أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - ماذا لو تجرع العراقيون السنة السم ؟













المزيد.....

ماذا لو تجرع العراقيون السنة السم ؟


حسين كركوش

الحوار المتمدن-العدد: 4745 - 2015 / 3 / 11 - 20:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ليس القادة العراقيون الشيعة وحدهم الذين خربوا العراق وصيروه بعد عام 2003، في مقدمة الدول الفاشلة. القادة العراقيون السنة يتحملون ،أيضا ، مسؤولية هذا الخراب.
فبسبب ضحالة تفكيرهم السياسي و عنادهم على تجاهل المتغيرات بعد عام 2003 و ما استجد من وقائع و أحداث ، ظل القادة السنة يتصرفون كأطفال حمقى مشاكسين أفسدهم الدلال والنزق والرعونة. فأنت تراهم ، كأي طفل مدلل ، يطالبون بالحصول على الدمية الفلانية ، لكنهم سرعان ما يغيرون رأيهم ويطالبون بلعبة أخرى ، ثم يغيرون رأيهم بعد دقائق ، وهكذا. إنهم ، هم أنفسهم لا يعرفون بالضبط ماذا يريدون.
فقد قاوموا في البداية الاحتلال الأميركي وخسروا الكثير من الشهداء وعلقوا جثث العسكريين الأميركيين على الجسور ، لكنهم راحوا بعد سنوات يتوددون الأميركيين و يتسابقون على زيارة واشنطن ويضعون الزهور على قبر جورج واشنطن ويطالبون أميركا بتسليحهم.
رفضوا التطوع بالجيش العراقي الجديد وأصدروا فتاوى دينية ضد التطوع ثم قبلوه لاحقا. عارضوا الدستور العراقي الجديد عام 2005 وحرضوا الناخبين في مناطقهم على التصويت ضده ثم وافقوا عليه. عارضوا بشدة الفيدرالية ثم شرعوا يطالبون بها بإلحاح وبلهوجة. شتموا الأكراد وقالوا أن كردستان تنسق أمورها مع أسرائيل ثم راحوا يرابطون في كردستان لطلب الحماية. كالوا الكثير من الاتهامات ( وهي اتهامات صحيحة) ضد الوزراء الشيعة الذين قالوا أنهم حولوا وزاراتهم إلى إقطاعيات خاصة بهم ، و لكن عندما حصلوا هم ايضا على وزارات مهمة فأنهم حولوها إلى شركات خاصة تدر عليهم أرباحا خيالية ونسوا معاناة ناخبيهم ، مثلما فعل الوزراء الشيعة بالتمام والكمال. احتضنوا الزرقاوي وفتحوا له بيوتهم لكنهم ظلوا يقولون أن الزرقاوي شخصية خيالية لا وجود لها ابتكرها الأميركيون وعندما قُتل الزرقاوي في العراق تبرؤوا منه. رابطوا سنوات في العاصمة السورية يتلقون الدعم من حكومتها ثم أداروا لها ظهر المجن وراحوا يؤيدون الجماعات المسلحة العاملة ضد النظام السوري. أسسوا فضائيات عراقية تعلم العراقيين قتل (الشيعة الصفويين) وترحموا على صدام حسين علانية وأمام الملأ ، ثم راحوا يشتمون صدام بأشد العبارات ويتسابقون على زيارة طهران ويتوددون سليماني ويسمي بعضهم هادي العامري (خالي). أقاموا اعتصامات قالوا أنها سلمية لتحقيق مطالب جماهيرية ، ثم تحولوا إلى قابلة غير مأذونة أشرفت على ولادة داعش داخل الخيام ذاتها. فتحوا بيوتهم لأبي بكر البغدادي ، كما فعلوا مع الزرقاوي ، وفرحوا عندما حقق تنظيم داعش انتصارات ، وقال قائلهم : ولمَ تريدون منا أن نقف بوجه من يريد الدفاع عنا. ثم ، عندما راح تنظيم داعش يفتك بالسنة قبل غيرهم ، تنادوا لمحاربته. وعندما هب الحشد الشعبي لطرد داعش قالوا إنهم يرفضون وجود هذا الحشد في أراضيهم. تعهدوا لناخبيهم السنة بأنهم سيرابطون معهم دفاعا عنهم حتى الرمق الأخير ثم إذا وقعت الواقعة وتحول عموم السنة إلى مشردين في وطنهم فروا هولاء القادة وشرعوا يطلقون تصريحات بهلوانية فارغة و مجانية من قلاعهم المحصنة في عمان وأربيل وانقرة والدوحة تعد ناخبيهم بالنصر المؤزر.
حسنا، ماذا يريد قادة العراقيين السنة، السياسيون منهم ورجال العشائر ورجال الدين و الإعلاميين و النخب ؟ ماذا يريدون بالضبط ؟
لنقل إنهم يريدون خدمة مواطنيهم وإعادة بناء العراق الجديد على أسس عادلة لا تهمش أحدا.
رائع. كل العراقيين يرفعون هذا الشعار ويريدون تحقيقه.
لكن الخيال والأحلام الرومانتيكية والمراهقة السياسية شيء ، والواقع على الأرض شيء آخر مختلف.
الواقع يقول إن فرصة ذهبية جديدة انبثقت في العراق من شأنها أن تخلق عراقا جديدا ، شرط أن يتصرف جميع اللاعبين بعقل راجح و بحكمة وبواقعية.
الفرصة الجديدة التي يجب أن يستغلها الجميع هي محاربة تنظيم داعش والقضاء عليه. هذه الفرصة وفرت ، لأول مرة منذ عام 2003 ، إمكانية لخلق تلاحم عراقي وطني موزائيكي حقيقي ، يكتبه العراقيون بالدم داخل الخنادق ، لا بالحبر على ورق الخطابات السياسية.
وعلى القادة السنة ، بمختلف مسمياتهم وانتماءاتهم ومواقعهم ، أن يديروا ظهورهم للسنوات السوداء الماضية وأن يتصرفوا بواقعية. والخطوة الأولى الواقعية في هذا الطريق الجديد هي أن يقتنع تماما القادة السنة بأن عراق ما بعد عام 2003 لن يصبح عراق ما قبل 2003. هذا أمر مستحيل، مهما صار وحدث. و حتى إذا شعروا أن هذا العراق أو هذا الواقع الجديد ليس كما يريدون ويشتهون ، وقد يكونون على حق ، فأن عليهم أن يتجرعوا حتى السم أملا في قيام عراق أفضل مما هو عليه.
وإذا أرادوا الاستعانة بدروس الماضي القريب فهي كثيرة وذات فائدة عظمى.

فقد شن صدام حسين ، مدفوعا بحسابات خاطئة وبفهم ساذج للعلاقات الدولية و غباء في فهم الفرق بين الأهداف الآنية المتحولة وبين الأهداف الاستراتيجية الثابتة ، حربه ضد إيران في نهاية سبعينيات القرن الماضي. كان صدام على يقين بأن إيران الغارقة حد النخاع في مشاكل ثورتها ستركع بعد عدة أيام وترفع الراية البيضاء.
وعندما تيقن لاحقا أنه أدخل نفسه والعراق كله في ورطة لا مخرج لها فأن صدام راح يتوسل ، بإلحاح ، هذا وذاك لوقفها. لكن دون جدوى.
بالمقابل ، ظلت القيادة الإيرانية على يقين ، بسبب حساباتها الساذجة وإهمالها للعوامل الدولية ، بأنها قادرة على إلحاق الهزيمة بالنظام الصدامي وتصدير ثورتها خارج الحدود ، وأن إطالة تلك الحرب ستحقق تلك النتيجة. عماها الثوري الحماسي منعها أن تدرك أن العالم الغربي سيفعل المستحيل لمنعها من تحقيق أي انتصار منفرد يساعدها في تصدير ثورتها.
وعندما أدركت لاحقا خطأ تقديراتها و حساباتها فأن القيادة الإيرانية اضطرت اضطرارا لوقف الحرب. و وقتها قال زعيم ثورتها الخميني بأن موافقته على وقف الحرب هي بمثابة تجرعه للسم.
لكن الجميع يدرك الآن أن قبول الخميني بتجرع السم كان قرارا حكيما وشجاعا و واقعيا أيضا. جرعة السم تلك هي التي أنقذت إيران من فوضى تلك السنوات و وفرت الجهود البشرية والمادية التي كانت الحرب تبتلعها. جرعة السم تلك هي التي صيرت إيران قوة إقليمية كبرى ، يحسب الجميع لها ألف حساب.
الآن جاء دور العراقيين السنة. عليهم أن يدركوا ، كما قلنا توا ، بأن عراقا جديدا يولد وأن يميزوا بين الحلم وبين الواقع. و لن يخسر عموم العراقيين السنة المستقبل أبدا ، بل هم سيؤسسون لبناء عراق جديد مزدهر ، لو هم شاركوا بكثافة جماهيرية في الحرب ضد داعش. وعلى القادة السنة أن لا يتبرموا من تواجد الحشود الآتية من الوسط والجنوب لمحاربة داعش ، وعليهم أن لا يشيعوا الهلع عند عموم السنة من هولاء (الغرباء) في مناطقهم.
أفراد الحشد الجماهيري ، وكلهم من الشيعة بالطبع ، هبوا لمحاربة داعش لأن المسألة بالنسبة لهم قضية حياة أو موت ، لأن تنظيم داعش يطالب ، كما الزرقاوي ، بإبادة الشيعة ، فقط لأنهم شيعة ، ولأن التنظيم أعلن مرارا وتكرارا بأن قواته لن ترابط حيث هي إنما ستجتاح العاصمة وتصل لأي منطقة جغرافية تريدها. وإذا فتح العراقيون السنة قلوبهم وبيوتهم لأشقائهم الشيعة وسهلوا لهم الطريق للتخلص من داعش فهذا يعني ، عمليا ، أنهم يريدون الحياة لمواطنيهم الشيعة. ولا أظن أن شيعيا واحدا سيرفض هذا التضامن الأخوي الوطني.
بالطبع ، توجد مليشيات في مقدمة المقاتلين تدين بولاء مطلق للنظام الإيراني ولها حساباتها ولها أهدافها الخاصة من وراء شن الحرب ضد داعش. وبالتأكيد هناك تدخل إيراني عسكري مباشر في الحرب المذكورة. وهذا التدخل هدفه أولا وأخيرا ضمان المصالح الإيرانية الإستراتيجية ، خصوصا إذا ربطنا هذا التواجد بالتصريحات الأخيرة التي تحدث فيها علي يونسي مستشار الرئيس الإيراني عن الإمبراطورية الإيرانية الجديدة التي عاصمتها بغداد.
لكن قضايا كهذه ، رغم خطورتها ، سيتكفل بالرد عليها ومعالجتها العراقيون الشيعة قبل السنة. و لا أظن أن عراقيين شيعة كثيرين يوافقون أن تُخصيهم إيران وتحولهم وهم داخل وطنهم إلى رعايا تابعين لها ، و لا أظن أنهم في غفلة عن ما يريده النظام الإيراني.
فالعراقيون الشيعة يعرفون قبل غيرهم بأن إيران تدافع عن مصالحها القومية الخاصة بها ، أولا وأخيرا. وهم يتذكرون كيف أن قادة الثورة الإيرانيين نصبوا أنفسهم أوصياء على (أشقائهم) شيعة العراق. لكن عندما تجرع الزعيم الإيراني الخميني السم وأوقف الحرب ضمانا للمصالح القومية الإيرانية ، فأنه نسى (أشقائه) العراقيين الشيعة ، بل تركهم فريسة سهلة لصدام.
وعلى قادة العراقيين السنة أن يدركوا ، مرة واحدة وللأبد ، بأن سعادتهم ومستقبل أطفالهم لا يوجد في الرياض ولا أنقرة ولا الدوحة ، مهما قالت وأكدت هذه العواصم ، يل لا يوجد حتى عند المجتمعات المدنية في هذه البلدان التي تبدي معهم تعاطفا. مستقبل العراقيين ، كل العراقيين ، تقرره إرادتهم الوطنية المشتركة ، وتحققه حلول (عراقية) تسووية و تنازلات متبادلة. وكل ما خلا ذلك هي أوهام وأحلام. لكنها من الأحلام والأوهام القاتلة التي ما تزال تدمي العراق ، وستظل تدميه ، لأن أي عراقي يُقتل ، أكرر : أي عراقي مهما كان دينه ومذهبه وقوميته ومنطقته ، إنما يعني ظهور يتامى جدد وأرامل جدد ومشردين ومتسولين ولصوص ومحترفي جرائم ومنتقمين عميان لا يعرفون غير الثأر لمن مات من أقربائهم ، وباعة ضمائر بسبب عوزهم وفقرهم. و استمرار وتفاقم هذه الأوضاع يعني اتساع هوة جهنم التي يعيش داخلها العراقيون.



#حسين_كركوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤامرة، فلتسقط المؤامرة: على هامش الأحداث الإرهابية الأخيرة ...
- نفاق وانتهازية الأحزاب السياسية الإسلاموية في تعاملها مع الس ...
- شيعة الحياة وشيعة القبر
- هل أن أغنية لزهور حسين ، مثلا ، تُلهي عن ذكر الله ؟؟؟
- هل دخلت داعش مرحلة الموت السريري أم أن (الذئب) ما يزال ينتظر ...
- ليس ثمة انشقاقات وكل شيء هاديء على جبهة الأحزاب العراقية الح ...
- الإسلام ليس ماركة مسجلة والإسلامويون ليسوا الوكلاء الحصريين
- ( الطيور الصفراء) : رواية أميركية عن الحرب الأميركية في العر ...
- هل يتحول البئر اللاديمقراطي الذي حفره المالكي لإياد علاوي عا ...
- همس المدن أم صراخها ؟
- المثقف العراقي والانتخابات
- العلمانية بين التهريج السياسي والحقيقة
- الصكار ينهي رحلته ويعود ليتوسد تراب العراق
- ألصاق تهم المخمورين وزواج المثليين بمن يعارض من العراقيين !!
- رأيتم (قطر) المالكي لعد اعتزال الصدر، انتظروا كيف ( ينهمر ال ...
- خطاب مقتدى الصدر انتصار للدولة المدنية حتى وأن لم يعلن ذلك
- صورة المثقف في رواية دنى غالي ( منازل الوحشة)
- رواية (طشاري): لماذا أصبح العراقيون المسيحيون -طشاري ما له و ...
- ( هروب الموناليزا): توثيق لخراب الماضي وهلع من إعادة استنساخ ...
- الحزب الشيوعي في عراق ما بعد صدام حسين


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - ماذا لو تجرع العراقيون السنة السم ؟