفي تصوري أن ذلك يجب أن يعتمد ما يلي:
1. دعوة مكونات المجتمع المدني الفلسطيني إلى فتح أبوابها للعموم للانتساب والمشاركة بالبرامج الهادفة.
2. دمقرطة بنى هذه الهيئات بكل تلاوينها حتى تتمكن من ضخ دماء جديدة في أوساطها ورفدها بطاقات وقدرات نوعية وكمية تؤثر في انجاز برامجها.
3. ضرورة وضع مهمة حماية المقدسات والحفاظ عليها ومقاومة وفضح الأهداف الصهيونية تجاهها على رأس أولويات هذه البرامج من جانب ديني دنيوي وروحي عملي، وعدم وقف الرؤيا على الجانب الروحي الديني، فالنقابات والاتحادات المهنية واتحادات الصناعيين والتجار عليها أن تدرك أن تخليص المقدسات من أيدي الصهاينة، إلى جانب انه انجاز ديني إنساني وقومي وطني، فهو يعني أيضا فتح أبواب فلسطين لبئر من ذهب هو السياحة الدينية.
4. إيجاد صندوق إسلامي يقوم بتوفير التمويل اللازم لنشاط سائر مؤسسات المجتمع المدني واشتراط صرف التمويل بعدة شروط منها:
أ‌. ضرورة أن يكون عدد الأعضاء المشاركين في الهيئة المذكورة لا يقل عن عدد معين، وذلك للتأكد من قدرة هذه الهيئة على إشراك اكبر عدد ممكن من الجمهور في أنشطتها.
ب‌. أن تكون الجهة المعنية ملتزمة بإجراء الانتخابات بصورة دورية ومستمرة، ويتبين من ذلك انتقال إدارة المؤسسة المذكورة من مجموعة إلى أخرى وبنجاح.
ت‌. أن تملك هذه المؤسسات ميزانيات موثقة لعدة سنوات سابقة مصادق عليها من مدققي حسابات ومراجعة من قبل اجتماعات الهيئة العامة.
ث‌. إيجاد رقابة مالية مستقلة وعلى اتصال مباشر مع إدارة الصندوق، وهي إدارة تملك حق الرقابة المالية والتأكد من أوجه الصرف وانطباقها مع البرنامج الممول.

5. عقد مؤتمر تأسيسي لجمع مكونات المجتمع المدني الفلسطيني على مهمة مشتركة هي حماية المقدسات.

مهمات ملحة وضرورية
يجب أن تبدأ منظمات وهيئات وجمعيات ومراكز واتحادات وقوى المجتمع المدني جميعا عملا حثيثا للتأسيس لحملة متواصلة هدفها حماية المقدسات، ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي:
1. دعوة وزارة التربية والتعليم الفلسطينية لجعل موضوع المقدسات والتعرف عليها وربط أهميتها بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية ضمن أولوياتها، وعدم اقتصار التثقيف حولها على الموضوع الروحي، والسعي لجعل زيارة المقدسات نشاطا ملزما لكل طالب جامعي بما في ذلك أهمية الكتابة عن المقدسات من جوانب مختلفة من قبل كل طالب جامعي مهما كان تخصصه.
2. إيجاد آليات توفر الربط المحكم بين سائر مكونات المجتمع المدني والمقدسات
3. خوض حملة تثقيفية متواصلة تستهدف كافة قطاعات المجتمع والشباب بالتحديد حول الدور المناط بنا لحماية المقدسات.
4. دعوة المواطنين للتمسك بكل مكونات التراص المادية بما في ذلك حجارة البيوت القديمة، وخوض حملة تثقيفية في أوساط المتمولين والشركات العقارية للتوجه لاستخدام الحجارة القديمة في تشييد البيوت والعمارات وحتى المؤسسات العامة.
5. دفع البلديات وسلطات الحكم المحلي لتحريم البناء بالحجارة الجديدة أو الترميم بها في المناطق التاريخية كما هو الحال في البلديات القديمة في القدس ونابلس وبيت لحم وغيرها للحفاظ على الطابع التاريخي للمكان.
6. إنشاء موقع متقدم على الانترنت يهتم بقضايا المقدسات وفضح التصرفات الصهيونية تجاهها، ويجب أن يأخذ الموقع مكانا متقدما على الانترنت حتى يرى المتابعون للانترنت حجم السيطرة الصهيونية على صفحات مهمة ورئيسية في الانترنت.
7. إنتاج أفلام وثائقية ووصلات دعائية تدعو المؤمنين في سائر أنحاء العالم للانتظام لحماية المقدسات في فلسطين في وجه الاحتلال الصهيوني والسعي لبث هذه الأفلام والوصلات عبر الفضائيات في سائر أنحاء العالم وبكل اللغات، وعدم الاكتفاء ببثها للجمهور العربي والإسلامي، بل يجب التوجه للجمهور المسيحي واليهودي وإتباع سائر الديانات، وتذكير العالم جيدا بحجم الوقفة التي وقفها المسلمون والمسيحيون في حادث هدم تماثيل بوذا. إن ذلك يدعونا لدعوة كل البشر للمساهمة في الوقوف في وجه الأنشطة العنصرية الصهيونية.
8. توفير اتصال دائم وفاعل بين مكونات المجتمع الفلسطيني وسائر منظمات وهيئات المجتمع المدني الدولية على قاعدة التشارك في الفعل لا على قاعدة تلفي المساعدات المالية. بمعنى أن تشارك المنظمات الفلسطينية ماديا في الأنشطة المشتركة بشكل مساوِ لآخرين حتى تتوقف عن القيام بدور اليد السفلى للغرب ومنظماته.

خطاب إعلامي عصري
لا يستطيع احد اليوم تجاهل الرأي العام العالمي وأهميته لتحقيق الأهداف الإنسانية السامية. وفي سبيل الوصول إلى الرأي العام العالمي وكسب تأييده لابد من التسلح بخطاب إعلامي إنساني غير عنصري وغير شوفيني، فالعالم غير ملزم بقبول خطابك الإعلامي لمجرد انك أنت مقتنع بهذا الخطاب، فالاقتناع الذاتي لا يساوي شيئا لدى الآخرين على الإطلاق، لذا فإن خطابنا يجب أن يتميز بما يلي:
1. الإنسانية والعالمية ومصلحة بني البشر بشكل عام بعيدا عن أيه مظاهر أو مؤشرات للعنصرية أو الشوفينية أو التمايز والترفع عن الآخرين.
2. أن تشمل الدعوة لحماية المقدسات، سائر المقدسات لسائر إتباع الديانات بلا استثناء.
3. أن نخاطب العالم بلغته وان نصل إليه من خلال أدواته، فالخطاب باللغة العربية لا يساوي ثمن الحبر بالنسبة لناطقي لغات الأرض المختلفة.
4. أن يحوي خطابنا الإعلامي ما يؤثر في الجمهور الذي نتوجه له حسب ثقافته وتاريخه وحضارته وهذا يلزمنا بمعرفة الآخرين قبل مخاطبتهم.
5. لغة واحدة لكل العالم بما فيه لأنفسنا، فلا يجوز أن نتحدث بالعربية بلغة متناقضة مع ما نتحدثه بالانجليزية أو أيه لغة أخرى.
6. استخدام وسائل الإعلام العالمية والمنابر العالمية بشكل مفيد، واختيار الأشخاص المناسبين لكل نشاط، فلا يجوز أن نعطي الحديث في فضائية انجليزية لشخص لغته ركيكة ولا يعرف شيئا عن مزاج الجمهور الذي يتحدث إليه.
7. استخدام لغة علمية واضحة تعتمد الحقائق الدقيقة ولا تقدم أبدا بلغة إنشائية، وهذا يلزمنا بالاهتمام بالوثائق والأحداث المؤرخة والمسجلة والإحصائيات الرقمية الموثقة.

خاتمة
يمكن اختزال كل ما تقدم بضرورة الوصول إلى سلوك عملي وممارسة حية على الأرض، مسحة بوحدة كل الفاعلين على برنامج موحد وبتمويل ذاتي، وان نتوجه إلى العالم بلغة واحدة عصرية متماسكة صادقة، ودون ذلك فإن أي أنشطة فردية مجزأة معزولة سوف تشبه حسب المثل الشعبي حراثة الجمال.



#عدنان_الصباح (هاشتاغ)       ADNAN_ALSABBAH#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على ارض فلسطين التاريخية وليس فيها
- جدلية الفكر والفعل
- الفكر العربي حقيقة ام وهم
- من اوراق الشهداء
- غزة على أطراف السكاكين
- أن نحترم نصرنا وعقولنا
- مصيدة المقاومة القاتلة
- صاروخ الشعب الذي لا يقهر ... عودة 9م
- أرض واحدة امة واحدة
- من قتل ياسر عرفات ... اي سؤال هذا
- خيارات وخيارات الا المفاوضات
- مقدمات للبيان القومي العربي الأخير
- العودة إلى الأصل فلسطين التاريخية كونفدرالية أو موحدة
- استحقاق أيلول والمخاطر المحدقة
- رسائل فلسطيني الى امراة نائية
- إنهاء الاحتلال المشروع الوطني الفلسطيني الوحيد
- الحداثة في التفكير السياسي الفلسطيني
- العلمانية عند العرب...من الاصالة الى البؤس
- جتمعة الفرد ... فلسفة بناء الذات من خلال الآخر
- بلستاين داي


المزيد.....




- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عدنان الصباح - دور المجتمع المدني الفلسطيني في حماية التاريخ العربي في فلسطين