أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - السرقات النبيلة














المزيد.....

السرقات النبيلة


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4746 - 2015 / 3 / 12 - 16:58
المحور: الادب والفن
    


السرقات النبيلة
سعد محمد موسى
في احدى زياراتي للمتحف الوطني في ولاية فكتوريا تفاجأت بوجود رأس جدنا الاقدم كوديا الملك السومري العادل..فتوقفت باجلال أمام هيبته وامام أسفاره وغربته وحسرته على مصاب العراق اليوم ايضاً .. وكأنه أسد جريح واسير يتنقل قفصه وسط حدائق الحيوانات في هذا العالم ، وتتاجر به المتاحف كعروض للايجار مثل مهرج سيرك يتجمع حوله الفضوليين والزائريين.
مر الجميع دون أن يعرف احدا من هو كوديا وبقيت التقط صور فوتغرافية للرأس من وراء زجاج المتحف نظرت في ملامحه وكأنه يعرفني .. فبكيت فيه ضياع العراق وبكى فيّ حفيده الزائر.
وأثارني شيء آخر وأنا كنت أتأمل برأس كوديا فرأيت ان ماكان يتوارثه العراقيين من اسلافهم في أزيائهم كان يحمل صفة التشابه.
مثل لفة الغترة واليشماغ العراقي (الچراوية ) .. حول الرأس .. فهي مما لاشك فيه كانت امتداد وتوارث من كوديا الذي كان يلفها حول رأسه.
ثم غادرت المتحف بخطى متثاقلة تلتحفها الاحزان نحو ضفاف نهر (يارا) القريب من المتحف، فشاهدت الوز العراقي وهو يعوم في النهر حينما هاجر قبلي الى تلك الجزيرة النائية .. تاركاً خلفه مملكة الاهوار الغافية بين قصب البردي وحيرة المشاحيف.
فشعرت بانيّ لست اللاجيء الوحيد النازح قسراً من بلاد وادي الرافدين هنا فكان في مواساتي كوديا والآوز العراقي أيضاً.

وشعرت بالاسى والخيبة في هذا الزمن المجحف الذي تقترف فيه ابادة وتدمير لحضارة وادي الرافدين لاسيما للارث الاشوري في نينوى اليوم وسط صمت العالم وتشفي الكثير من الحاقدين على العراق وعلى حضارته.
انها فجيعة بلاد الرافدين والتي تنبأت بها ورسمت تلك النبؤة التشاؤمية
مابين عام 1991-1995 حين كنت مطارداً ومبعداً في منفى وسط رمال الربع الخالي، رسمت حينها في مخيم اللاجئيين الكثير من اللوحات ولكن كان من بينها لوحات مواضيعها كانت حول تدمير حضارة مابين النهرين لاسيما ان هنالك كان هاجس يراودني وخوف من مجيء يوم اسود تداهم فيه اقوام همجية تدفعها عقيدتها الارهابية والدموية المستمدة من الموروث الديني وهي تزحف نحو بلاد الرافدين وتحطم ارثه الـتأريخي ومنحوتاته وتطمس هويته العراقية وتراثه الشعبي أيضاً؟؟؟
وللاسف هذا ماحصل اليوم وباتت مخاوف الامس واقع مأساوي وحقيقة مرة.
حتى بدأت أؤمن بالسرقات النبيلة التي قام بها الغرب حين أخذ معه قسماً من آثارنا سواء اثناء احتلاله للعراق ، او بعد تنقيبه واكتشافه للكنوز الاثرية تحت الارض.
لقد كانت لنا بوابة عشتار المقدسة والتي تزين اسوار بابل العظيمة حين كانت تعد من عجائب الدنيا السبع.
وأيضاً كانت لنا مسلة ، وكنا اول من دون شرائع القانون وتنظيم الحياة الاجتماعية عليها .
ربما تلك السرقات التي قام بها الفرنسيون وقبلهم الانكليز والالمان.. هي سرقات نبيلة يستحقون عليها الشكر والامتنان في هذا الزمن الاحمق لاسيما انهم أنقذوا جزء عظيماً من أرث حضارات وادي الرافدين من غضبنا وصراعاتنا التي لاتنتهي ، فآثر الغرب ان يعرض تأريخنا في أعظم متاحف العالم، مثل المتحف البريطاني في لندن ومتحف اللوفر في باريس ومتحف البرغامون في برلين. لتصبح إرثا للإنسانية وقبلة يؤمها القاصي والداني من اصقاع الدنيا وفي غيرها من المتاحف الكثيرة. فلولا الغرب الذي نقب واكتشف ثم حمل تلك الاثار الانسانية العظيمة والخالدة الى متاحفه .. فلربما خسر العالم تلك التحف العظيمة في بلاد مابين الدمارين او ربما هربها او باعها أو حطمها الاوغاد.. مثلما يحصل اليوم في مدينة الموصل من تدمير كامل للحضارة الاشورية .



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حفلة في غابة
- الغراب وشجرة الصمغ الاحمر
- تجليات الفانوس
- يوميات الارصفة والمقاهي
- حكايات البخلاء
- قراءة الكاتب رضا الاعرجي حول تجاربي الفنية
- ليس للمقامر مايخسره
- جار وحديقة
- مكالمات هاتفية عابرة في هذا الصباح
- مابيني وبينك كان أكثر من عناق
- ليس للمزاميرِ مواسمُ للرقصِ
- تأملات في أبجديات الحرف والطين واللون
- مرثية الرماد والرصيف
- قارب الموت
- نهاية شرهان وقدره المأساوي
- وكأنك ليس سوى أنا
- ثلاثية العشق والجنون
- مذبحة سبايكر
- غزوات ضد الفن
- اغتيال الطفولة في قبائل العنف


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - السرقات النبيلة