أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد الله خليل - ثقافة الفساد














المزيد.....

ثقافة الفساد


سعد الله خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1322 - 2005 / 9 / 19 - 06:35
المحور: المجتمع المدني
    


للفساد تاريخ عريق في المجتمعات العربية، تتركز أسبابه إضافة للقمع والطمع وسياسة التمييز والاضطهاد، في المفاهيم الأخلاقية التي لا تجعل شرف الإنسان في رأسه، بل في إسته. وفي النزعة الفردية التي تقوم عليها فلسفة هذه المجتمعات، وقيمها، والتي تعبر عنها الأمثال الشعبية المتداولة، مثل (بعد حماري لا نبت الحشيش. و من بعدي فليأتِ الطوفان. و ما حك جلدك مثل ظفرك) وغيرها من الأمثال كثير. وهي التي يسميها العوام ب (الحِكم والأقوال المأثورة) ويدّعون أنها تقدم العظة والعبرة للناس، ليبرمجوا حياتهم، ويصيغوا فلسفتهم على أساسها، بالاستفادة من تجارب الأقدمين، وخبراتهم المتراكمة بأحوال البشر، وسلوكهم، وتطلعاتهم، وأصول العلاقة بين الفرد والمجتمع. وإن كان الادعاء غير ذلك، فلأن الكذب والنفاق هما أساليب ووسائل معتمدة، يراها بعضهم مشروعة للنجاة، وتحقيق الغايات، فالغاية تبرر الوسيلة، والضرورات تبيح المحظورات.
لم تكن أول صور الفساد في مجتمعاتنا، الواقعة التي تمثلت في قتل خالد بن الوليد لمالك بن نويرة طمعا في زوجته، أو زواجه بها عشية قتل زوجها، دون انتظار عدتها، في مخالفة صريحة للشرع الإسلامي، مما استدعى غضب عمر بن الخطاب فعزله حين صار خليفة، كما لم تكن أول صور الفساد، الموقف الانتهازي الذي اتخذه بعضهم من الخلاف بين علي ومعاوية، والذي عبروا عنه بمقولتهم الشهيرة: (الطعام على مائدة معاوية أطيب، والصلاة خلف علي أثوب). وما الدهاء، الذي أثار- وما يزال- إعجاب العرب، إلا نوعا من الغش والإيهام والخداع الذي يعكس صورة من صور الفساد.
إن الهدف الأساسي للفاسدين والمفسدين هو امتلاك السلطة والمال، واقتناء الجواري الحسان، والاستمتاع بالملذات التي لا يطيق بعضهم صبرا ولا يقوى على الانتظار للوصول إليها في الحياة الأخرى.
لقد استشرى الفساد في مجتمعاتنا، وأنشب أنيابه في كل مناحي حياتنا، فصارت الفتاوى تباع وتُشرى، والشعارات تؤجر، والمبادئ تنتقل من جيب إلى آخر.
لقد سُمي الشريف العفيف، حمارا غبيا، واللص المنافق شاطرا ذكيا. واتخذ هذا الوباء أشكالا وسلوكيات وأوضاعا لا حصر لها، تجلت فيما تجلت، باللامبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية، والفوضى المنظمة، والتملق والنفاق، وازدياد الغني غناً، والفقراء فقرا، والاستهتار بمصالح الناس، واحتقار حقوقهم، وإهمال مراكز خدماتهم، وفي تضليل المجتمع، وطمس الحقائق، وتشويهها أو تزيفها، وانتشار الرشوة على كل المستويات بشكل علني وسافر، ووجود تسعيرة للوظائف والمناصب، وسرقة المال العام والخاص، وإفلاس الشركات، والعبث بثروات البلاد، وإثراء الأبناء والأقرباء، وغسيل الأموال المنهوبة أو المشبوهة، وتخريب الضمائر، وتسخير القضاء لخدمة من يدفع أكثر، وتحويل الكتاب والصحفيين إلى مخبرين وأبواق، والأساتذة إلى تجار يبيعون العلامات للطلاب، وتكريس المناهج التعليمة والتربوية التي تجهّل التلاميذ، وتخرب العلاقات بين أبناء الوطن، وتحرض على الحقد والكراهية، والعنف والطائفية، وتقلل من شأن الطوائف الأخرى، ومن شأن المرأة وأهميتها، وتنتقص من حقوقها، وفي التحايل على القوانين وصياغتها على مقاس القلة المتنفذة، وتقريب الموالين والأتباع والمتزلفين والمنافقين، ووضع الرجل الغير مناسب على رأس الإدارات والشركات ومراكز القرار، وإبعاد الأكفاء. وتحويل وظيفة الأجهزة الأمنية من خدمة الشعب وحماية أمنه وحقوقه، إلى حماة للمتسلطين ومصالحهم وأموالهم.
لكن أسوأ مظاهر الفساد وأخطرها في المجتمعات العربية أن الحاكم يكذب على شعبه، والشعوب تكذب على حكامها، والمعارضة تكذب على الجميع، وتبيع.



#سعد_الله_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة الجواري
- المصالح والدين : أين تكمن بيضة القبان
- الأمراض النفسية والكوادر الإدارية
- ثقافة الجهل
- حوار صحفي مع جني مسلم
- آية السيف – جزء ثاني - تعقيب على تعقيب البرازي
- ثقافة الإرهاب
- آية السيف تصنع التاريخ وتنشر الإسلام
- الوحدة العربية من الحلم إلى الوهم
- خالفوا الكفار يرحمكم وينصركم الله
- الأحزاب الدينية والحرية وبناء الأوطان
- الرعيان يحتقرون المرأة، ويسفحون الملايين تحت قدميها
- الماكينة الإخوانية
- قانون الأحزاب السورية، وما تسرب منه
- التعصب الديني في البلدان العربية
- جماعات حقوق الإنسان
- حقوق الإنسان...جعلوها مركوبا – نماذج
- الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية 2
- أبو زيد الهلالي بين التزويق والتلفيق والتجهيل
- الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية 1


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...
- مسؤول أممي لبي بي سي: -المجاعة في غزة قد ترقى إلى جريمة حرب- ...
- الأونروا تدعو لرفع القيود عن وصول المساعدات إلى شمال غزة
- الأمم المتحدة: هناك مؤشرات وأدلة واضحة تثبت استخدام إسرائيل ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد الله خليل - ثقافة الفساد